يستمد الفقه الإسلامية احكامه من مصادر متعددة وهي التي تعرف بالأدلة ذلك أن احكامه إما أن تكون مستقاة من دليل صريح قطعي الثبوت والدلالة قرآنا وسنة متواترة أو تكون مستقاة من غير نص لكن المجتهدين في عصر من العصور أجمعوا عليها .
وهذه الأدلة على سبيل الإجمال :-
( - الكتاب
والسنة
- والإجماع
- قول الصحابي
- القياس والاستحسان
- والمصلحة المرسلة
- العرف
- الشرائع السابقة
- الاستصحاب )

- الكتاب الكريم كاحد الادلة :-
تعريفه وحجيته :-
القرآن : هو كتاب الله المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول الينا عنه نقلا متواترا بلا شبهة وهو عمدة الشريعة وأصل أدلتها جعله الله معجزة رسوله الكبرى .
والقرآن الكريم ، أو الكتاب العزيز أو الذكر الحكيم

أو الفرقان كلها أسماء لهذا الكتاب العظيم وقد جاءت الآيات البينات صريحة بهذه المعاني يقول الله تعالى :" وأنه لقرآن كريم في كتاب مكنون" ويقول :" أنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد" . ويقول :" تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعاملين نذيراً " .
ولا خلاف بين المسلمين في أن القرآن حجة على الجميع لأنه كتاب الله تعالى وقد ثبت هذا بإعجازه وعليه وجب اتباعه من قبل الجميع فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أن يبين للناس شأن القرآن وأنه فوق أن ينال بالمعارضة لخروجه عن الطاقة البشرية في قوله تعالى :" قل لئن اجتمعت الأنس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً " .
ولكن الكافرين أصروا على اتهام الرسول بالافتراء فأمر أن

يتحداهم في قوله تعالى :" أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وأدعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " وأني لهم ذلك .
فلما تبين عجزهم أطلق لهم العنان وتنازل عن أهم نواحي الإعجاز وطالبهم بعشرة سور مثله مفتريات تماثلة في النظم فقط فلا بيان فيها لحقيقة ولاهداية لضال قال تعالى :" أم يقولون افتراء قل فأتوا بعشرة سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " فعجزوا أيضاً .
هذا التحدي كله وقع في مكة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أعادة الكرة فتحداهم مؤكداً عجزهم في قوله تعالى :" وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي

وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين " .
خواص القرآن الكريم :-
أولاً : أنه كلام الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وعلى هذا لا تعتبر من القرآن الكتب السماوية الأخرى كالتوراة والإنجيل لأنها لم تنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك الأحاديث القدسية والأحاديث النبوية وغيرها .
ثانياً : أنه نقل إلينا بالتواتر أي أن القرآن نقله قوم لا يتوهم اجتماعهم وتواطؤهم على الكذب لكثرة عددهم وتباين أمكنتهم عن قوم مثلهم وهكذا إلى أن يتصل النقل برسول الله صلى الله عليه وسلم فيكون أول النقل كآخره وأوسطه كطرفية .
ثالثا : أن كلمات القرآن نفسها ومعانيه من عند الله وليس للرسول إلا تبليغها إلى الناس كما تلقاها من الله سبحانه بطريق الوحي ولا تجوز روايته بالمعنى .
وبذلك يتميز القرآن عن جميع الأحاديث سواء أكانت أحاديث قدسية أم أحاديث نبوية فكلها من تعبير الرسول وألفاظها من كلامه الذي عبر به عن المعاني التي ألهمه الله إياها وأوحى اليه بها فلفظ القرآن ومعناه من عند الله تعالى ، أما الحديث فإن معناه من الله ولفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم .
والحديث القدسي هو الحديث الذي يبلغه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه مصرحاً بنسبة اليه جل شأنه مثل قوله عليه الصلاة والسلام يقول الله تعالى :" أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها إسماً من أسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته" سمي قدسياً لإضافته إلى الذات العلية المقدسة تمييزاً له عن الحديث النبوي الذي يجئ على لسان النبي صلى الله عليه وسلم .
رابعا : أن القرآن قد نزل على الرسول بألفاظ وأساليب عربية قال تعالى :" إنا جعلناه قرآنا عربياً " وقال :" كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون " ويقول :" لتكونن من المنذرين بلسان عربي مبين" ويقول :" ولو جعلناه قرآنا أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي " .
وعلى هذا لا تعتبر ترجمة القرآن إلى غير العربية قرآنا ولا تثبت لها أحكامه ذلك أن اسر إعجاز القرآن أنما يكمن فيما أنزله الله بلفظه ومعناه ومن هنا لا تصح الصلاة بهذه الترجمة لأن الله أوجب في الصلاة قراءة القرآن والترجمة ليست قرآنا وقد أجمع العلماء على عدم صحة الصلاة بغير القرآن .
خامساً : إنه محفوظ من الزيادة والنقصان لقوله تعالى :" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فلا نقص ولا زيادة ولن يستطيع مخلوق مهما كان أن يزيد عليه شيئاً أو ينقص منه شيئا لأن الله تعالى تولى حفظه وما تولى الله حفظه فلم تصل إليه أيدي العابثين المفسدين .
سادساً : أنه معجزة ومعنى ذلك عجز البشر أجمعين عن الاتيان بمثله وقد ثبت إعجازه بتحدي القرآن للعرب المخالفين من أن يأتوا بمثله فعجزوا ثم تحداهم بعشرة سور فعجزوا ثم تحداهم بسورة واحدة فعجزوا .
وجوه أعجاز القرآن الكريم :-
أولاً : الإعجاز اللغوي :-
المتمثل في بلاغة القرآن وفصاحته وجمعه بين النظام الرائع والمعاني السامية وقوة تأثيره في الأرواح والنفوس وسهولة حفظه وخفته على اللسان واشتماله على أساليب متعدة تختلف باختلاف المقامات والأحوال فكانت الآيات المكية قصيرة تصخ الجنان وتصدع الوجدان وكانت الآيات المدنية طويلة مسهبة لبيان الأحكام يشتد في موضع التخويف والتهديد والترهيب فيكون كالقارعة تهز المشاعر والحواس من ذلك قوله تعالى :" يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " والقارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش" خذوه فغلوه ، ثم الجحيم صلوه، ثم سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه ويلين ويرق في موضع الترغيب والرحمة والرفق .كما فى قوله تعالى " وجوه يومئذ ناعمة ، لسعيها راضية ، فجنة عالية ، لا تسمع فيها لاغية ، فيها عين جارية ، فيها سرر مرفوعة ، واكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابى مبثوثة " .
وبالتأمل في آيات الله المباركات يثبت لك أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة والغرابة والتصرف البديع والمعاني اللطيفة والفوائد الغزيرة والحكم الكثيرة والتناسب في البلاغة والتشابه في البراعة على هذا القول وعلى هذا القدر وإنما تنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة وألفاظ قليلة وإلى شاعرهم قصائد محصورة يقع فيها الاختلال والاختلاف لأن كلام الآدمي إن أمتد وقع فيه التفاوت .
ثانياً : اخبار القرآن بأمور مستقبلية جاءت كما نطق :-
من ذلك وعده المؤمنين بالنصر في غزوة بدر الكبرى في قوله تعالى :" إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم" وتحقق ذلك النصر كما أخبر القرآن . ومن ذلك وعده لهم بفتح مكة في قوله تعالى :" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون " .
ومن ذلك أخباره بانتصار الروم على الفرس بعد أن كان الفرس غالبين وذلك في قوله تعالى :" الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ،لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله " .
ومن ذلك أخباره بضرب الذلة على أشرار اليهود في جميع الأزمان إلى يوم القيامة وأنها لا ترتفع عنهم إلا بحبل من الله وحبل من الناس ارتفاعاً جزئياً ونسبيا موقوتاً بإرادة الله وحكمته وبما يقدمه لهم الناس من معونات وقتية يقول الله تعالى :" ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس "
ثالثا : إخبار القرآن بحوادث ماضية في القرآن الخالية :-
جاء القرآن بقصص الأولين وسير المتقدمين في الزمن الغابر السحيق فقد قص أخبار عاد وقوم لوط وأخبار موسى وفرعون وغيرهم ومن الممتع عقلا على الصادق الأمين الذي لم يقف على الأخبار ولم يشتغل بدراسة التاريخ أن يسجل هذه الوقائع التاريخية التي حدثت في الماضي البعيد على الرغم من أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يخرج من مكة إلا في رحلة الشام للتجارة .
قال تعالى :" تلك من أنباء الغيب نوحيها اليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فأصبر إن العاقبة للمتقين " . ولكن المشركين حاولوا عنادا التشكيك في بنوة الرسول صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته فقالوا :" أنما يعلمه بشر هو فتى أعجمي كان لا يجيد العربية وليس له علم بحوادث التاريخ الماضية فرد عليهم القرآن بقوله :" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون اليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين " .
رابعاً:- اشتمال القرآن على الأسرار الكونية والحقائق العلمية :-
التي لا يزال العلم يكشف كل يوم منها جديداً يقطع بأن هذا القرآن من عند الله الذي أحاط بكل شيء علما وليس من عند أحد من الناس فإن هذه الحقائق العلمية لم تكن معروفة لأحد قديما حتى توصل إليها العلماء والباحثون في العصور التالية وكان في القرآن ما يشير إليها ويلفت الأنظار إلى معرفتها .
ومن الثابت أن القرآن قد نزل قبل ما يسمونه عصر النهضة بقرون طويلة ولكن أحدا من فلاسفة البشرية أو عباقرتها أو علمائها لم يستطيع على مر القرون الطوال إبطال شيء مما جاء في القرآن رغم كل هذا التقدم المذهل في العلم .
وحتى تتضح الصورة تماماً نعرض لبضع الحقائق العلمية كما وردت في آيات الكتاب العزيز :-
1- أخبر القرآن الكريم أن السموات والأرض كانتا شيئاً واحدا ثم انفصلت الأرض عن السماء في قوله تعالى :" أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون " .
وفي تفسير لهذه الآية بقول ابن كثير : أو لم ير الجاحدون لإلهيته العابدون معه غيره ألم يعلموا أن الله هو المستقل بالحق المستبد بالتدبير ألم يروا أن السموات والأرض كانتا رتقا أي كان الجميع متصلا بعضه ببعض بتلاصق متراكم بعضه فوق بعض رتقا أي كان الجميع متصلا بعضه ببعض بتلاصق متراكم بعضه فوق بعض في ابتداء الأمر ففتق هذه من هذه فجعل السموات سبعا والأرض سبعا وفصل بين السماء والأرض بالهواء فأمطرت السماء وأنبتت الأرض . ( ولقد اثبت البحوث العلمية ذلك )
2- كما أخبر القرآن عن مراحل تكوني الإنسان في بطن أمه في قوله تعالى :" خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين".
يذكر ابن كثير ما ذكره الإمام أحمد في مسنده بسنده قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح وقد أثبتت الدراسات العلمية صدق ما جاء في القرآن .
3- ومن ذلك ما أرشد إليه القرآن من اختلاف بصمات أصابع الناس في قوله تعالى :" أيحسب الإنسان أن لن يجمع عظامه بلى قادرون على أن نسوي بنانه " .
وقد سبق القرآن الكريم بما قرر ما ادعاه أصحاب النظريات الحديثة في الكشف عن الجريمة حيث ذهبوا إلى القول بأنهم أول من اكتشفوا نظرية البصمات وهو ادعاء مردود بما جاء في كتاب الله تعالى في الآيتين السابقتين .
روي أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم فيقال له هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول كذبوا فيقول أهلك وعشيرتك فيقول كذبوا فيقول أتحلفون فيحلفون ثم يصمهم الله وتشهد ألسنتهم ثم يدلهم النار .
4- ومن أكبر تحديات القرآن الكريم أن اختيار كلمة بعينها يجعل من المستحيل أن يحل غيرها محلها وأن كل جيل يفهم هذه الكلمة على قدر ما وصل إليه من علم ومعرفة بحيث يكون هذا المفهوم صحيحا على ضوء قواعد اللغة وبالشرع والعقل .
أنظر مثلا إلى كلمة دحاها في قوله تعالى :" والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها" نجد أن كلمة " دحاها" تأتي بمعنى بسط ووسع وتأتي بمعنى نزع ونثر يقال : دحا المطر الحصى عن وجه الأرض بمعنى نزعه ونثره وتأتي أيضاً بمعنى دفع .
وما قاله علماء التفسير لا يخرج في جملته عن هذا المعنى اللغوي إلا أن ابن كثير ذكر في تفسيره ان الله شرح لنا معنى " دحاها " بقوله جل شأنه " أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها" أي أنه سبحانه أخرج من الأرض الماء والمرعى وشقق فيها الأنهار وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والأكمام فذلك قوله :" والأرض بعد ذلك دحاها" .
وهذه الآية الكريمة تطابق مطابقة عجيبة أحدث الكشوف العلمية وهو نظيرة تباعد القارات أو انتشارها ومضمون هذه النظرية أن جميع القارات كانت في وقت من الأوقات أجزاء متصلة ثم أنشقت وبدأت تنقذف وتنتشر بحيث وجدت قارات تحول دونها بحار واسعة .
5- اشتمال القرآن على الشريعة الإسلامية التي تنظم أحكامها جميع العلاقات الإنسانية تنظيما دقيقا محكما يحقق خير الناس وصلاحهم والتي جاءت بمبادئ أساسية في ذلك كانت نبراسا استضاء به العلماء والمشرعون فإن هذه التشريعات القرآنية غير المسبوقة لا يمكن أن تكون من وضع بشر .
ذلك أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم جاء إلى قوم لم يكن فيهم قانون تنظيم ولا نظام للأسرة أو للتعامل قائم بل كان السائد هو نظام العشائر المبني على التقاليد والعادات الاجتماعية فجاء محمد صلى الله عليه وسلم بقانون منظم للعلاقات بين الدول والعلاقات بين الآحاد وللعلاقات بين الأسرة ومنظم العلاقات بين الأبناء والآباء وبين حقوق كل طائفة أمام الأخرى .
ولكن يعرف الناس قيمة شريعة الإسلام التي جاء بها القرآن لابد من الموازنة بينها وبين القانون الروماني الذي كان يعد خير منظم قانوني عرف في العصر القديم 00فإن تلك الموازنة هي التي تبين فضل ما انزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول هذا من عند الله تعالى ويستدل على صدقة بما جاء فيه . وإن هذه الموازنة تضع أيدينا تضع أيدينا على حقائق في التقنين لم تكن معروفة عند الرومان ولا من جاء بعدهم بل لم تعرف في عصرنا الحاضر إلا أخيرا فالشريعة القرآنية :-
1- سوت بين الأجناس ولم تحمل حكما يسري على عربي وآخر يسري على الأعجمي .
2- أعلنت الحرية الكاملة لكل من بلغ سن الرشد لا فرق بين ذكر وأنثى .
3- عاملت المدينين بارفق معاملة إذا عجزوا عن سداد الدين .
4- عاملت الرقيق أرفق معاملة وضيقت نظام الرق ووسعت نطاق العتق واعتبرت الرق الإنساني نظاماً استثنائيا ولذا لم ينص عليه في القرآن وأنما الذي نص عليه في هذا هو العتق .
5- أعطت المرأة حقوقها كاملة وجعلت ماليتها في الأسرة مفصولة عن مالية الزوج وقامت المواريث على نظام لم يصل إلى مثله أي قانون في العالم إلى اليوم والقانونيون الغربيون يعترفون بأنه أمثل نظام عرف .

وقد جاء كل هذا على لسان أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يعلم أحد أن هذه الأحكام جاءت في قانون قبله وإذا كان القانون الروماني قد كان نتيجة تجارب منذ نحو ثلاثة عشر قرنا .
وإذا كان الأمر كذلك وهو حق وجب علينا أن نتعرض لطبيعة التشريعات القرأنية كأقوى وجه من وجوه إعجاز القرآن وقد وجدنا أن هذه التشريعات القرآنية تتسم بما يأتي :-
1- لا تتجاوز آيات الأحكام في القرآن من حيث العدد خمسمائة أية في تقدير عدد كبير من العلماء أما من حيث الموضوعات التي تتناولها هذه الآيات فتتنوع تنوعاً كبيرا حيث يشمل تنظيم علاقة الفرد بالخالق وعلاقة الفرد بغيره داخل الأسرة الزواج والطلاق والنسب والتبني وعلاقة الفرد بغيره في المجتمع المعاملات وعلاقة الفرد بالدولة والدولة بغيرها من الدول في أحوال السلم والحرب .
2- تتسم هذه الأحكام التي تناولها القرآن بالعموم والشمول لكل ما يحتاجه المسلم في حياته وفق ما يريده الشارع وهذا هو معنى قوله تعالى :" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقوله :" ما فرطنا في الكتاب من شيء " .
3- ومما يميز آيات الأحكام من ناحية الصياغة الإيجاز الشديد مع توافر الدقة الوضوح ولذا اجتهد الفقهاء في استنباط حكم تشريعي من إيثار القرآن استخدام كلمة دون غيرها أو حرف أو إسناد فعل إلى فاعل أو غير ذلك مما لا يلتفت إليه كبار المتخصصين إلا بمشقة بالغة من ذلك مثلا أن الفقهاء استنتجوا وجوب تمليك المستحقين للزكاة أنصباءهم بقوله تعالى :" أنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها " إذا تفيد اللام معنى التمليك فإنه لا يحق للمزكي طبقاً لهذا الرأي إنشاء مصنع بأموال الزكاة على أن يكون ريعه لأصناف المستحقين إذ يشترط أن يملكوا أعيان الواجب دون منفعة ولو وجب على شخص ألف جنيه زكاة لم يجزأ أن يضعها في مشروع وينفق ريعها على المستحقين وتبرأ ذمته مما وجب عليه إلا بإخراج هذا الواجب وتمليكه إلى مستحقيه .
4- وأيضاً تتميز آيات الأحكام بالتركيز على القواعد الكلية التي تندرج تحتها التفصيلات والفروع ومن ذلك التعبير عن مبدا حرية التعاقد ووجوب الوفاء بالعقد بقوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " والتعبير عن حفظ حقوق الملكية بقوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم .
وقد ترتب على هذه الطريقة في الصياغة عدة نتائج منها .:*-
- الحفاظ على ما هو ثابت فيما تقضيه الحياة الإنسانية من مبادئ لا تقبل التغيير كحرمة الملكية الخاصة ووجوب الوفاء بالعهود ومنع الضرر .
- إفساح المجال أما التغيير في تفصيلات الحياة الاجتماعية المتغيرة كإلحاق مستحدثات التعامل بما يلائمها من القواعد.
- تحققت للنظام التشريعي الإسلامي هذه المرونة التي اكتسبها في التطبيق العلمي في ظروف زمانية ومكانية بالغة التعقيد والتنوع بفضل التركيز في الصياغة على القواعد الكلية وفتح الباب للاجتهاد في مواجهة الظروف المتغيرة والإفادة من الخبرة الإنسانية وتطور التفكير .

ولا يفوتنا في هذا المقام ونحن نتحدث عن التشريع القرآني أن نشير إلى أن القرآن لم يعمد إلى أسلوب الهدم الكامل للأوضاع الاجتماعات السائدة في المجتمعات الإنسانية عند نزوله وإنما اتبع أسلوبا مزدوجاً من الإقرار للأوضاع الاجتماعية التي لا تتناقض مع الأصول الأخلاقية والاعتقادية التي ألزم بها اتباعه من جهة والهدم للأعراف التي تتناقض مع هذه الأصول من جهة أخرى .
كما عالج القرآن موضوع انتشار الثأر في المجتمعات القبلية عن طريق إثبات الحق في القصاص وتقييد تعلق هذا الحق بالجاني المسئول مسئولية شخصية عن القتل أو الجرح وهذا هو ما تفيده قاعدة النفس بالنفس والجروح قصاص لتمنع مسئولية القبيلة أو الأسرة كلها عما يجنيه أحد أفرادها .
وليس هذا فقط ففي تشريع القرآن كثير من الأحكام التي تنظم علاقة الفرد مع ربه مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه فهناك مثلا :-
الأحكام الاعتقادية :- وهي التي تتعلق بما يجب على المكلفة اعتقاد في الله وملائكته ورسله واليوم الآخر ومحل دراسة هذه الأحكام علم التوحيد .
الأحكام الخلقية :- وهي التي تتصل بالفضائل التي يجب على المكلف أن يستظل برايتها وينطوي تحت أعلامها وبالرذائل التي لابد للمكلف أن يبتعد عنها ويقلع عنها ويفر منها فرار الصحيح من الأجرب ومحل دراسة هذه الأحكام علم الأخلاق أو التصوف .
الأحكام العملية :- وهي التي تتصل بما يصدر عن المكلف من قول أو فعل أو أي تصرف من التصرفات وهذا النوع من الأحكام إما أحكام تتصل بالعبادات وهي التي تنظم علاقة الإنسان بربه كالأحكام المتعلقة بالصلاة والصوم والزكاة والحج ونحو ذلك .
وقد شرح ايضا احكاما تحكم المعاملات بين الافراد والجماعه وهى :-
الأحكام المتعلقة بالقضاء والشهادة واليمين ويقصد بها:- تنظيم إجراءات التقاضي لتحقيق العدالة بين الناس وهي التي تدخل فيما يسمى اليوم بقانون المرافعات وآبائها نحو 13 آية .
الأحكام المتعلقة بالجرائم والعقوبات:- وهي تكون القانون الجنائي الإسلامي وآياتها نحو 30 أية ويقصد بها حفظ الناس وأعراضهم وأموالهم وإشاعة الطمأنينة والاستقرار في المجتمع .
الأحكام المتعلقة بنظم الحكم ومدى علاقة الحاكم بالمحكوم وبيان حقوق وواجبات كل من الحاكم والمحكومين وهي تدخل فيما يسمى: بالقانون الدستوري .
الأحكام المتعلقة بمعاملة الدول الإسلامية للدول الأخرى:- ومدى علاقتها بها ونوع هذه العلاقة في السلم والحرب وما يترتب على ذلك من أحكام وكذلك بيان علاقة المستأمنين الأجانب مع الدولة الإسلامية وهذه الأحكام منها ما يدخل في نطاق القانون الدولي العام ومنها ما يدخل في نطاق القانون الدولي الخاص وآياتها نحو 25 آية .
الأحكام الاقتصادية:- وهي التي تتصل بتنظيم العلاقات بين الأغنياء والفقراء وبين الدولة والأفراد كتنظيم حقوق الفقراء في أموال الأغنياء وتنظيم الموارد والمصارف وآياتها نحو 10 آيات .
سادساً : ومن وجوه إعجاز القرآن أيضاً بقاؤه وخلوده محفوظاً مرتلا سرا وعلانية مصداقا لقوله تعالى :" أنا نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون " وهو أمر لم يتحقق لأي كتاب ظهر في الوجود حتى الكتب السماوية الأخرى فقد أصابها التحريف وانقطاع السند حيث لم يتكفل الله بحفظها الدائم لأنها كتب لرسالات وقتية بل وكلها إلى حفظ الناس .
وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى جوانب إعجاز القرآن الكريم فيما رواه الإمام علي قال :" سمعت رسول الله يقول أنها ستكون فتنة قلت فما المخرج منها يا رسول الله قال :" كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ فيه الأهواء ولا تشبع منه العلماء ولا تلتبس به الألسن ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الذي لم تنته الجن لما سمعته حتى قالوا إنا سمعنا قرانا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن هدي به هدى إلى صراط مستقيم " .
أساليب القرآن في بيان الأحكام :-
بالنظر في القرآن الكريم نجد أن أساليبه تتنوع في بيان الأحكام الشرعية فالواجب قد لا يعبر عنه بمادة الوجوب والمحرم قد لا يعبر عنه بمادة الحرمة بل يعبر طورا عن الواجب بصيغة الأمر بالفعل كما في قوله تعالى :" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" وقوله :" واقتلوهم حيث ثقفتوهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم " .
وتارة يدل على الوجوب بما يرتب على الفعل في الدنيا أو الآخرة من خير أما ترتب الخير على الفعل في الدنيا فمثل قوله تعالى :" ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " وقوله تعالى :" ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " .
وتارة يعبر عن المحرم بأنه شر كما في قوله تعالى :" ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خير لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة " وقوله تعالى :" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب " .
وأخرى يدل على المحرم بما يرتبه على الفعل في الأجل أو العاجل من شر مثال الأول قوله تعالى :" ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالداً فيه وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما " ومثال الثاني قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بمعروف وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم " .
من مجموع ما سبق تقرر أنه لابد للمستنبط للأحكام الشرعية من الاستعانة بما جرى عليه عرف العرب في الاستعمال ربما تشتمل عليه من وعد أو وعيد فكل فعل مدحه الله أو مدح فاعله أو أحبه أو أحب فاعله أو أقسم به أو أقسم بفاعله فهو مشترك بين الوجوب والندب .
دلالة القرآن على الأحكام :-
جميع آيات القرآن قطعية الثبوت أي ثابتة قطعاً لوصوله إلينا بطريق التواتر المفيد للعلم اليقيني بصحة المنقول فأحكامه قطعية الثبوت إلا أن دلالته على الأحكام قد تكون قطعية وقد تكون ظنية .
فتكون قطعية إذا كان اللفظ لا يحتمل إلا معنى واحد ففي هذه الحالة تكون دلالة اللفظ على الحكم دلالة قطعية مثل دلالة قوله تعالى :" ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد لكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين" وقوله تعالى :" الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " فالنصف والربع والمائة كلها قطعية الدلالة على مدلولها ولا يحتمل أي واحد منها إلا معنى واحداً فقط هو المذكور
وتكون ظنية إذا كان اللفظ يحتمل أكثر من معنى فتكون دلالة اللفظ على الحكم دلالة ظنية فقوله تعالى :" والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء " فيه كلمة القروء تحتمل أن تكون بمعنى أطهار وبمعنى حيضات وقد رجح بعض الفقهاء أنها بمعنى الحيضات ورجح آخرون أنها بمعنى الأطهار لهذا كانت دلالة النص على أحد المعنيين ظنية وإلا ما جرى الخلاف .
تفسير القرآن الكريم :-
يستعان على معرفة معاني آيات القرآن وأحكامه وبيان ما خفي منها بغيرها من الآيات الظاهرة المحكمة فخير ما يفسر القرآن هو القرآن نفسه فالقاعدة يفسر بعضه بعضاً ويوضحه أن الآية الحادية عشرة من سورة النساء قد نصت على نصيب البنات في الميراث ببيان أنه " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف" وقد جاء في آخر السورة نفسها الاية 176 تحديد نصيب الأخوات الشقيقات في الميراث بأن الاثنين من الأخوات ترثان الثلثين فاستدل الفقهاء من ذلك أن ميراث الثلثين للأخوات والبنات والوارثات بالفرض لا بالتعصيب إذا كن اثنتين أو أكثر من أثنتين حيث نصت الآية الحادية عشرة من سورة النساء على الحالة الأولى .
ومما يجب التنبيه عليه في هذا المقام أنه يجب على المفسر ومن يتعرض لكلام الله بالتوضيح والبيان أن يفهم أن للقرآن معاني ظاهرة ومعاني خفية ذلك أن الكلام العربي له معنى ظاهر بحسب الوضع اللغوي يتبادر إلى جميع الأذهان وله معن باطن يظهر عند التدبر وإطالة النظر ولا يصل إليه ذو البصيرة النافذة والعقل المستنير .
ومما يرى عن فهم المعاني واللوازم البعيدة الخفية أن ابن عباس سئل عن قوله تعالى :" إذا جاء نصر الله والفتح " فقال : إنما هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله اياه فقال عمر والله ما أعلم منها أي ما تنطوي عليه الآية إلا ما تعلم .
فقد فهم الصحابيان الجليلان هذه الآية معنى ظاهرا مطويا هو قرب وفاة الرسول بعد أن أدى رسالة ربه وهو غير معناها الظاهر وهو أمر الله له بالتسبيح وطلب المغفرة منه عندما يجئ نصره ويتحقق الفتح من عنده .
لكن يشترط للاعتداء بالمعاني الباطنة :-
1- ألا تتعارض مع المعاني الظاهرة .
2- أن يكون لها شاهد من الاستعمالات العربية
3- من مقاصد الدين ومرامية التي تتجه إلى الناس جميعا

ولذلك كان مثل تفسير بعض الباطنية لقوله تعالى :" إن الصفا والمروة من شعائر الله " بان المراد بالصفا محمد وبالمروة عليا تفسير لا يقوم عليه شاهد عربي ولا مقصد ديني ولا يتفق مع سياق الآيات .
السنة المشرفة كاحد الادلة " الاصل الثانى " :-
تعريف السنة :-
للسنة معنى في اللغة ومعنى في اصطلاح الفقهاء ومعنى عند الأصوليين .
فهي في اللغة :- عبارة عن الطريقة المعتادة المحافظة عليها التي يتكرر الفعل بموجبها ومنه قوله تعالى :" سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " وقوله صلى الله عليه وسلم :" من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها "
وقد أطلقت السنة بهذا المعنى العام على الطريقة السائدة المألوفة أيام النبي صلى الله عليه وسلم أو أيام خلفائه الراشدين من بعده وكانت تعد مصدرا للاقتداء بها في الاجتهاد الفقهي .
أما في اصطلاح الفقهاء على ما قاله البعض ما كان من العبادات ناقلة منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي ما ليس بواجب منها .
