في ظل التخبط التشريعي الواضح في قانون المالكين و المستأجرين يتغير الاجتهاد القضائي بشكل أضحى يخلق إشكالات كثيرة عند تطبيق قانون المالكين و المستأجرين على الوقائع اللامتناهية، ومن هذه الإشكالات التي أثارها القانون تعريف المالك الوارد في المادة الثانية من القانون.

حيث عرف المالك في القانون على أنه :"من يملك حق التصرف فيما يؤجره أو الشريك الذي يملك ما يزيد على نصف العقار أو الشخص الذي يخوله القانون حق إدارة العقار و أي شخص تنتقل اليه الملكية من المالك الاصلي" ،وفي هذا النص عرف القانون المالك استثناءً على الرغم من أن التعريف ليس من مهمة المشرع بل هو مهمة الفقه و القضاء ،ولكن المتتبع لأحكام المحاكم ومنها محكمة التمييز الموقرة يلحظ أن هناك خللا كبيرا في تطبيق التعريف المذكور على وقائع الدعاوى في حال تعدد الشركاء في عقار ووفاة الشركاء أو أحدهم مما يثير إشكالا بالنسبة لحق الورثة في إقامة الدعاوى ،حيث أن الاجتهاد القضائي الحالي يذهب إلى أنه لا بد من أن يملك الورثة الذين يرغبون بإقامة دعوى قضائية ما يزيد على خمسين بالمئة من العقار ،وهذا ما يخلق إشكاليات كثيرة قد تحرم هؤلاء الورثة من حقهم في التقاضي من ناحية ،ولمخالفته تعريف المالك - من وجهة نظر شخصية - وفقا لما يلي :

1- تكتفي محاكمنا الموقرة بحصر مفهوم المالك وفقا لقانون المالكين والمستأجرين بكونه "الشريك الذي يملك ما يزيد على نصف العقار" ،وقد ذهلت - مع الاحترام - عن إعمال باقي الحالات التي تحقق مفهوم المالك وفق التعريف الوارد في المادة الثانية من قانون المالكين والمستأجرين رقم (11) لسنة (1994) وتعديلاته والتي عرفت المالك على أنه :" من يملك حق التصرف فيما يؤجره أو الشريك الذي يملك ما يزيد على نصف العقار أو الشخص الذي يخوله القانون حق إدارة العقار و أي شخص تنتقل اليه الملكية من المالك الاصلي." وباستقراء النص نجد بما لا يدع مجالاً للشك بأن المالك وفقا للمفهوم الوارد أعلاه قد يكون أي شخص تنتقل إليه الملكية من المالك الأصلي أو الشخص الذي يخوله القانون حق إدارة العقار وليس فقط الشريك الذي يملك ما يزيد على نصف العقار وهذا واضح من استخدام المشرع لـ "أو" التي تفيد التخيير لا الجمع ،مما يعني أن توفر أي من هذه الحالات يكفي للنهوض بمفهوم المالك المدرج أعلاه.

2- وبالتناوب فإن المحاكم تغفل عن إعمال احدى الحالات التي تكفي منفردة بتحقيق وصف المالك وهذه الحالة هي حالة "الشخص الذي يخوله القانون حق إدارة العقار" وذلك وفقا لنص المادة الثانية من قانون المالكين والمستأجرين ،وبالرجوع إلى أحكام قانون المالكين والمستأجرين يتبين أنها لم تضع أحكاما خاصة بماهية مفهوم الشخص المخول بإدارة العقار مما يستوجب معه الرجوع إلى القواعد العامة في القانون المدني لاستبيان ان المدعين يملكون الحق في إدارة العقار وفقا لأحكام المادة (1033) من القانون المدني والتي نصت على أنه : " 1- تكون ادارة المال الشائع من حق الشركاء مجتمعين ما لم يتفق على غير ذلك 2- فاذا تولى احد الشركاء الادارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلا عنهم." بالإضافة لنص المادة (1036) من القانون المدني التي تخول كل شريك في الشيوع الحق في ان يتخذ من الوسائل ما يحفظ المال المشترك ولو كان ذلك بغير موافقة باقي الشركاء ، ومقتضى هذا النص انه لأي من الشركاء بغض النظر عن مقدار حصته ان يقيم منفردا عن باقي الشركاء دعوى الإخلاء وذلك لحفظ المال المشترك هو ما يندرج ضمن صميم أعمال الإدارة.وهذا ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز الموقرة في العديد من قراراتها. لطفا انظر قرارات محكمة التمييز (32/1986) و (110/1988) و (1096/1993).

3- وبالتناوب فإن محاكمنا الموقرة تغفل تطبيق نص المادة (1643) من مجلة الأحكام العدلية التي تنص على أنه :"ليس لأحد الشركاء في عين ملكوه بسبب غير الإرث أن يكون في الدعوى خصما للمدعي في حصة الآخر " وبمفهوم المخالفة فإنه يصح لأحد الشركاء في عين ملكوه بسبب الإرث أن يكون خصماً في الدعوى وحيث أنه ليس في هذه المادة ما يتعارض مع أحكام القانون المدني فإنه من الواجب إعمالها بدلالة نص المادة (1448) من القانون المدني، وفي ذلك استقر اجتهاد محكمة التمييز الموقرة على أنّ من حق الوارث أنّ يطالب بكامل مطلوب مورثه عملاً بأحكام المادة 1643 من مجلة الأحكام العدلية سالفة الذكر والتي تقضي بجواز انتصاب الوارث عن التركة خصماً إذا خاصم أو خوصم بالإضافة للتركة نفسها وهذا يعني أن الخصومة تتوجه تبعاً لذلك إلى جميع الورثة والمفهوم المعاكس لذلك أنّ أحد الورثة أو جميعهم إذا اقاموا الدعوى بالإضافة إلى التركة فإن الخصومة تكون صحيحة وهذا ما جاء حرفيا في قرار محكمة التمييز رقم (406/2003) لطفا انظر أيضا 1656/97 تاريخ 1/11/97 و 1015/90 تاريخ 3/3/91 و 455/98 تاريخ 31/5/98) كما جاء وقرار تمييزي ( 1518/2007).

4- و بالتناوب أيضا، فإن محاكمنا بدرجاتها المختلفة تغفل عن إعمال نص المادة (1086/1) من القانون المدني التي نصت على أنه "يكسب الوارث بطريق الميراث العقارات والمنقولات والحقوق الموجودة في التركة." وبالتالي تغفل عن تطبيق احد حالات تحقق صفة المالك وفقا لما ورد في قانون المالكين والمستأجرين من حيث أنه ينطبق على أي شخص تنتقل إليه الملكية من المالك الأصلي، وبالتناوب تكون غفلت عن" ان اقامة الدعوى من المالك او من ورثته لا يؤثر في صحة اقامتها فالوارث و المورث بحكم الشخص الواحد ولا يشترط لثبوت الملكية للوارث اجراء معاملة انتقال واستصدار سند تسجيل الملكية لان الملكية تنتقل بمجرد الوفاة وذلك عملا بالمادة (1086) من القانون المدني". وهذا ما جاء حرفيا في قرار محكمة التمييز الموقرة رقم (1563/1998).

لما تم ذكره في هذا المقال فإنني أتمنى على محاكمنا الموقرة إعادة التفكير فيما قارب الاجتهاد القضائي من الاستقرار عليه في موضوع من يحق له إقامة الدعوى في العقار المملوك على الشيوع و محاولة تطبيق المواد سالفة الذكر للخروج بنتيجة مفادها أن من حق أي شريك إقامة الدعوى إن كانت من أعمال الحفظ كما هو في دعوى الإخلاء.


المواضيع المتشابهه: