جلسة الأربعاء الموافق 29 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبدالعزيز محمد عبدالعزيز- رئيس الدائرة، وعضوية السادة القضاة: د. أحمد المصطفى أبشر ومصطفى الطيب حبورة.
( )






الطعن رقم 212 لسنة 2013 مدني


(1) إثبات" تقدير الأدلة"" تحقيق". محكمة الموضوع" سلطتها التقديرية". هبة. دعوى" تكييفها". حكم" تسبيب سائغ".
- البحث في حقيقة التصرف المتنازع عليه واستظهار مدلول المحرر الذي جرى به التصرف بما تضمنته عباراته والملابسات المحاطة بإصداره أو أدت إليه وطبيعة التصرف. سلطة محكمة الموضوع. متى كان سائغاً.
- طلب الخصم إحالة الدعوى للتحقيق. غير ملزم للمحكمة. شرطه؟
- فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وصولاً إلى التكييف الصحيح لحقيقة التصرف المتنازع عليه. سلطة محكمة الموضوع.
- مثال لتسبيب سائغ في تكييف تصرف الطاعن للمطعون ضدها بأنه هبه من زوج لزوجته.

(2) هبه" نفاذها". تسجيل. قانون" تطبيقه". عقار. حكم" تسبيب سائغ".
- هبة العقار. نفاذها بنقل ملكيته من اسم المالك الواهب إلى اسم الموهوب له في السجل العقاري لدى دائرة التسجيل قبضاً. غير جائز للواهب الرجوع في هبته ما لم تكن من الحالات التي نص عليها القانون على حقه في الرجوع فيها. أساس ذلك؟
- مثال لتسبيب سائغ في توافر أركان الهبة للشقة محل النزاع الصادرة من الطاعن للمطعون ضدها.



(3) هبة. إرث. قانون" تطبيقه". حكم" تسبيب سائغ".
- الهبة. ماهيتها. تملك مال أو حق مالي أخر حال حياه المالك تبرعاً. مؤدى ذلك. هبة المال حال الحياة إلى ما قد يكون أحد ورثه الواهب عند وفاته. جائز. دون التقيد بالثلث المقرر للوصية لما بعد الموت. أساس ذلك؟
- التحايل على أحكام الميراث بالبيع أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من التصرفات. باطل. المادة 361 من قانون الأحوال الشخصية. عدم انطباق أحكام هذه المادة على حالات الهبة حال حياة المالك التي نظمها قانون المعاملات المدنية. علة ذلك وأثره؟
- مثال لتسبيب سائغ في عدم توافر إحدى حالات الرجوع في الهبة.
ــــــ

1- لما كان لمحكمة الموضوع – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – سلطة البحث في حقيقة التصرف المتنازع عليه واستظهار مدلول المحرر الذي جري به هذا التصرف بما تضمنته عباراته على ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بإصداره أو أدت إليه وطبيعة التصرف وصولاً إلى التكييف الصحيح له وما يتطلبه القانون بشأنه متى جاء قضاؤها في ذلك سائغاً وقائماً على ماله سنده في الأوراق ، وأن المحكمة لا تلتزم بإجابة الخصم إلى طلبه إحالة الدعوى للتحقيق متى وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها وردت على الطلبات والدفوع المطروحة بما يحمل قضاؤها – لما كان ذلك ، وكان البين من سند الملكية أن ملكية شقة النزاع قد انتقلت من مالكها الطاعن إلى زوجته المطعون ضدها في 17/11/2008 " بطريق التنازل " لها وليس " بطريق شرائها منه " ، ولو كان انتقال الملكية للمطعون ضدها بموجب عقد شراء لكانت سلطات التسجيل قد أثبت ذلك تحديداً على ما هو متبع. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهي إليه من تكييف تنازل الطاعن على أنه هبة منه لزوجته المطعون ضدها دون عوض على سند من أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد أن انتقال ملكية العين كان بالشراء وان دفاعه في ذلك جاء مرسلاً ولا يتفق مع ما هو ثابت بسند الملكية من أن العين انتقلت منه إلى المطعون ضده بالتنازل، وأن طلبه إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات أنه باع العين للمطعون ضدها وأنها لم تقم بالوفاء بالثمن ليس له وجاهة ويصطدم بما هو مبين بسند الملكية والذي لم يقدم الطاعن ما يخالفه ، وكان ما استخلصه الحكم وما انتهي إليه من تكييف لحقيقة التصرف بأنه هبة من زوج لزوجته الثانية قد جاء متفقاً وواقع الدعوى ومستنداتها ومن ثم فلا على الحكم رفضه طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق وفي ضوء تقلبه في تحديد سبب دعواه بين ما ورد بصحيفة الدعوى من أن تنازله عن الشقة للمطعون ضدها كان بدون عوض على وعد منها بإعادة تسجيلها في اسمه عند زوال الظروف الخاصة به التي دعته للتنازل ومتى رغب في ذلك وبين ادعاؤه اللاحق بأنه باع لها الشقة بثمن محدد – لم يبينه– وأنها لم تسدده وطلب استرداده أو إعادة الوحدة إليه ، بما يضحى معه النعي جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وصولاً إلى التكييف الصحيح لحقيقة التصرف المتنازع عليه بما يتعين معه عدم قبوله.