ولكن المستفاد من كتب فروع الفقه أنها تطلق على ما هو مندوب من العبادات وغيرها .
وقد تطلق كلمة السنة في كلام بعض الفقهاء على ما يقابل البدعة فيقال فلان على سنة إذا عمل وفق عمل النبي صلى الله عليه وسلم وفلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك ومن هنا وجب القاء بعض الضوء على البدعة وحكمها وأقوال الفقهاء فيها .
فهي لغة من بدع الشيء ببدعة بدعاً وابتدعه أي انشأ وبدعه والبدع والشيء الذي يكون أولاً وفي ذلك يقول تعالى :" قل ما كنت بدعا من الرسل " أي ما كنت بأول رسول .
وكلمة البدعة في الصدر الأول ما كانت تتناول في حقيقتها إلا ما هو باطل وضلال في مواجهة السنة التي هي حق وصواب ولذلك تكرر ذم السنة بصيغ العموم والشمول كما في حديثه صلى الله عليه وسلم :" أياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ".
ويختلف حكم البدعة بحسب هذين المعنيين فهي على المعنى الأول باعتبارها كل ما هو باطل فلا يسع مسلما قبولها سواء أكان من الأئمة أم العامة إذ لاخفاء أن كل اختراع في الدين لما لا دليل عليه من جهة الشرع أنما هو اغتصاب لمنصب الشارع .
أما حكم البدعة على المعنى الثاني الذي هو كل أمر جد بعد عصر النبوة فلا شك أنها تنقسم إلى محمودة ومذمومة فكل ما لم يشهد له دليل معتبر فهو بدعة مذمومة وإن أيده صاحبه بالشبهات والتأويلات وكل ما شهد له دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو استدلال بالقياس أو غيره من الأدلة التي أرشد اليها الشارع فهو حسن وإن لم يكن وجد بنفسه في عصر النبوة وعلى هذا فالبدعة بدعتان محمودة ومذمومة فما وافق السنة فهو محمود وما خالفها فهو مذموم .
وعلى ذلك نقول أنه ليس كل مخالفة للشرع تسمى بدعة إنما جعل هذه المخالفة دينا هو البدعة فمن تمحل لمعصيته حتى صبغها بصيغة الدين وأدخلها في حدود الشريعة فقد ابتدع كما أن كل من عمل عملا يغير به الأوضاع الشرعية كان مبتدعاً ولو لم يكن ذلك العمل في أصله محرماً ولا مكروها كأن يعمد إلى مباح فيجعله مندوبا أو مندوب فيجعله واجبا أو إلى مشروع فيضعه في غير موضعه .
والسنة في اصطلاح الأصوليين ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير فهي بهذا الاعتبار دليل من أدلة الأحكام ومصدر من مصادر التشريع وتنقسم طبقاً للتعريف السابق إلى ثلاثة أقسام :-
1- السنة القولية : هي الأحاديث التي تلفظ بها الرسول صلى الله عليه وسلم تبعاً لمقتضيات الأحوال كقوله صلى الله عليه وسلم :" أنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى " وقوله :" لا ضرار ولا ضرر " وقوله فى البحر :" هو الطهور ماؤه الحل ميتته " .
2- السنة الفعلية :- هي ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم من افعال ليست جبلية كأداة الصلاة بهيئاتها وأركانها والوضوء وأداء مناسك الحج والقضاء بشاهد ويمين وقطع يد السارق اليمنى ونحو ذلك .
3- السنة التقريرية:- وهي ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم مما صدر عن بعض الصحابة من أقوال وأفعال بسكوته وعدم إنكاره أو بموافقته وإظهار استحسانه ومن أمثلة ذلك ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :" خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء ، فتيمما صعيداً طيباً فصليا ، ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أتيا الرسول صلى الله عليه وسلم فذكر له فقال للذي لم يعد أصبت السنة وأجزأتك صلاتك وقال للذي توضأ وأعاد لك الأجر مرتين .
وما ورد عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن قاضيا كيف تقضي إذا عرض لكل قضاء ؟ قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ؟ قال : أجتهد رأي ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله فهذا إقرار من الرسول لقول معاذ .
حجية السنة :-
الحجية تعني ثبوت النص ووجب العمل به وقد حاول البعض خاصة رجال الاستشراق وشواذ من المعاصرين في ديار الإسلام إنكار حجية السنة بالشك في طريق وصولها إلينا والطعن في روائها .
لذلك نجزم بأن السنة هي المصدر التشريعي الثاني الذي تستنبط منه الأحكام غير أن استنباط الأحكام من السنة يتوقف على أمرين :-
1- كون الحديث صادرا من الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا موضع يحثه في كتب الحديث ولا كلام لنا فيه .
2- كون السنة حجية ومصدرا من مصادر التشريع وهذا ما يبحث فيه الأصولي وما سنتكم عليه فيما يأتي .
وقد وجدنا أن العماء قد انقسموا في الاحتجاج بالسنة إلى فريقين فريق يقول بحجيتها وفريق لا يرى حجيتها ولكل أدلة .
أ – أدلة القائلين بحجية السنة :-
1- الأمر المتكرر في القرآن الكريم بوجوب طاعة الله ورسوله من ذلك قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فرده إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تاويلا " وقوله تعالى :" ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا " وقوله تعالى" فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "".
2- نص القرآن الكريم على دور السنة في بيان أحكامه وشرح ما يحتاج إلى شرح من هذه الأحكام قال تعالى :" وأنزلنا اليك الذكر لنبين للناس ما نزل إليهم" .
3- قوله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع " تركت فيكم أمرين لن تضلوا بعدهما أبدا كتاب الله وسنة نبيه" فهذا دليل قاطع على أن السنة كالكتاب يجب الرجوع اليها في كل شيء ومنه استنباط الأحكام .
4- أجمع الصحابة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته على وجوب اتباع سنة فكانوا في حياته يمضون أحكامه ويمتثلون أوامره ويجتنبون نواهيه وأما بعد مماته فكانوا إذا أعياهم أن يجدوا الحكم في الكتاب لجأوا إلى السنة يستنبطون منها حكم الواقعة التي يريدون حكم الله فيها .
5- نص القرآن الكريم على أن الرسول مبلغ عن الوحي وأنه لا ينطق عن هواه قال تعالى :" والنجم إذا هوى ماضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى" .
ب – أدلة القائلين بعدم حجية السنة والرد عليهم :-
1- حاول بعض الناس كما أشرت أن يشككوا في حجية السنة قديما وحديثاً فأخذوا يتمسكون بشيه باطلة وقالوا أن القرآن قد حوى كل شيء ففيه بيان تام لكل ما نحتاج اليه فلسنا في حاجة إلى ما يكمله من سنة أو غيرها إو كان الكتاب مفرطا وغير مبين وذلك يستلزم الخلف في خبره تعالى لأنه أخبر بان الكتاب لم يفرط في شيء والخلف في خبره تعالى محال وإذا كان الأمر كذلك فلا حاجة لنا إلى السنة فلا تكون حجة قال تعالى :" وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون " وقال :" نزلنا عليك تبيانا لكل شيء " ولهذا قد تكفل الله بحفظه وحده في قوله تعالى :" أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " .
الرد أما قوله تعالى :" ما فرطنا في الكتاب من شيء" فعلى فرض تسليم أن المراد من الكتاب القرآن فالحمل على العموم باعتبار الظاهر غير مارد فإن كثير من الأمور الدنيوية غير مذكورة فيه وكذلك لم يذكر فيه كثير من التكاليف كأعداد الركعات في الصلاة والقدر الواجب في الزكاة فالآية مؤولة على ان المراد بالشيء فيها أحكام الدين التي ترجع إلى أصول العقائد من وجوب الصلاة والزكاة وإحلال الطيبات وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وحينئذ فلم يبن فيه كل شيء والسنة كفيلة بما لم يبنه القرآن في غير الأحكام التي ترجع إلى أصول العقائد .
أما قوله تعالى :" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء " فإنه يدل على ما دلت عليه الآية السابقة .
وأما قوله تعالى :" أن نحن نزلنا الذكر وأنا له لحافظون " فإنه لا يراد بالذكر فيه القرآن فقط بل هو شامل للقرآن والسنة لأن حمل الذكر على القرآن خاصة حمل دون دليل لذلك وجب صرف الذكر على العموم فيكون المراد منها الشريعة الشاملة للقرآن والسنة فالضمير في له يرجع إلى الذكر بالمعنى العام الشامل للقرآن والسنة فالله متكفل بحفظهما .
مرتبة السنة في الاستدلال :-
السنة هي الأصل الثاني من أصول الأحكام الشرعية فالكتاب مقدم وهي تالية له لأن القرآن كلام الله تعالى الموحي به إلى رسوله والمتعبد بتلاوته والمنقول إلينا بالتواتر فهو وحي بلفظه ومعناه ومقطوع به جملة وتفصيلا وهو عمد الملة وكلي الشريعة وأصل أصولها ولهذا كانت السنة تالية للكتاب في الاستدلال ودليل ذلك ما يأتي :-
1- أن القرآن قطعي الثبوت والسنة ظنية الثبوت في أغلب الأحوال والقطعي مقدم على الظني
2- أن السنة بيان للكتاب والبيان في المكان الثاني من المبين وليس معنى بيانها له أن يطرح الكتاب أو أن تكون مرتبتها سابقة عليه بل إنها تبين المراد منه فكانت احكامها أحكام الكتاب .
3 - وأيضا ما ورد في حديث معاذ السابق وما جرى عليه عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلمين في جميع العصور من غير مخالف
4- وما ورد في السنة بالنسبة لما ورد في القرآن ثلاثة أنواع :-
أ - ما كان مطابقاً لما فيه فيكون مؤكداً له ويكون الحكم مستمدا من مصدرين القرآن مثبتا له والسنة مؤيدة .
ب - أحكام مبينة لما جاء في القرآن عملا بقوله تعالى :" وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" والسنة خير مبين للكتاب فقد كان عمر رضي الله عنه يقول سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله عز وجل .
وبيان السنة للقرآن على ثلاة أنواع :-
1- تفصيل مجملة ومن ذلك أن الله تعالى أمر بالصلاة في القرآن من غير بيان لمواقيتها وأركانها وعدد ركعاتها فبينت السنة العملية ذلك وقال صلى الله عليه وسلم :" صلو كما رأيتموني أصلي وورد في الكتاب وجوب الحج من غير بيان لمناسكه فبين السنة ذلك وقال صلى الله عليه وسلم :" خذوا عني مناسككم" .
2- تقييد مطلقة : كما في قوله تعالى :" والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما" فإن قطع اليد ورد في الآية مطلقا فجأت السنة وقيدت القطع بأسبابه وشروطه من حرز ونصاب وغير ذلك في قوله تعالى :" من بعد وصية يوصي بها أو دين فقد وردت الوصية مطلقة فقيدتها السنة بعدم الزيادة على الثلث .
3- تخصيص عامة : بمعنى أن حكما يرد عاما في القرآن الكريم فتأتي السنة وتبين أن هذا الحكم يدخله التخصيص من بعض الوجوه من ذلك قوله تعالى :" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثين " فهذا حكم عام في كل حالات المواريث التي يوجد فيها للمتوفى أولاد وارثون من الذكور والإناث حيث تقسم الشركة أو الباقي منها بعد ِأصحاب الفروض بين الذكور والإناث للذكر مثل حظ الاثنين .
ج- أن تكون السنة منشئة لحكم لم يرد في القرآن :" أن تتضمن زيادة على ما ورد في القرآن الكريم وعند التحقيق نجد أن زيادة السنة على القرآن مطبقة لمبادئه وغير متعارضة معها وبهذا يعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجتهد فيما يجد من وقائع والسنة بهذا المعنى من الممكن أن تشتمل على ما يأتي :-
1- قد تكون مكملة لما ورد في القرآن مطبقة لمبادئه كتحريم الجمع في الزواج بين المرأة وعمتها أو خالتها وهم حكم ورد بالسنة مكمل لما ورد في القرآن الكريم من تحريم الجمع في الزواج بين الأختين ومطبق لمبادئه من الحفاظ على صلة الرحم .
2- قد تكون زيادة السنة على القرآن مرجحة لانطبقا نص في القرآن على واقعة يمكن أن يرد عليه أكثر من نص فمثلا إذا قلنا متى تنقضي عدة الحامل المتوفي عنها زوجها .؟ هنا نجد في القرآن أن عدة المتوفي عنها زوجها تنقضي بمضي أربعة أشهر وعشرة أيام في قوله تعالى :" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن" قوله تعالى :" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً " وأن عدة الحامل تنقضي بوضع الحمل كما في قوله تعالى :" وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن" ثم جاءت السنة فبينت أن عدة الحامل المتوفي عنها تنقضي بوضع حملها ولو تم الوضع قبل مضي أربعة أشهر وعشرة أيام .
أقسام السنة بحسب روايتها عن الرسول :-
تنقسم السنة بحسب روايتها عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام نذكرها اجمالا ثم نفصل القبول فيها أما إجمالا فهي :-
1- سنة متواترة
2- سنة مشهورة
3- سنة آحاد .

أولاً : السنة المتواترة :-
هي ما رواها عن الرسول في عصور الصحابة والتابعين وتابعي التابعين جمع يمتنع تواطؤهم واتفاقهم على الكذب عادة لكثرتهم وامانتهم واختلاف وجهاتهم .
وهذا النقل المتواتر لم يختلف مسلمان في وجوب الأخذ به وفي أنه حق مقطوع على غيبة لأنه بمثل هذا النقل عرفنا أن القرآن هو الذي أتى به محمد (ص) وبه عرفنا عدد ركوع كل صلاة وعدد الصلوات أيضاً وأشياء كثيرة من أحكام الزكاة وغير ذلك مما لم يبين في القرآن وتفسيره .
وقد اختلف في العلم الخاص بالتواتر هل هو ضروري أو نظري .؟ والجمهور على أنه ضروري وهو الحق وعلة ذلك كما نص الشوكاني بأنه نجد نفوسنا جازمة بوجود البلاد الغائبة ووجود الأشخاص الماضية قبلنا جزما خاليا عن التردد جاريا مجرى جزمنا بوجود المشاهدات .
ويؤكد ابن حزم هذا فيقول :" فالضرورة والطبيعة توجبان قبوله وإن عرفنا ما لم نشاهد من البلاد ومن كان قبلنا من الأنبياء والعلماء والفلاسفة والملوك والوقائع ومن أنكر ذلك بمنزلة ما يدرك بالحواس الأول ولا فرق ولزمه ألا يصدق بأنه كان قبله زمان ولا أن أباه وأمه كانا قبله ولا أنه مولود من امرأة .
إذ ثبت هذا فإن الخبر المتواتر لا يكون مفيداً للعلم الضروري إلا بشروط منها ما يرجع إلى المخبرين ومنها ما يرجع إلى السامعين .
فالذي يرجع إلى المخبرين أمور أربعة :-
1- أن يكونوا عالمين بما أخبروا به غير مجازفين فلو كانوا ظانين لذلك فقط لم يفد القطع .
2- أن يعلموا ذلك ضروري من مشاهدة أو سماع لأن ما لا يكون كذلك يحتمل دخول الغلط فيه فإما إذا توافرت أخبارهم عن شيء قد علموه واعتقدوه بالنظر والاستدلال أو عن شبهة فإن ذلك لا يوجب علماء ضرورية .
3- أن يبلغ عددهم إلى مبلغ يمتنع في العادة توطؤهم على الكذب ولا يقيد ذلك بعدد معين بل ضابطه حصول العلم الضروري به فإذا حصل ذلك ثبت التواتر وإلا فلا وهذا ما عليه الجمهور وهو الحق وفي هذا يقول الغزالي :" لا سبيل لنا إلى معرفة أقل عدد يحصل به العلم الضروري فإننا لا ندري متى حصل علمنا بوجود مكة ووجود الشافعي ووجود الأنبياء عليهم السلام عند تواتر الخبر إلينا .
ويعسر علينا تجربة ذلك وإن تكلفناها وسبيل التكلف أن نراقب أنفسنا إذا قتل رجل في السوق مثلا وانصرف جماعة عن موضوع القتل .
4- وجود العدد المعتبر في كل الطبقات فيروي ذلك العدد عن مثله إلى أن يتصل بالمخير عنه

وأما الذي يرجع إلى المستعين :-
فإن يكون المستمع متأهلا لقبول العلم بما أخبر به غير عالم به قبل ذلك وإلا كان تحصيل حاصل .
ومعظم السنن المتواترة سنن عملية مثل بيانه صلى الله عليه وسلم للصلاة من تكبير وقراءة وركوع وسجود ودعاء وتشهد وسلام وبيان لسائر الأحكام التي جاءت في القرآن الكريم مجملة فهي سنن عملية منقولة نقلا متواترا ويندر أن تكون من السنن القولية وقد مثلوا بقوله صلى الله عليه وسلم :" من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدة من النار ".
ونقسم التواتر إلى قسمين :-
أولهما : التواتر اللفظي وهو اجتماع شروط التواتر في المروى مع اتحاد لفظه والمعنى المقصود منه
ثانيهما : التواتر المعنوي وهو وجود معنى مشترك بين أحاديث التعمد لإيجاب القصاص حيث لا يوجد نص واحد متواتر اللفظ يدل على هذا المعنى غير أن عددا من المرويات بتوارد حول هذا المعني .
ثانياً : السنة المشهورة وتسمي المستفيضة :-
هي ما رواها عن الرسول أصحابي أو جمع لم يبلغ حد التواتر ثم رواها في عصر التابعين وتابعي التابعين جمع يبلغ حد التواتر وقبل المشهور ما اشتهر ولو في القرن الثاني أو الثالث إلى حد ينقله ثقات لا يتوهم تواطؤهم على الكذب ولا يعتبر الشهرة بعد القرنين هكذا


المواضيع المتشابهه: