تشغل قواعد القانون الدولي مكاناً هاما من مجموعة القواعد القانونية للمجتمع الإنساني بل وهي تحتل في رأي الكثيرين مكان الصدارة في هذه المجموعة وذلك لخطورة المسائل التي تعني بها بالنسبة للجماعات البشرية المختلفة لذا فتحديد مركز هذه القواعد داخل نطاق النظام القانوني لمختلف الجماعات البشرية هو إذا من اولى المسائل التي يتعين على المشتغل بالقانون الدولي الإلمام بها وباتباع التفريع التقليدي للنظام القانوني الذي تسير عليه أية جماعة بشرية منظمة نجد هذا النظام يتفرع إلى فرعين رئيسيين : قانون داخلي وقانون خارجي .

فالقانون الداخلي ويطلق عليه أيضا اسم القانون الوطني هو الذي ينظم نشاط كل دولة داخل إقليمها وهو بدوره ينقسم إلى قسمين القانون الداخلي الخاص ويمثل مجموعة القواعد المنظمة لعلاقة الفرد بالفرد ويشمل القانون المدني والقانون التجاري وفروعهما والقانون الداخلي العام وهو ما ينظم السلطات العامة للدولة
في علاقاتها ببعضها وعلاقاتها بالأفراد
أما القانون الخارجي فهو الذي ينظم علاقة الدولة بغيرها من الدول ويحكم تصرفاتها في المحيط الخارجي أو الدولي ومن هنا أطلق عليه اسم القانون الدولي فالدولة بين جماعة الدول كالفرد بين باقي أبناء جنسه فكما أن الإنسان في حاجة دائما إلى التعاون مع اخية الإنسان حتى تسهل عليه سبيل المعيشة
وعلى ذلك يمكن تعريف القانون الدولي بأنه :" مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول وتحدد حقوق كل منها وواجباتها " .
- التمييز بين قواعد القانون الدولي وبين غيره :-
من المعروف أن ما ينشأ من علاقات متباينة بين الكائنات المكونة لمجتمع معين - دوليا كان أو غير دولي - لا يخضع لقواعد السلوك الملزمة المقترنة بالجزاء الدنيوي المعروفة

اصطلاحاً باسم قواعد القانون فحسب بل يخضع أيضاً لأنواع اخرى عديدة من قواعد السلوك الاجتماعي المتميزة في طبيعتها - عن قواعد القانون ويكمن معيار التفرقة بين القاعدة القانونية الوضعية وما قد يشتبه بها من قواعد اجتماعية أخرى في توافر أو انتفاء عنصر الإلزام المرتكز على اقتران القاعدة بالجزاء
أ = قواعد المجاملات الدولية :-
يقصد بها مجموعة القواعد التي جرت الدول على اتباعها فيما رغبة في توثيق علاقاتها وإظهاراً لودها وحسن نيتها وحرصها على اعتبارات اللياقة، دون إن يجبرها على ذلك الزام قانون أو اعتبار اخلاقي ودون إن يكون لهذا القواعد أية علاقة بالعدالة كمثل أعلى لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات في المجتمع ومن اهم الامثلة لهذه القواعد التحية البحرية وقد كانت الامتيازات

والحصانات الدبلوماسية من قواعد المجاملات الدولية وكذلك قبل دخولها في إطار القانون الدولي الوضعي .
هذا ويلاحظ أن الصلة بين قواعد المجاملات الدولية والقواعد القانونية الوضعية ليست منبتة فقد تتحول قاعدة المجاملة إلى قاعدة دولة وضعية بالمعنى الصحيح إذا ما اكتسب وصف الالزام القانوني من إحدى مصادره ( كالعرف أو الاتفاق أو القرار الصادر من إحدى المنظمات الدولية في حدود اختصاصها كما قد تتحول القاعدة الدولية الملزمة إلى مجرد قاعدة من قواعد المجاملات إذا ما فقدت وصف الإلزام القانوني نتيجة نسخها
وتعتبر القواعد القانونية المحددة للامتيازات والحصانات الدبلوماسية من اهم الامثلة لقواع المجاملات الدولية التى تبناها القانون الدولي الوضوعي .
ب= قواعد الأخلاق الدولية :-
يقصد بها مجموعة القواعد التي يتعين على الدول إتباعها وفقا لمعايير الأخلاق الفاضلة والمروة والشهامة لا وفقا لاعتبارات الإلزام القانوني وتتميز هذه القواعد عن قواعد المجاملات الدولية بأنها ملزمة خلقا وإن لم تكن ملزمة قانونا بينما لا تتصف قواعد المجاملات بأي الزام سواء من وجهة النظر القانونية أو الأخلاقية .
هذا ومن اوضح الامثلة لقواعد الأخلاق الدولية تلك التي تلزم الدول بتقديم المعونة لمن يتعرض منها للمجاعات أو الأوبئة أو لكوارث طبيعية مثل الزلازل والفيضانات والبراكين .
ج = قواعد القانون الدولي الطبيعي :-
يقصد بها مجموعة القواعد التي يحسن بجماعة الدول اتباعها والالتزام بها تحقيقا للعدالة باعتبارها الوضع الطبيعي والمنطقي لما يتعين إن تكون عليه العلاقات بين أعضاء المجتمع الواحد
ويتضح من هذا التعريف إن القانون الدولي الطبيعي أن هو إلا تصور مثالي لما ينبغي إن تكون عليه حال القواعد المنظمة للعلاقات في المجتمع الدولي كي يعلو صوت الحق وتسود العدالة أما القانون الدولي الوضعي فتعبير واقعي عن حقائق الحياة الدولية وما تفرضه من أوضاع وأحكام بصرف النظر عن اتفاقها أو اتفاقها مع اعتبارات العدالة .
- التمييز بين القانون الدولي والقانون الدولي الخاص :-
ينصرف اصطلاح القانون الدولي الخاص إلى مجموعة القواعد القانونية المبينة للقانون الوطني واجب التطبيق في حالة قيام علاقة قانونية تشتمل على عنصر ينتمي إلى دولة غير دولة القاضي المعروض امامه النزاع سواء تعلق هذا العنصر الاجنبي بأحد أطراف العلاقة أو بموضوعها أو بمكان نشأتها فإذا كان من المسلم به إن القاضي الوطني لابد وان يطبق قانون دولته في حالة تعرضه الفصل في نزاع متعلق بعلاقة قانونية وطنية بحتة لا تشتمل على أي عنصر أجنبي ( عقد بيع عقار واقع في اقليم الدولة ابرم في أحد مدنها بين مانع ومشتر يتمتع كل منهما بجنسيتها ) فإن البحث يثور حول تحديد القانون الوطني واجب التطبيق في حالة اشتمال العلاقة القانونية على عنصر أجنبي بالنسبة للقاضي سواء تعلق هذا العنصر بمكان نشأة العلاقة ( ابرام عقد البيع السابق موضوع البيع في دولة غير دولة القاضي ) أو بموضوعها ( وقوع العقار موضوع البيع في دولة غير دولة القاضي ) أو بأحد أطرافها ( تمتع البائع أو المشتري بجنسية دولة غير دولة القاضي ) وتعرف القواعد المبينة للقانون الوطني واجب التطبيق في مثل هذه الحالة بقواعد تنازع القوانين وهي الموضوع الأساسي للقانون الدولي الخاص .
قد ثار الخلاف في الفقه حول تحديد طبيعة العلاقة التي تربط ما بين القانون الدولي الخاص والقانون الدولي العام فبينما أتجه فريق لا يستهان به من الفقهاء إلى إنكار قيام أي علاقة كانت بين هذين القانونين وإلى القول بان القانون الدولي الخاص ليس سوى مجرد فرع من فروع القانون الداخلي اتجه فريق أخر إلى القول بان علاقة القانون الدولي الخاص بالقانون الدولي العام هي في حقيقتها علاقة الفرع بالأصل وإلى إن قواعد تنازع القوانين ليست في واقع الأمر سوى قواعد دولية بالمعنى الدقيق مهمتها فض ما قد يثور من نزاع بين السيادات المختلفة في تحديد القانون واجب التطبيق على علاقة تشتمل على عناصر تتعلق بأكثر من سيادة واحدة .


المواضيع المتشابهه: