جلسة الأربعاء الموافق 29 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول - رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.

( )



الطعن رقم 185 لسنة 2013 إداري

(1) المجلس الوزاري للخدمات" اختصاصه". مجلس الوزراء. تفويض. موظفون" انهاء الخدمة". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
- المجلس الوزاري للخدمات. هيئة تنفيذية متفرعه عن مجلس الوزراء ويساعده في ممارسة بعض اختصاصاته التنفيذية والإدارية بموجب إنابه قانونية أو تفويض إداري. مؤداه. ما يصدره المجلس من أوامر تنفيذية أو قرارات إدارية. ينسب إلى مجلس الوزراء ويخضع لإقراره واعتمادة. اساس ذلك؟
- مجلس الوزراء. تفويضه المجلس الوزاراي للخدمات في اختصاصه بتعيين الموظفين الاتحاديين واعادة تعيينهم وترقيتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم وأنهاء خدمتهم. أساس ذلك. قرار مجلس الوزراء رقم 234/219 لسنة 2009. ثبوت انهاء خدمة الطاعن بناء على هذا التفويض. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.

(2) موظفون" عزلهم". مصلحة عامة. جهة إدارية" سلطتها". حكم" تسبيب سائغ".
- عزل الموظف للمصلحة العامة. سلطة تقديرية تملكها الإدارة. ليس للقضاء الإداري فرض رقابته القضائية على هذه السلطة ما لم تتجاوز الإدارة بسلطتها في التقدير المعقول وفقا لمقياس النفع والضر الوظيفي.
- متى يكون العزل من الوظيفه على خلاف أو موافقا للمصلحة العامة؟
- مثال لتسبيب سائغ في عزل الطاعن من وظيفته وتوافقه مع المصلحة العامة.
ـــــــ

1- لما كان المجلس الوزاري للخدمات المشكل بموجب المادة الاولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم ( 10 ) لسنة 2008 بتعديل بعض احكام القانون الاتحادي رقم ( 1) لسة 1972 في شأن اختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء ، هو في حقيقته هيئة تنفيذية متفرعة عن مجلس الوزراء . ويساعد هذا المجلس ، مجلس الوزراء في ممارسة بعض اختصاصاته التنفيذية والادارية بموجب انابة قانونية أو تفويض اداري. ومن ثم فإن ما يصدره المجلس الوزاري للخدمات من أوامر تنفيذية أو قرارات ادارية ، انما ينسب الى مجلس الوزراء ويخضع لإقراره واعتماده . وإذ فوَّض مجلس الوزراء في قراره رقم (234/219) لسنة 2009 الصادر بالجلسة رقم (1) ، المجلس الوزاري للخدمات في بعض اختصاصاته ، من بينها تعيين الموظفين الاتحاديين واعادة تعيينهم وترقيتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم وانهاء خدمتهم . وكان الثابت من أوراق الطعن ، أن انهاء خدمة الطاعن جاء اعمالا لهذا التفويض القانوني ، ومن ثم فإن النعي بهذا الشق في غير محله .

2- من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أن عزل الموظف للمصلحة العامة مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي تمتلكها الادارة ، وليس للقضاء الاداري فرض رقابته القضائية على هذه السلطة إلا في حالة تجاوز الادارة لسلطتها في التقدير المعقول . ويقاس هذا التجاوز بمقياس " النفع والضرر الوظيفي " ، أي بمقدار النفع أو الضرر الذي يعود على الوظيفة من بقاء الموظف عليها أو مفارقته لها فمتى كان من شأن عزل الموظف انحراف في اداء العمل الوظيفي ، أو اخلال بحسن سيره بانتظام واطراد ، أو تكليف الجهة الادارية بنفقات مالية غير مرصودة ، أو غير ذلك من الامور الضارة بالوظيفة ، فإن العزل يكون على خلاف المصلحة العامة ويكون قرار الانهاء غيرمشروع . أما اذا كان من شأن العزل ترتيب أو تحقيق منفعة للوظيفة ، كما لو كان الموظف ممن يؤمن بأراء دينية متعصبة ، أو بأفكار أيديولوجية متطرفة ، أو بتعاليم تناهض المبادئ الاساسية التي تقوم عليها سياسة الدولة ، وكانت هذه الآراء والافكار تؤثر على نظرته للوظيفة وسياستها وللمستفدين منها . أو كان الموظف ممن لا تجدي فيهم برامج التطوير والتأهيل الوظيفي ، أو كان في بقائه على الوظيفة حجبا لها عن ممن هو أكثر منه كفاءة وقدرة وتميزا أو غير ذلك من الحالات التي لا يلحق عزل الموظف فيها ضرر للوظيفة العامة ، فإن العزل عندئذ يكون موافقا للمصلحة العامة . ولما كان الثابت من سائر أوراق الطعن ، أن الطاعن ليس من الموظفين الذين يترتب على انهاء خدمتهم عزلا ، اضطراب العمل في الوحدة التي يعمل بها ، أو توقف الوحدة عن أداء خدماتها العامة للمتعاملين معها من عملاء أو مستفيدين أو شركاء استراتيجيين ، أو عجز الادارة التي يتبعها الطاعن عن ايجاد بديل أكفأ منه ومن ثم فإن قرار عزله لا يضر بالوظيفة العامة ، مما يعني توافقه مع المصلحة العامة . وإذ التزم الحكم المطعون فيه بما قررته هذه المحكمة ، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون .



المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 239 لسنة 2010 إداري كلي أبوظبي , أختصم فيها المطعون ضدهما طلباً لإلغاء القرار الإداري الصادر بإنهاء خدمته عزلاً وبإحالته إلى التقاعد , وما ترتب عليه من آثار. وبإعادته إلى عمله السابق , وصرف كافة مستحقاته المالية , وترقيته إلى الدرجة المستحقة له أسوة بزملائه الذين تمت ترقيتهم خلال فترة عمله. وإلزام جهة عمله بصرف كامل مستحقاته المالية المتأخرة من تاريخ انهاء خدمته وحتى تاريخ عودته للعمل . وقال شرحاً لدعواه أنه التحق بالخدمة لدى المطعون ضدها الأولى في 31/3/1987 كمدرس , وأنه تدرج في مراتب الوظيفة التربوية إلى أن أنهيت خدمته عزلاً في 6/7/2010 لمقتضيات المصلحة العامة , كما ورد في قرار العزل . وأنه ولما كان قرار العزل صدر مشوباً بعدم المشروعية لمخالفته للضوابط التي وضعها المشرع لإنهاء خدمة الموظف , وفاقداً لسببه المشروع , وللغاية من إصداره . كما أنه صدر من جهة غير مختصة بإصداره وبالمخالفة للمادة ( 60/8) من الدستور التي تسند اختصاص قرار إنهاء خدمة الموظف الاتحادي لمجلس الوزراء وليس للمجلس الوزاري للخدمات. ومن ثم فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان , ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعوى قدم تقريره وعقب عليه الخصوم قضت في 31/1/2012 بإلغاء قرار الإنهاء واعتباره كأن لم يكن مع ماترتب عليه من آثار , وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات. استأنف المطعون ضدهما قضاء محكمة أول درجة بالاستئناف رقم 23 لسنة 2012 إداري أبوظبي . ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت بجلسة 30/4/2012 في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى . طعن الطاعن على قضاء محكمة الدرجة الثانية بطريق النقض بالطعن رقم 341 لسنة 2012 نقض إداري .وبجلسة 14/11/2012 قضت المحكمة الاتحادية العليا بالنقض والإحالة . وإذ نظرت محكمة الإحالة القضية وقضت بجلسة 7/2/2013 في موضوع الاستئناف بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى , فقد أقام الطاعن – للمرة الثانية – طعنه المطروح .
وحيث إن المحكمة نظرت الطعن في غرفة مشورة , ورأت جدارته بالنظر في جلسة , ونظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم .
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب , ينعى الطاعن بالوجه الثاني من وجهي السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال , ذلك أنه استدل على صحة قرار العزل بصدوره من المرجع المختص , وهو المجلس الوزاري للخدمات . حال أن مجلس الوزراء هو المرجع المختص بإصدار قرار إنهاء خدمة الموظف الاتحادي عملاً بالمادة (60/8) من دستور الاتحاد , الذي لم يجز للمجلس تفويض جهة أخرى في هذا الاختصاص .مما يعني أن قرار العزل صدر عن غير الجهة المختصة بإصداره . وهو مالم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في غير محله , ذلك أن المجلس الوزاري للخدمات المشكل بموجب المادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم (10) لسنة 2008 بتعديل بعض احكام القانون الاتحادي رقم (1) لسنة 1972 في شأن اختصاصات الوزارات وصلاحيات الوزراء , هو في حقيقته هيئة تنفيذية متفرعة عن مجلس الوزراء .ويساعد هذا المجلس , مجلس الوزراء في ممارسة بعض اختصاصاته التنفيذية والادارية بموجب إنابة قانونية أو تفويض إداري . ومن ثم فإن مايصدره المجلس الوزاري للخدمات من أوامر تنظيمية أو فردية , أو مايتخذه من قرارات إدارية , إنما ينسب الى مجلس الوزراء ويخضع لإقراره واعتماده , وإذ فوض مجلس الوزراء في قراره رقم (234/19م ) لسنة 2009 الصادر بالجلسة رقم (1) المجلس الوزاري للخدمات في بعض اختصاصات مجلس الوزراء , من بينها تعيين الموظفين الاتحاديين واعادة تعيينهم وترقيتهم ونقلهم وندبهم وإعارتهم وإنهاء خدمتهم .وكان الثابت من أوراق الطعن أن انهاء خدمة الطاعن جاء إعمالا لهذا التفويض القانوني , ومن ثم فإن النعي يكون في غير محله .
وحيث إن النعي بباقي أسباب الطعن يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لقضائه بمشروعية قرار العزل , حال أنه لم يبين من حيثياته الوقائع التي استند إليها كسبب مشروع للقرار. كما لم يفصح عن وجه المصلحة العامة التي دعت المطعون ضدهما "الإدارة" إلى انهاء خدمة الطاعن عزلاً . وأن الحكم المطعون فيه قضى بمشروعية قرار العزل , في حين أن الغاية من تقرير العزل كسبب مستقل لإنهاء الخدمة , مواجهة حالات عدم كفاءة الموظف , وهو مالم يتوافر في الطاعن .فضلا عن أن قرار عزل الطاعن لايندرج تحت أي ضابط من ضوابط المصلحة العامة التي قررها مجلس الوزراء . الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود عليه , بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة , أن عزل الموظف للمصلحة العامة مما يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي تملكها الإدارة , وليس للقضاء الاداري فرض رقابته القضائية على هذه السلطة إلا في حالة تجاوز الإدارة لسلطتها في التقدير المعقول . ويقاس هذا التجاوز بمقياس "النفع والضُّر الوظيفي" , أي بمقدار النفع أو الضرر الذي يعود على الوظيفة من بقاء الموظف عليها أو مفارقته لها. فمتى كان من شأن عزل الموظف إنحراف في أداء العمل الوظيفي , أو إخلال بحسن سيره بانتظام واطراد , أو تكليف الجهة الادارية بنفقات مالية غير مرصودة , أو غير ذلك من الأمور الضارة , فإن العزل يكون على خلاف المصلحة العامة ويكون قرار الانهاء غير مشروع . أما إن كان من شأن العزل ترتيب منفعة للوظيفة , كما لو كان الموظف ممن يؤمن باراء دينيه متعصبة , أو بأفكار ايديولوجية متطرفة , أو بتعاليم تناهض المبادئ الأساسية التي تقوم عليها سياسة الدولة وكانت هذه الأراء والأفكار تؤثر على نظرته للوظيفة وسياستها وللمستفيدين منها. أو كان الموظف ممن لاتجدي فيهم برامج التطوير والتأهيل الوظيفي , أو كان ممن في بقائه على الوظيفة حجباً لها عن ممن هو اكثر منه كفاءة وقدرة وتميزاً , أو غير ذلك من الحالات التي لايلحق عزل الموظف فيها ضرر للوظيفة العامة , فإن العزل عندئذ يكون موافقاً للمصلحة العامة . ولما كان الثابت من سائر أوراق الطعن أن الطاعن ليس من الموظفين الذين يترتب على انهاء خدمتهم عزلاً , إضطراب العمل في الوحدة التي يعمل بها , أو وقفها عن أداء خدمتها العامة للمتعاملين معها من عملاء أو مستفيدين أو شركاء استراتيجيين, أو عجز الادارة التي يتبعها عن إيجاد بديل أكفأ منه , ومن ثم فإن قرار عزله لايضر بالوظيفة العامة , مما يعني توافقه مع المصلحة العامة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه بما قررته هذه المحكمة , فإنه يكون قد وافق صحيح القانون .
وحيث إنه ولما تقدم , فإن الطعن يكون متعين الرفض .




المواضيع المتشابهه: