جلسة الثلاثاء الموافق 11 من نوفمبر سنة 2013

برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح– رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد ابراهيم وأحمد عبدالحميد حامد.

( )



الطعن رقم 396 لسنة 2012 جزائي

(1) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية " . مذاهب فقهية . قتل عمد. قصد جنائي . جريمة " أركانها ".
- فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والترجيح بينها . حق لمحكمة الموضوع.
- القصد الجنائي في القتل . أمر باطني . وفقاً للمذهب المالكي. نوعان . عمد وخطأ.
- القتل العمد الموجب للقصاص . مناط تحققه شرعاً؟
- اداة ارتكاب جريمة القتل . لا عبرة لها سواء قاتله أو غير قاتله.

(2) قانون " تفسيره ". محاكم شرعية . اختصاص . شريعة اسلامية . أولياء الدم. قصاص . حكم " تسبيب سائغ".
- جرائم القصاص والدية . خضوعها لأحكام الشريعة الاسلامية . شرط ذلك؟
- العفو من أولياء الدم, يسقط القصاص شرعاً . تعلق ذلك بالنظام العام علة ذلك؟.
- سقوط الحكم بالقصاص . مؤداه ؟
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل عمد تنازل أولياء الدم عن حقهم في القصاص وطبق الحكم العقوبة التعزيرية.




_____

1- لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها هو مما تستقل به محكمة الموضوع- وان القصد الجنائي أمر باطني وان القتل وفقا لمذهب الإمام مالك نوعان عمد وخطأ ولا ثالث لهما، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعاً بإتيان الجاني الفعل المؤدى إلى الموت عمداً عدواناً ولو لم يقصد من ورائه قتلا – ولا عبرة في ذلك بما اذا كانت الأداة المستعملة في هذا الفعل قاتله أو غير قاتله، وقد ورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 4 ص 7 ( وأن القصد اي تعمد القاتل ضرباً وان بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك لغضب او عداوة يقتص منه ) ويقول أحمد الدرديري في الشرح الصغير ج 4 ص 338،331 في بيان شروط الجناية الموجبة للقصـــاص ( وشروطها العمد العدوان وان قصد الجاني ضربا لم يجز بمحدد وإن بقضيب أو عصا أو سوط ونحوهما مما لا يقتل غالبا وان لم يقصد قتله) ويقول ابن جزى في كتابه القوانين الفقهية ص 340،339 ( فأما العمد فهو إن يتعمد الجاني الضرب بمحدد أو بمثقل أو إحراق أو تغريق أو خنق أو غير ذلك فيجب فيه القود) .

2- لما كان من المقرر أن مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1996 في شأن اختصاص المحاكم الشرعية والمادتين 331،1 من قانون العقوبات الاتحادي ان جرائم القصاص والديه تخضع لأحكام الشريعة الاسلامية إذا ما توافرت شروط تطبيق عقوبة القصاص . وان العفو من أولياء الدم عن القصاص يسقط القصاص شرعا وهو أمر يتعلق بالنظام العام وفق أحكام الشريعة الاسلامية الواجبة التطبيق لما يتوقف على تركه اهدار لنفس زكيه درئ القصاص عنها بالعفو ويقتضي ذلك شـرعا سقوط الحكم بالقصاص، وإذا امتنع توقيع هذه العقوبة فإنه يتعين معاقبة الجاني بالعقوبات التعزيريه المقررة قانونا في قانون العقوبات –لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من جماع أقوال الشهود وما قرر به المتهمان وثبت من تقرير الطب الشرعي ان المتهمان – الطاعنان ضربا المجني عليها على مقدمة رأسها وأمسكاها من شعرها لتنبيهها كلما غفلت وقد خلص تقرير اللجنة الطبية إلى أن وفاة المجني عليها إصابيه نتيجة العنف الذي تعرضت له سواء بالعصا أو بالأيد أو بهز الجسد خلال القيام منهما بأعمال الرقيا . وان الحالة المرضية للمجني عليها قد ساهمت بقدر بسيط في سرعة النزف الدماغي نتيجة تأخر تجلط الدم وحدوث الوفاة – وقد استقر في يقين محكمة الموضوع ان وفاة المجني عليها نتجت عما تعرضت له من ضرب الايدي والعصا ومن هز لجسدها من قبل المتهمين معاً ولا علاقة لها بحادث السقوط ولا بالرقية السابقة التي جرت من طرف غير مشمول في الدعوى قبل عشرة ايام سابقة على تاريخ الوفاة ، وكان ما خلص إليه الحكم في إدانة الطاعنين سائغا وله اصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمله في ثبوت واقعة القتل العمد في حقهما الموجب للقود منهما واذ تنازل أولياء الدم بمقتضى الإقرار الموثق لدى كاتب العدل بالشارقة برقم 14302 في 12/6/2011 عن القصاص وقضى الحكم المطعون فيه بإسقاط الحق في القصاص والدية عن المتهمين وانزل عليهما العقوبة التعزيريه والتي لم تكن محل طعن من قبل النيابة العامة – ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق صحيح الشرع ويكون نعي الطاعنان عليه لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وإنزال التكييف الصحيح لواقعة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا.



المحكمة
_____

حيث إن الوقائع - وعلي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة أسندت للمتهمين الطاعنين بأنهما بتاريخ 18/3/2011 بدائرة مدينة خورفكان: قتلا عمداً المجني عليها /............ وذلك بأن استخدم المتهم الأول يده والثاني استخدم رجله وعصا لضربها مما أدى إلى حدوث الإصابات الواردة بتقرير الطبيب الشرعي والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالأوراق. وطلبت معاقبتهما بالجناية طبقا لأحكام الشريعة الاسلامية الغراء والمواد 332،331/1 من قانون العقوبات الاتحادي –وبتاريخ 27/6/2011 حكمت محكمة أول درجة حضوريا وبالإجماع بحبس كل متهم سنتين لما اسند لكل منهما من اتهام. استأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما استأنفه المحكوم عليهما وذلك بالاستئنافات أرقام 277،272،268 لسنة 2011 – وبتاريخ 19/6/2012 قضت المحكمة حضورياً وبالإجماع في موضوع استئنافي المتهمين برفضهما وفي موضوع استئناف النيابة العامة بتعديل الحكم المستأنف إلى القضاء بثبوت إدانة كل واحد من المتهمين بالتهمة المنسوبة إليهما وفق الوصف الوارد بأمر الإحالة وبمعاقبة كل واحد منهما تعزيراً بالحبس لمدة ستة أشهر من أجل ذلك، طعن المحكوم عليهما بطريق النقض بالطعن الماثل ، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن.

وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المالكية قد اشترطوا لتوافر ركن القتل العمد الموجب للقصاص أن يكون عمداً عدوانا وقد ثبت من أقوال الشهود أن الفعل لم يكن عمدا عدوانا وإنما مجرد علاج بالقرآن ينتفي معه القصد الجنائي وإذ دانهما الحكم المطعون فيه وفق قرار الإحالة دون أن يبين القصد الجنائي وتوافر جريمة القتل العمد العدوان – حالة أنهما كانا يعالجانها بالقران والرش بالماء والضرب الخفيف ودون أن يكون في الأوراق دليلاُ قاطعا في ارتكابهما لهذه الجريمة و دون ان يعنى بالرد على ما تمسكا به من تناقض الدليل القولي للشهود مع الدليل الفني ودون أن يتطرق الى واقعة سقوط المجني عليها بالحمام فانه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.

وحيث إن النعي مردود ذلك انه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة - أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والترجيح بينها هو مما تستقل به محكمة الموضوع- وان القصد الجنائي أمر باطني وان القتل وفقا لمذهب الإمام مالك نوعان عمد وخطأ ولا ثالث لهما، وان القتل العمد الموجب للقصاص يتحقق شرعاً بإتيان الجاني الفعل المؤدى إلى الموت عمداً عدواناً ولو لم يقصد من ورائه قتلا – ولا عبرة في ذلك بما اذا كانت الأداة المستعملة في هذا الفعل قاتله أو غير قاتله، وقد ورد في شرح الزرقاني على متن خليل جزء 4 ص 7 ( وأن القصد اي تعمد القاتل ضرباً وان بقضيب او نحوه مما لا يقتل غالباً وفعل ذلك لغضب او عداوة يقتص منه ) ويقول أحمد الدرديري في الشرح الصغير ج 4 ص 338،331 في بيان شروط الجناية الموجبة للقصاص ( وشروطها العمد العدوان وان قصد الجاني ضربا لم يجز بمحدد وإن بقضيب أو عصا أو سوط ونحوهما مما لا يقتل غالبا وان لم يقصد قتله) ويقول ابن جزى في كتابه القوانين الفقهية ص 340،339 ( فأما العمد فهو إن يتعمد الجاني الضرب بمحدد أو بمثقل أو إحراق أو تغريق أو خنق أو غير ذلك فيجب فيه القود) – ومن المقرر ان مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1996 في شأن اختصاص المحاكم الشرعية والمادتين 331،1 من قانون العقوبات الاتحادي ان جرائم القصاص والديه تخضع لأحكام الشريعة الاسلامية إذا ما توافرت شروط تطبيق عقوبة القصاص . وان العفو من أولياء الدم عن القصاص يسقط القصاص شرعا وهو أمر يتعلق بالنظام العام وفق أحكام الشريعة الاسلامية الواجبة التطبيق لما يتوقف على تركه اهدار لنفس زكيه درئ القصاص عنها بالعفو ويقتضي ذلك شـرعا سقوط الحكم بالقصاص، وإذا امتنع توقيع هذه العقوبة فإنه يتعين معاقبة الجاني بالعقوبات التعزيريه المقررة قانونا في قانون العقوبات –لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص من جماع أقوال الشهود وما قرر به المتهمان وثبت من تقرير الطب الشرعي ان المتهمان – الطاعنان ضربا المجني عليها على مقدمة رأسها وأمسكاها من شعرها لتنبيهها كلما غفلت وقد خلص تقرير اللجنة الطبية إلى أن وفاة المجني عليها إصابيه نتيجة العنف الذي تعرضت له سواء بالعصا أو بالأيد أو بهز الجسد خلال القيام منهما بأعمال الرقيا . وان الحالة المرضية للمجني عليها قد ساهمت بقدر بسيط في سرعة النزف الدماغي نتيجة تأخر تجلط الدم وحدوث الوفاة – وقد استقر في يقين محكمة الموضوع ان وفاة المجني عليها نتجت عما تعرضت له من ضرب الايدي والعصا ومن هز لجسدها من قبل المتهمين معاً ولا علاقة لها بحادث السقوط ولا بالرقية السابقة التي جرت من طرف غير مشمول في الدعوى قبل عشرة ايام سابقة على تاريخ الوفاة ، وكان ما خلص إليه الحكم في إدانة الطاعنين سائغا وله اصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمله في ثبوت واقعة القتل العمد في حقهما الموجب للقود منهما واذ تنازل أولياء الدم بمقتضى الإقرار الموثق لدى كاتب العدل بالشارقة برقم 14302 في 12/6/2011 عن القصاص وقضى الحكم المطعون فيه بإسقاط الحق في القصاص والدية عن المتهمين وانزل عليهما العقوبة التعزيريه والتي لم تكن محل طعن من قبل النيابة العامة – ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد طبق صحيح الشرع ويكون نعي الطاعنان عليه لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع وإنزال التكييف الصحيح لواقعة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام المحكمة العليا ومن ثم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.



المواضيع المتشابهه: