المصدر :- منتديات ستار تايمز




بعد تعريف الالتزام التضاممي يمكن استخلاص شروطه وحصرها كما يلي:

1- تعدد الطرف المدين.

2- قابلية المحل للانقسام و انتفاء التضامن.

3- وحدة المحل.

4- تعدد الروابط.

5- تعدد أو تكرار مصادر الالتزام.

و بفحص هذه الشروط يمكن لنا تقسيمها إلى نوعين من الشروط:
* شروط مشتركة بين التضامن و التضامم : و هي خاصة بتعدد الطرف المدين، ووحدة المحل و تعدد الروابط.

* شروط ينفرد بها التضامم (أو تفرقه) عن التضامن : و هي تعدد مصادر الالتزام إضافة إلى الشرط البديهي و هو استبعاد التضامن و عدم القابلية للانقسام.


أولا: الشروط المشتركة بين الالتزام التضاممي و الالتزام التضامني.

يشترك كلا من الالتزام التضامني و الالتزام التضاممي في الشروط التالية : تعدد الطرف المدين، وحدة المحل و تعدد الروابط.
1- تعدد الطرف المدين : و نعني هنا وجود أكثر من مدين أمام نفس الدائن، فالطرف المدين ليس شخصا واحدا بل شخصين فأكثر فيلتزمون بذات الدين أمام ذات الدائن، و لكن بمقتضى مصادر متعددة [1]. و يأخذ تعدد المدينين أشكالا عدة، فحالات التضامم لا تقع تحت حصر فنجد التعدد مثلا في حالة التزام المؤمن و المسؤول في مواجهة المضرور، فالاول التزامه عقدي و الثاني التزامه تقصيري، و قد تضامت مسؤوليتاهما أمام الثالث (المضرور) و بالتالي يلتزم الاثنان بتعويضه عن الضرر الذي أصابه فهما شخصان مسؤولان، أمام شخص ثالث [2]. كذلك الشأن في حالة تعدد الكفلاء بعقود متوالية و ذلك طبقا للمادة 664/02 مدني جزائري تقابلها المادة 792 مدني مصري، فيكون لدينا عدة كفلاء ملتزمين بنفس الدين بعقود كفالة مختلفة و هي حالة تضامم بين الكفلاء [3]. و غيرها من حالات التضامم, فالتضامم يستبعد حالة وجود مدين واحد فقط أمام الدائن فلا محل للقول بوجوده و تطبيقا لذلك لا محل للتضامم في حالة حدوث ضرر لأحد الأشخاص نتيجة خطأ الغير و تعاصره مع حادث فجائي أو قوة قاهرة أو تعاصر فعل الغير مع خطا المضرور نفسه، فالمضرور لن يطالب إلا شخصا واحدا فقط بمقدار خطئه أو مسؤوليته فلا مجال إذن للتضامم.

2- وحدة المحل: شرط وحدة المحل يعني أن محل التزام المدينين واحد و هو إشباع حاجة الدائن أو سداد دين معين يلتزمون جميعا به أمامه، و على كل منهم أن يؤديه كاملا و أي وفاء من جانب أحدهم يبرئ الباقين أمام هذا الدائن و في حدود هذا الوفاء [4]. و قد أثارت مسألة وحدة المحل في الالتزام التضاممي بعض النقاشات في الفقه فهناك من يرى أن ما يميز الالتزام التضاممي عن الالتزام التضامني هو تعدد المحال ففي الالتزام التضاممي كل مدين ملتزم بمواجهة الدائن ليس بنفس الشيء، و إنما بشيء مماثل أو مشابه، ذلك أن كل دين مستقل عن الآخر في مصدره و في محله. و قد يختلف في مقداره من مدين إلى آخر، و بعبارة أخرى فإن كل مدين متضامم يكون مستقلا عن المدين الآخر و لديه محله الخاص. إلا أنه هناك من الفقه من يرى أن الالتزام التضاممي موحد المحل، و الدليل على ذلك هو أن الدائن لا يستطيع أن يطالب به إلا مرة واحدة، كما أن وفاء أحد المدينين يبرئ ذمة الباقين، بل و هناك من ذهب أبعد من ذلك إلى القول بأنه إذا كان لكل دين محله الخاص و ليس هناك ما يمنع الدائن بمطالبة كل مدين حتى يستنفذ كل محل واجب الآداء [5]. و حتى لا يثور لبس في مناقشة الموضوع، فينبغي البدء بنقطة بديهية و هي معنى محل الالتزام و هو الأداء الذي يجب على المدين أن يقوم به لصالح الدائن و هو إما إعطاء شيء أو عمل أو امتناع عن العمل [6]. و إذا طبقنا ذلك على الالتزام التضاممي نجد ان كل مدين، و رغم اختلاف مصدر الالتزام سوف يكون ملتزما بنفس أداء الواجب على الآخر، و إن اختلف مقداره في بعض الحالات. و من ثم فالمحل في الالتزام التضاممي واحد ليس متعدد.

3- تعدد الروابط: يعد الالتزام التضاممي وصف من الأوصاف التي تلحق الالتزام من حيث أطرافه، و هو تعدد أطراف الالتزام، و بالتالي هناك روابط متعددة تربط كل مدين متضامم مع الدائن فنجد أن كل مدين ملتزم بسبب خاص به و يختلف عن سبب التزام المدينين الآخرين، و قد تكون الالتزامات مختلفة من حيث طبيعتها كأن يكون أحدها عقديا و الآخر تقصيريا، كالمؤمن و المؤمن له قبل الضرر، و قد تكون الالتزامات من طبيعة واحدة إلا أنها تتكرر، كحالة التزام الكفلاء بعقود متوالية، أو حالة تعدد مرتكبي الفعل الضّار (و هي حالة التضامم في فرنسا و تشكل تضامن بنص القانون في القانون الجزائري و المصري).

و مهما يكن فإن الروابط بين الدائن و مدينه تتعدد بحسب عددهم، و بالتالي يستطيع هذا الدائن أن يطالب أيا منهم بكل الدين.
و تعدد الروابط بحسب عدد المدينين و استقلال كل رابطة عن الأخرى، يترتب عليه آثار معينة و هي نفس الآثار التي تترتب في الالتزام التضامني، و هي أن العيوب و الأوصاف الخاصة بكل رابطة لا تؤثر على الأخرى، كذلك الحال في أسباب الانقضاء الخاصة بكل رابطة فلا تؤثر على الأخرى [7]. و سوف نتناول ذلك بالتفصيل في آثار الالتزام التضاممي في الفصل الثاني.

ثانيا: الشروط الخاصة للالتزام التضاممي.

هناك شرطين اثنين مميزين للالتزام التضاممي في مجال الالتزامات المتعددة الأطراف و هما تعدد مصادر التزامات المدينين و انتفاء التضامن أو عدم القابلية للانقسام.
1- تعدد المصادر: أهم ما يميز الالتزام التضاممي هو تعدد مصادر الالتزام، و نقصد به أن يستقل مصدر التزام كل مدين عن مصدر التزام المدين المتضامم معه، و تتعدد المصادر بتعدد المدينين لذلك سنحدد معنى التعدد و صوره [8].

فيقصد بالتعدد هنا إما تنوع مصادر الالتزام، أي أن تنشأ التزامات المتضاممين عن أكثر من مصدر من مصادر الالتزام الخمسة(العقد، القانون،الإرادة المنفردة، الفعل غير المشروع، شبه العقد)، و هنا يكمن إدخال بعض حالات الالتزام التضاممي كاجتماع مسؤولية عقدية مع مسؤلية تقصيرية كما هو الحال في مسؤولية المؤمن و المؤمن له قبل المضرور، فالمؤمن مسؤول مسؤولية عقدية، و المؤمن له مسؤول مسؤولية تقصيرية. كذلك الحال في حالة مسؤولية العامل و محرضه على ترك منصب العمل أمام رب العمل فمسؤولية الأول تعاقدية و مسؤولية الثاني تقصيرية. كما يكون التعدد في حالة تكرار نفس النوع من المصادر بعدد الملتزمين، و نجد هنا حالة تكرار الالتزامات التعاقدية كما لو كان المدينون ملتزمين في مواجهة الدائن بمقتضى عقود متميزة، كالكفلاء الذين التزموا بموجب عقود متوالية قبل الدائن لكفالة دين واحد [9]. كما نجد حالة تكرار التزامات قانونية كما هو الحال في حالة تعدد الملتزمين بالنفقة قانونا، فهذا المثال ينطبق على الأبناء في مواجهة الآباء في القانون الجزائري و المصري، فكل ولد ملزم برعاية الوالدين و الإنفاق عليهما. بالتالي هناك التزام قانوني على عاتق كل ولد في مواجهة الآباء، و بالتالي لدينا التزام قانوني متكرر بحسب عدد الأبناء، و هم جميعا مسؤولون و ليس هناك نص على تضامنهم و بالتالي فهم متضاممون. و نفس المثال السابق ينطبق على الآباء في مواجهة الأبناء في فرنسا، حيث أنه بالنسبة للأبوين الأم و الأب يقع عليهما التزام قانوني معا برعاية و تعليم الأبناء و بالتالي هناك تكرار التزام قانوني، و ليس هناك تضامن بينهم،فقضى القضاء الفرنسي على التزام الوالدين بالتضامم في النفقة الواجبة للأبناء. و توجد حالة ثالثة و هي تكرار التزامات تقصيرية، و هذه الصورة تخرج من نطاق التضامم في كل من الجزائر و مصر لوجود نص يقضي بالتضامن إلا أنها تشكل مجالا خصبا للالتزام التضاممي في فرنسا، فالقضاء الفرنسي يحكم بتضامم المسؤولين تقصيريا من إحداث نفس الضرر سواء أكانوا مسؤولين عن خطأ ثابت أو مفترض أو اجتمعت أخطاء ثابتة مع أخرى مفترضة [10].
2- استبعاد التضامن، و عدم القابلية للانقسام: و هذا الشرط بديهي لوجود التضامم، فإذا كان الالتزام تضامنيا أو كان غير قابل للانقسام فإنه يمنع وجود الالتزام التضاممي.

· استبعاد التضامن: إذا وجد هناك التزام تضامني سواء بنص القانون أو بالاتفاق الأطراف. فلا محل للحديث عن الالتزام التضاممي، فهذا الأخير لا يوجد إلا إذا اختفى الالتزام التضامني، و عبّر جانب من الفقه الفرنسي عن ذلك بأن الالتزام التضاممي احتياطي للتضامن، كما أنه وجد للتخلص من مبدأ عدم افتراض التضامن [11].
· استبعاد عدم القابلية للانقسام: يكون الالتزام غير قابل للانقسام إما بسبب طبيعة محله أو اتفاق أو نص قانوني [12]. فإن الوضع الذي يكون فيه الالتزام غير قابل للانقسام ينظر إليه أولا من حيث المحل أو بحسب اتفاق الأطراف على عدم قابليتة للانقسام أو نص القانون على أن يكون كذلك، و بمقارنة هذا الوضع مع الالتزام التضاممي فإنه في الحالة الأولى و هي عدم القابلية للانقسام بسبب طبيعة المحل، فإن المدين يلتزم مع المدينين الآخرين للقيام بالالتزام للدائن كالتزام بائعي المحل التجاري بعدم المنافسة للمشتري، فهنا طبيعة المحل (الالتزام بعدم المنافسة) غير قابل للانقسام و على بائعي المحل تنفيذه كله للدائن فعدم القابلية للانقسام نشأت بالنظر إلى المحل و ليس بالنظر إلى تعدد الأطراف. أما في الحالة الثانية و هي اتفاق الأطراف على عدم الانقسام فهي حالة غير واردة في الالتزام التضاممي لأنه لا توجد علاقة تربط المدينين بعضهم ببعض، بل و قد لا يعرف بعضهم بعض أصلا ( كما هو الحال في حالة تعدد المسؤولين عن خطأ تقصيري و التي تشكل حالة تضامم في القانون الفرنسي)، و بالتالي فهناك فارق كبير بين الالتزام التضاممي و الالتزام غير القابل للانقسام.





[1] د.محمد جاد محمد جاد، المرجع السابق ص 113.
[2] د. نبيل ابراهيم سعد، المرجع السابق ص 58.
[3] د. محمد حسنين، المرجع السابق ص 325.
[4] د. عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق ص 1031.
[5] د. محمد جاد محمد جاد، المرجع السابق ص 118.
[6] د. اسماعيل غانم، النظرية العامة للالتزام ج1 مصادر الالتزام، مكتبة عبد الله وهبه، ف 118 ص 236.
[7] د.محمد حسنين، المرجع السابق، ص 322.
[8] د. محمد جاد محمد جاد، المرجع السابق
[9] د. عبد الرزاق السنهوري، المرجع السابق ص
[10] د. محمد حسنين، المرجع السابق ص 326.
[11] د. محمد جاد محمد جاد، المرجع السابق ص 133.
[12] المادة 236/01 قانون مدني جزائري تقابلها المادة 300 قانون مدني مصري "...."


المواضيع المتشابهه: