[COLOR=#141414 !important]وعلى الفرض الساقط أن دور الهيئة المستقلة سيقتصر فقط على تقديم النصح والمشورة للجان المشرفة على الانتخابات البلدية، فإنه نظرا للاختلاف الكبير بين أحكام إجراء الانتخابات البلدية وتلك الخاصة بالانتخابات النيابية التي أجرتها الهيئة المستقلة واكتسبت خبرة حولها، فإنه سيتعذر على الهيئة المستقلة تقديم أي نصيحة أو مشورة حول الانتخابات البلدية. ففئة الناخبين في الانتخابات البلدية تمتد لتشمل العسكريين ورجال الأمن العام والدفاع المدني والمخابرات الذين يحق لهم بموجب قانون البلديات التصويت في الانتخابات البلدية وذلك على خلاف الانتخابات النيابية. كما أن إجراءات التصويت والاقتراع في الانتخابات البلدية مختلفة تماما عن تلك المطبقة في الانتخابات النيابية، إذ إنها تعتمد فقط على الجداول الورقية من دون الإلكترونية أو البطاقات الانتخابية أو الحبر السري، وهي الآليات التي ابتكرتها الهيئة المستقلة وطبقتها على الانتخابات النيابية، والتي يمكن القول إنها تملك أن تقدم النصح والمشورة حولها عند إجراء الانتخابات البلدية في حال كانت إجراءات التصويت واحدة.
كما ما زال قانون البلديات يعتمد تصويت الأمي والعاجز عن القراءة والكتابة من خلال أحد أعضاء لجنة الاقتراع الذي يختاره الناخب لكتابة اسم المرشح الذي يمليه عليه على مسمع ومرأى من أعضاء اللجنة استنادا لأحكام الفقرة (و) من المادة ( 22) من قانون البلديات. هذا الحكم يخالف أحكام تصويت الأمي في الانتخابات النيابية الذي اعتمدته الهيئة المستقلة من خلال التأشير على صورة المرشح أو رمز القائمة الوطنية، مما يجعل الهيئة المستقلة غير قادرة على إسداء النصح والمشورة حول هذه الآلية الخاصة بتصويت الأميين وغير القادرين على القراءة والكتابة في الانتخابات البلدية.
ولا تقتصر الاختلافات الجوهرية بين الانتخابات النيابية والبلدية على مجريات التصويت فحسب، بل تمتد لتشمل إجراءات الفرز وإعلان النتائج والطعن بنتائج الانتخابات. ففي حال تساوي الأصوات بين مرشحين أو أكثر في الانتخابات البلدية يجري رئيس الانتخاب القرعة بين المرشحين بحضورهم أو حضور وكلائهم وبالطريقة التي يتفق مع هؤلاء عليها استنادا لأحكام الفقرة (ب) من المادة (24) من قانون البلديات، في حين أن حكم تساوي المرشحين في عدد الأصوات بموجب أحكام المادة (48) من قانون الانتخاب وتعليمات الهيئة المستقلة هو إعادة الانتخاب في تلك الدائرة الانتخابية بين المرشحين المتساويين في عدد الأصوات. أما الطعن بنتائج الانتخابات البلدية فينعقد الاختصاص به لمحكمة البداية التي تقع البلدية ضمن اختصاصها بموجب أحكام المادة (30) من قانون البلديات، في حين أن الطعن بنتائج الانتخابات النيابية ينعقد لمحكمة الاستئناف بموجب أحكام المادة (71) من الدستور الأردني والتعليمات الخاصة بذلك الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب.
خلاصة القول، إن الاختلاف الكبير بين أحكام قانون البلديات التي ستجري بموجبه الانتخابات البلدية وقانون الانتخاب والتعليمات التنفيذية التي أصدرتها الهيئة المستقلة للإشراف وإدارة الانتخابات النيابية يثير تساؤلا حول قدرة الهيئة على القيام بأي دور يتعلق بالإشراف على الانتخابات البلدية. كما أنه يثير مخاوف جدية من الطعن بعدم دستورية نتائج الانتخابات البلدية لمخالفة قانون البلديات أحكام الدستور فيما يتعلق بإنكار استقلالية الهيئة التي تصر الحكومة على الزج بها في الانتخابات البلدية.
لذا وتجنبا لأي مشاكل دستورية، فإننا ندعو الحكومة إلى التراجع عن قرارها تكليف الهيئة المستقلة الإشراف على الانتخابات البلدية، وأن يتم إجراؤها بإشراف القضاة وفق أحكام القانون، وذلك لوجود شبهات مخالفة قانون البلديات لأحكام الدستور فيما يتعلق بإنكار استقلالية الهيئة المستقلة للانتخاب المقررة بموجب أحكام المادة (67) من الدستور

* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
[/COLOR]
[COLOR=#141414 !important]t[/COLOR]



المواضيع المتشابهه: