جلسة الثلاثاء الموافق 24 من ديسمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / مصطفى الطيب حبورة والحسن بن العربي فايدي.





الطعن رقم 277 لسنة 2013 مدني
(1) خبرة. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية". دفاع " الجوهري". حكم " تسبيب معيب".
- رأي الخبير. أحد عناصر الاثبات في الدعوى. لمحكمة الموضوع. الأخذ به متى اقتنعت بسلامة أسبابه. مناط ذلك. أن يكفي لتكوين عقيدتها وصولا إلى حقيقة الواقع في الدعوى وألا تلتفت عن مستندات قدمها الخصم وتمسك بدلالتها وألا تعول على تقرير لم يعرض لما أثاره الخصوم من وقائع جوهرية أو بحثه غير كاف.
- مثال لتسبيب معيب لإعراضه عن بحث الدفاع الجوهري للطاعنات واعتراضهن على تقرير الخبير وأرفقن تقريراً استشارياً به مخالفات المطعون ضده خلال فترة عمله مما قد يتغير به إعفائهن من التعويض لتوافر مبررات المادة 120 من قانون العمل.

(2)إثبات" عبء الإثبات". شريعة إسلامية. عمل " المستحقات العمالية". حكم" تسبيب سائغ".
- المدعى. عليه إثبات حقه . للمدعي عليه النفي. أساسه؟
- البينة على من ادعى واليمين على من أنكر. المبدأ العام في الشريعة الاسلامية.
- عجز أحد طرفي الدعوى عن إثبات ما يدعيه. أثره. يسجل على نفسه الخسارة.
- مثال لتسبيب سائغ في رفض طلب الطاعنات لقيمة الهدايا المسلمة للمطعون ضده وغيابه دون مبرر لأيام العمل المتغيب فيها لعجزهن عن إثبات ذلك.



_____
1 - لما كان الاصل ان رأي الخبير لا يعدو ان يكون أحد عناصر الإثبات في الدعوى وان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اقتنعت بسلامة أسبابه بما لها من سلطة تقدير الأدلة وكفايتها إلا أن مناط ذلك ان يكون في هذا التقرير ما يكفي لتكوين عقيدتها والوصول الى حقيقة الواقع فيها وألا تلتفت عن مستندات قدمها الخصم وتمسك بدلالتها أو تعول في قضائها على تقرير خبير لم يعرض لما أثاره الخصوم من وقائع جوهرية او كان بحثه في هذا الشأن غير كاف، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى ان الطاعنات تقدمن بمذكرة امام محكمة الموضوع أوردن فيها مآخذهن على التقرير وارفقن تقريرا استشاريا حسابيا باعتراضهن عليه –حسبما ورد بسبب النعي – وأشرن فيها الى المخالفات المرتكبة من المطعون ضده خلال فترة عمله على رأسهن، وان بحث تلك المخالفات –لو صح – لأدى الى اعفائهن من التعويض عن انهاء عمله لتوافر مبررات المادة 120 من قانون العمل، واذ الحكم اعرض عن التطرق الى بحث دفاعهن الجوهري المذكور عاليــــه فانه يكون مشوبا بعـــــيب القصــــور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع وهو ما يوجب نقضه جزئيا.

2 – لما كان النص في المادة الاولى من قانون الاثبات على أنه "على المدعي أن يثبت حقه وعلى المدعي عليه نفيه ..." يدل على ان المشرع عن التحديد من يقع عليه عبئ الاثبات مستهديا في ذلك بالمبدأ العام في الشريعة الاسلامية والذي يقضي بان "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" ويتناوب الخصمان عبئ الاثبات في الدعوى تبعا لما يدعيه كل منهما الى ان يعجز أحدهما عن الإثبات فيسجل على نفسه الخسارة، لما كان ذلك وكانت الطاعنات لم تثبت استلام المطعون ضده لتلك الهدايا وذلك بتوقيع صادر عنه او اقرار منه ، كما انهن لم يثبتن غياب المطعون ضده دون مبرر لأيام العمل الذي تغيب فيها ولن يدلين بكشف عن راتبه يفيد عدم خصمهن لتلك الايام ومن ثم رفض طلبهن في هذا الشق واذ الحكم قضى بذلك فانه يكون موافقا لصحيح القانون.



المحكمة
_____

حيث إن الوقائع على يبين ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2352 لسنة 2006على الطاعنات طالبا الحكم بإلزامهن بأن يؤدين له مستحقاته العمالية وقدرها 4,967,904 درهم وهي ممثله في خمس ايام متأخرات أجور وبدل انذار وبدل فصل تعسفي عن العمل ومكافاة نهاية خدمة والتعويض المتفق عليه في عقد العمل في حال انهاء العقد والمصاريف المدفوعة بمناسبة العمل ونسبة العمولة وحافز المبيعات المتفق عليه عن المشاريع المنجزة بنسبة1% من قيمتها، والتعويض الجابر للضرر المادي والمعنوي اللاحق به من المس بسمعته ومركزه الاجتماعي نتيجة قيام المدعى عليهن بنشر اعلان التحذير من التعامل معه في بعض الصحف، مع تحميلهن المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة، على سند انه شرع في العمل لدى المدعي عليهن (الطاعنات ) منذ تاريخ 22/2/2005 حتى 5/4/2006 براتب أساسي قدره 15000درهم بالإضافة الى 7000 درهم بدل مسكن و 2000 درهم بدلات أخرى وعموله 1% من قيمة المشاريع المنجزة واذ رفضت الطاعنات تسليمه مستحقاته المذكورة كانت الدعوى بعد تعذر التسوية معهن . وتقدمت الطاعنات بدورهن بالدعـــــوى رقم 2900 لسنة 2006 طلبن في ختامها الزام المطعون ضده بأن يدفع لهن مبلغ 4,713,000 درهم تعويضا على الخسائر اللاحقة بهن نتيجة سوء تصرفاته اثناء تسيير الشركة وبسوء نية بصفته مديرا عاما، وذلك ببيع منتجاتهن بسعر أقل عن تكلفتها مع الزامه بان يدفع لهن مبلغ 81,577 درهم من قبل بدل السكن المسدد له عن فترة ما بعد انهاء عمله وفواتير هاتفه الشخصي وقيمة غرامات مخالفات مرورية ارتكبها وأجور خمسة أيــــــام تغيب فيها عن العمل دون مبرر وقيمة هدايا سنوية لم تـــوزع وفق ما هو مقرر بالشـــــركات . ومحكــمـــــة اول درجة قضت بندب خير حسابـــي في الدعويين ، ونفــاذا لذلـــــك القضاء قام الخبير بإنجاز المهمة المسندة اليه وأعد تقريرا خلص فيه الى استحقاق المطعون ضده لمبلغ (771,181) درهم بذمة الطاعنات، وعدم صحة ما تدعيه الطاعنات من طلبات.وتأسيسا على ذلك قضت محكمة اول درجة في الدعوى رقم 2352لسنة 2006 بالزام المدعي عليهن (الطاعنات) بأن يؤدين للمطعون ضده تضامناً فيما بينهن مبلغ(711,181) درهم كمستحقاته العمالية، ورفض ما عدا ذلك وفي الدعوى رقم 2900 لسنة 2006 برفضها – استأنفت الطاعنات هذا الحكم بالاستئناف رقم 246 لسنة 2008 كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 251 لسنة 2008 عمالي، ومحكمة الاستئناف قضت بجلسة 29/9/2009 بندب خبير حسابي للتدقيق في الحسابات وبحث اعتراضات الطرفين ونفاذا لذلك القضاء أنجز المهمة وأعد تقريرا خلص فيه الى أن اجمالي المستحق للمطعون ضده هو مبلغ 756,527 درهم، اما اجمالي المستحق للطاعنات هو مبلغ 27,925 درهم؛ ليكون اجمالي المستحق للمطعون ضده مبلغ 721,601,83 درهم وترك أمر الفصل التعسفي والتعويض الأدبي لفصله لنظره من هيئة المحكمة، وبتاريخ 12/3/2013 قضت في موضوع الاستئناف 246 لسنة 2008 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 2900 لسنة 2006 والقضاء بالزام المستأنف ضده (المطعون ضده) بان يدفع للمستأنفات ( الطاعنات) مبلغ 27,925 درهم وفي الاستئناف 251 لسنة 2008 بتعديل المبلغ المقضي به للمطعون ضده ليكون 756,527,03 درهم، طعنت الطاعنات في هذا الحكم بالطعن بالنقض الماثل واذ عرض الطعن على انظار هذه المحكمة –في غرفة مشورة- قررت بأنه جدير بالنظر، وحددت جلسة مرافعة لنظره، وأدلى المطعون ضده بمذكرة التمس فيها رفض الطعن.

حيث تنعى الطاعنات بالأسباب الثاني والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبـيق القــــانون والقصور في التســــبيب والفساد في الاســـتدلال؛ إذ قضى برفـــض دعواهن المقابلة استناداً الى تقرير خبير قاصر خلا من فحص مستنداتهن دون الاطلاع على ميزانيتهن خلال فترة عمل المطعون ضده بها كمدير عام –قسم المبيعات- رافضا دفاعهن المتمسكات به والمتمثل في عدم استحقاق المطعون ضده المبلغ المحكوم به كعموله بنسبة 1% من عمولة المبيعات الوارد عليه الاتفاق في عرض العمل، وان الحكم عول في ذلك على تقرير الخبير المنتدب بغض النظر عن ربح او خسارة الشركات (الطاعنات) في حين ان استحقاق العمولة التشجيعية بنسبة 1% لا يكون إلا بتحقيق الربح المقرر وان لا تكون المبيعات خاسرة، وان التقرير باطلاعه على موازنات الشركات في سنة 2005 خلال فترة عمله –تأكد له تكبد الطاعنة الاولى خسارة كلية والتي لم يشر الى سببها والذي كان ممثلا بالبيع لمنتجاتهن بأقل من التكلفة حيث بلغت قيمة خسائر الطاعنات مبلغ 4,713000 درهم ، حسبما أثبته الخبير الاستشاري في تقريره المدلى به في الموضوع ، وانهن طالبن بالاطلاع عليه ، والمستندات المرفقة به والتي أثبتن فيها قيام المطعون ضده بعدة مخالفات أدت الى تكبد الطاعنات بخسارة في سنة 2005 ؛ وإنه لم يلتزم بما تفرضه قوانين الشركات الداخلية وهو أخذ الموافقة المسبقة من الإدارة، وأنه كانت لديه تعليمات من الادارة بأن تكون عقود البيع بشروط دفع لا تزيد عن ستين يوما في حين أنه كان يعطي أجلا للسداد يزيد عن مائة وعشرين يوما للعملاء مما يزيد من تكلفة الإنتاج وزيادة تكلفة فوائد القروض التي تحصل عليها من البنوك مما تسبب في زيادة الخسائر التي تكبدتها الطاعنات، وان ا لخبير اعتمد مستندات المطعون ضده –في جملة المبيعات التي يطالب بحساب العمولة عنها بلغت 7,940,000 درهم وتمسكت الطاعنات بان بيانات الجدول معدة من المطعون ضده ودون أن تتم المصادقة عليها من الطاعنات ولا تطابق قيودها دفاترها التي اطلع عليها الخبير واحجم عن تقديم مستنداتهـــا في تقـــــريــــره؛ وان انهاء عقد المطعون ضده كانت بأسباب قانونية وفق المادة 120 من قانون العمل وهو ما لا يستحق معه أي تعــــويض عن انهائه إلا ان الحكم اطرح دـفاعهن الجـــوهـــــري بحيــــث -لو صح- لتغير به وجه الرأي في الدعوى –معولا على تقرير الخبير المنتدب بمرحلة الاستئناف والذي اكد ما اورده الخبير بالمرحلة الابتدائية ودون الاستجابة لطلبهن بإحالة الدعوى على لجنة خبراء للوقوف على درجة الحقيقة في الدعوى وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع ويستوجب نقضه .

وحيث ان هذا النعي في محله؛ ذلك أنه وإن كانت الاصل ان رأي الخبير لا يعدو ان يكون أحد عناصر الإثبات في الدعوى وان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بتقرير الخبير المنتدب متى اقتنعت بسلامة أسبابه بما لها من سلطة تقدير الأدلة وكفايتها إلا أن مناط ذلك ان يكون في هذا التقرير ما يكفي لتكوين عقيدتها والوصول الى حقيقة الواقع فيها وألا تلتفت عن مستندات قدمها الخصم وتمسك بدلالتها أو تعول في قضائها على تقرير خبير لم يعرض لما أثاره الخصوم من وقائع جوهرية او كان بحثه في هذا الشأن غير كاف، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى ان الطاعنات تقدمن بمذكرة امام محكمة الموضوع أوردن فيها مآخذهن على التقرير وارفقن تقريرا استشاريا حسابيا باعتراضهن عليه –حسبما ورد بسبب النعي – وأشرن فيها الى المخالفات المرتكبة من المطعون ضده خلال فترة عمله على رأسهن، وان بحث تلك المخالفات –لو صح – لأدى الى اعفائهن من التعويض عن انهاء عمله لتوافر مبررات المادة 120 من قانون العمل، واذ الحكم اعرض عن التطرق الى بحث دفاعهن الجوهري المذكور عاليــــه فانه يكون مشوبا بعـــــيب القصــــور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع وهو ما يوجب نقضه جزئيا في هذا الشق – على ان يكون مع النقض الإحالة.

وحيث تنعى الطاعنات على الحكم المطعون فيه بالسببين الخامس والسادس مخالفة الحكم للقانون الخطأ في تطبيقه حين قضى بعدم استحقاقهن قيمة الهدايا المسلمة الى المطعون ضده لغرض توزيعها على عملاء الشركات وقيمتها (48082) درهم كما أخطأ حين رفض خصم مبلغ اجر خمسة ايام لغياب المطعون ضده عن العمل دون مبرر، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن النعي مردود ؛ ذلك أن النص في المادة الاولى من قانون الاثبات على أنه "على المدعي أن يثبت حقه وعلى المدعي عليه نفيه ..." يدل على ان المشرع عن التحديد من يقع عليه عبئ الاثبات مستهديا في ذلك بالمبدأ العام في الشريعة الاسلامية والذي يقضي بان "البينة على من ادعى واليمين على من أنكر" ويتناوب الخصمان عبئ الاثبات في الدعوى تبعا لما يدعيه كل منهما الى ان يعجز أحدهما عن الإثبات فيسجل على نفسه الخسارة، لما كان ذلك وكانت الطاعنات لم تثبت استلام المطعون ضده لتلك الهدايا وذلك بتوقيع صادر عنه او اقرار منه ، كما انهن لم يثبتن غياب المطعون ضده دون مبرر لأيام العمل الذي تغيب فيها ولن يدلين بكشف عن راتبه يفيد عدم خصمهن لتلك الايام ومن ثم رفض طلبهن في هذا الشق واذ الحكم قضى بذلك فانه يكون موافقا لصحيح القانون، ويكون النعي بهذا الشأن على غير أساس متعين الرفض.


المواضيع المتشابهه: