جلسة الثلاثاء الموافق 30 من ديسمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح – رئيس الدائرة ، وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد إبراهيم وأحمد عبدالحميد حامد.
( )




الطعون أرقام 450 و 472 و 473 لسنة 2012 جزائي
مسئولية طبية . محكمة " سلطتها التقديرية " . عاهة مستديمة . خطأ . حكم " تسبيب سائغ".
فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها والترجيح بينها وتقدير الخطأ ومسؤولية مرتكبه . حق لمحكمة الموضوع . مادام سائغاً.
- وجوب مساءلة الطبيب عن خطئة مهنيا أو غير مهني أيا كانت درجة جسامته.
- اباحة عمل الطبيب . شرطه؟
- التزام الطبيب في أدائه لعمله التزام ببذل عناية لا تحقيق نتيجة . مؤدى ذلك؟
- تعدد الأخطاء الموجبة لوقوع الحادث . توجب . مساءلة كل من اسهم فيه ايا كان قدر الخطأ الواقع سواء مباشر أو غير مباشر متى توافرت رابطة السببية بين الخطأ والضرر تقدير ذلك. موضوعي . اغفال الرد على دفاع غير منتج في الدعوى . لا يعيب الحكم.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالادانة في جريمة احداث عاهة مستديمة نتيجة خطأ طبي جسيم.


____
لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الادلة والترجيح بينها وتقدير الخطأ ومسؤولية مرتكبه هو مما تستقل به محكمة الموضوع مادام انها اقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الاوراق وتكفي لحمل قضائها ، وكان من المقرر – أن مسئولية الاطباء تخضع للقاعدة العامة وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب الى الطبيب سواء كان مهنيا أو غير مهني وأياً كان درجته جسيما كان أو يسيراً فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه ذلك أن اباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا فرط في هذه الاصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية بحسب تعمده الفعل أو تقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله ، والتزام الطبيب في أداء عمله ليس التزام بتحقيق نتيجة بل ببذل عناية تقتضى منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقه يقظه تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب ، كما أن تعدد الاخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجــــب مساءلة كـــــل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوى أن يكون سبباً مباشرا أو غير مباشر وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من المسائلة الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب مادام مؤسسا على أسانيد مقبولة مسنده من وقائع الدعوى وبما له أصل ثابت بالأوراق ، وكان الحكم المستأنف المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص أخذاً من تقرير اللجنة المشكلة طبقا للقرار الاداري رقم 383 لسنة 2009 من أن المريضة - المجني عليها - منذ دخولها المستشفى الى ان وضعت أخذت ساعة ونصف فقط معنى ذلك أن التقلصات الرحمية كانت قوية جداً ورغم ذلك أمرت الدكتور/ .......... بوضع دواء الستتوسينون المنظم والمقوي للتقلصات الرحمية ، ومن جماع ما تقدم فقد وقر في وجدان المحكمة على وجه القطع واليقين توافر اركان جريمة الاصابة الخطأ في حق المتهمين جميعا لارتكابهم الخطأ المتمثل في اتخاذ القرار الخاطئ الصادر من المتهمة الأولى بإعطاء المجني عليها لعقار – السينتوسيتون – رغم ان حالة المريضة كانت لا تستدعي ذلك لكون التقلصات الرحمية قوية وهو ما أدى إلى حدوث التكدم والتهتك الجزئي بالجدار الخلفي للرحم والذي نشأ عنه النزيف ، كما ان عدم استجابة فريق العمل بالعناية المركزة بشكل صحيح لحاله النزيف هو خطأ طبي جسيم وفق ما انتهى اليه تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وقد تسبب هذا الخطأ في اصابة المجني عليها بعاهة مستديمة تلازمها مدى حياتها وهي استئصال الرحم الذي يمنعها من الانجاب مستقبلا – ورتب على ذلك الحكم بإدانة المتهمين، وكان ما ساقه الحكم في أسبابه له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن ما يتزرع به الطاعنون من انتفاء الخطأ في جانبهم وانقطاع رابطة السببية بين خطئهم والضرر الذي حاق بالمجني عليها يكون على غير أساس، ولا يعيب الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على دفاع غير منتج ما دام انها قد اقتنعت بالأدلة المطروحة .



المحكمة
حيث إن الوقائع – وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين أنهم بتاريخ 26/10/2009 بدائرة الشارقة:- 1- تسببوا بإهمالهم واخلالهم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم في إصابة المجني عليها .......................... وذلك بأن استأصلوا رحمها فأحدثوا بها الاصابات الموصوفة بتقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية والتي أدت الى نشوء عاهة مستديمة بها على النحو المبين بالتحقيقات . وطلبت معاقبتهم طبقا لأحكام المادة 343/1 من قانون العقوبات الاتحادي رقم 10 لسنة 2008 في شأن المسؤولية الطبية.

وحيث إنه وبتاريخ 14/5/2013 حكمت محكمة أول درجة حضوريا بتغريم كل منهم مبلغ خمسة الاف درهم وبإحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المختصة ، استأنف المحكوم عليهم هذا الحكم بالاستئنافات أرقام1744، 1748،1747،1746،1745 لسنة 2012 أمام محكمة استئناف الشارقة ، وبتاريخ 29/7/2012 قضت المحكمة بتأييـــد الحكـــم المستأنف، طعن الطاعنون على هذا الحكم بالطعون الماثلة ، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض هذه الطعون .

وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم اعتبر عقار النتوسيبون يستخدم لتنشيط انقباضات الرحم مع ان هذا العقار كما جاء بالتقارير الطبية يستخدم لتنظيم انقباضات الرحم، وإذ خلص الحكم الى ان هذا العقار أدى إلى حدوث التكدم والتهتك الجزئي بالجدار الخلفي للرحم والذي نشأ عنه نزيف خطير ، على الرغم أن تقرير اللجنة العليا وتقرير وزارة الصحة لم يقل بذلك وجاء بتقرير وزارة الصحة أن المتهمين اتبعوا كل الالتزامات بالقواعد والاجراءات وأكد على سلامة كافة الاجراءات ولم يرد به أن النزيف أو المضاعفات قد نتجت عن خطأ طبي بل هي مضاعفات طارئه وثابت ان الاطباء بذلوا العناية الكاملة والتعاون الذي وصفته لجنة وزارة الصحة بالجيد بما ينتفي عنهم الخطأ وعدم توافر علاقة السببية وإذ خلص الحكم الى أن فريق العمل بالعناية المركزة لم يستجب بشكل صحيح لحالة النزيف المستمر ولم يجب الطاعنون فيما تمسكوا به من مناقشة أعضاء اللجنة فيما تناقض فيه تقرير اللجنة العليا مع تقرير وزارة الصحة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .

وحيث إن النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الادلة والترجيح بينها وتقدير الخطأ ومسؤولية مرتكبه هو مما تستقل به محكمة الموضوع مادام انها اقامت قضاءها على أسباب سائغة لها معينها من الاوراق وتكفي لحمل قضائها ، وكان من المقرر – أن مسئولية الاطباء تخضع للقاعدة العامة وأنه متى تحقق القاضي وثبت لديه الخطأ المنسوب الى الطبيب سواء كان مهنيا أو غير مهني وأياً كان درجته جسيما كان أو يسيراً فإنه يتعين مساءلة الطبيب عن خطئه ذلك أن اباحة عمل الطبيب مشروط بأن يكون ما يجريه مطابقا للأصول العلمية المقررة ، فإذا فرط في هذه الاصول أو خالفها حقت عليه المسؤولية الجنائية بحسب تعمده الفعل أو تقصيره أو عدم تحرزه في أداء عمله ، والتزام الطبيب في أداء عمله ليس التزام بتحقيق نتيجة بل ببذل عناية تقتضى منه أن يبذل لمريضه جهوداً صادقه يقظه تتفق مع الأصول المستقرة في عالم الطب ، كما أن تعدد الاخطاء الموجبة لوقوع الحادث توجــــب مساءلة كـــــل من أسهم فيها أيا كان قدر الخطأ المنسوب إليه يستوى أن يكون سبباً مباشرا أو غير مباشر وتوافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر من المسائلة الموضوعية التي يفصل فيها قاضي الموضوع بغير معقب مادام مؤسسا على أسانيد مقبولة مسنده من وقائع الدعوى وبما له أصل ثابت بالأوراق ، وكان الحكم المستأنف المؤيد بأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خلص أخذاً من تقرير اللجنة المشكلة طبقا للقرار الاداري رقم 383 لسنة 2009 من أن المريضة - المجني عليها - منذ دخولها المستشفى الى ان وضعت أخذت ساعة ونصف فقط معنى ذلك أن التقلصات الرحمية كانت قوية جداً ورغم ذلك أمرت الدكتور/ .......... بوضع دواء الستتوسينون المنظم والمقوي للتقلصات الرحمية ، ومن جماع ما تقدم فقد وقر في وجدان المحكمة على وجه القطع واليقين توافر اركان جريمة الاصابة الخطأ في حق المتهمين جميعا لارتكابهم الخطأ المتمثل في اتخاذ القرار الخاطئ الصادر من المتهمة الأولى بإعطاء المجني عليها لعقار – السينتوسيتون – رغم ان حالة المريضة كانت لا تستدعي ذلك لكون التقلصات الرحمية قوية وهو ما أدى إلى حدوث التكدم والتهتك الجزئي بالجدار الخلفي للرحم والذي نشأ عنه النزيف ، كما ان عدم استجابة فريق العمل بالعناية المركزة بشكل صحيح لحاله النزيف هو خطأ طبي جسيم وفق ما انتهى اليه تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وقد تسبب هذا الخطأ في اصابة المجني عليها بعاهة مستديمة تلازمها مدى حياتها وهي استئصال الرحم الذي يمنعها من الانجاب مستقبلا – ورتب على ذلك الحكم بإدانة المتهمين، وكان ما ساقه الحكم في أسبابه له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه ومن ثم فإن ما يتزرع به الطاعنون من انتفاء الخطأ في جانبهم وانقطاع رابطة السببية بين خطئهم والضرر الذي حاق بالمجني عليها يكون على غير أساس، ولا يعيب الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على دفاع غير منتج ما دام انها قد اقتنعت بالأدلة المطروحة ويكون الطعون برمتها على غير أساس متعينة الرفض .


المواضيع المتشابهه: