جلسة الأربعاء الموافق 29 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة ، وعضوية السادة القضاة: البشير بن الهادي زيتون وعرفة أحمد دريع.
( )




الطعن رقم 102 لسنة 2013 تجاري


محكمة الموضوع" سلطتها التقديرية". خبرة. دفاع" الجوهري". حكم" تسبيب معيب".
- فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقارير الخبرة. حق لمحكمة الموضوع. شرط ذلك.قيامه على أسباب سائغة لا مخالفة للثابت بالأوراق.
- أخذ المحكمة بتقرير الخبير سندا لقضائها. شرطه؟
- تجاوز الخبير المأمورية المسندة إليه وبته في مسألة قانونية. خطأ. متى تساند الحكم إليه دون أن يعن بالاعتراضات عليه والرد عليها. مخالفا للثابت بالأوراق.
- مثال لتسبيب معيب تعرض تقرير الخبير لمسائل قانونية.
ـــــــ

- لما كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها بما في ذلك تقارير الخبرة التي لها أن تأخذ بها دون معقب عليها إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لا تخالف الثابت بالأوراق وأن يكون تقرير الخبرة سند قضاءها قد أنجز المأمورية على الوجه المطلوب وناقش طلبات الخصوم على ضوء ما استقاه من معلومات من جهات ذات الصلة وعلى ضوء ما قدم له من أوراق ومستندات حاسمة في النزاع، وأن لا يتجاوز مهمته إلى البت في مساءل قانونية هي من صميم اختصاص المحكمة. لما كان ذلك وكان من ضمن ما ورد بدفاع الطاعن ودلل عليه بالمستندات قيامه بسداد قيمة المصاعد التي أخلت المطعون ضدها بسداد قيمتها للشركة الموردة لها، وعدم قيام لجنة الخبرة باحتساب المبلغ المسدد ضمن مدفوعات الطاعن للمطعون ضدها كما طالب لجنة الخبرة وقرع سمع المحكمة بضرورة التقيد بما أثبته تقرير اثبات الحالة المنجز ضمن دعوى مرفوعة من المطعون ضدها للغرض والذي حدد نسبة الأشغال المنجزة، وقيمة ما تم دفعة من الطاعن ، وتاريخ توقف المطعون ضدها عن الأشغال إلا أن لجنة الخبرة، وإن ذكرت أنها اعتمدت هذا التقرير إلا أنها خالفت مضمونه وأعادت النظر فيما قررهُ بخصوص نسبة الانجاز وتاريخ توقف الأشغال والجهة المسؤولة عن ذلك، وقد اعتد الحكم بذلك التقرير دون أن يـعــــن بالـــــــــرد عن الاعتراضــــــات الجوهريـــة الموجه إليه بهذا الخصوص والتي دلل عليها الطاعن بأوراق لها حجيتها في الإثبات ناهيك وأنه جرى العمل على أن تقارير اثبات الحالة والتي تصدر بها أحكام بانتهاء الدعوى هي المرجع القانوني الذي يعتمد لتحديد وقائع النزاع زمن حدوثه وبعد انقضاء مدة من الزمن تتغير معها معالم الموقع والأشغال والإثباتات المرتبطة بها . كما أن ما ذهب إليه الحكم لجهة الأخذ بما اعتبره تقرير الخبرة ثبوت إقرار استشاري المشروع – ممثل الطاعن – لمستحقات المطعون ضدها عن الدفعة 21 وما بعدها رغم منازعة الطاعن في ذلك وتمسكه تعليق ذلك الإقرار على شروط لم تتحقق و إحجام المحكمة عن مناقشة فحوى ذلك الإقرار على ضوء ما ورد بالكتاب المضمن به وما نسب للجنة الخبرة من تجزئة ذلك الإقرار يعد في حقيقة الأمر في مقام تخل المحكمة عن دورها في حسم مسألة قانونية وإسنادها للخبرة ، ويكون بذلك ما نسب للحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب ومخالفة للثابت بالأوراق الذي جره إلى مخالفة القانون قائما على أساس بما يتعين معه نقض الحكم.







المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها اختصمت الطاعنة في الدعوى رقم 2445/ 2006 ابتغاء الحكم بفسخ عقد المقاولة المؤرخ في 2/9/2003 لتعذر تنفيذه بسبب المالك وإلزامه بسداد مبلغ 2,503,390 درهم قيمة دفعات الإنجاز الغير مسددة وبإلزامه بسداد مبلغ 18,045,500 درهم لمقاولي الباطن و والموردين والمتبقي من الأعمال المشونة ومصاريف عن المدة الإضافية والربح الفائت وفرق الأسعار والتعويض الجابر للضرر، وبصفة مستعجلة توقيع الحجز التحفظي على أموال المدعي عليه في حدود قيمة المطالبة. وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 2/9/2003 تعاقدت مع المدعي عليه على أن تقوم بإنشاء وإنجاز مستشفى تخصصي لحسابه بمدينة العين لقاء مبلغ قدره 37,253,226 درهم ثم تم الاتفاق لاحقا على أعمال إضافية . وقد دأب المدعي عليه على عرقلة الأعمال وتأخر في سداد سبع دفعات عن أعمال منجزة بمبلغ 2,50,390,49 درهم إضافة لقيمة الأعمال الإضافية دون مبرر وخلافا لشروط العقد ، مما ألحق بها شديد الضرر ودفع تكاليف الأعمال المنجزة من مالها الخاص ، وقد أقر المدعي عليه بهذه الإخلالات وبعدم دفعه الأقساط المستحقة بما قيمته ثلاثة ملايين درهم. ومن ثم كانت الدعوى. ندبت محكمة أول درجة خبيرا أودع تقريره ،وبجلسة 5/1/2010 حكمت برفض الدعوى في مواجهة البنك، وبفسخ عقد المقاولة لتعذر استمرار تنفيذه، وبإلزام المدعي عليه –الطاعن– بأن يؤدي للمدعية مبلغ 12,127,770 درهم مع فائدة بنسبة 9% سنوياً على مبلغ 2,305,390 درهم من تاريخ الادعاء وحتى تمام السداد وإلزامه بالرسوم والمصاريف ورفض ماعدا ذلك من طلبات، استأنفت كل من المدعية بالاستئناف رقم 13/2010-والمدعي عليه – بالاستئناف 14/2010 – هذا الحكم ، ومحكمة الاستئناف أعادت الخبرة بواسطة لجنة ثلاثية أودعت تقريرها وبجلسة 21/1/2012 حكمت في موضوع الاستئناف 13/2010 برفضه ، وفي الاستئناف رقم 14/2010 بتعديل المبلغ المقضي به بجعله 10,002,544,18 درهم وأعمال فائدة قانونية بواقع 5% سنوياً على مبلغ 3,615,17 درهم و 5,230,040 درهم اعتبارا من تاريخ الادعاء بدلا من المبلغ المحكوم به البالغ 12,127,770 درهم والفائدة القانونية بواقع 9% سنويا على مبلغ 2,305,390 درهم ورفض الاستئناف فيما عدا ذلك .طعن بطريق النقض على هذا الحكم بالطعن الراهن وعرض ملف القضية على أنظار هذه المحكمة بغرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت له جلسة مرافعة أعلن بها الخصوم.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة أهملت فحص الأدلة والمستندات المؤثرة في الدعوى ذلك لأنها التفتت عن مضمون دفاع جوهري تمسك به الطاعن بشأن قيامه بسداد مبلغ 585000 درهم قيمة توريد وتركيب المصاعد المحكوم به على المطعون ضدها لفائدة مقاولها من الباطن ولم يرد ذكر لهذا المبلغ بالحساب النهائي لتقرير الخبرة، ولم يقع طرحه من مستحقات المقاول إلى جانب ذلك فإن هذا التقرير الذي اعتمده الحكم سنداً لقضائه قد شابته عديد الاخلالات والأخطاء الفادحة منها إهداره لحجية تقرير الخبرة الأول بشأن اثبات الحالة بموقع الأشغال فقد خالف ما أثبته هذا التقرير بشأن نسبة الأشغال المنجزة التي قدرت بــــ 37% وقيمة الدفعات المستلمة في مقابل ذلك وتاريخ توقف العمل نهائياً بالموقع، كما انساق الخبراء إلى استنتاجات قانونية خاطئة فيما ذهبوا إليه من اعتبار استشاري المشروع قد أقر بمستحقات الطاعنة عن الدفعات من 21 وما بعدها بعدها وتنازل عن غرامات التأجير استنادا إلى الكتاب الصادر عنه بتاريخ 23/8/2006 حال أن ما ورد بذلك الكتاب لم يكن إقرارا مجردا بالسداد بل معلقاً على شروط بتوجب علــــــى المقــــــاول التزامهـــــــا وتحقيقهـــــــــا وقد فسرت الخبرة ذلك الكتاب على أنه إقرار دون ما بحث لمدى الالتزام بالشروط الواردة به، وبنت عليه استنتاجات خاطئة عند احتسابها لأعمال التأخير وتحديد الجهة المسؤوله عن ذلك وما يترتب عن ذلك من مستحقات مالية . وكانت جميع هذه الإخلالات محل اعتراض من الطاعن الذي تمسك بطلب إعادة الخبرة على ضوء ذلك وعلى ضوء تقرير إثبات الحالة وتقرير الخبرة الاستشاري الذي أدلى به إلا أن المحكمة التفتت عن ذلك و بَنتْ حكمها على تقرير الخبرة المعيب وهو يشوب حكمها بما ورد بأسباب الطعن من قصور ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون وفساد الاستدلال ويوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي في محله ذلك لأنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها بما في ذلك تقارير الخبرة التي لها أن تأخذ بها دون معقب عليها إلا أن شرط ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة لا تخالف الثابت بالأوراق وأن يكون تقرير الخبرة سند قضاءها قد أنجز المأمورية على الوجه المطلوب وناقش طلبات الخصوم على ضوء ما استقاه من معلومات من جهات ذات الصلة وعلى ضوء ما قدم له من أوراق ومستندات حاسمة في النزاع، وأن لا يتجاوز مهمته إلى البت في مساءل قانونية هي من صميم اختصاص المحكمة. لما كان ذلك وكان من ضمن ما ورد بدفاع الطاعن ودلل عليه بالمستندات قيامه بسداد قيمة المصاعد التي أخلت المطعون ضدها بسداد قيمتها للشركة الموردة لها، وعدم قيام لجنة الخبرة باحتساب المبلغ المسدد ضمن مدفوعات الطاعن للمطعون ضدها كما طالب لجنة الخبرة وقرع سمع المحكمة بضرورة التقيد بما أثبته تقرير اثبات الحالة المنجز ضمن دعوى مرفوعة من المطعون ضدها للغرض والذي حدد نسبة الأشغال المنجزة، وقيمة ما تم دفعة من الطاعن ، وتاريخ توقف المطعون ضدها عن الأشغال إلا أن لجنة الخبرة، وإن ذكرت أنها اعتمدت هذا التقرير إلا أنها خالفت مضمونه وأعادت النظر فيما قررهُ بخصوص نسبة الانجاز وتاريخ توقف الأشغال والجهة المسؤولة عن ذلك، وقد اعتد الحكم بذلك التقرير دون أن يـعــــن بالـــــــــرد عن الاعتراضــــــات الجوهريـــة الموجه إليه بهذا الخصوص والتي دلل عليها الطاعن بأوراق لها حجيتها في الإثبات ناهيك وأنه جرى العمل على أن تقارير اثبات الحالة والتي تصدر بها أحكام بانتهاء الدعوى هي المرجع القانوني الذي يعتمد لتحديد وقائع النزاع زمن حدوثه وبعد انقضاء مدة من الزمن تتغير معها معالم الموقع والأشغال والإثباتات المرتبطة بها . كما أن ما ذهب إليه الحكم لجهة الأخذ بما اعتبره تقرير الخبرة ثبوت إقرار استشاري المشروع – ممثل الطاعن – لمستحقات المطعون ضدها عن الدفعة 21 وما بعدها رغم منازعة الطاعن في ذلك وتمسكه تعليق ذلك الإقرار على شروط لم تتحقق و إحجام المحكمة عن مناقشة فحوى ذلك الإقرار على ضوء ما ورد بالكتاب المضمن به وما نسب للجنة الخبرة من تجزئة ذلك الإقرار يعد في حقيقة الأمر في مقام تخل المحكمة عن دورها في حسم مسألة قانونية وإسنادها للخبرة ، ويكون بذلك ما نسب للحكم المطعون فيه من قصور في التسبيب ومخالفة للثابت بالأوراق الذي جره إلى مخالفة القانون قائما على أساس بما يتعين معه نقض الحكم على أن يكون مع النقض الإحالة .




المواضيع المتشابهه: