المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذاني مقامة مشهورة جدا، و هي تروي قصة عيسى بن هشام و كيف استغل طمع و جهل السوادي ليحصل على ما يريد منه، لكن هل فكرتم بإعادة سرد القصة على لسان السوادي؟ رأيت هذه الفكرة في كتاب مهارات الاتصال، و قمت بإعادة كتابة المقامة على لسان السوادي، و احببت عرضها عليكم، و اتمنى ان تنال إعجابكم.

حدثنا ابو عبيد السوادي قال:

ذهبت لبغداد، بعد طول البعاد، لأزود اهلي بالزاد، و أصل الأرحام البعاد، وصلت السوق بالكاد، مع اني على التعب معتاد، الا ان طول السفر، لم يترك للصبر مستقر، فقررت ابتياع بعض الشواء، الذي عبقت برائحته الأجواء، فاستعنت الله على الشقاء، و توجهت للشواء، اكن الشوق الى الغداء، فلمحت ببصري المديد، رجلا مسرعا الي من بعيد، لم استطع لهويته التحديد، فتوجب علي الانتظار، عل الرجل من الأخيار، و هو بحاجة لمساعدتي او هو محتار، و انا رجل مغوار، لا ارضى ان تنشر الأخبار، بإمتناعي عن مساعدة الأبرار، و لما بلغ الجوار، بدأ بالترحيب، و ناداني باسم غريب، و لم يترك مجالا للتصريح، بإني لست الرجل الصحيح، حتى سألني عمن هو حي من اهلي و من هو بالضريح، و لما صححت له الإسم، اكثر على الشيطان من الشتم، و على النسيان من الذم، و أوهمني بإن يومه قد غدا مشؤوم، فقد علم فيه عن وفاة ابي المرحوم، و دعاني للغداء، و اسهب في وصف الشواء،الذي نويت منه الشراء، و لم يجعل شيئا احب الى قلبي من تناول الحلواء، فدخلت قلبي السعاده، و اردت الحصول على ما اشتهيت و زياده، عن طريق الاستفاده، من هذه العاده، الا و هي اكرام الضيف، و بذا احفظ مالي لعبيد و اخيه سيف، و بسرعة العاشق المفتون، الراكض الى معشوقته الحنون، انهينا ما بالصحون، و ملأنا به البطون، ثم ذهب ليأتينا بسقّاء، ليسقينا الماء، فطال غيابه، فقلت لنفسي: أعاننا الله على عتابه، ان لقيناه بعد ذهابه، و توجهت الى الحمار، لأكمل المشوار، و اشتري الثمار، و احملها الى الدار، و بدأت بحل الحبال، و اذا بيد بوزن احد الجبال، على كتفي تنهال، انها يد الشواء، يطالب بثمن الغداء، و بين جدية موقفه بلكمة هوجاء، و لكمة عسراء، فدفعت المال، و ذهبت بالحال، و نسيان العبرة محال، ان تطمع تقع فتدفع.

المواضيع المتشابهه: