جلسة الثلاثاء الموافق 12 من نوفمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول - رئيس المحكمة، وعضوية السادة القضاة: محمد أحمد عبدالقادر وعبدالرسول طنطاوي.




الطعن رقم 239 لسنة 2013 جزائي (تسليم مجرمين)
(1) تسلم مجرمين. قانون" تفسيره". تعاون دولي. حكم" تسبيب سائغ". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
- صدور قرار بعدم إمكانية تسلم المتهمين. غير حائل لمعاودة طلب التسليم عن ذات الواقعة متى ظهرت أسباب جديدة: لم يسبق طرحها. دون أن يعد ذلك مساسا بمبدأ سابقه الفصل أو إخلالاً بمبدأ حجية الأحكام.
- الأسباب الجديدة في مفهوم التسليم. مؤداه؟
- المسألة التي تحوز الحجية المطلقة والتي لا يجوز إعادة بحثها مرة أخرى. ماهيته؟
- مثال لطلب تسلم سبق رفضه ثم عاود والطلب مرة ثانية بعد استيفاء الأوراق المطلوبة للتسليم.

(2) قانون" تفسيره". تسليم مجرمين. اتفاقيات دولية. تقادم. دعوى جزائية" انقضاءها" حكم" تسبيب سائغ". نقض" مالا يقبل من الأسباب".
- تسليم المجرمين يتم وفق قانون الدولة طالبة التسليم. شرط ذلك؟ المادة 5 من القانون الاتحادي رقم 39 لسنة 2006 بشأن التعاون القضائي الدولي.
- تقادم الدعوى الجزائية. حالات انقطاع سير مدته؟ مادة 21 من قانون الإجراءات الجزائية.
- تعدد الإجراءات القاطعة لسريان مدة التقادم. مؤداه؟
- تعدد المتهمون. مؤداه: انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم. يرتب انقطاعها للباقين.
- مثال لتسبيب سائغ لقطع مدة التقادم وسريان مدة جديدة في واقعه تسليم متهمين.

(3) تسليم مجرمين. محكمة الموضوع" سلطتها التقديري". حكم" تسبيب سائغ".
- استخلاص جدية أسباب طلب التسليم مقصودها في ملاحقة المطلوب التسليم ومعاقبته لأسباب تتعلق بانتمائه العرقي أو الديني أو أرائه السياسية.حق لمحكمة الموضوع. ما دام سائغاً.
- وجوب التميز بين الشروط الواجب توافرها في طلب التسليم وبين النظام القانوني للجريمة المطلوب التسليم من أجلها ودعواها الجزائية. علة ذلك؟
- مثال لرفض الطعن على الحكم بإمكانية تسليم متهم إلى الدولة طالبة التسليم ورداً على مناعية.
ـــــــ


1- لما كان من المقرر قانونا في نص المادة (25) من القانون الاتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية على " لا يحول القرار الصادر بعدم أمكانية التسليم دون صدور قرار آخر بإمكانية التسليم بناءً على طلب لاحق من ذات الدولة وعن ذات الجرائم ، وذلك في حالة ظهور أسباب جديدة لم يسبق طرحها أمام المحكمة المختصة" مؤداه جواز معاودة طرح طلب التسليم على المحكمة المختصة ( محكمة التسليم ). إذا ظهرت أسباب جديدة لم يسبق طرحها عليها ولم تتناولها بالفصل أو إبداء الرأي فيها من خلال أحكامها أو قراراتها السابقـــــة . ولا يعد ذلك مساساً بمبدأ " سابقة الفصـــل" أو إخلالا بمـــبدأ " حجــــية الأحكام ". ويتسع مفهوم " الأسباب الجديدة " في مجال التسليم ليشمل استكمال ما نقص من وثائق أو مؤيدات طلب التسليم . وإذ كان الثابت من حكم الطعن رقم 101 لسنة 2010 نقض جزائي " تسليم مجرمين" ، أنه قضى برفض الطعن ، بما مؤداه تأييد حكم محكمة الاستئناف القاضي بعدم إمكانية التسليم لخلو طلب التسليم من نسخه رسمية عن محاضر التحقيق . ومن ثم فإن هذه المسألة هي التي تحوز الحجية المطلقة والإلزامية أمام الكافة عملاً بالمادة (101/1) من الدستور ، ويمتنع معاودة البحث فيها ثانية تحت أي سبب . ولا تمتد هذه الحجية لتمنع تقديم طلب تسليم جديد بأسباب جديدة عن ذات الوقائع وذات الشخص بمؤيدات ووثائق مستوفيه لشرائطها الشكلية . وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أن الجهة الطالبة أعادت ثانية طلب تسليم الطاعن بعد أن استوفت تصديق وثائق أوراق الطلب أصولاً.

2- لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ما لم يوجد نص اتفاقي خاص، فإن التسليم يتم وفق قوانين الدولة المطلوب التسليم إليها ، وهو ما عناه المشرع في المادة (5) من القانون الاتحادي رقم 39 لسنة 2006 فـــي شــأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية ، بقوله : " مع مراعاة أحكام المادة (2) من هذا القانون ، تطبق القوانين المعمول بها في الدولة عند مباشرة إجراءات التعاون القضائــي الدولي في المسائل الجنائية" . كما أن من المقرر قانوناً وفق ما نصت عليه المادة (21) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي ، وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ، أن تقادم الدعوى الجزائية ينقطع بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة ، وكذلك بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي . وأنه إذا تعددت الإجراءات التي تقطع سريان المدة ، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء صحيح ، وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أن تقادم الدعوى الجزائية عن التهمة المنسوبة إلى الطاعن عرف انقطاعاً حال دون اكتماله حتى يوم وصول طلب التسليم إلى السلطة القضائية المختصة بدولة الإمارات . وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه ، صحيحا وسائغاً وله ما يسانده من أوراق الطعن التي يبين منها أن السلطات القضائية الروسية تابعت القضية منذ 16/12/2004 ، وأنها في إطار متابعتها للقضية والمتهمين والملاحقين فيها ، أجرت تحقيقات قضائية مطوله في وقائع القضية ، واستجوبت متهمين آخرين خلاف الطاعن وأصدرت مذكرات بحث وتحري، وأوامر قبض محليه ودولية ، وقدمت المتهمين المتواجدين على أراضيها إلى المحاكمة الجنائية . وأن الثابت كذلك أن تلك الإجراءات استمرت متتالية ومتتابعة حتى تاريخ تقديم طلب التسليم الصادر بحق الطاعن في 9/5/2011 . وإذ كانت إجراءات متابعة الطاعن وباقي المتهمين تقطع تقادم الدعوى الجزائية وفق قوانين الإمارات ، لتبدأ مدة تقادم جديدة من تاريخ الإجراء القاطع للتقادم . ومن ثم فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه يكون موافقا لصحيح القانون.

3- لما كان من المقرر أن استخلاص الأسباب الجدية للاعتقاد بأن طلب التسليم إنما قصد به ملاحقة ومعاقبة المطلوب تسليمه لأسباب تتعلق بانتمائه العرقي أو الديني أو آرائه السياسية . هي من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من المحكمة العليا متى كان استخلاصها سائغا وله أصله الثابت بالأوراق . كما أنه يتعين التمييز بين الشروط الواجب توافرها في طلب التسليم ، وبين النظام القانوني للجريمة المطلوب التسليم من أجلها وكذلك دعواها الجزائية . فولاية محكمة التسليم تنحصر في التثبت من توافر شروط الطلب، سواء الموضوعية منها أو الشكلية ، باعتبار أن محكمة التسليم آلية من آليات التعاون الدولي وليست محكمة عابره للسيادات القضائية الوطنية ، ومن ثم فهي غير مختصة بالبحث والتحقيق فيما إذا كانت السلطات الروسية قد راعت قواعد رفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن قبل اتخاذ الإجراءات الجنائية قبله ، فهذا ما يمكن للطاعن التمسك والدفع به أمام جهات التحقيق والمحاكمة في بلده . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تعرض لما أثاره الطاعن في نعيه الماثل ، ورد عليه بما يكفي لحمل قضائه ، وخلص إلـــى أن الجريمة المنسوبة إلى الطاعن، لا تدخل في مفهوم الجريمة السياسية ، وأنه لا دليل في الأوراق على أنه سوف يتعرض لما قاله من تعرضه لتصفية جسديه. كما بيـــن الحكــم أن طـلب التسليم استــــوفى مقوماته القانونية ، في إشارة منه إلى المستندات الدالة على نوع الجريمة ومكان وزمان وقوعها، وإلى وأي مواد القانون المنطبقة وما يقابلها في قوانين الإمارات .




المحكمــــة
ــــــــ
حيث إن الوقائع - علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن النيابة العامة الاتحادية أحالت الطاعن إلى الدائرة الجزائية بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية ، للنظر في طلب إمكانية تسليمه إلى السلطات المختصة في بلاده (جمهورية روسيا الاتحادية)، لاتهامه من قبلها بارتكاب جرائم الاختلاس والتزوير وغسل الأموال ، المعاقب عليها في قوانين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية روسيا الاتحادية ، بعقوبة مقيدة للحرية تزيد على سنة . وإذ مثل المطلوب تسليمه (الطاعن) شخصياً بحضور محاميه أمام الدائرة وأنكر ما نسب إليه ، وقدَّم أوجه دفاعه ودفوعة وطلباته ، فقد قضت الدائرة حضورياً في 19/5/2009 بإمكانية تسليمه إلى سلطات بلاده. طعن الطاعن على قضاء الحكم المذكور بطريق النقض بالطعن رقم 160 لسنة 2009 نقض جزائي. وبجلسة 26/10/2009 قضت دائرة النقض الجزائي بالمحكمة الاتحادية العليا، بالنقض والإحالة . وإذ نظرت محكمة الإحالة الطلب فقد قضت في 22/3/2010 حضوريا برفض الطلب لعدم إمكانية التسليم ، فطعن عليه النائب العام الاتحادي بطريق النقض بالطعن رقم 101 لسنة 2010 نقض جزائي . وبجلسة 2/6/2010 قضت دائرة النقض الجزائي بالمحكمة الاتحادية العليا برفض الطعن. وبتاريخ 22/2/2012 أحال النائب العام الاتحادي الطاعن – للمرة الثانية- إلى الدائرة الجزائية بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بموجب طلب التسليم رقم (1) لسنة 2012 للنظر ثانية في إمكانية تسليم الطاعن إلى سلطات بلاده . وبجلسة 31/5/2012 قضت الدائرة برفض الطلب لعدم إمكانية التسليم ، فطعن النائب العام عليه بطريق النقض بالطعن رقـــــــم 345 لسنة 2012 نقض جزائي . وبجلسة 9/10/2012 قضت المحكمة الاتحادية العليا بالنقض والإحالة . وبجلسة 15/4/2013 قضت محكمة الإحالة بإمكانية التسليم ، فأقام الطاعن طعنه الماثل.

وحيث إن النيابة العامة لدى المحكمة الاتحادية العليا أودعت مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن .
وحيث إن الطاعن قدم بجلسة نظر الطعن مذكرة أورد فيها أسباباً جديدة لم يوردها في صحيفة طعنه المودعة قلم كتاب المحكمة خلال الميعاد القانوني للطعن بالنقض فاستبعدتها المحكمة ، عدا ما ورد فيها من شرح للسبب الثاني من أسباب الطعن.

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ، ينعي الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، ذلك أن الحكم الصادر في الطعن رقم 101 لسنة 2010 نقض جزائي قضى برفض الطعن المقام من النيابة العامة ضد الحكم الاستئنافي القاضي بعدم إمكانية التسليم. وهو حكم ملزم ونهائي يحوز الحجية المطلقة عملاً بالمادة (101) من الدستور ، مما يمتنع على المحاكم معاودة بحث هذه الحجية ثانية تحت أي سبب . وهو ما خالفه الحكم المطعون فيه بقضائه المطعون عليه ، الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن النص في المادة (25) من القانون الاتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية على " لا يحول القرار الصادر بعدم أمكانية التسليم دون صدور قرار آخر بإمكانية التسليم بناءً على طلب لاحق من ذات الدولة وعن ذات الجرائم ، وذلك في حالة ظهور أسباب جديدة لم يسبق طرحها أمام المحكمة المختصة" مؤداه جواز معاودة طرح طلب التسليم على المحكمة المختصة ( محكمة التسليم ). إذا ظهرت أسباب جديدة لم يسبق طرحها عليها ولم تتناولها بالفصل أو إبداء الرأي فيها من خلال أحكامها أو قراراتها السابقـــــة . ولا يعد ذلك مساساً بمبدأ " سابقة الفصـــل" أو إخلالا بمـــبدأ " حجــــية الأحكام ". ويتسع مفهوم " الأسباب الجديدة " في مجال التسليم ليشمل استكمال ما نقص من وثائق أو مؤيدات طلب التسليم . وإذ كان الثابت من حكم الطعن رقم 101 لسنة 2010 نقض جزائي " تسليم مجرمين" ، أنه قضى برفض الطعن ، بما مؤداه تأييد حكم محكمة الاستئناف القاضي بعدم إمكانية التسليم لخلو طلب التسليم من نسخه رسمية عن محاضر التحقيق . ومن ثم فإن هذه المسألة هي التي تحوز الحجية المطلقة والإلزامية أمام الكافة عملاً بالمادة (101/1) من الدستور ، ويمتنع معاودة البحث فيها ثانية تحت أي سبب . ولا تمتد هذه الحجية لتمنع تقديم طلب تسليم جديد بأسباب جديدة عن ذات الوقائع وذات الشخص بمؤيدات ووثائق مستوفيه لشرائطها الشكلية . وإذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن أن الجهة الطالبة أعادت ثانية طلب تسليم الطاعن بعد أن استوفت تصديق وثائق أوراق الطلب أصولاً ، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله .

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، حينما رد على الدفع بانقضاء الدعوى الجزائية بمضي المدة بالقول أن طلب التسليم الأول قدم قبل انقضاء الدعوى الجزائية . حال أن طلب التسليم الأول قدم بعد ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل المعزو إلى الطاعن ، وقبل تعديل قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي الذي حدد مدة انقضاء الدعوى الجزائية في الجنح بمضي خمس سنين بدلا عن ثلاث سنوات ، الأمر الذي يعيب الحكم بما يوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ما لم يوجد نص اتفاقي خاص، فإن التسليم يتم وفق قوانين الدولة المطلوب التسليم إليها ، وهو ما عناه المشرع في المادة (5) من القانون الاتحادي رقم 39 لسنة 2006 فـــي شــأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية ، بقوله : " مع مراعاة أحكام المادة (2) من هذا القانون ، تطبق القوانين المعمول بها في الدولة عند مباشرة إجراءات التعاون القضائــي الدولي في المسائل الجنائية" . كما أن من المقرر قانوناً وفق ما نصت عليه المادة (21) من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي ، وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة ، أن تقادم الدعوى الجزائية ينقطع بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة ، وكذلك بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي . وأنه إذا تعددت الإجراءات التي تقطع سريان المدة ، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء صحيح ، وإذا تعدد المتهمون فإن انقطاع المدة بالنسبة لأحدهم يترتب عليه انقطاعها بالنسبة للباقين. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه خلص إلى أن تقادم الدعوى الجزائية عن التهمة المنسوبة إلى الطاعن عرف انقطاعاً حال دون اكتماله حتى يوم وصول طلب التسليم إلى السلطة القضائية المختصة بدولة الإمارات . وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه ، صحيحا وسائغاً وله ما يسانده من أوراق الطعن التي يبين منها أن السلطات القضائية الروسية تابعت القضية منذ 16/12/2004 ، وأنها في إطار متابعتها للقضية والمتهمين والملاحقين فيها ، أجرت تحقيقات قضائية مطوله في وقائع القضية ، واستجوبت متهمين آخرين خلاف الطاعن وأصدرت مذكرات بحث وتحري، وأوامر قبض محليه ودولية ، وقدمت المتهمين المتواجدين على أراضيها إلى المحاكمة الجنائية . وأن الثابت كذلك أن تلك الإجراءات استمرت متتالية ومتتابعة حتى تاريخ تقديم طلب التسليم الصادر بحق الطاعن في 9/5/2011 . وإذ كانت إجراءات متابعة الطاعن وباقي المتهمين تقطع تقادم الدعوى الجزائية وفق قوانين الإمارات ، لتبدأ مدة تقادم جديدة من تاريخ الإجراء القاطع للتقادم . ومن ثم فإن ما خلص إليه الحكم المطعون فيه يكون موافقا لصحيح القانون، ويعدو النعي بهذا السبب في غير محله.

وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع من أسباب الطـــعن علـــى الحكـــم المطعون فيه، القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة القانون، ذلك أنه دفع أمام محكمة التسليم " محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية " بأن الفعل المطلوب من أجله التسليم يفتقد لصفه الجريمة المعاقب عليها لارتباط طلب التسليم عن هذا الفعل بقصد تصفيته جسديا لآرائه السياسية . ولأن سلطات الدولة الطالبة خالفت قواعد قانون الإجراءات الروسي فيما يخص رفع الحصانة عن الطاعن باعتباره عضواً منتخبا بالبرلمان الروسي قبل اتخاذ الإجراءات الجنائية قبله . كما تمسك الطاعن كذلك أن طلب التسليم خلا من شروطه الموضوعية المتعلقة ببيان نوع الجريمة المسندة إليه وزمان ومكان ارتكابها والإجراءات التي اتخذت بشأنها والأدلة عليها . إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن كل ذلك ولم يرد عليه بالرد الكافي والسائغ . الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعي في غير محله ، ذلك أن استخلاص الأسباب الجدية للاعتقاد بأن طلب التسليم إنما قصد به ملاحقة ومعاقبة المطلوب تسليمه لأسباب تتعلق بانتمائه العرقي أو الديني أو آرائه السياسية . هي من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها من المحكمة العليا متى كان استخلاصها سائغا وله أصله الثابت بالأوراق . كما أنه يتعين التمييز بين الشروط الواجب توافرها في طلب التسليم ، وبين النظام القانوني للجريمة المطلوب التسليم من أجلها وكذلك دعواها الجزائية . فولاية محكمة التسليم تنحصر في التثبت من توافر شروط الطلب، سواء الموضوعية منها أو الشكلية ، باعتبار أن محكمة التسليم آلية من آليات التعاون الدولي وليست محكمة عابره للسيادات القضائية الوطنية ، ومن ثم فهي غير مختصة بالبحث والتحقيق فيما إذا كانت السلطات الروسية قد راعت قواعد رفع الحصانة البرلمانية عن الطاعن قبل اتخاذ الإجراءات الجنائية قبله ، فهذا ما يمكن للطاعن التمسك والدفع به أمام جهات التحقيق والمحاكمة في بلده . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه تعرض لما أثاره الطاعن في نعيه الماثل ، ورد عليه بما يكفي لحمل قضائه ، وخلص إلـــى أن الجريمة المنسوبة إلى الطاعن، لا تدخل في مفهوم الجريمة السياسية ، وأنه لا دليل في الأوراق على أنه سوف يتعرض لما قاله من تعرضه لتصفية جسديه. كما بيـــن الحكــم أن طـلب التسليم استــــوفى مقوماته القانونية ، في إشارة منه إلى المستندات الدالة على نوع الجريمة ومكان وزمان وقوعها، وإلى وأي مواد القانون المنطبقة وما يقابلها في قوانين الإمارات . وإذ كان الأمر كذلك فإن النعي برمته يكون في غير محله .

وحيث إنه و لما تقدم يتعين رفض الطعن.



المواضيع المتشابهه: