* تنويه:
ان مصدر هذه المعلومات هو وزارة العدل العدل الاماراتية وما تتضمنه من قرارات صادرة عن هيئاتها القضائية المختلفة (المحكمة الاتحادية العليا، محكمة النقض ..الخ)، ودون الاخلال باي من حقوق المؤلف فان نشر هذه القرارات يتم وفقا لغايات تعليمية بحته تحت مبدأ الاستخدام العادل للمصنفات العلمية والادبية. وعليه فان اي استخدام غير تجاري او اي استخدام غير مشروع لمحتويات هذا الموضوع يقع على عاتق مستخدمه وما يتضمنه ذلك من امكانية الملاحقة القضائية من قبل صاحب الحق الأصيل في المصنف المنشور هنا.

جلسة الثلاثاء الموافق 26 من مارس سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة ، وعضوية السادة القضاة: البشير بن الهادي زيتون وعرفة أحمد دريع.

الطعون أرقام 484و511و522 لسنة 2012 تجاري



(1) حكم"" إصداره"" بطلانه". دعوى" الضمان الفرعية". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
ثبوت من الحكم المطعون فيه الصادر بعد حكم النقض إعادته ضم دعوى الضمان الفرعية التي تفرعت عن الدعوى الأصلية وارتأت محكمة أول درجة تأجيل الحكم فيها بعد ندب خبرة لمباشرتها. وأورد موضوعها والحكم الصادر فيها بأسبابه والاستئنافين المرفوعين عليه وأصدر فيهم حكم واحد. النعي عليه بالبطلان لخلو ديباجته من بيان دعوى الضمان الفرعية. غير مقبول.

(2) دفوع. نقض" مالا يقبل من الأسباب". لجنة التوفيق والمصالحة.
الدفع السابق إبداؤه من الطاعنة في طعنها الأول أمام محكمة النقض ببطلان الحكم لعدم عرض الدعوى المبتداه على لجنة التوفيق والمصالحة والمرفوض ضمنيا. مؤداه. عدم قبوله. إعادة طرحه مجدداً أمام المحكمة الاتحادية العليا. غير جائز.

(3) محكمة الإحالة" ما تلتزم به". حكم" حجيته". قوة الأمر المقضى فيه.
- محكمة الإحالة. التزامها بالمسائل التي حسمها الحكام الناقض ولها حجية الأمر المقضى فيه. مؤداه. غير جائز إثارتها متى أعيد الطعن بالنقض على ذات الحكم. مثال .

(4) خبره. محكمة الموضوع" سلطتها التقديرية". تعويض. مقاولة. نقض" مالا يقبل من الأسباب". حكم" تسبيب سائغ".
- الجدل الموضوعي. غير جائز إثارته أمام المحكمة الاتحادية العليا.
- تقارير الخبرة. من عناصر الإثبات تخضع لتقدير محكمة الموضوع. الأخذ بها محمولة على أسبابها والإحالة إليها. اعتبار ذلك جزء من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه.
- مثال لتسبيب سائغ في الأخذ بتقرير الخبير لإثبات الخطأ في مواجهة الطاعنة في دعوى تعويض للإخلال بعقد مقاولة.


(5) طعن" سببه". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
- سبب الطعن بالنقض. وجوب أن يكون واضحا جليا يكشف عن المقصود منه ويبين منه العوار المنسوب للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه. تخلف ذلك. أثره. عدم قبوله.
- مثال لنعي غير مقبول لوروده بصفة العموم دون تخصيص أو توضيح.

(6) محكمة الإحالة" ما تلتزم به". حكم" تسبيب معيب". قوة الأمر المقضى فيه.
- محكمة الإحالة. وجوب التزامها النقاط التي فصل فيها حكم النقض. أساسه؟
- نقض الحكم والإحالة. أثره؟
- مثال لتسبيب معيب لخروجه على حجية الحكم الناقض وعدم الالتزام بالمسألة القانونية التي حسمها في دعوى تعويض للإخلال بعقد مقاولة.

(7) دفاع" الجوهري". خبره. محكمة الموضوع"سلطتها التقديرية". حكم" تسبيب معيب". تعويض. مقاولة.
- الدفاع الجوهري. التزام محكمة الموضوع بتمحيصه على ضوء ما قدم بشأنه من مستندات والرد عليه بما يواجهه .
- تقدير عمل الخبير والأخذ به أو الالتفات عنه. سلطة محكمة الموضوع. شرطه. إحاطته بجميع جوانب النزاع ومناحيه الفنية والواقعية وبحث مستندات الخصوم والرد السائغ على الاعتراضات الموجهة إليه. تخلف ذلك. أثره. قصور وإخلال بحق الدفاع.
- مثال لتسبيب معيب لعدم بحثه الدفاع الجوهري المبدي من الطاعنة في دعوى تعويض للإخلال بعقد مقاولة.
ـــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد نص بديباجته على الدعوى الأصلية وأورد رقمها وتاريخ الحكم الصادر فيها ، وهي الدعوى التي تفرعت عنها دعوى الضمان التي ارتأت محكمة أول درجة أن تؤجل الحكم فيها إلى حين بحث موضوعها بعد أن ندبت خبرة لمباشرتها والحكم المطعون فيه الذي صدر بعد حكم النقض أعاد ضم دعوى الضمان الفرعية وأورد موضوعها والحكم الصادر فيها بأسبابه وكذا قام بضم الاستئنافين المرفوعين عليه إلى الاستئنافين المنظورين أمامه والمحالين عليه من محكمة النقض وأصدر في جميعها حكم واحد .

2- لما كان نعي الطاعنة بالوجه الثاني من الطعن لبطلان الحكم للإخلال بإجراء عرض الدعوى المبتداة على لجنة التوفيق والمصالحة ، فإن هذا الدفع سبق إبداؤه من الطاعنة في طعنها الأول رقم 220/2011 أمام محكمة النقض ، وتم رفضه ضمنياً بعد أن تناولت المحكمة موضوع الطعن بما مؤداه عدم قبول هذا الدفع الشكلي ، ومما لا يجوز معه إعادة طرحه مجددا أمام هذه المحكمة .

3- من المقرر في قضاء هذه المحكمة من كون المسائل التي حسمها الحكم الناقض تلتزمها محكمة الإحالة وتضحي لها حجية الأمر المقضى ولا يجوز إثارتها مجددا متى أعيد الطعن بالنقض على ذات الحكم . لما كان ذلك وكان البين من حكم النقض الصادر في الطعن الأول رقم 224/2010 أن المحكمة العليا قد نقضت الحكم الاستئنافي لقضائه بمبلغ التعويض استناداً إلى الشرط الجزائي المضمن بعقد المقاولة حال أن ذلك العقد قد فسخ ويضحى بذلك الشرط الجزائي المضمن به قد سقط بما لا يجوز معه تقدير التعويض على أساس ذلك الشرط ، ومفاد ذلك أن مسألة فسخ العقد حسبما ارتآه الحكم الناقض أضحت مسألة محسومة وقائمة . وعلى أساسها تقرر نقض الحكم فيما ذهب إليه من تقدير التعويض على سند مما ورد في بنود عقد مفسوخ، وإذ كان ذلك فانه لا يقبل من الطاعنة إعادة إثارة هذه المسالة في طعنها الراهن والمنصب على ذات الحكم الأول.

4- لما كان النعي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في مسائل واقعية متعلقة بتحديد الجهة المخلة بالتزاماتها والتأخير في الإنجاز وعيوب الخرسانة الجاهزة واحتساب مدد التأخير ، وتعاقب على دراسة هذه المساءل أكثر من خبير أو لجنة خبره طوال كامل مراحل التقاضي بدءا من رفع الدعوى إلى لجنة المصالحة ببلدية الشارقة إلى رفع الدعوى الأصلية ثم الدعوى الفرعية أمام محكمة أول درجة ، وقد أوفت المحكمة القضية حقها في البحث والتحقيق حيث قامت بتعيين خبير في الدعوى الأصلية ثم أعادت تكليفه في دعوى الضمان الفرعية على ضوء ما هو منسوب للمدعى عليهم في تلك الدعوى ثم أعيدت الخبرة بواسطة لجنة ثلاثية ، وقد أيدت جميع التقارير عجز الطاعنة على انجاز المشروع ووجود عيوب في الخرسانة المستعملة في الجزء الواقع انجازه وإلحاق أضرار لصاحب المشروع جرّاء تأخر الانجاز وفوات الكسب والاستثمار ولجوئه إلى تكليف جهة ثانية لإنجاز الشروع وتحمله فروق تكلفة المواد والأسعار الجديدة ، وإذ اطمأنت محكمة الموضوع إلى نتائج تلك التقارير لإثبات الخطأ في مواجهة الطاعنة فإن ذلك من صميم سلطتها واختصاصها طبقا لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تقارير الخبرة هي عنصر من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير المحكمة بغير معقب وأنه متى رأت الأخذ بها محمولة على أسبابها وأحالت إليها اعتبر ذلك جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليها.
5- من المقرر في قضاء هذه المحكمة من وجوب أن يكون سبب الطعن بالنقض واضحاً جليا يكشف عن المقصود منه بحيث يبين منه وجه العوار المنسوب للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان نعيا مجهلا غير مقبول، وإذ كان ذلك وكانت الطاعنة لم تفصح عن صور هذه المستندات وماهيتها وموضعها وأثرها في تقرير الخبرة ومن بعده الحكم الذي اعتمده سندا لقضائها ، بل ورد النعي في صيغة العموم دون تخصيص أو توضيح ومن ثم فانه غير مقبول .
6- لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية قد نصت على وجوب أن تلتزم محكمة الإحالة النقاط التي فصل فيها حكم النقض ، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن نقض الحكم والإحالة يلزم محكمة الاستئناف بأن تنظر موضوع الاستئناف مرة أخرى وان تلتزم المسالة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض لاكتسابها قوة الأمر المقضى ، بحيث لا يجوز أن تؤسس قضاءها على تحصيل للواقع أو أسباب أو اجتهاد يناقض ما سبق الحسم فيه عند نظر الطعن والرد على أسبابه. لما كان ذلك وكان حكم النقض الصادر في الطعن رقم 224/2011 قد أيد ضمنيا ما قضى به بشان فسخ عقد المقاولة المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها بدلالة أنه نقض الحكم الاستئنافي في شقه القاضي بالتعويض عن الضرر الناجم عن التأخير في التنفيذ ، لكون ذلك التعويض وقع تقديره على ضوء الشرط الجزائي ، وهو الشرط الذي سقط بعد تقرير فسخ العقد المضمن به، بما كان يتعين معه على محكمة الإحالة مصدرة الحكم المطعون فيه ، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المسالة وأن تلتزم ما حسمه الحكم الناقض بشأن الأثر المترتب على فسخ العقد ومحل ذلك من الشرط الجزائي المضمن به وتعيد تقدير التعويض على أساس قواعد القانون العام وما يتوافر لها من عناصر التعويض من خلال ما حوته الأوراق وما قدم لها من أدلة، إلا أنها رأت خلاف هذا الرأي واستندت في تقديرها للتعويض على الحد الأقصى الوارد بالشرط الجزائي وهو ما يعد خروجا منها على حجية الحكم الناقض وعدم الالتزام بالمسألة القانونية التي حسمها مما جرها لمخالفة القانون ، وحجبها عن بحث التعويض المدعي به واستجلاء عناصره على ضوء طلبات الخصوم وما توافر لديها بالأوراق وما قدم فيها من أدلة ، بما يتعين معه ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن نقض الحكم مع الإحالة.
7- من المقرر في قضاء المحكمة أن الدفاع الجوهري الذي يتمسك الخصوم بدلالته ويطلب من المحكمة تحقيقه ، لما له من أثر على وجه الرأي في الدعوى يوجب على المحكمة تمحيصه على ضوء ما قدم بشأنه من مستندات والرد عليه بما يواجهه ، وانه وان كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير عمل الخبير والأخذ به أو الالتفات عنه بحسبان انه عمل من أعمال الإثبات ودليل من أدلة الدعوى إلا أن ذلك مشروط بان يكون عمل الخبير قد أحاط بجميع جوانب النزاع ومناحيه الفنية والواقعية وبحث مستندات الخصوم والرد على الاعتراضات الموجهة له الرد السائغ وإلا كان الحكم الذي اتخذه عمادا لقضائه مشوبا بالقصور وإهمال حق الدفاع. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تقدمت بدفاع جوهري أمام درجتي التقاضي مفاده عدم سماع دعوى الضمان المرفوعة ضدها لسقوطها بمرور الزمان مستنده في ذلك لأحكام المادة 111 من قانون المعاملات التجارية التي حددت أجل عام من تاريخ تسليم المبيع لرفع دفع ضمان العيوب في الحالات القصوى الذي يكون فيها العيب خفيا ومقترنا الغش من البائع ودللت على ذلك بأن المطعون ضدها وعلى فرض التسليم بوجود عيب خفي من الخرسانة وغش من طرف البائعة ، قد اكتشفت ذلك العيب وعملت به من خلال تقرير الخبرة الذي أجري من قبل مخابر بلدية الشارقة في الشكوى المرفوعة من صاحب العمل ضد المطعون ضدها- شركة المقاولة – وحصل ذلك العلم باطلاعها على التقرير وتعقيبها على نتائجه في شهر 7 من سنة 2007 ، ولم ترفع دعوى الضمان الفرعية إلا في 28/12/2009 أي بعد مضى اجل السنة الوارد بالمادة المذكورة ، بما مؤداه تقرير عدم سماعها ، إلا أن الحكم المطعون فيه واجه هذا الدفاع بالإحالة إلى حكم أول درجة الذي جاء رده على هذا الدفع بقوله : " لما كان ذلك وكان قد ثبت من الأوراق وتقارير الخبرة من قيام المدعى عليها الثانية بتوريد خرسانة جاهزة مخالفة للمواصفات رغم تعهدها وضمانها جوده الخرسانة الموردة وبالتالي يكون هناك غش قد وقع من جانب المدعي عليها الثانية لتوريدها تلك الخرسانة الغير مطابقة للمواصفات ، وهذا الغش يعتبر عذر شرعي منع المدعية فرعيا من إقامة الدعوى..." دون أن يعبا بإيراد المصادر التي استقى منها هذا الغش ، أو يستظهر في قضائه اثر هذا الغش – وإن ثبت – على مدة عدم السماع الواردة بالمادة 111 من قانون المعاملات التجارية ، أو بحث ما تمسكت به الطاعنة من حصول العلم بالعيب الخفي منذ صدور تقرير مختبر البلدية ، كما أهمل دفاع الطاعنة الجوهري وما تمسكت به من أن العيب يعود أساسا إلى الخطأ في استعمال الخرسانة وضخها في غير المكان المخصص لكل نوع منها والتفت عن طلبها تحقيق هذه المسالة بإعادة المأمورية إلى الخبرة أو تكليف خبرة جديدة، خاصة وأن طلبها هذا كان مدعما بما ذكرته من سبق اخذ عينات من كميات الخرسانة عند تسليمها وفحصها مخبريا – كما هو جاري به العمل في أعمال صب الخرسانة الجاهزة- ووافق استشاري المشروع على مطابقتها للمواصفات ، وإذ اعرض الحكم عن بحث دلالة جميع هذه العناصر الجوهرية فانه يكون مشوبا بما ورد بأسباب الطعن من مخالفة القانون والقصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه.



المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 484/2012 أقام الدعوى رقم 2753 لسنة 2008 في مواجهة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدى له مبلغ 95,970,472 درهم تعويضا عن الأضرار التي لحقته جراء إخلالها بالتزامها التعاقدي وذلك على سند من القول أنه بموجب عقد مقاولة مؤرخ في 14/2/2006 تعاقد معها لإنجاز أعمال خرسانة وأعمال حفر ودق دعامات لهيكل مبنى مكون من طابق أرضي وأربعة طوابق مواقف وثلاثين طابقا متكررا ومهبط طائرات بمدينة الشارقة لقاء مبلغ إجمالي قدره 27,632,910 درهم إلا أنها عجزت عن الإنجاز فأقام الدعوى المستعجلة رقم 28 لسنة 2007 لإثبات الحالة ثم تقدم بالشكوى رقم 34/2007 إلى لجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين ببلدية الشارقة ، والتي أثبتت عدم تنفيذ المطعون ضدها المذكورة لالتزاماتها والموافقة على طلبه استبدالها بمقاول آخر لتكملة المشروع ، وتأيد هذا القرار في الدعوى رقم 1669 لسنة 2007 وبالاستئناف رقم 200/2007 . ولما كان هذا الإخلال بالالتزامات قد ألحق به أضرار فادحة قدرها خبير استشاري بمبلغ المطالبة فأقام دعواه . ولدى نظر محكمة أول درجة الدعوى تقدمت المطعون ضدها بدعوى متقابلة بطلب إلزام المدعى – أصليا- الطاعن- بان يؤدى لها مبلغ 25,000,000 درهم تعويضا عما لحقها جراء إخلال الأخير بعقد المقاولة ، كما أقامت دعوى فرعية ضد كل من المطعون ضدهم الثانية والثالثة والرابع في الطعن رقم 511/2012 بطلب الحكم بإلزامهم بما عسى أن يحكم به عليها في الدعوى الأصلية.ندبت محكمة أول درجة خبيرا وأودع تقريره وبجلسة 29/11/2010 قضت في الدعوى الأصلية بإثبات فسخ عقد المقاولة وبإلزام المدعى عليها بأن تؤدى للمدعى مبلغ 3,500,000 درهم تعويضا عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به وفائدة بواقع 5% والمصاريف ، وفي الدعوى المتقابلة بقبولها شكلا ورفضها موضوعا ، وفي دعوى الضمان بإعادة ندب الخبير السابق ندبه لبحثها على ضوء ما ورد بنص المأمورية الواردة بنص الحكم. استأنف كل من المدى أصليا –الطاعن في الطعن 484/12-والمدعى عليها – المطعون ضدها – هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1296/2010 و1384/2010 قضت المحكمة في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإلزام المستأنف ضدها شركة أثينا بأن تؤدى للمستأنف مبلغ 5,700,000 درهم تعويضا ماديا وأدبيا وتأييده فيما عدا ذلك وفي الاستئناف الثاني المرفوع من شركة أثينا برفضه. طعن الطرفان على هذا الحكم بالنقض بالطعنين رقمي 220/2011– مرفوع من شركة أثينا – والطعن رقم 224/2011 – مرفوع في المدعي ...... – ومحكمة النقض قضت في الطعنين بتاريخ 23/11/2011 بنقض الحكم المطعون فيه والإحالة - تم تعجيل السير في الاستئناف ، والتزاما من المحكمة بما انتهى إليه الحكم الناقض من عدم تقطيع أوصال الدعوى وانتظار مآل دعوى الضمان أوقفت النظر في الدعوى تعليقا لانتظار صدور الحكم فيها وبجلسة 30/4/2012 قضت محكمة أول درجة في دعوى الضمان بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعي عليه .......ورفض الدعوى بالنسبة للمدعي عليها - ...... للاستشارات الهندسية وبإلزام المدعي عليها الشركة ...... للخرسانة الجاهزة بأن تؤدى للمدعية فرعيا – شركة ......- مبلغ 1,75,000 درهم مع الرسوم والمصاريف. استأنف كل من المدعية فرعيا في دعوى الضمان – شركة أثينا – فطعنت عليه بالاستئناف رقم 836/2012 ، كما استأنفته المدعى عليها فرعيا- الشركة ...... للخرسانة الجاهزة – بالاستئناف رقم 835/2012 ضمت محكمة الإحالة – هذين الاستئنافين للاستئنافين السابقين الصادر بشأنهما حكم النقض في الطعنين المذكورين آنفا –وبجلسة 24/9/2012 حكمت في موضوع الاستئناف رقم 1296/2010 بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدها شركة ...... للمقاولات بأن تؤدى للمستأنف ...... مبلغ 5,700,000 درهم وتأييد الحكم فيما عدا ذلك . وفي موضوع الاستئناف رقم 1384/2010 برفضه ، وفي الاستئنافين رقمي 835 و836 لسنة 2012 بقبولهما شكلا وفي موضوع الاستئناف رقم 835/2012 برفضه وفي موضوع الاستئناف رقم 836/2012 بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإلزام المستأنف ضدها الشركة الوطنية للخرسانة الجاهزة بأن تؤدى للمستأنفة شركة ...... للمقاولات مبلغ 2,850,000 درهم . طعن كل من ...... وشركة ...... للمقاولات والشركة ...... للخرسانة الجاهزة على هذا الحكم بالنقض بالطعون 522،511،484 لسنة 2012 وإذ عرضت الطعون الثلاث على هذه المحكمة بغرفة مشورة وحددت لها جلسة مرافعة أعلن بها الخصوم.



أولاً: الطعن511لسنة 2012: وحيث إن هذا الطعن أقيم على إحدى عشر سببا حاصل السبب الأول والثاني والثالث بطلان الحكم المطعون فيه لخلو ديباجته من بيان دعوى الضمان الفرعية والحكم الصادر فيها وتاريخه ورقمه ، وكذا لصدور الحكم في الدعوى دون عرض النزاع على لجنة التوفيق والمصالحة وهو إجراء ضروري لا تقبل الدعوى بدونه.
وحيث إن هذا النعي بوجهيه مردود ذلك لأنه وعلى خلاف ما ورد بالوجه الأول منه فإن الحكم المطعون فيه قد نص بديباجته على الدعوى الأصلية وأورد رقمها وتاريخ الحكم الصادر فيها ، وهي الدعوى التي تفرعت عنها دعوى الضمان التي ارتأت محكمة أول درجة أن تؤجل الحكم فيها إلى حين بحث موضوعها بعد أن ندبت خبرة لمباشرتها والحكم المطعون فيه الذي صدر بعد حكم النقض أعاد ضم دعوى الضمان الفرعية وأورد موضوعها والحكم الصادر فيها بأسبابه وكذا قام بضم الاستئنافين المرفوعين عليه إلى الاستئنافين المنظورين أمامه والمحالين عليه من محكمة النقض وأصدر في جميعها حكم واحد . أما عن نعي الطاعنة بالوجه الثاني من الطعن لبطلان الحكم للإخلال بإجراء عرض الدعوى المبتداة على لجنة التوفيق والمصالحة ، فإن هذا الدفع سبق إبداؤه من الطاعنة في طعنها الأول رقم 220/2011 أمام محكمة النقض ، وتم رفضه ضمنياً بعد أن تناولت المحكمة موضوع الطعن بما مؤداه عدم قبول هذا الدفع الشكلي ، ومما لا يجوز معه إعادة طرحه مجددا أمام هذه المحكمة .
وحيث تنعى الطاعنة بسببي الطعن الثالث والرابع مخالفة القانون والقصور في التسبيب وذلك حيث قضى الحكم بفسخ عقد المقاولة المبرم بينها وبين المطعون ضده الأول بالرغم من أن ذلك لم يكن من طلبات الأخير ، وبذلك تكون المحكمة قد تجاوزت نطاق الدعوى وطلبات الخصوم وقضت في مسألة لم تكن معروضة عليها أصلا . كما خالف الحكم القانون والثابت بالأوراق لعدم إعماله أحكام التعويض الاتفاقي المضمن بالشرط الجزائي وتجاوز سقف التعويض المضمن به .

وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من كون المسائل التي حسمها الحكم الناقض تلتزمها محكمة الإحالة وتضحي لها حجية الأمر المقضى ولا يجوز إثارتها مجددا متى أعيد الطعن بالنقض على ذات الحكم . لما كان ذلك وكان البين من حكم النقض الصادر في الطعن الأول رقم 224/2010 أن المحكمة العليا قد نقضت الحكم الاستئنافي لقضائه بمبلغ التعويض استناداً إلى الشرط الجزائي المضمن بعقد المقاولة حال أن ذلك العقد قد فسخ ويضحى بذلك الشرط الجزائي المضمن به قد سقط بما لا يجوز معه تقدير التعويض على أساس ذلك الشرط ، ومفاد ذلك أن مسألة فسخ العقد حسبما ارتآه الحكم الناقض أضحت مسألة محسومة وقائمة . وعلى أساسها تقرر نقض الحكم فيما ذهب إليه من تقدير التعويض على سند مما ورد في بنود عقد مفسوخ ، وإذ كان ذلك فانه لا يقبل من الطاعنة إعادة إثارة هذه المسالة في طعنها الراهن والمنصب على ذات الحكم الأول.

وحيث إن حاصل ما ورد بأسباب الطعن من الرابع إلى العاشر هو النعي على الحكم مخالفته القانون والثابت بالأوراق والقصور والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أن الحكم رفض دعواها المتقابلة واعتبرها مخلة بالتزاماتها وحملها أخطاء الآخرين الذين اختصمتهم في دعوى الضمان وهم شركة ...... الجاهزة ومالك المشروع وشركة ...... الهندسية ، بالرغم من كونها تقدمت بالأدلة والمستندات الدالة على انتفاء أي خطأ من جانبها وعدم تحملها أي مسؤولية عن التأخير في الانجاز الذي يسأل عنه المطعون ضدهم كل في حدود مساهمته في إنجاز المشروع إلا أن الحكم التفت عن دفاعها وما قدم بشأنه من مستندات وعوّل في قضائه على تقارير الخبرة القاصرة التي حرفت حقيقة ما هو ثابت بالأوراق وانتهت إلى نتائج خاطئة واعتدت بمعاينات لجنة التحكيم وفض منازعات المقاولين ببلدية الشارقة والتي لم تحضر الطاعنة أشغالها أو أعمال الخبرة التي أذنت بها وقضى على الطاعنة بتعويضات تجاوز ما ورد بالشرط الجزائي وكل ذلك يصم الحكم بما ورد بأسباب الطعن من عيوب ويوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي في كافة أوجهه مردود ذلك لأنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في مسائل واقعية متعلقة بتحديد الجهة المخلة بالتزاماتها والتأخير في الإنجاز وعيوب الخرسانة الجاهزة واحتساب مدد التأخير ، وتعاقب على دراسة هذه المساءل أكثر من خبير أو لجنة خبره طوال كامل مراحل التقاضي بدءا من رفع الدعوى إلى لجنة المصالحة ببلدية الشارقة إلى رفع الدعوى الأصلية ثم الدعوى الفرعية أمام محكمة أول درجة ، وقد أوفت المحكمة القضية حقها في البحث والتحقيق حيث قامت بتعيين خبير في الدعوى الأصلية ثم أعادت تكليفه في دعوى الضمان الفرعية على ضوء ما هو منسوب للمدعى عليهم في تلك الدعوى ثم أعيدت الخبرة بواسطة لجنة ثلاثية ، وقد أيدت جميع التقارير عجز الطاعنة على انجاز المشروع ووجود عيوب في الخرسانة المستعملة في الجزء الواقع انجازه وإلحاق أضرار لصاحب المشروع جرّاء تأخر الانجاز وفوات الكسب والاستثمار ولجوئه إلى تكليف جهة ثانية لإنجاز الشروع وتحمله فروق تكلفة المواد والأسعار الجديدة ، وإذ اطمأنت محكمة الموضوع إلى نتائج تلك التقارير لإثبات الخطأ في مواجهة الطاعنة فإن ذلك من صميم سلطتها واختصاصها طبقا لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تقارير الخبرة هي عنصر من عناصر الإثبات التي تخضع لتقدير المحكمة بغير معقب وأنه متى رأت الأخذ بها محمولة على أسبابها وأحالت إليها اعتبر ذلك جزءاً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالا على الطعون الموجهة إليها.

وحيث إن حاصل النعي بالسبب الحادي عشر مخالفة الحكم لقانون الإثبات لاعتماده على تقرير الخبرة الذي قام في جزء كبير منه على صور مستندات أنكرتها الطاعنة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من وجوب أن يكون سبب الطعن بالنقض واضحاً جليا يكشف عن المقصود منه بحيث يبين منه وجه العوار المنسوب للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه وإلا كان نعيا مجهلا غير مقبول، وإذ كان ذلك وكانت الطاعنة لم تفصح عن صور هذه المستندات وماهيتها وموضعها وأثرها في تقرير الخبرة ومن بعده الحكم الذي اعتمده سندا لقضائها ، بل ورد النعي في صيغة العموم دون تخصيص أو توضيح ومن ثم فانه غير مقبول .
وحيث إنه وبالبناء على جميع ما سبق بسطه فإنَّ الطعن برمته يضحى غير قائم على أساس متعين الرفض.


ثانياً: الطعن رقم 484/2012: وحيث إن هذا الطعن أقيم على سببين من عدة وجوه ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق وقصور التسبيب وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الإحالة لم تلتزم المسالة القانونية التي حسمها الحكم الناقض الصادر في الطعن رقم 224/2011 ، فمحكمة النقض قد نقضت الحكم الاستئنافي الأول لسببين أولهما اعتماد الحكم الاستئنافي الأول عند تقديره التعويض عن التأخير في إنجاز المشروع على الشرط الجزائي الوارد بعقد المقاولة رغم سقوط هذا الشرط بفسخ العقد المضمن به وثانيها مخالفته لما ورد بتقرير الخبرة الفنية بشأن مدة التأخير وما نجم عن استبدال شركة المقاولة من زيادة في تكاليف الانجاز وقيمة التمويل الممنوح من البنك وما فات الطاعن من كسب عن التأخير في استثمار المشروع وجنى إيراداته وإرباحه ، والتفاته عن مسائل فنية أثبتها تقرير الخبرة كاحتساب آجال التأخير والفرق بين قيمة عقدي المقاولة وكذا احتساب القيمة الايجارية للمشروع في حال انجازه في المواعيد المحددة ، دون أن يبين سنده في ذلك إلا أن محكمة الإحالة مصدرة الحكم المطعون فيه قد وقعت في نفس الأخطاء التي نقض بسببها الحكم السابق فقد أعادت احتساب التعويض عن الضرر الناجم عن التأخير باعتماد الحد الأقصى الوارد بالشرط الجزائي، بدلا من أن تلتزم حجية الحكم الناقض بتقدير ذلك التعويض على أساس القواعد العامة والتفتت عن باقي عناصر الضرر المتمثلة في ما تحمله الطاعن من تكلفة بين قيمة العقد الأول والثاني جراء ارتفاع الأسعار ، وما فاته من كسب نتيجة حرمانه من استغلال المشروع في الآجال المحددة وحرمانه من ريعه وإيراداته عن كامل فترة التأخير ، وجميع عناصر الضرر الواقع والتي تم تحديدها وبحثها من طرف الخبرة الفنية والتي استدل بها الحكم المطعون فيه دون الأخذ بما ورد بها دون تسبيب مقنع وهو ما يعيبه ويشوبه بما ورد بأسباب الطعن ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محلة ذلك لأن الفقرة الأخيرة من المادة 184 من قانون الإجراءات المدنية قد نصت على وجوب أن تلتزم محكمة الإحالة النقاط التي فصل فيها حكم النقض ، وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن نقض الحكم والإحالة يلزم محكمة الاستئناف بأن تنظر موضوع الاستئناف مرة أخرى وان تلتزم المسالة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض لاكتسابها قوة الأمر المقضى ، بحيث لا يجوز أن تؤسس قضاءها على تحصيل للواقع أو أسباب أو اجتهاد يناقض ما سبق الحسم فيه عند نظر الطعن والرد على أسبابه. لما كان ذلك وكان حكم النقض الصادر في الطعن رقم 224/2011 قد أيد ضمنيا ما قضى به بشان فسخ عقد المقاولة المبرم بين الطاعن والمطعون ضدها بدلالة أنه نقض الحكم الاستئنافي في شقه القاضي بالتعويض عن الضرر الناجم عن التأخير في التنفيذ ، لكون ذلك التعويض وقع تقديره على ضوء الشرط الجزائي ، وهو الشرط الذي سقط بعد تقرير فسخ العقد المضمن به، بما كان يتعين معه على محكمة الإحالة مصدرة الحكم المطعون فيه ، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المسالة وأن تلتزم ما حسمه الحكم الناقض بشأن الأثر المترتب على فسخ العقد ومحل ذلك من الشرط الجزائي المضمن به وتعيد تقدير التعويض على أساس قواعد القانون العام وما يتوافر لها من عناصر التعويض من خلال ما حوته الأوراق وما قدم لها من أدلة، إلا أنها رأت خلاف هذا الرأي واستندت في تقديرها للتعويض على الحد الأقصى الوارد بالشرط الجزائي وهو ما يعد خروجا منها على حجية الحكم الناقض وعدم الالتزام بالمسألة القانونية التي حسمها مما جرها لمخالفة القانون ، وحجبها عن بحث التعويض المدعي به واستجلاء عناصره على ضوء طلبات الخصوم وما توافر لديها بالأوراق وما قدم فيها من أدلة ، بما يتعين معه ودون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن نقض الحكم مع الإحالة.


ثالثاً: الطعن 522/2012: وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على هذا الحكم بالسببين الأول والثاني مخالفة القانون والقصور وفساد الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم سماع الدعوى الفرعية لمرور الزمان عملا بالمادة 111 من قانون المعاملات التجارية تأسيسا على أنها انتهت من توريد الخرسانة بتاريخ 14/8/2006 ، وأن دعوى الضمان الفرعية الموجهة ضدها بشأن ضمان عيوب الخرسانة رفعت بتاريخ 6/4/2010 أي بعد ما يزيد على ثلاثة سنوات ، حال أن نص المادة 111 المذكورة حدد الأجل الأقصى لسماع دعوى الضمان ، في حالات العيب الخفي أو حصول غش من البائع بأجل عام واحد من تاريخ التسليم ، ومع إنكارها لوجود عيب أو غش فقد تمسكت الطاعنة وانه على فرض حصول ذلك فان المطعون ضدها – شركة ...... للمقاولات – علمت بالعيب في الخرسانة منذ تاريخ صدور التقرير عن قسم مختبر مواد البناء لبلدية الشارقة في 4/7/2007 في الشكوى رقم 43/2007 المرفوعة من مالك المشروع لغاية استبدال المقاول ، وهو التقرير الذي أعلنت به واستلمته ، وقدمت مذكرة في التعقيب عليه ، ومع ذلك فإنها لم ترفع دعوى الضمان الفرعية إلا في 28/12/2009 أي ما بعد ما يزيد عن سنتين من اكتشاف العيب المزعوم والعلم به وهو ما يجعل الدعوى غير مسموعة لمرور الزمان عملا بنص المادة 111 السالفة البيان ، وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع الجوهري أمام محكمة الموضوع بدرجتيها الا أن الحكم المطعون فيه أحال للرد عليه بما أورده الحكم المستأنف من رد قاصر لا يواجه هذا الدفاع كما تمسكت الطاعنة بسلامة الخرسانة الموردة منها ومطابقتها للمواصفات المتفق عليها معتبرة أن تقارير الخبرة المعتمدة من المحكمة وإن أثبتت عدم صلاحية الخرسانة المستعملة في بعض الأعمدة إلا أن ذلك لا يعنى بالضرورة وجود عيب بالخرسانة بل قد يكون ناشئا عن سوء استعمال تلك الخرسانة واستعمالها في غير الموضع المحدد لها ، فعقد التوريد قد نص على ثلاثة أنواع من الخرسانة، وكل نوع يستعمل لما اعد إليه أخذا في الاعتبار قوة الخرسانة وطاقة التحمل ولا تسال الطاعنة عما قد حدث من خطأ عند صب الخرسانة من غير الموضع المعدة له، وفرعت سمع المحكمة بهذا الدفاع وطلبت تحقيقه بإرجاع المأمورية إلى الخبرة ، ودللت عليه بما أثبتته التحليلات المخبريه على الموقع إبان التسليم ومعاينة استشاري المشروع لذلك إلا أن المحكمة التفتت عن جميع ذلك وهو ما يعيب حكمها ويشوبه بمخالفة القانون والقصور وفساد الاستدلال بما يوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأن المقرر في قضاء المحكمة أن الدفاع الجوهري الذي يتمسك الخصوم بدلالته ويطلب من المحكمة تحقيقه ، لما له من أثر على وجه الرأي في الدعوى يوجب على المحكمة تمحيصه على ضوء ما قدم بشأنه من مستندات والرد عليه بما يواجهه ، وانه وان كان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير عمل الخبير والأخذ به أو الالتفات عنه بحسبان انه عمل من أعمال الإثبات ودليل من أدلة الدعوى إلا أن ذلك مشروط بان يكون عمل الخبير قد أحاط بجميع جوانب النزاع ومناحيه الفنية والواقعية وبحث مستندات الخصوم والرد على الاعتراضات الموجهة له الرد السائغ وإلا كان الحكم الذي اتخذه عمادا لقضائه مشوبا بالقصور وإهمال حق الدفاع. لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تقدمت بدفاع جوهري أمام درجتي التقاضي مفاده عدم سماع دعوى الضمان المرفوعة ضدها لسقوطها بمرور الزمان مستنده في ذلك لأحكام المادة 111 من قانون المعاملات التجارية التي حددت أجل عام من تاريخ تسليم المبيع لرفع دفع ضمان العيوب في الحالات القصوى الذي يكون فيها العيب خفيا ومقترنا الغش من البائع ودللت على ذلك بأن المطعون ضدها وعلى فرض التسليم بوجود عيب خفي من الخرسانة وغش من طرف البائعة ، قد اكتشفت ذلك العيب وعملت به من خلال تقرير الخبرة الذي أجري من قبل مخابر بلدية الشارقة في الشكوى المرفوعة من صاحب العمل ضد المطعون ضدها- شركة المقاولة – وحصل ذلك العلم باطلاعها على التقرير وتعقيبها على نتائجه في شهر 7 من سنة 2007 ، ولم ترفع دعوى الضمان الفرعية إلا في 28/12/2009 أي بعد مضى اجل السنة الوارد بالمادة المذكورة ، بما مؤداه تقرير عدم سماعها ، إلا أن الحكم المطعون فيه واجه هذا الدفاع بالإحالة إلى حكم أول درجة الذي جاء رده على هذا الدفع بقوله : " لما كان ذلك وكان قد ثبت من الأوراق وتقارير الخبرة من قيام المدعى عليها الثانية بتوريد خرسانة جاهزة مخالفة للمواصفات رغم تعهدها وضمانها جوده الخرسانة الموردة وبالتالي يكون هناك غش قد وقع من جانب المدعي عليها الثانية لتوريدها تلك الخرسانة الغير مطابقة للمواصفات ، وهذا الغش يعتبر عذر شرعي منع المدعية فرعيا من إقامة الدعوى..." دون أن يعبا بإيراد المصادر التي استقى منها هذا الغش ، أو يستظهر في قضائه اثر هذا الغش – وإن ثبت – على مدة عدم السماع الواردة بالمادة 111 من قانون المعاملات التجارية ، أو بحث ما تمسكت به الطاعنة من حصول العلم بالعيب الخفي منذ صدور تقرير مختبر البلدية ، كما أهمل دفاع الطاعنة الجوهري وما تمسكت به من أن العيب يعود أساسا إلى الخطأ في استعمال الخرسانة وضخها في غير المكان المخصص لكل نوع منها والتفت عن طلبها تحقيق هذه المسالة بإعادة المأمورية إلى الخبرة أو تكليف خبرة جديدة، خاصة وأن طلبها هذا كان مدعما بما ذكرته من سبق اخذ عينات من كميات الخرسانة عند تسليمها وفحصها مخبريا – كما هو جاري به العمل في أعمال صب الخرسانة الجاهزة- ووافق استشاري المشروع على مطابقتها للمواصفات ، وإذ اعرض الحكم عن بحث دلالة جميع هذه العناصر الجوهرية فانه يكون مشوبا بما ورد بأسباب الطعن من مخالفة القانون والقصور والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.



المواضيع المتشابهه: