جلسة الأربعاء الموافق 27 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول - رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.
( )





الطعن رقم 258 لسنة 2013 إداري
(1) المحكمة الاتحادية العليا" حجية أحكامها". قوة الأمر المقضى فيه. قانون" تطبيقه". حكم" حجيته". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
- المحكمة الاتحادية العليا. فصلها في مسألة قانونية. مؤداه. حيازة حكمها حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما بتت فيه بين الخصوم وبذات الموضوع. أثر ذلك. يمتنع عليها وعلى أية محكمة أخرى معاودة بحت تلك المسألة ثانيه.
- مثال لنعي غير مقبول لفصل الحكم الناقض في مسألة صحة مشروعية قرار تشكيل لجنة التحقيق وغير جائز معاودة بحث هذه المسألة ثانية.

(2) طعن". أسبابه". محكمة الموضوع" سلطتها". قانون" تطبيقه". حكم" تسبيب سائغ".
- الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. سبب مستقل من أسباب الطعن بالنقض. علة ذلك. لا قضاء بغير طلب. للمحكمة القضاء بغير طلب متى أجاز القانون لها ذلك كرفض الدعوى عند عدم ثبوت الحق أو المركز القانوني المدعى به.
- مثال لتسبيب صحيح في تأييد الحكم المستأنف القاضى بتأييد القرار المطعون عليه بالإلغاء.

(3) طعن " قبوله". نقض" مالا يقبل من الأسباب"
- النعي. وجوب أن يكون مستنداً إلى دليل يؤيده في الأوراق. مخالفة ذلك. أثره. عدم قبول الطعن.
- مثال لنعي عارياً عن دليله غير مقبول.

(4) محكمة الإحالة". ما تلتزم به". حكم" تسبيب معيب"" القصور المبطل". بطلان" بطلان الأحكام.
- نقض الحكم للقصور. وجوب على محكمة الإحالة أن تسد هذا القصور ملتزمة في قضائها بالمسألة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض. مخالفة ذلك. أثرة. مخالفة للقانون وقصور مبطل للحكم.
- مثال لتسبيب معيب لعدم تقيده بما فصل فيه قضاء الحكم الناقض في خصوص قصوره عن بيان مفهوم العمل السياسي.

(5) المحكمة الاتحادية العليا" سلطتها". عمل سياسي. جمعيات النفع العام" ما يحظر عليها القيام به".
- تصدي المحكمة الاتحادية العليا للموضوع. شرطه وأساسه؟
- العمل السياسي. ماهيته. كل نشاط فردي أو مؤسسي أو جماعي يتصل بالنظام السياسي للدولة أو بالسيادة الوطنية سواء كان في شكل كتابات أو ندوات أو محاضرات أو ظهر في صورة مبادرات أو دعوات أو صور أخرى.
- جمعيات النفع العام. يحظر عليها القيام بنشاط سياسي بطبيعته تختص به جهات ومؤسسات أخرى غيرها. أساس ذلك. المادة 16 من القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2008 في شأن الجمعيات والمؤسسات الأهليه ذات النفع العام.
- مثال في تأييد الحكم المستأنف القاضي بحل مجلس إدارة جمعية الحقوقيين لصحة قرار الحل ومشروعيته.
ـــــــ



1- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه متى فصلت المحكمة العليا في مسألة قانونية , فإن حكمها يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بين ذات الخصوم وبذات الموضوع , بحيث يمتنع عليها وعلى أية محكمة أخري معاودة بحث تلك المسألة ثانية . لما كان ذلك وكان قضاء الحكم الناقض في الطعن رقم 182 لسنة 2012 نقض إداري قد فصل في مسألة صحة ومشروعية قرار تشكيل لجنة التحقيق , ومن ثم فإنه لا يجوز معاودة بحث هذه المسألة ثانية , ويغدو النعي بهذا الوجه غير سديد .

2- لما كان ذلك أن المشرع الإماراتي , وإن اعتبر الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه , سبب مستقل من أسباب الطعن بالنقض، وكان أساس هذا السبب يستند إلي مبدأ من المبادئ الأساسية في فقه الإجراءات المدنية , وهو مبدأ " لا قضاء بغير طلب " . إلا أن للمحكمة أن تقضي بغير طلب متى أجاز لها القانون ذلك , كالحكم برفض الدعوى عند عدم ثبوت الحق أو المركز القانوني المدعي به . وإذ كان الحكم بتأييد القرار الإداري في دعوى الإلغاء يعني – من حيث النتيجة والأثر - رفض دعوى الإلغاء . وكان الحكم المطعون فيه قد أنتهي إلي تأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتأييد القرار المطعون علية بالإلغاء , ومن ثم فإنه يكون قد صادف صحيح القانون, مما يغدو معه النعي في غير محله .

3- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة , أنه يتعين في وجه النعي أن يكون مستنداً إلى دليل يؤيده في الأوراق , وإلا كان الطعن غير مقبول . لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يفصحوا في طعنهم متى تمسكوا بهذا الدفع وأمام أيه محكمة وفي أيه جلسة , حتى تتمكن المحكمة الاتحادية العليا من الوقوف على حقيقة الدفاع الذي تمسكوا به ونطاقه ومدى أهميته وجوهريتة وأثره في موضوع الدعوى , ومن ثم فإن النعي يكون عارياً عن دليله خليقا بالرفض .

4- لما كان من المقرر قضاء هذه المحكمة, أنه متى نقض الحكم لقصوره, فإن على محكمة الإحالة أن تسد هذا القصور ملتزمة في قضائها بالمسالة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض , والإ كان حكمها معيباً بمخالفة القانون والقصور المبطل . لما كان ذلك وكان قضاء الحكم الناقض في الطعن رقم 182 لسنة 2012 نقض إداري , قد نقض الحكم الإستئنافي الصادر بجلسة 29/2/2012 لقصوره عن بيان " مفهوم العمل السياسي " الذي يحظر على الجمعيات ذات النفع العام الخوض فيه , وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمشروعية قرار الحل استناداً إلي خروج مجلس الإدارة عن أهداف وأغراض الجمعية بإطلاقه للمبادرة سالفة الذكر , دون أن يتقيد بما فصل فيه قضاء الحكم الناقض في خصوص قصوره عن بيان مفهوم العمل السياسي . وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه ..

5- لما كان الموضوع صالح للفصل فيه , فإن المحكمة تتصدي له عملاً بالمادة ( 184 ) من قانون الإجراءات المدنية . وكان العمل السياسي هو كل نشاط فردي أو مؤسسي أو جماعي يتصل بالنظام السياسي للدولة أو بالسيادة الوطنية , سواء أخذ هذا النشاط شكل كتابات أو ندوات أو محاضرات . أو ظهر في صورة مبادرات أو دعوات أو صور أخري . وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أن مجلس إدارة جمعية الحقوقيين والذي يمثل الطاعنون بعض أعضائه , أطلق مبادرة بعنوان " انتخابات عامة لأمة راشدة " تضمنت المطالبة بالمشاركة السياسة لكل مواطن بلغ سن الحادية والعشرين في الاقتراع الحر المباشر في الانتخابات العامة لمجلس وطني اتحادي كامل الصلاحيات الرقابية والتشريعية , ودعا المجلس باقي الجمعيات المماثلة إلي الموافقة عليها والانضمام إليها، وحيث إن هذا النشاط الذي قام به مجلس إدارة الجمعية يبتغي تحقيق نفع عام , إلا أنه نشاط سياسي بطبيعته تختص به جهات ومؤسسات أخري غير جمعيات النفع العام التي يحظر عليها القيام بمثل هذا النشاط عملاً بالمادة (16) من القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2008 في شأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام . ولا يجدي الطاعنين نفعاً ما تمسكوا به من أن المبادرة ترجمة لحق التعبير عن الرأي الذي كفله دستور دولة الاتحاد , فهذا الحق منوط تطبيقه وممارسته بصدور قانون اتحادي ينظم حق العمل السياسي والتعبير عن الآراء السياسية .

وحيث إنه ولما كان قرار حل مجلس إدارة جمعية الحقوقيين – محل دعوى الإلغاء الماثلة - قد استوفي جميع أركانه فصدر ممن يملك إصداره , وفي الشكل الذي رسمه القانون , وبقصد تحقيق أثر قانوني معين , واستند إلى سبب مشروع تمثل في تدخل المجلس في الأمور السياسية , وابتغاء تحقيق مصلحة عامة . وإذ كان الحكم المستأنف قد خلص إلي صحة قرار الحل ومشروعيته , وقضي بتأييده , فأنه يكون قد أصاب صحيح القانون مما يتعين معه تأييده .