2- لما كان النص في المادة 615/1 من قانون المعاملات المدنية على أن الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول وتتم بالقبض ، وفي المادة 639 على أن نفاذ عقد الهبة يتوقف على أي إجراء تعلق القوانين نقل الملكية عليه ويجوز لكل من طرفي العقد استكمال الإجراءات اللازمة، وفي المادة 1277 منه على أنه لا تنتقل ملكية العقار ولا الحقوق العينية العقارية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به، يدل على أن هبة العقار تنفذ – أي تتم – بنقل ملكيته من اسم المالك الواهب إلى اسم الموهوب له في السجل العقاري لدي دائرة التسجيل العقاري قبضاً ويعتبر انتقال الملكية قبضاً للهبة بإذن الواهب الضمنى فيملك هذا التسجيل التصرف في العقار الموهوب ولا يملك الواهب الرجوع في هبته بعد ذلك إلا في الأحوال التي نص القانون على حقه في الرجوع فيها. لما كان ذلك وكان البين من سند الملكية المشتركة أن الطاعن كان يملك الشقة 301 في النيابة المكونة من أرضى + 5 طوابق مواقف سيارات وعشرون طابقاً ، وتقع في الطاعن الثامن منها ، وأن الطاعن تنازل عن هذه الشقة للمطعون ضدها وتعدل سجل الملكية في اسمها بتاريخ 17/11/2008 ، بما يفيد أن أركان الهبة من إيجاب وقبول وقبض قد اكتملت قانوناً – وإذ انتهي الحكم المستأنف الذي اتخذ الحكم المطعون فيه من أسبابه أسبابا مكملة له إلى ذلك وقضى بتحقق النفاذ الكامل لعقد الهبة بهذا التسجيل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون بما يغدو معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.

3- لما كانت الهبة على ما تقرره المادة 614/1 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1985هى تمليك مال أو حق مالي آخر حال حياة المالك تبرعاً ، وأن أحكام الهبة على ما أكدته المذكرة التفسيرية لهذا القانون مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية فأجاز القانون للرجل هبة ماله حال حياته لأي من أولاده أو لزوجته وللأبوين أن يهب أيا منهما ماله لأحد أولاده ، أي أنه أجاز هبة المال حال الحياة إلى ما قد يكون أحد ورثة الواهب عند وفاته دون التقيد بالثلث المقرر للوصية لما بعد الموت وباعتبار أن الهبة تجرد من المال في الحال. وحيث أخذ قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 المستمد بالكلية من أحكام الشريعة الإسلامية في اعتباره قانون المعاملات المدنية المستمد بدوره من هذه الإحكام ، وكان المستفاد من نص المادة 361 منه – قانون الأحوال الشخصية – فيما نص عليه على أنه يعتبر باطلاً كل تحايل على أحكام الميراث بالبيع أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من التصرفات أنه اختص بحالة ما بعد موت الواهب حال حياته ووجود ورثة فقرر لمن يرغب من الورثة حق المطالبة بإبطال هبة مورثهم حال حياته ماله لأحد من الورثة أو الغير الموجودين عند الوفاة بأمل إضافة المال الموهوب متى كان موجوداً في ملك الوارث الموهوب له وصولا إلى ضمه لتركة المورث بدعوى أن تلك الهبة كانت تحايلاً على أحكام الميراث، بما مؤداه عدم انطباق أحكام هذه المادة على حالات الهبة حال حياة المالك التي نظمها قانون المعاملات المدنية لأنه ما دام صاحب المال حيا صحيحا معاف في بدنه وعقله لا يوجد مال يسمى ميراثا كما لا يوجد شخص يسمى وارثا ولا توجد أنصبة يمكن تحديدها ومن ثم ينتفي التعارض بين أحكام هذين القانونين ، بما يترتب عليه ألا حق للواهب نفسه حال حياته من الرجوع عن هبته إلا إذا ثبت توافر أي من حالات الرجوع التي قررها حصراً قانون المعاملات المدنية، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى عدم توافر أي من هذه الحالات في نطاق الدعوى الماثلة المرفوعة من الواهب نفسه حال حياته – الطاعن – فإن النعي عليه بهذا الوجه يغدو على غير سند متعين الرفض.




المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 1713/2012 مدني كلي الشارقة على المطعون ضدها بطلب الحكم له وبصفة مستعجلة بوضع إشارة منع التصرف بالشقة رقم 211 بالعقار رقم 636 حوض 16 منطقة المجاز بالشارقة ومخاطبة دائرة التسجيل العقاري بذلك ، وبإلزام الطاعنة بسداد قيمة الوحدة له عند امتناعها عن التنازل عنها ، وقال شرحاً لدعواه أنه اشترى هذه الشقة من ماله الخاص وتم تسجيلها في اسمه بموجب سند الملكية رقم 8464 بتاريخ 19/7/2008 ، ونظراً لأسباب تتعلق بالعمل قام بالتنازل عنها لزوجته المطعون ضدها وسجلها باسمها بتاريخ 17/11/2008 على أن تقوم بإعادتها له عندما تزول الأسباب وعند رغبته في ذلك ، ونظراً لزوال تلك الأسباب طلب منها إعادة الوحدة إليه لحاجته الماسة لبيعها لسداد حاجات أولاده من زوجته الأولي إلا أنها رفضت ذلك ، فكانت الدعوى. تقدمت المطعون ضدها بطلب عارض بتثبيت ملكيتها للعين محل التداعي وإلزام الطاعن بعدم التعرض لها في ملكيتها. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الطلب العارض لعدم سداد رسمه ، وبرفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 1502/2012 الشارقة ، ومحكمة الاستئناف قضت في 25/2/2012 بتأييد الحكم المستأنف ، فكان الطعن.

وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالثلاث الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، إذ أخذ بتكييف محكمة أول درجة بأن تنازله للمطعون ضدها عن شقة النزاع كان هبة لها ، وهو ما يخالف الواقع وحكم المادتين 318 و 319 من قانون المعاملات المدنية بأنه لا يجوز لأحد أخذ مال غيره وعليه رده وأنه لا يجوز لأحد أن يثري على حساب غيره دون سبب ، والمطعون ضدها لم تقدم ما يفيد أن تصرف الطاعن كان هبة لها وليس بيعاً ، وأن عبارة " تنازل " الواردة بسند الملكية لا يغير عن حقيقة الواقع لأنها تعفى الطاعن عن سداد رسوم التسجيل فقط ، وقد تمسك بطلب إحالة الدعوى للتحقيق ليثبت بكافة طرق الإثبات ومنها شهادة الشهود بأن تصرفه كان بيعاً وليس هبة وأن المطعون ضدها وعدته بسداد الثمن ولم تف بذلك إلا أن الحكم رفض هذا الطلب بحجة أنه يصطدم بما هو ثابت بسند الملكية من انتقال الوحدة عن طريق التنازل وليس الشراء منه ولا يجوز مخالفة ما هو ثابت بالكتابة إلا بالكتابة ، وفي حين أن المادة 37 من قانون الإثبات تجيز البينة بشهادة الشهود لإثبات ما يخالف الكتابة إذا وجد مانع أدبي يحول دون الحصول على دليل كتابي يخالف الدليل الكتابي المقدم وقد توافر هذا المانع الأدبي كون الطاعن كان زوجاً للمطعون ضدها بتاريخ التصرف بما كان يتعين معه على المحكمة إجابة طلبه إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات ما سلف بيانه ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن لمحكمة الموضوع – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – سلطة البحث في حقيقة التصرف المتنازع عليه واستظهار مدلول المحرر الذي جري به هذا التصرف بما تضمنته عباراته على ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بإصداره أو أدت إليه وطبيعة التصرف وصولاً إلى التكييف الصحيح له وما يتطلبه القانون بشأنه متى جاء قضاؤها في ذلك سائغاً وقائماً على ماله سنده في الأوراق ، وأن المحكمة لا تلتزم بإجابة الخصم إلى طلبه إحالة الدعوى للتحقيق متى وجدت في أوراقها ما يكفي لتكوين عقيدتها وردت على الطلبات والدفوع المطروحة بما يحمل قضاؤها – لما كان ذلك ، وكان البين من سند الملكية أن ملكية شقة النزاع قد انتقلت من مالكها الطاعن إلى زوجته المطعون ضدها في 17/11/2008 " بطريق التنازل " لها وليس " بطريق شرائها منه " ، ولو كان انتقال الملكية للمطعون ضدها بموجب عقد شراء لكانت سلطات التسجيل قد أثبت ذلك تحديداً على ما هو متبع. وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهي إليه من تكييف تنازل الطاعن على أنه هبة منه لزوجته المطعون ضدها دون عوض على سند من أن أوراق الدعوى خلت مما يفيد أن انتقال ملكية العين كان بالشراء وان دفاعه في ذلك جاء مرسلاً ولا يتفق مع ما هو ثابت بسند الملكية من أن العين انتقلت منه إلى المطعون ضده بالتنازل، وأن طلبه إحالة الدعوى للتحقيق لإثبات أنه باع العين للمطعون ضدها وأنها لم تقم بالوفاء بالثمن ليس له وجاهة ويصطدم بما هو مبين بسند الملكية والذي لم يقدم الطاعن ما يخالفه ، وكان ما استخلصه الحكم وما انتهي إليه من تكييف لحقيقة التصرف بأنه هبة من زوج لزوجته الثانية قد جاء متفقاً وواقع الدعوى ومستنداتها ومن ثم فلا على الحكم رفضه طلب الطاعن إحالة الدعوى للتحقيق وفي ضوء تقلبه في تحديد سبب دعواه بين ما ورد بصحيفة الدعوى من أن تنازله عن الشقة للمطعون ضدها كان بدون عوض على وعد منها بإعادة تسجيلها في اسمه عند زوال الظروف الخاصة به التي دعته للتنازل ومتى رغب في ذلك وبين ادعاؤه اللاحق بأنه باع لها الشقة بثمن محدد – لم يبينه – وأنها لم تسدده وطلب استرداده أو إعادة الوحدة إليه ، بما يضحى معه النعي جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وصولاً إلى التكييف الصحيح لحقيقة التصرف المتنازع عليه بما يتعين معه عدم قبوله.

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون حين قضى بتحقق شروط الهبة في حين أنه قدم مستندات تفيد على سبيل الجزم أن المبنى لم يكن قد اكتمل انجازه وقت نقل الملكية للمطعون ضدها فلا يمكن هبته لها ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن النص في المادة 615/1 من قانون المعاملات المدنية على أن الهبة تنعقد بالإيجاب والقبول وتتم بالقبض ، وفي المادة 639 على أن نفاذ عقد الهبة يتوقف على أي إجراء تعلق القوانين نقل الملكية عليه ويجوز لكل من طرفي العقد استكمال الإجراءات اللازمة، وفي المادة 1277 منه على أنه لا تنتقل ملكية العقار ولا الحقوق العينية العقارية الأخرى بين المتعاقدين وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقاً لأحكام القوانين الخاصة به، يدل على أن هبة العقار تنفذ – أي تتم – بنقل ملكيته من اسم المالك الواهب إلى اسم الموهوب له في السجل العقاري لدي دائرة التسجيل العقاري قبضاً ويعتبر انتقال الملكية قبضاً للهبة بإذن الواهب الضمنى فيملك هذا التسجيل التصرف في العقار الموهوب ولا يملك الواهب الرجوع في هبته بعد ذلك إلا في الأحوال التي نص القانون على حقه في الرجوع فيها. لما كان ذلك وكان البين من سند الملكية المشتركة أن الطاعن كان يملك الشقة 301 في النيابة المكونة من أرضى + 5 طوابق مواقف سيارات وعشرون طابقاً ، وتقع في الطاعن الثامن منها ، وأن الطاعن تنازل عن هذه الشقة للمطعون ضدها وتعدل سجل الملكية في اسمها بتاريخ 17/11/2008 ، بما يفيد أن أركان الهبة من إيجاب وقبول وقبض قد اكتملت قانوناً – وإذ انتهي الحكم المستأنف الذي اتخذ الحكم المطعون فيه من أسبابه أسبابا مكملة له إلى ذلك وقضى بتحقق النفاذ الكامل لعقد الهبة بهذا التسجيل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون بما يغدو معه النعي على غير سند خليقاً بالرفض.

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، ذلك أنه – وبفرض تمام الهبة – لم يراعي الحكم المستفاد من نص المادة 631 من قانون الأحوال الشخصية من بطلان كل تحايل على أحكام الميراث بالبيع أو الهبة أو الوصية لحرمان الورثة أو بعضهم ، وأن للطاعن الواهب زوجة أخري وأولاد آخرين ، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن الهبة على ما تقرره المادة 614/1 من قانون المعاملات المدنية لسنة 1985هى تمليك مال أو حق مالي آخر حال حياة المالك تبرعاً ، وأن أحكام الهبة على ما أكدته المذكرة التفسيرية لهذا القانون مستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية فأجاز القانون للرجل هبة ماله حال حياته لأي من أولاده أو لزوجته وللأبوين أن يهب أيا منهما ماله لأحد أولاده ، أي أنه أجاز هبة المال حال الحياة إلى ما قد يكون أحد ورثة الواهب عند وفاته دون التقيد بالثلث المقرر للوصية لما بعد الموت وباعتبار أن الهبة تجرد من المال في الحال. وحيث أخذ قانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 المستمد بالكلية من أحكام الشريعة الإسلامية في اعتباره قانون المعاملات المدنية المستمد بدوره من هذه الإحكام ، وكان المستفاد من نص المادة 361 منه – قانون الأحوال الشخصية – فيما نص عليه على أنه يعتبر باطلاً كل تحايل على أحكام الميراث بالبيع أو الهبة أو الوصية أو غير ذلك من التصرفات أنه اختص بحالة ما بعد موت الواهب حال حياته ووجود ورثة فقرر لمن يرغب من الورثة حق المطالبة بإبطال هبة مورثهم حال حياته ماله لأحد من الورثة أو الغير الموجودين عند الوفاة بأمل إضافة المال الموهوب متى كان موجوداً في ملك الوارث الموهوب له وصولا إلى ضمه لتركة المورث بدعوى أن تلك الهبة كانت تحايلاً على أحكام الميراث، بما مؤداه عدم انطباق أحكام هذه المادة على حالات الهبة حال حياة المالك التي نظمها قانون المعاملات المدنية لأنه ما دام صاحب المال حيا صحيحا معاف في بدنه وعقله لا يوجد مال يسمى ميراثا كما لا يوجد شخص يسمى وارثا ولا توجد أنصبة يمكن تحديدها ومن ثم ينتفي التعارض بين أحكام هذين القانونين ، بما يترتب عليه ألا حق للواهب نفسه حال حياته من الرجوع عن هبته إلا إذا ثبت توافر أي من حالات الرجوع التي قررها حصراً قانون المعاملات المدنية، وإذ انتهي الحكم المطعون فيه إلى عدم توافر أي من هذه الحالات في نطاق الدعوى الماثلة المرفوعة من الواهب نفسه حال حياته – الطاعن – فإن النعي عليه بهذا الوجه يغدو على غير سند متعين الرفض.
وحيث إنه ، ولما تقدم ، تقضى المحكمة برفض الطعن.



المواضيع المتشابهه: