المدخل لدراسة العلوم القانونية-1
بطاقة معلومات:
|___________________________
|
| اسم مدرس المادة: د. خلدون قطيشات
| وصف التلخيص: مادة مدخل لعلم القانون 1
| صيغة التلخيص: Headings in HTML
| صاحب التلخيص: حسام حوامدة
| __________________________
|
مــقـدمـــة
المدخل لدراسة القانون من المواد الأساسية في الدراسات القانونية والحقوقية، لأنه يمكن الطالب من الإلمام بالمبادئ والمفاهيم القانونية الأولية اللازمة للمعرفة القانونية، سواء المتصلة بمفهوم القانون وأنواعه ومصادره وناطق تطبيقه، أو المتصلة بمختلف الحقوق التي يقرها القانون وينشؤها.
فالقانون هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم سلوك الفرد في المجتمع، فهو ينظم على هذا النحو جميع أنواع العلاقات الإجتماعية التي تنشأ بين الناس في داخله، والتي يكون مؤداها نشوء حقوق معينة لطرف من أطراف العلاقة القانونية، ونشوء التزامات أو واجبات مقابلة على الطرف الآخر، أو نشوء حقوق والتزامات متبادلة بين الأطراف، من هنا تظهر الرابطة العضوية التي تربط القانون بالحق والحق بالقانون.
لذلك فإن المدخل لدراسة القانون يتناول محورين أساسيين :
- نظرية القانون
- نظرية الحق
الباب الأول : نظرية القانون
نخصص هذا الباب المتعلق بنظرية القانون إلى التعريف بالقانون وبيان خصائص القاعدة القانونية التي تميزها عن غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى، والتعرف على تقسيمات القانون وفروعه ووظائفه ومصادره.
كما أن القانون يتم وضعه ليطبق في مكان وزمان معين، ومن ثم سنتعرض إلى تطبيق القانون في الزمان والمكان ولمختلف الإشكالات القانونية الناجمة عن هذا التطبيق من حيث تنازع القوانين وتفسيرها وإلغاءها.
الفصل الأول : ماهية القانون وخصائص القاعدة القانونية
يعبر لفظ القانون، بمعناه العام، في كل العلوم، عن النظام والاستقرار، والعلاقة الثابتة والدائمة بين الظواهر، أي تكرار حدوث الظاهرة كلما توفرت مسبباتها، ويقصد بذلك نظام الكون المستقر أو مقياس الأشياء، فيقال قانون الجاذبية الأرضية في علم الطبيعة، وقانون دوران النجوم والكواكب وقانون العرض والطلب.
ويقصد بالقانون من الناحية القانونية مجموع القواعد القانونية التي تنظم العلاقات الاجتماعية والروابط التي تنشأ بين الأفراد المصحوبة بجزاء توقعه السلطات العامة على من يخالف أحكامها ومقتضياتها.
وتستعمل كلمة قانون كذلك للدلالة على فرع معين فروع القانون الوضعي، فيقال القانون الجنائي والقانون المدني...، بـحيث يقصد به في هذا المعنى مجموع القواعد القانونية التي تنظم نشاطا معينا من أنشطة الأفراد في المجتمع، كالنشاط التجاري، والنشاط المدني. وقد تستعمل كلمة قانون بمعنى أضيق من المعاني السابقة، فيقصد بها التشريع الصادر عن السلطة التشريعية.
وما يهمنا نحن في هذا المحور المتعلق بتعريف القانون هو التعريف العام، أي القانون كمجموعة من القواعد القانونية التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع، والتي تحملهم السلطات العامة على احترامها بتوقيع الجزاء على مخالفيها.
من هذا التعريف يظهر أن القاعدة القانونية هي الوحدة أو الخلية الأساسية التي يتكون منها القانون، مما يجعل من تحديد معنى أو خصائص القاعدة القانونية تحديدا لمعنى القانون أو خصائصه.
المبحث الأول : خصائص القاعدة القانونية
من خلال التعاريف السالفة الذكر يتبين لنا أن القاعدة القانونية تقوم على الخصائص التالية:
- القاعدة القانونية قاعدة سلوكية
- القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية
- القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة
- القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
المطلب الأول : القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية
لا يمكن تصور وجود القانون إلا بوجود الجماعة، فالفرد الذي يعيش منعزلا عن الجماعة وليست له علاقات اجتماعية مع محيطه الخارجي، لا يكون في حاجة إلى القواعد القانونية.
فالقانون ظاهرة اجتماعية ينشأ لكي ينظم الروابط الاجتماعية والعلاقات التي تربط بين الأفراد في مختلف مظاهرها، فقد ينظم حياة الإنسان الأسرية وأحواله الشخصية كالزواج والطلاق والميراث والنسب... وقد ينظم معاملاته المالية، كالبيع والرهن والشراء... "والقانون لا يوجد في أي مجتمع إنساني، بل يلزم أن نكون بصدد مجتمع سياسي منظم يفترض وجود سلطة عليا ذات سيادة تعمل على فرض القانون واحترام تطبيقه حتى يسود الأمن والاستقرار"
والقاعدة القانونية كونها قاعدة اجتماعية لابد أن تتناول تنظيم سلوك الفرد، بحيث تتوجه بخطابها إلى الأفراد في صورة أمر أو تكليف أو منع بهدف تنظيم شؤون المجتمع وتقويم سلوكه.
-
المطلب الثاني : القاعدة القانونية قاعدة سلوكية
إذا كان القانون ينظم الروابط والعلاقات الاجتماعية في المجتمع فإن القاعدة القانونية لا يمكن لها أن تتدخل إذا لم يكن هناك مظهر خارجي لسلوك الفرد، لأن القانون لا يهتم بالنوايا والمشاعر طالما أنها لم تترجم إلى سلوك في العالم الخارجي، فما دام الإنسان يحترم القانون في سلوكه الظاهر، فلا شأن للقانون به.
فمجرد عزم الشخص على ارتكاب جريمة القتل أو جريمة السرقة أو جريمة الاغتصاب لا يحول هذا العزم إلى جريمة، تفرض تدخل القانون إلى القبض على المجرم لمحاكمته على عزمه هذا. فطالما لم يتحول ذلك العزم أو النية إلى مظهر خارجي، فإن ذلك السلوك وتلك النية تخرج من دائرة اهتمام القانون، وكلما تحولت النية إلى مظهر خارجي إلا ويتدخل القانون.
إلا أن ذلك لا يعني أن النية والشعور الداخلي لا يعتد بهما القانون، فكلما اقترنت النية بسلوك خارجي وإلا يأخذها القانون بعين الاعتبار.
فإذا عزم الشخص على قتل شخص آخر دون أن ينفذ ما عزم عليه، فإن القانون لا يتدخل في ذلك، أما إذا اقترن هذا العزم بسلوك خارجي وارتكب الشخص فعلا جريمة القتل، فإن تلك الجريمة تكيف على أنها جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد وعقوبتها الإعدام، بحيث في هذه الحالة يتم البحث في نية القاتل.
المطلب الثالث : القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة
يستفاد من خاصية العموم والتجريد في القاعدة القانونية، أن القاعدة القانونية لا تخاطب شخصا معينا بذاتهه أو تتناول حالة أوواقعة معينة بذاتها، بل أن القاعدة القانونية تحدد الشروط والمواصفات التي يجب أن تتوفر في الأشخاص المخاطبين بحكمها، وتتناول الشروط والمواصفات التي يجب أن تتوفر في الحالة أو الواقعة التي تنظمها.
ولا يعني عموم القاعدة القانونية أن تخاطب جميع الناس والأفراد، فقد تخاطب القاعدة القانونية فئة معينة من الأفراد كفئة التجار أوفئة الحرفيين أو فئة رجال التعليم، وقد تضيق هذه الفئة وتخاطب شخصا واحدا كمؤسسة الملك أو مؤسسة الوزير الأول، فهذه القواعد لا تخاطب هؤلاء الأشخاص لذواتهم بل بصفاتهم وللمراكز القانونية التي يشغلونها.
والمقصود بأن القاعدة القانونية قاعدة مجردة، أن المشرع عند صياغته للقاعدة القانونية من الناحية الفنية لم يضعها لتنطبق على شخص معين أو واقعة محددة ، وإنما وضعها بطريقة مجردة عن الإعتداد بأي شخص معين أوبأي واقعة محددة.
المطلب الرابع : القاعدة القانونية قاعدة ملزمة
"لابد أن يصاحب القواعد القانونية جزاء يوقع على من يخالفها أو من يخرج على حكمها، وهذا الجزاء هو الذي يحمل الأفراد على احترامها. والجزاء توقعه السلطة العامة جبرا على من يخالف القاعدة القانونية
ويتخذ الجزاء صورا متعددة تختلف باختلاف الفرع الذي تنتمي إليه القاعدة القانونية التي تمت مخالفتها، بحيث نجد الجزاء الجنائي والجزاء المدني والجزاء الإداري.
1 – الجزاء المدني : يتمثل في عقوبة توقع على المخالف للأحكام القاعدة القانونية، وهذه العقوبة قد تكون مالية كالغرامة، وقد تكون بدنية كالحبس والسجن والإعدام، وتحدد العقوبة حسب جسامة الجريمة المرتكبة هل هي جناية أو جنحة أو مخالفة.
2 – الجزاء المدني : ويتخذ صورا مختلفة، فقد يكون التنفيذ عينيا بإجبار المدين على ما التزم به عينا كتسليم الشيء المبيع إلى المشتري. وقد يكون التنفيذ بمقابل أي عن طريق التعويض كحالة امتناع فنان على إتمام عمله الفني الذي التزم به.
3 – الجزاء الإداري : هو الجزاء الذي يترتب على مخالفة قواعد القانون الإداري وذلك بسبب إهمال الموظف في أداء عمله أو انقطاعه عنه بدون عذر. هذا الجزاء قد يتمثل في الخصم من المرتب أو الحرمان من الترقية أو القهقرة من الرتبة، وقد تصل العقوبة التأديبية إلى درجة الفصل من العمل مع الحرمان من المعاش، وقد تكون العقوبة مجرد إنذار أو توبيخ توجه إلى الموظف المخالف لأحكام قانون الوظيفة العمومية.
وقد يتمثل الجزاء كذلك في إلغاء القرار الإداري المخالف للقانون، كما لو صدر هذا القرار مشوبا بإساءة استعمال السلطة أو بعيب عدم الإختصاص أو بعيب الشكل أو السبب...إلخ
إن الخصائص الأربعة السالفة الذكر هي التي تميز القاعدة القانونية عن غيرها من القواعد الاجتماعية الأخرى.
المبحث الثاني : القاعدة القانونية والقواعد الاجتماعية الأخرى
ليس القانون وحده هو الذي ينظم العلاقات الاجتماعية بل هناك قواعد اجتماعية أخرى يتسع نطاق تدخلها ويضيق حسب طبيعة هذه القواعد، بحيث نجد في هذا الإطار قواعد المجاملات والعادات وقواعد الأخلاق والقواعد الدينية.
وإذا كانت هذه القواعد تشترك مع القواعد القانونية في العمومية والتجريد والصفة الاجتماعية، إلا أن هناك مجموعة من الفوارق بين هذه القواعد والقاعدة القانونية.
المطلب الأول : القانون وقواعد المجاملات والعادات
توجد في كل مجتمع قواعد سلوك تعارف عليها الناس وتوارثوها جيلا بعد جيل، بحيث تعتبر من تقاليد ذلك المجتمع، ومن هذه القواعد ما تقضي به المجاملات كالعزاء عند الموت والتهنئة في المناسبات السعيدة، ومنها ما يعتاد عليه الناس من واجب السلام والتحية، وطريقة الأكل وما يرتدونه من ملابس.
والفارق الجوهري بين القاعدة القانونية وقواعد العادات والمجاملات هو أن القاعدة القانونية ملزمة، وتقترن بالجزاء المادي الذي يوقع جبرا بواسطة السلطة العامة على من يخالفها، أما جزاء مخالفة قواعد العادات والمجاملات، فهو مجرد رد فعل لدى الأفراد الآخرين، مثل غضب الصديق من صديقه أو المعاملة بالمثل أو النظر إلى المخالفة نظرة اشمئزاز أو غير ذلك دون أن يكون في الإمكان الإلتجاء إلى السلطات العامة لتوقيع الجزاء.
المطلب الثاني : القانون وقواعد الأخلاق
يقصد بالقواعد الأخلاقية مجموع المبادئ والقيم التي تترسخ في ضمير ووجدان المجتمع، فتصبح مثالا للسلوك الواجب الاتباع، وتظهر هذه المثل على شكل قواعد تحض على فعل الخير، كمساعدة الضعفاء والإحسان إلى الفقراء، والوفاء بالوعود والصدق في القول، وتوصي إيضا بالامتناع عن الشر، كالإمتناع عن الإعتداء على نفس الغير أو على ماله أو على عرضه أو سمعته.
ويتم التمييز بين القواعد الأخلاقية والقواعد القانونية من عدة نواح : من حيث الغرض والنطاق والجزاء.
1 – من حيث الغرض : يهدف القانون إلى غاية نفعية هي حفظ النظام في المجتمع واستقراره، أما قواعد الأخلاق فغايتها مثالية تنزع بالفرد نحو الكمال بـحضها على إتيان الخير ونوفورها من الرذائل.
2– من حيث النطاق : يلاحظ أن دائرة الأخلاق أوسع نطاقا من دائرة القانون، ذلك أن القانون يقتصر على تنظيم العلاقات ذات التأثير المباشر على حياة المجتمع، بحيث تنظم علاقة الفرد مع غيره، في حين أن القواعد الأخلاقية فتنظم علاقة الإنسان مع غيره وعلاقته مع نفسه.
3 – من حيث الجزاء : نلاحظ أن جزاء مخالفة أحكام القاعدة القانونية هو جزاء مادي توقعه السلطة العامة في الدولة، كالغرامة والحبس والحجز على أموال المدين، أما الجزاء في القاعدة الأخلاقية فهو جزاء معنوي يتمثل في تأنيب الضمير من قبل المخالف واستنكار المجتمع لسلوكه.
المطلب الثالث : القانون والقواعد الدينية
الدين هو مجموعة القواعد التي يعتقد الناس أنها منزلة من الله سبحانه وتعالى عن طريق رسله، وهذا هو شأن الأديان السماوية كما أن لفظ الدين يشمل الأديان غير السماوية.
وتتناول القواعد الدينية بالتنظيم ثلاث أمور :
علاقة الإنسان مع ربه وتسمى هذه القواعد بأحكام العبادات. علاقة الإنسان مع نفسه، وتسمى قواعد هذه العلاقة بقواعد الأخلاق الشخصية. علاقة الإنسان مع غيره، كعلاقات البيع والاتجار والاقتراض، وتسمى قواعدها بقواعد المعاملات.وفي هذا المجال تتقارب القواعد القانونية مع القواعد الدينية.
فالقواعد الدينية أوسع نطاقا من القواعد القانونية لأنها تنظم علاقة ثلاثية الأبعاد، كما تختلف عنها من حيث المصدر ومن ناحية الجزاء.
1 – من ناحية المصدر : إن مصدر القاعدة القانونية مصدر سماوي أوقوة عليا غير منظورة، في حين أن القاعدة القانونية هي من صنع البشر أي أنها قواعد وضعية.
2 – من حيث الجزاء : الجزاء في القاعدة الدينية جزاء أخروي يوقعه الله على المخالف، أما الجزاء في القاعدة القانونية هو جزاء مادي توقعه السلطة العامة التي يناط بها تنفيذ القانون والعمل على احترامه.
المواضيع المتشابهه:
المفضلات