المحكمــــة
ـــــــــ
حيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكـــــم المطعون فيه وسائـــر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 212 لسنة 2011 إداري كلي أبوظبي , اختصم فيها المطعون ضدها , طلباً لإلغاء القرار الإداري رقم 178 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 21/4/2012 عن وزيرة الشؤون الاجتماعية , بحل مجلس إدارة جمعية الحقوقيين وتعيين مجلس إدارة مؤقت بدلاً عنه , واعتبار هذا القرار كأن لم يكن مع إهدار ما ترتب عليه من آثار حاضراً ومستقبلاً. وبجلسة 29/6/2011 تدخل الطاعنان الثاني والثالث في الدعوى تدخلا انضمامياً بذات طلب الطاعن الأول , مع أضافة طلب بطلان وإلغاء القرار الإداري رقم 141 لسنة 2011 الصادر عن ذات الوزيرة في 31/3/2011 بتشكيل لجنة التحقيق في المخالفات الواردة بتقرير إدارة الجمعيات ذات النفع العام بشأن جمعية الحقوقيين, وإلغاء كافة ما ترتب عليه من أثار . وقالوا شرحاً لدعواهم أنهم أعضاء منتخبون أصولاً في مجلس إدارة الجمعية ضمن أعضاء آخرين , وأن المطعون ضدها في شخص وزيرتها , أصدرت القرار رقم 141 لسنة 2011 بتشكيل لجنة ثلاثية للتحقيق فيما ورد بتقرير إدارة الجمعيات ذات النفع العام بالوزارة المطعون ضدها . من أن جمعية الحقوقيين أطلقت مبادرة تحت عنوان ( انتخابات عامة لأمة راشدة ) وأنها دعت الجمعيات الأخرى إلى الانضمام إليها, وأنه وبالترتيب على نتيجة تقرير اللجنة سالفة الذكر , أصدرت المطعون ضدها قرارها الثاني رقم 178 لسنة 2011 , بحل مجلس الإدارة المنتخب وتعيين مجلس إدارة مؤقت بدلاً عنه , وأن القرار الأول شابه عيب في شكله , إذ جاء مخالفاً للمادة ( 47 ) من قانون الجمعيات ذات النفع العام ( 2) لسنة 2011 التي نصت على تشكيل معين للجنة التي تتولى التحقيق مع مجلس إدارة الجمعية , إضافة إلي أن عضواً واحداً من أعضاء اللجنة هو من تولي التحقيق وليست اللجنة كهيئة ثلاثية , الأمر الذي يُعد مخالفة للشكل الذي نص عليه القانون , مما يغدو معه القرار الصادر بناء على هذا التقرير باطلاً ويبطل معه بالتالي كل ما بني عليه .
و أما القرار رقم 178 لسنة 2011 , فقد جاء فاقداً للغاية التي تبرر إصداره وهي المصلحة العامة، إذ لا مصلحة في حل مجلس إدارة منتخب وتعيين مجلس إدارة مؤقت بدلاً عنه , كما جاء القرار فاقداً لسببه المشروع , فالمبادرة التي أطلقتها الجمعية هي في حقيقتها ممارسة لحق التعبير عن الرأي الذي يكفله الدستور , وهي عمل قانوني لا سياسي ,كما أنها لا تعدو أن تكون ضمن سلسلة الآراء القانونية التي تبديها الجمعية في مشروعات القوانين , وهو رأي قانوني له أسبابه التاريخية والدستورية والقانونية والوظيفية . وانه و إذ اعتبر القرار , المبادرة عملاً سياسياً واتخذها سبباً له , فإنه يكون معيباً بما يوجب إلغاءه . ردت المطعون ضدها على الدعوي بما موجزه أن تشكيل اللجنة وفق المادة ( 47 ) إنما يكون في حالة حل الجمعية وتصفيتها , وان قيام أحد أعضاء لجنة التحقيق بالتحقيق لا يبطل التحقيق ونتائجه , وأن الدعوة إلي مبادرة لأجل انتخابات عامة هو عمل سياسي يخرج عن الأغراض المحددة للجمعية وفق نظامها الأساسي. ومحكمة أول درجة قضت في 22/9/2011 برفض الدعوى . استأنف الطاعن الأول قضاء محكمة أول درجة بالاستئناف رقم 150 لسنة 2011 إداري أبوظبي , كما رفع الطاعنان الثاني والثالث استئنافا ضمه قلم الكتاب إلى ملف الاستئناف الأصلي باعتباره إستئنافاً فرعياً . ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت بجلسة 29/2/2012 في موضوع الاستئنافين الأصلي والفرعي برفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنون على قضاء محكمة الدرجة الثانية بطريق النقض بالطعن 182 لسنة 2012 نقض إداري . وبجلسة 14/11/2012 قضت المحكمة الاتحادية العليا بنقض الحكم المطعون فيه وبالإحالة . وإذ نظرت محكمة الإحالة الاستئناف وقضت بجلسة 7/3/2013 بالتأييد , فقد أقام الطاعنون – للمرة الثانية – طعنهم المطروح .

وحيث إن هذه المحكمة نظرت الطعن في غرفة مشورة ورأت جدارته بالنظر في جلسه , ثم نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات , وتحددت جلسه اليوم للنطق بالحكم .
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب , ينعي الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون حينما خلص إلي مشروعية القرار المطعون عليه بالإلغاء ( القرار رقم 178 لسنة 2011 ) . حال أن هذا القرار جاء مخالفاً للمادة ( 47) من قانون الجمعيات , ذلك أن اللجنة التي كلفت بالتحقيق مع مجلس الإدارة المنتخب شكلت على خلاف ما تقضي به المادة المذكورة . فضلاً عن أن اللجنة لم تقدم أي اقتراح إلي وزيرة الشؤون الاجتماعية كما نصت على ذلك المادة ( 36 ) من ذات القانون , مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .


وحيث إن هذا النعي غير سديد , لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه متى فصلت المحكمة العليا في مسألة قانونية , فإن حكمها يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود ما تكون قد بتت فيه بين ذات الخصوم وبذات الموضوع , بحيث يمتنع عليها وعلى أية محكمة أخري معاودة بحث تلك المسألة ثانية . لما كان ذلك وكان قضاء الحكم الناقض في الطعن رقم 182 لسنة 2012 نقض إداري قد فصل في مسألة صحة ومشروعية قرار تشكيل لجنة التحقيق , ومن ثم فإنه لا يجوز معاودة بحث هذه المسألة ثانية , ويغدو النعي بهذا الوجه غير سديد .
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال , ذلك أن طلباتهم في الدعوى استقرت على إلغاء قرار حل مجلس الإدارة المنتخب وتعيين مجلس إدارة معين بدلاً عنه , فيما طلبت المطعون ضدها رفض دعوى الإلغاء . بينما ذهب الحكم المطعون فيه إلي القضاء بتأييد القرار , وهو ما يعتبر قضاء بما لم يطلبه الخصوم , الأمر الذي يوجب نقض الحكم .


وحيث إن هذا النعي في غير محله , ذلك أن المشرع الإماراتي , وإن اعتبر الحكم بما لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه , سبب مستقل من أسباب الطعن بالنقض، وكان أساس هذا السبب يستند إلي مبدأ من المبادئ الأساسية في فقه الإجراءات المدنية , وهو مبدأ " لا قضاء بغير طلب " . إلا أن للمحكمة أن تقضي بغير طلب متى أجاز لها القانون ذلك , كالحكم برفض الدعوى عند عدم ثبوت الحق أو المركز القانوني المدعي به . وإذ كان الحكم بتأييد القرار الإداري في دعوى الإلغاء يعني – من حيث النتيجة والأثر - رفض دعوى الإلغاء . وكان الحكم المطعون فيه قد أنتهي إلي تأييد الحكم المستأنف الذي قضى بتأييد القرار المطعون علية بالإلغاء , ومن ثم فإنه يكون قد صادف صحيح القانون , مما يغدو معه النعي في غير محله .
وحيث إن الطاعنون ينعون بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق , ذلك أن الطاعنين تمسكوا بدفاع حاصلة , أن القانون أوجب على جهة الإدارة إنذار الجمعية بالمخالفة المنسوبة إليها لإزالتها , قبل أن تقدم الإدارة على إجراء الحل , وهو ما لم تقم به المطعون ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا الدفع , مما يعيبه بالقصور المبطل .

وحيث إن هذا النعي غير مقبول , ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة , أنه يتعين في وجه النعي أن يكون مستنداً إلى دليل يؤيده في الأوراق , وإلا كان الطعن غير مقبول . لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يفصحوا في طعنهم متى تمسكوا بهذا الدفع وأمام أيه محكمة وفي أيه جلسة , حتى تتمكن المحكمة الاتحادية العليا من الوقوف على حقيقة الدفاع الذي تمسكوا به ونطاقه ومدى أهميته وجوهريتة وأثره في موضوع الدعوى , ومن ثم فإن النعي يكون عارياً عن دليله خليقا بالرفض .
وحيث إن الطاعنون ينعون بالوجه الأول والثالث والرابع من أوجه السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه , الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله , ذلك أنه لم يلتزم بحيثيات قضاء الحكم الناقض في الطعن رقم 182 لسنة 2012 نقض إداري حينما لم يحدد ماهية العمل السياسي المحظور على جمعية الحقوقيين القيام به والذي من شأنه المساس بأمن الدولة . حال أن القعود عن هذا التحديد كان سبب نقض الحكم قبل الإحالة .كما أنه قضي بمشروعية قرار حل مجلس الإدارة المنتخب , حال أن القرار جاء فاقداً للغاية التي تبرره , وكذلك لسببه المشروع , الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه .

وحيث إن النعي في محله , لما هو تقرر في قضاء هذه المحكمة, أنه متى نقض الحكم لقصوره , فإن على محكمة الإحالة أن تسد هذا القصور ملتزمة في قضائها بالمسالة القانونية التي فصل فيها الحكم الناقض , والإ كان حكمها معيباً بمخالفة القانون والقصور المبطل . لما كان ذلك وكان قضاء الحكم الناقض في الطعن رقم 182 لسنة 2012 نقض إداري , قد نقض الحكم الإستئنافي الصادر بجلسة 29/2/2012 لقصوره عن بيان " مفهوم العمل السياسي " الذي يحظر على الجمعيات ذات النفع العام الخوض فيه , وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمشروعية قرار الحل استناداً إلي خروج مجلس الإدارة عن أهداف وأغراض الجمعية بإطلاقه للمبادرة سالفة الذكر , دون أن يتقيد بما فصل فيه قضاء الحكم الناقض في خصوص قصوره عن بيان مفهوم العمل السياسي . وهو ما يعيبه بما يوجب نقضه ..

وحيث إنه ولما كان الموضوع صالح للفصل فيه , فإن المحكمة تتصدي له عملاً بالمادة ( 184 ) من قانون الإجراءات المدنية . وكان العمل السياسي هو كل نشاط فردي أو مؤسسي أو جماعي يتصل بالنظام السياسي للدولة أو بالسيادة الوطنية , سواء أخذ هذا النشاط شكل كتابات أو ندوات أو محاضرات . أو ظهر في صورة مبادرات أو دعوات أو صور أخري . وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أن مجلس إدارة جمعية الحقوقيين والذي يمثل الطاعنون بعض أعضائه , أطلق مبادرة بعنوان " انتخابات عامة لأمة راشدة " تضمنت المطالبة بالمشاركة السياسة لكل مواطن بلغ سن الحادية والعشرين في الاقتراع الحر المباشر في الانتخابات العامة لمجلس وطني اتحادي كامل الصلاحيات الرقابية والتشريعية , ودعا المجلس باقي الجمعيات المماثلة إلي الموافقة عليها والانضمام إليها.

وحيث إن هذا النشاط الذي قام به مجلس إدارة الجمعية يبتغي تحقيق نفع عام , إلا أنه نشاط سياسي بطبيعته تختص به جهات ومؤسسات أخري غير جمعيات النفع العام التي يحظر عليها القيام بمثل هذا النشاط عملاً بالمادة (16) من القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 2008 في شأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية ذات النفع العام . ولا يجدي الطاعنين نفعاً ما تمسكوا به من أن المبادرة ترجمة لحق التعبير عن الرأي الذي كفله دستور دولة الاتحاد , فهذا الحق منوط تطبيقه وممارسته بصدور قانون اتحادي ينظم حق العمل السياسي والتعبير عن الآراء السياسية .

وحيث إنه ولما كان قرار حل مجلس إدارة جمعية الحقوقيين – محل دعوى الإلغاء الماثلة - قد استوفي جميع أركانه فصدر ممن يملك إصداره , وفي الشكل الذي رسمه القانون , وبقصد تحقيق أثر قانوني معين , واستند إلى سبب مشروع تمثل في تدخل المجلس في الأمور السياسية , وابتغاء تحقيق مصلحة عامة . وإذ كان الحكم المستأنف قد خلص إلي صحة قرار الحل ومشروعيته , وقضي بتأييده , فأنه يكون قد أصاب صحيح القانون مما يتعين معه تأييده .




المواضيع المتشابهه: