على نظام المحال العمومية، والحكومة المصرية جادة في تنفيذ ذلك وإنا نرجو أن نتمكن من الوصول إلى إخضاع الأجانب المقيمين في القطر المصري إلى القوانين المصرية كما هو الحال في جميع الأمم المتمدينة ومنها ما يقل في المدنية والنظام عن الدولة المصرية - إذ ليست مصر بأقل درجة من سيام مثلاً التي وافقت الدول في سنتي 1925 و1926 أي في هذه السنين الأخيرة على إلغاء الامتيازات فيها والتي كتب عنها أحد أساتذة القانون في فرنسا تعليقًا على المعاهدات التي ألغت هذه الامتيازات أنه تتوفر في سيام الشروط اللازمة لتعامل من الآن كشخص بالغ (أي غير قاصر) في المجتمع الدولي
(Le Ciam remplit largement les conditions nécessaires pour être désormais traité en personne majeure dans la communauté internationale).
(انظر مقالة للمسيو مونكار فيل الأستاذ بكلية الحقوق باستراسيورج في مجلة القانون الدولي العام عن ديسمبر سنة 1926 صفحة 330.
“ M. Moncharville. Revue de Droit Int. Pub. - Sep. et Déc. 1926, P. 330 ”
فإذا قيل أن سيام أصبحت شخصًا دوليًا بالغًا في المجتمع الدولي فإن مصر قد تجاوزت دور البلوغ ووصلت إلى درجة الكمال بين أعضاء هذا المجتمع - ويقيننا أن الدول ستتنبه لهذه الحقيقة وتعترف بها قريبًا فتتنازل عن امتيازاتها العتيقة ويصبح الأجنبي والمصري سواء أمام القانون ما داموا يعيشون فوق أرض واحدة ويستظلون بسماء واحدة.
محمد رياض عبد المنعم

[(1)] يوجد في كثير من القوانين الجنائية نصوص تقضي بعقاب من يرتكب جرائم في الخارج ومن ذلك قانون العقوبات الأهلي إذ نص في المادة الثانية منه على معاقبة من يرتكب من الأشخاص الخاضعين لأحكامه خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكًا في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري أو من يرتكب في الخارج جناية من الجنايات المضرة بأمن الحكومة من الداخل أو من الخارج أو من يرتكب جناية تزوير أوامر عالية أو أختام الحكومة أو أوراق البنوك وسندات الخزينة مما نص عليه في المادة (174) من قانون العقوبات أو جناية تزييف مسكوكات متداولة في القطر المصري مما نص عليه في المادتين (170) و(171)، وكذلك تنص المادة الثالثة على عقاب كل مصري تابع للحكومة المحلية ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في القانون المصري فيعاقب بأحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقبًا عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبه فيه.
وقد تقرر في كل من الاتفاقين المنعقدين مع حكومة فلسطين وحكومة السودان بشأن تسليم المجرمين أنه إذا تقدم طلب تسليم مجرم هارب وكانت محكمة البلد المقدم إليها الطلب مختصة بنظر الجريمة المنسوبة إليه فيجوز اتخاذ الإجراءات لمحاكمته أمام محاكمها بدلاً من قبول التسليم وقد اشترط الاتفاق المعقود مع حكومة فلسطين ضرورة حصول هذه المحاكمة في خلال الثلاثة شهور التالية لورود طلب التسليم وألا يتعين على الحكومة صاحبة الشأن أن تسلم المجرم متى توفرت الشروط الأخرى الواردة في الاتفاق.
[(2)] هذا هو الرأي المتبع عملاً في أكثر الدول الآن وقد اتبعته الحكومة المصرية بالنسبة لشخص مصري يدعى عبد المجيد اتهم أخيرًا بارتكاب جريمة نصب في طرابلس بالشام وفر إلى مصر فطلبت المفوضية الفرنسية بمصر تسليمه ليحاكم في سوريا، ولكن الحكومة المصرية رفضت إجابة هذا الطلب باعتبار أنه مصري وفعلاً قدم للسلطة المحلية في مصر فأجرت النيابة معه تحقيقًا وقبضت عليه وقدم للمحاكمة وقد حكمت عليه فعلاً محكمة الوايلي الجزئية حضوريًا بتاريخ 19 إبريل سنة 1927 بالحبس سنتين مع الشغل والنفاذ وأجرى تنفيذ الحكم - على أن هذا الرأي القاضي بعدم تسليم الوطنيين ليس متفقًا عليه من جميع الكتاب بل منهم من يقول بعكسه وبوجوب العدول عنه ومن هؤلاء الكتاب جارو Garraud أحد علماء القانون الجنائي ووستليك Westlake أحد علماء القانون الدولي، وقد جاء في معاهدة فرساي والمعاهدات الأخرى الملحقة بها ما يفيد نبذ المبدأ القاضي بعدم تسليم الوطنيين النسبة لمجرمي الحرب الذين تقرر تسليمهم طبقًا لهذه المعاهدات إذ اشترط فيها على ألمانيا والنمسا وحلفائهما تسليم المجرمين من رعاياهم (راجع المادة (228) من معاهدة فرساي مع ألمانيا)، والمادة (173) من معاهدة سان جرمان مع النمسا، والمادة (118) من معاهدة نويلي Neuilly مع بلغاريا، والمادة (157) من معاهدة تريانون مع المجر إلخ...).
[(3)] من الأمثلة التي يذكرها التاريخ في هذا الصدد أنه في سنة 1506 حجز هنري السابع ملك إنجلترا فيليب ملك كاستيل ووالد شارلكان أثناء سفره من فلاندر إلى إسبانيا حتى ألقت به عاصفة على الشاطئ الإنجليزي - وقد انتهز ملك الإنجليز هذه الفرصة فطلب من فيليب تسليم أحد النبلاء الإنجليز المسمى دوق أو إيرل سافولك Earl of Suffolk الذي كان التجأ لبلاد فيليب هربًا من ملك الإنجليز إذ كان من ضمن المناوئين للعرش الإنجليزي باعتباره من عائلة يورك House of York التي كانت تطالب بعرش إنجلترا - فرفض فيليب تسليم دوق سافولك في أول الأمر ولكن اضطر للإذعان إزاء تشدد هنري السابع الذي أصر على عدم إطلاق سراح فيليب إلا إذا سلم سافولك وقد قبل قيليب تسليمه بشرط عدم إعدامه وقد تم ذلك فعلاً وحجز النبيل الإنجليزي عقب تسليمه في برج لندن وحافظ هنري السابع على الشرط الخاص بعدم إعدامه إلى أن خلفه هنري الثامن فأعدمه في سنة 1513 عند قيام الحرب بين إنجلترا وبين فرنسا بحجة مراسلته لأخيه الذي كان في خدمة الفرنسيين (راجع هذه الحادثة في دائرة معارف برتيانيكا طبعة سنة 1926 الجزء الثامن والعشرون صفحة 925).
(Eneyclopedia Britannica 1926; Vol. 28 p. 925.).
[(4)] من الكتاب الذين يرون هذا الرأي الكاتب لويس رينو Louis Renault وهو يقول إنه لا يمكن اعتبار هذه الجرائم من الجرائم السياسية مطلقًا وإلا أدى ذلك إلى جواز اعتبار جرائم أخرى كالنصب أيضًا ضمن الجرائم السياسية في بعض الأحوال وقد رد على ذلك الكاتب الألماني فون لستز von Listz بأنه يجوز أن تكون هذه الجرائم من الجرائم السياسية بل يقول بإمكان وقوع جريمة هتك عرض سياسي طبقًا للقانون الإنجليزي الصادر في سنة 1878 Criminal code Bill (1878) إذ اعتبر من الخيانة العظمى الاعتداء على عرض ملكة أو الابنة الكبرى لملك أو زوجة الابن الأكبر أو ولي العهد (راجع مجموعة محاضرات أكاديمية القانون الدولي الجزء الأول صفحة 202 محاضرة البارون البيريك رولان Baron Alberic rolin
[(5)] ممن يقول بهذا الرأي الكاتب دبيانييه Despagnet, droit International Public 291 وقد ورد أيضًا في بعض المعاهدات كما أن المعهد الدولي الذي عقد في جنيف سنة 1892 أخذ بمثل هذا الرأي فقرر جواز التسليم إذا كانت الجريمة خطيرة وإنما لا يحاكم المتهم إلا على الجريمة العادية.
[(6)] راجع كتاب فوشي في القانون الدولي (M. Fauchille)الجزء الأول صفحة 1017 طبعة سنة 1922، وراجع أيضًا كتاب حضرة صاحب المعالي الأستاذ علي ماهر باشا في القانون الدولي العام صفحة 354.
[(7)] يطلق على هذه المادة اسم المادة البلجيكية (Clause belge) أو مادة الاعتداء (Clause d'attentat) وقد دعا إلى وضعها حادثة في سنة 1854 إذ حاول فرنسويان الاعتداء على حياة نابليون الثالث، وذلك بأن شرعا في نسف القطار الذي كان يقله وهرب أحدهما إلى بلجيكا فطلبت فرنسا تسليمه، وقد حصل اختلاف في الرأي بين محكمتي استئناف بروكسل ولييج فقررت الأولى أن هذه الجريمة سياسية أما الثانية فاعتبرها جريمة عادية وقررت محكمة النقض في بروكسل جواز التسليم باعتبار أن هذه الجريمة خارجة عن نطاق القانون الصادر في سنة 1833، والذي يمنع تسليم اللاجئين السياسيين ولكن الرأي العام البلجيكي أخذ يطالب بعدم التسليم وانتهى الأمر بأن سحبت الحكومة الفرنسية طلب التسليم الذي كانت قدمته حتى تخرج الحكومة البلجيكية من المأزق - ولكن صدر بعد ذلك في 22 مارس سنة 1856 القانون الذي أضاف على المادة السادسة من القانون القديم الصادر في سنة 1833 النص الخاص بتسليم من يعتدي بالقتل أو بالسم على رئيس دولة أو أخيه أو أحد أفراد عائلته فانتهزت الحكومة الفرنسية وضع هذا النص واتفقت على إضافته في المعاهدة الخاصة بالتسليم والمعقودة بين الدولتين في سنة 1834 ثم وضع بعد ذلك في أكثر المعاهدات التي عقدتها الدول الأوروبية بشأن التسليم.
[(8)] بناءً على هذه القاعدة رفضت وزارة الحربية المصرية تسليم بعض جنود من الجيش الإيطالي المرابط في طرابلس الغرب كانوا قد لجأوا إلى واحة سيوة داخل الحدود المصرية (راجع ما ورد في جريدة الأهرام بتاريخ 17 إبريل سنة 1927)، وبسبب هذه القاعدة أيضًا امتنعت الحكومة المصرية عن المطالبة بتسليم بعض الهاربين من الخدمة العسكرية الذين التجأوا لبلاد مجاورة من ذلك أن جنديًا يدعى أحمد هرب من الخدمة العسكرية في القطر المصري والتجأ إلى فلسطين وقيل بوجوده في ميناء يافا يشتغل هناك كبحار في السفن الشراعية وعلمت الحكومة المصرية بذلك في سنة 1925 ولكنها قررت عدم المطالبة بتسليمه من حكومة فلسطين بناءً على القاعدة التي تقضي بعدم تسليم الفارين من العسكرية.
[(9)] أثيرت هذه المسائل عقب الحرب العظمى فقرر الحلفاء معاقبة الأشخاص الذين ارتكبوا أعمالاً تخالف القواعد الدولية وقوانين الحرب من ذلك ما ورد في المادة (227) من اتهام إمبراطور ألمانيا السابق غليوم الثاني وتقديمه للمحاكمة وقد طلب تسليمه من حكومة هولندا ولكنها رفضت بحجة أن الأعمال المنسوبة للإمبراطور السابق هي عبارة عن أمور سياسية ويرى بعض الكتاب أن هذه الحجة غير صحيحة وأن ما اتهم به إمبراطور ألمانيا لا يعتبر من الجرائم السياسية التي تعفى من التسليم (راجع كتاب فوشى المشار إليه الجزء الأول فقرة (469)، والجزء الثاني (الخاص بالحرب) فقرة 1753).
[(10)] نص على هذه القاعدة في الاتفاق الذي عقد بين حكومة مصر وفلسطين فقضت المادة العاشرة فيه على أنه لا تجوز إقامة الدعوى أمام محاكم البلد الذي سلم إليه شخص بناءً على أحكام هذا الاتفاق من أجل جريمة ارتكبت قبل تسليمه غير الجريمة أو الجرائم التي يمكن إثباتها بالواقعة التي حصل التسليم بناءً عليها ما لم تتح لذلك الشخص قبل محاكمته فرصة العودة للقطر الذي سلمه.
[(11)] كانت البلاد الإسلامية توفد أيضًا في بعض الأحيان ممثلين للبلاد الأجنبية وتقبل ممثليهم وكان يتم هذا التبادل بمراسيم التجلة والحفاوة من ذلك أن هارون الرشيد تبادل السفراء مع شارلمان وكانوا يحملون الهدايا النفيسة لتأكيد الصداقة والمودة ومن جملة الهدايا التي أرسلها الرشيد مع سفرائه ساعة مائية أعجب بها رجال شارلمان (راجع مقالاً لحضرة الأستاذ الفاضل محمد عبد الله عنان المحامي نشر في مجلة الهلال بعدد نوفمبر سنة 1926 صفحة 80 عن العلاقات السياسية في عهد العرب).
[(12)] حالة التنكر هي حالة يلجأ لها بعض الملوك أو بعض رؤساء الدول في سياحاتهم ليتفادوا المراسيم التي تقام لاستقبالهم من ذلك ما فعله ملك الإنجليز إذ ذهب إلى باريس متنكرًا في أوائل مارس سنة 1927، وما فعله رئيس جمهورية تشيكوسلوفاكيا الرئيس مازاريك إذ جاء للقطر المصري متنكرًا في إبريل سنة 1927.
[(13)] مما يلاحظ في هذا الصدد أن أعضاء محكمة التحكيم الدولية لا يعتبرون خارجين عن السيادة الإقليمية إلا عندما يكونون خارج بلادهم en dehors des leurs pays بخلاف أعضاء محكمة العدل الدائمة التي أنشئت طبقًا لعهد عصبة الأمم إذ يخرجون عن سلطة السيادة الإقليمية بدون هذا القيد.
[(14)] من القائلين بهذا الرأي الكاتب الفرنسي فوشي (راجع كتابه في القانون الدولي القسم الثالث من الجزء الأول طبعة سنة 1926 صفحة 69 وصفحة 87)، وقال كتاب آخرون أيضًا بوجود حرمة للممثل أثناء وجوده في إقليم دولة غير الدولة الموفد لها نذكر منهم دي مارتس ولوريمردويتون De Martens, Loriner et Wheaton كما صدرت بذلك بعض أحكام قضائية في فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة (راجع حكمًا صادرًا من محكمة استئناف باريس في 2 يناير سنة 1901 منشور في مجلة القانون الدولي العام المجلد الثامن صفحة 492 Reine de droit Int. Public، ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى قانون إيطالي صادر في 13 مايو سنة 1871 بشأن الضمانات الممنوحة للبابا إذ نص في المادة الحادية عشرة منه على أن ممثلي الحكومات المعتمدين لدى البابا يتمتعون في إيطاليا بكل الحقوق والامتيازات التي يتمتع بها رجال التمثيل السياسي طبقًا لقواعد القانون الدولي، وكذلك يتمتع بها ممثلو البابا لدى الحكومات الأجنبية عندما يمرون بالإقليم الإيطالي في طريقهم إلى مقر أعمالهم وفي عودتهم منها.
[(15)] راجع كتاب فوشي القسم الثالث من الجزء الأول صفحة 72.
[(16)] يقول بعض الكتاب إن دار السفارة تعتبر جزءًا من إقليم الدولة التي يمثلها السفير ولكن هذا القول غير صحيح وقال بخلافه أكثر الكتاب المعتمدين كما قضت بعكسه محكمة استئناف باريس إذ كانت محكمة السين قد قضت بتاريخ 20 نوفمبر سنة 1920 بأن الزواج المعقود في دار مفوضية أجنبية يفترض أنه عقد في إقليم الدولة التي تمثلها المفوضية ولكن محكمة استئناف باريس حكمت بإلغاء هذا الحكم (انظر جريدة القانون الدولي Journal de droit International لسنة 1921 صفحة 186، وما بعدها ولسنة 1922 صفحة 407).
[(17)] نجد في التاريخ أمثلة لاستعمال حق الإيواء بدور السفارات بالنسبة للاجئين السياسيين فحصل في سنة 1729 أن الدوق دي ريبردا Duc de Riperda الذي كان وزيرًا لفليب الخامس ملك إسبانيا احتمى بعد سقوطه بدار السفير الإنجليزي لورد هارنجتون، ولما طلب تسليمه رفض السفير الإنجليزي إجابة الطلب فقرر مجلس كاستيل أنه يمكن أخذه بالقوة وفعلاً قبض عليه فاحتج السفير الإنجليزي وطلبت إنجلترا ترضية من إسبانيا إلا أن هذه الأخيرة رفضته وشبت الحرب بين الدولتين - وحدث في تركيا في شهر ديسمبر سنة 1895 أثناء الاضطرابات الأرمنية أن الوزير التركي كوجوك سعيد باشا اعتقد أن حياته مهددة فاحتمى بدار السفارة البريطانية في الأستانة فطلب سلطان تركيا تسليمه ولكن السفير البريطاني أجاب بأنه لا يستطيع إكراه سعيد باشا على مغادرة الدار وأيده في ذلك رجال الهيئة السياسية لبقية الدول في الأستانة فأرسل السلطان كتابًا يؤكد فيه أن حياة سعيد باشا لن تمس بسوء وأنه يمكنه أن يقيم في أي مكان يريده في الأستانة وغادر على ذلك سعيد باشا السفارة البريطانية وإنما أرسل السفير البريطانية كتابًا لوزير خارجية تركيا يخبره فيه أن سعيد باشا لم يبرح دار السفارة إلا بناءً على وعده بالمحافظة على حياته وأنه يأمل احترام هذا الوعد (راجع مجلة القانون الدولي Reine de Droit International المجلد الثالث صفحة 375).
وقد كان حق الإيواء شائعًا في بلاد العجم بسبب الثورات الداخلية إذ كان يلجأ المضطهدون لدور السفارات ويطلق على ذلك لفظ بست Bast، وقد عقد اتفاق بين فارس وبين كل من إنجلترا والولايات المتحدة لإلغاء هذا الحق (راجع بشأن هذا الحق مقال للسير سيسيل هرست في مجموعة محاضرات أكاديمية لاهاي سنة 1926 جزء ثانٍ) - وهناك أمثلة غريبة لاستعمال نظام البست هذا في إيران، من ذلك ما رواه السير مورتيمر ديوارنث أحد وزراء إنجلترا الأسبقين في فارس أنه في أثناء تولي الشاه نصر الدين الحكم حضر للسفارة الإنجليزية عبد أسود يخطر السفير بأن حريم الشاه وعددهن 300 سيدة سيلتجئن للسفارة لأن الشاه عزم على الزواج بابنة بستاني في السراي فوجدن في ذلك ما يمس كرامتهن فلم يسع السفير الإنجليزي إلا أن يجهز مكانًا للسيدات واشترى قطيعًا من الغنم وكميات كبيرة من الخبز ولكن لحسن حظه لم تتم الزيارة إذ عدل الشاه في آخر لحظة عن الزواج - وفي سنة 1906 لجأ للسفارة الإنجليزية عدد كبير من التجار والأهالي الذين كانوا يطالبون بإصلاحات دستورية وبلغ عدد اللاجئين 14000 وانتهى الأمر بقبول الحكومة الفارسية لكثير من مطالبهم.
[(18)] قدم في مسألة هذا الصيني طلب للمحكمة لتأمر بإخلاء سبيله ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب لأن السفارة الصينية غير خاضعة للسلطة القضائية وإنما للحكومة المحلية وحدها أن تضغط على الحكومة الصينية ليفرج عن الصيني المحبوس في السفارة.
[(19)] حكم في إنجلترا في سنة 1921 بأن ممثل الدولة الغير معترف بها قانونًا لا يعفى من القضاء المحلي وكان ذلك بشأن كراسين الممثل الرسمي لحكومة السوفيت في إنجلترا.
[(20)] ينتقل رجال بالبوليس أو رجال التحقيق عادةً إلى دار السفارة للحصول على المعلومات التي يحتاجون إليها بعد استئذان الممثل السياسي فمن ذلك ما حدث في فرنسا في سنة 1920 حيث انتقل قاضي التحقيق لدار المفوضية اليونانية لسؤال الوزير اليوناني عن معلوماته في حادث الاعتداء الذي وقع على مسيو فنزيلوس رئيس وزارة اليونان إذ ذاك في محطة ليون بباريس.
[(21)] نحن لا نتعرض هنا لمركز الجيش الأجنبي عند احتلاله لإقليم دولة أثناء الحرب إذ هي مسألة أخرى تحددها قواعد الحرب.
[(22)] أشار بعض الكتاب إلى مثل هذه الأوامر وقد أورد كلوت بك في كتابه عن مصر (تعريب حضرة الأستاذ محمد مسعود بك) نص فرمان مما كان يعطى للأجانب وهو كما يأتي:
من ديواننا سنة من الهجرة
(أن صديقنا الحميم المسيو............. من.......... جاء إلى أملاكنا ليزور المعاهد الأثرية وغيرها من
(الأماكن المفيدة له في أبحاثه، وقد قدمه إلينا جناب قنصله فبناءً عليه قد سلمناه فرماننا هذا لينتفع، ويستظهر به أثناء رحلته في طول أملاً كنا وعرضها - فعلى المديرين والمأمورين وأرباب الحل والعقد ملكيين، وعسكريين وبالجملة كل من يقدم إليهم هذا الفرمان أن يعنوا بأمره ويهتموا بأداء الخدم التي يروم منهم قضاءها حتى لا ترفع إلينا منه شكوى فيما بعد.
(ونوصيكم بعمل ما يلزم كيلا يلحقه حيف أو يوجه إليه شتم من الفلاحين (كذا...) أو غيرهم وأن، تبادروا بموافاته بكل ما يحتاج إليه وأن لا يدفع شيئًا عنه إلا ما يطابق بالسعر الجار في البلاد وذلك فيما يختص بأجر ركوب الدواب والمراكب وثمن الأغذية، وأني اعتبر أن الخدمات التي ستؤدونها إليه كأنها أديت إلينا بالذات).
[(23)] مما يذكر في هذا الشأن ما لاحظه حضرة صاحب المعالي إسماعيل صدقي باشا رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب من أن الامتيازات لا تعطي أي حق استثنائي للأجانب فيما يتعلق بدفع الضرائب وهاك ما ورد في هذا الصدد في تقرير اللجنة المالية لمجلس النواب الذي تلي في جلسة 27 إبريل سنة 1927 إذ طلب فيه السعي لدى الدول لأجل التخلص من الحالة الاستثنائية الشاذة التي يقولون إنها نشأت عن الامتيازات مع أنها لم تنشأ في الواقع إلا عن سوء تنفيذ الامتيازات لأن هذه الامتيازات لا تعطي أي امتياز مطلقًا للأجانب فيما يتعلق بدفع الضرائب بل كل ما ترمي إليه هو حماية الأجانب من سوء تصرف الحكام في فرض الضرائب، أما مبدأ المساواة في دفعها فقد تقرر غير مرة كما تقرر في سنة 1885... إلخ (راجع مضبطة جلسة مجلس النواب في 27 إبريل سنة 1927).
[(24)] كانت الدول التي تتمتع بالامتيازات في مصر إلى ما قبل الحرب العظمى خمسة عشر دولة وهي بريطانيا وأمريكا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا والنرويج والسويد والدانمارك واليونان والبرتغال والنمسا والمجر وروسيا وألمانيا.
[(25)] مما يذكر بهذه المناسبة أن عصبة الأمم دعت الدول للاجتماع في مؤتمر دولي لبحث مشروع معاهدة خاصة بمراقبة الاتجار الدولي للأسلحة والذخائر والمهمات الحربية وقد عقد المؤتمر فعلاً من 4 مايو إلى 17 يونية سنة 1925 ومثلت فيه مصر وتقرر فيه تقييد الاتجار ببعض أنواع الأسلحة وفي بعض المناطق وقد سعى ممثلو مصر ليحصلوا على موافقة بقية ممثلي الدول على تقرير المساواة بين الأجانب والوطنيين المقيمين في مصر في شأن تطبيق القيود الواردة في المعاهدة وانتهى الأمر بوضع نص في المعاهدة يقضي بأن تتعهد الدول المتعاقدة التي تتمتع بحق قضائي في إقليم دولة أخرى من ضمن الدول المشتركة في المعاهدة بأن تمنع رعاياها المقيمين في هذا الإقليم من القيام بأي عمل يخالف أحكام المعادة ولكن هذا لا يفيد تطبيق أحكام المعاهدة بمعرفة الحكومة المصرية على الأجانب المقيمين في إقليمها بل تطبقها قناصل الدول الأجنبية في مصر، وكذلك دعت عصبة الأمم الدول لعقد مؤتمر لمحو مسائل المواد المخدرة وتقيد استعمالها وعقد المؤتمر فعلاً في أوائل سنة 1925، ومثلت فيه مصر وتقرر فيه مراقبة الاتجار بالمواد المخدرة مراقبة شديدة وتقييد إنتاجها وقد قامت الحكومة فعلاً بنصيب كبير في هذا الشأن إذ وضعت مرسومًا بقانون في 21 مارس سنة 1925 رفعت فيه العقوبة الخاصة باستعمال المواد المخدرة أو الاتجار بها بدون رخصة إلى عقوبة الجنح التي تصل إلى الحبس لمدة ثلاث سنوات مع غرامة قد تصل إلى 300 جنيه، ولكن للأسف لا تزال العقوبة بالنسبة للأجانب هي عقوبة المخالفات مع أن أكثر المتجرين في هذه المواد من الأجانب فلذلك لا يمكن تنفيذ قرارات المؤتمر الذي دعت له عصبة الأمم ولم تطلق يد الحكومة المصرية لتضرب بشدة على أيدي الأجانب.

المواضيع المتشابهه: