جلسة الثلاثاء الموافق 10 من ديسمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة ، وعضوية السادة القضاة / محمد أحمد عبدالقادر وعبدالرسول الطنطاوي




الطعن رقم 319، 324 بسنة 2013 جزائي

(1) محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ". اثبات شهود . رشوة " قصد جنائي ". حكم " تسبيب سائغ ".
- لمحكمة الموضوع تكوين عقيدتها من أدلة وعناصر الدعوى سواء من أقوال الشهود أو سائر عناصرها . مادام سائغا وله أصله بالأوراق.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة باستخلاص المحكمة لجريمة عرض رشوة أخذاً بأقوال الشهود.


(2) رشوة . جريمة " أركانها ". موظف عام . حكم " تسبيب سائغ".
- جريمة الوسيط في الرشوة . المنصوص عليها في المادة 237/2 من قانون العقوبات الاتحادي . مناط تحققها؟
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة الوسيط في الرشوة.


(3) رشوة . جريمة " قصد جنائي ". موظف عام . اعتراف . اكراه . حكم " تسبيب سائغ ".
- عرض الرشوة . المؤثمة بالمادة 237/1 من قانون العقوبات الاتحادي . شرط قيامها؟
- تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الاثبات . حق لمحكمة الموضوع.
- لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم . شرط ذلك؟
- الدفع بصدور الاعتراف تحت تأثير الاكراه . اثباته . على مدعيه . علة ذلك؟
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة رشوة عولت المحكمة على اعتراف المتهمين من ضمن أدلة الدعوى لاطمئنانها إليها.


(4) اثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها التقديرية ".
- وزن أقوال الشهود أو تقدير الظروف التي يؤدون في شهادتهم . حق لمحكمة الموضوع . دون أن تلتزم بايراد الأقوال إلا ماتقيم عليه قضاءها.
- اسخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واطراح ماعداها . موضوعي . دون التزام ببيان علة ذلك.
- تناقض أقوال الشهود . الالتفات عن أقوالهم لعدم اطمئنانها لها . لا يعيب الحكم . شرط ذلك؟


(5) رشوة . جريمة " أركانها ". حكم " تسبيب سائغ".
- وقوع جريمة الرشوة نتيجة تدبير لضبطها . لا يؤثر في صحة قيامها . شرط ذلك؟
- مثال لرفض الدفاع بأن جريمة الرشوة وقعت نتيجة تدبير من الشاهد.


(6) رشوة . جريمة " أرتكابها " . حكم " تسبيب سائغ ".
- لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن العمل القائم به الموظف حقا من عدمه.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة رشوة أخذ بثبوتها في حق الموظف بصرف النظر عما إذا كان حقا للعمل القائم من عدمه.
ـــــــ

1- لما كان من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تكون عقيدتها مما تطمئن اليه من أدلة وعناصر الدعوى وان تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تعرض عما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل والمنطق ولها اصلها في الاوراق . وكان الثابت بالأوراق ، ان عرض الرشوة على المساعد أول ............. كان لحمله على الاخلال بواجبه بأن يسهل للمتهم الأول السفر خارج الدولة بموجب جواز سفر آخر – ابيض – بدون الاجراءات العادية لذلك رغم العلم بحجز جواز سفره الاول لاتهامه في قضية اصدار شيك بدون رصيد بمبلغ " 190 مليون درهم" وان النيابة قامت بتكفيله بضمان جواز سفره لإجراء التسوية مع الشاكي وهو ما ولد الاعتقاد لدى المتهمين ان هناك تعميم ومنع من السفر عليه مما حدا بالمتهمين للسعى والاتفاق مع الشاهد " وهو ما يتوفر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفه به في القانون ، وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة وجود منع من السفر من عدمه أو ما إذا كان السفر بالجواز الثاني يحتاج لموافقة جهة الإدارة من عدمه – ما دام القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق .

2- لما كانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشى والمرتشى لعرض الرشوة بناءً على هذا التدخل وكان الثابت بالأوراق ان المتهم الثاني ................ قد سعى لــدى موظف عمومي هو المساعد أول ............ " والذي يعمل بالإدارة العامة للإقامة وشئون الاجانب" وعرض عليـــه ان يسهل للمتهم الأول " ........................ " إجراءات السفر لخارج الدولة رغم حجز جواز سفره بنيابة دبي على ذمة قضية ماليه – مقابل رشوة يحصل عليها الموظف العمومي ولكنها لم تقبل منه فإن في ذلك ما يتحقق به حمل الموظف على الاخلال بواجبات وظيفته ، كما أنه تم ضبط المتهم الثاني عقب تسليمه مبلغ الرشوة المتفق عليه وقدره 30 الف درهم بعد ان تأكد من انهاء إجراءات تسفير المتهم الأول ومن ثم فإن جريمة الرشوة قد وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي وهو ما تتحقق به العناصر القانونية لهذه الجريمة في حقه .

3- لما كان من المقرر انه يكفى لقيام جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من ذات المادة مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطه ولم تقبل متى كان العرض حاصلا لموظف عمومي أو من في حكمه ، وما دام القصد من الاعطاء أو العرض هو شراء ذمه الموظف – واضحا من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها ذلك ان الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأي جريمة أخرى قد يقوم في نفس الجاني وغالبا ما يتكتمه ولقاضي الموضوع ان يستدل على توافره من ظروف العطاء وملابساته، ولما كان الثابت من أقوال المتهم الأول بمحضر الضبط من انه لجأ إلى محاميه – المتهم الثالث- عندما رغب في السفر لخارج الدولة رغم ان جواز سفره محجوز على ذمة قضية ماليه بنيابة دبي – وان الأخير أفاده انه سوف يهتم بموضوع سفره ويقوم بكل الإجراءات نحو سفره إلى البحرين – واضاف المتهم الاول انه يعلم ان السفر سيكون بطريقه غير قانونية ، وأيضا ما هو ثابت بأقوال المتهم الثاني ....... ان المتهم الثالث اتصل به واخبره ان لديه شخص يريد اخراجه من الدولة وعليه قضيه ماليه وطلب منه ان يبحث له عن شخص يقوم بمساعدتــه في ذلك وبعد ان اتم الاتفاق مع الشاهد ............. أبلغ المتهم الثالث بالاتفاق والذي طلب منه شراء هديه بمبلغ ألف درهم ثم اعطى له مبلغ الرشوة لوضعه في كيس الهديه والـــذي تم ضبطه بعــــد تسليمه للشاهد وأضاف انه يفعل ذلك كخدمة للمتهم الثالث كونه محاميه ويترافع عنه في قضاياه وانه لا علاقة له بالمتهم الأول " الفرنسي " وهو ما يساند تحريات الشرطة وواقعة الضبط ومضمون ما شهد به شهود الاثبات – على النحو السالف بيانه – الامر الذي تكون معه أركان جريمة الاشتراك في عرض الرشوة قد تحققت في حق المتهم الثالث ولا يؤثر في ذلك ما اثاره من ان أقوال المتهم الثاني بمحضر الضبط لا ترقى ان تكون دليل ضده وهي مجرد قول متهم على متهم كما انها وليده اكراه وانه عدل عنها أمام النيابة العامة والمحكمة وتناقضت مع اقوال المتهم الأول في شأن الهديه" ذلك ان محضر الضبط عنصراً من عناصر الدعوى وللمحكمة ان تستند إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث في الجلسة ولها ان تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف مادامت قد اطمأنت إليه .
لما كان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر الاستدلال وسواء في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى أطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما ان الدفع بصدور الاعتراف تحت تأثير الاكراه يقع عبء اثباته على من يدعيه لوروده خلاف الأصل إذ الأصل في الإجراءات الصحة. لما كان ذلك، وكان اعتراف المتهم الثاني بمحضر الضبط فقد جاء واضحا لا لبس فيه ولا غموض وقد صدر عنه بمحض ارادته ولم يرد فيه ما يفيد ان هذا الاعتراف قد انتزع بطريق الاكراه ومن ثم فإن عدوله عن اعترافه من بعد لا يعدو ان يكون دفاعا يهدف مـــــن ورائه درء مغبة الاتهام عن نفسه والمتهم الثالث للإفلات من العقاب.

4- لما كان من المقرر ان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه اليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، كما ان المحكمة لا تلتزم بحسب الاصل بأن تورد من أقوال الشهود الا ما تقيم قضاءها عليه إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ان تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون الزام ببيان العلة ما دام له أساس فيها وما دام المتهم لا ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليه، كما ان تناقض الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه – وكانت هذه المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهمين لجريمة عرض الرشوة والوساطة فيها – المسندة اليهما من أقوال شهود الإثبات معززه بتحريات الشرطة واعترافات المتهمين الأول والثاني بمحضر الضبط بماله أصل ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه فإنه لا يكون ثمة محلا لما يثيره دفاع المتهمين في هذا الشأن، كما أن المحكمة تلتفت عن أقوال شهود النفي لعدم اطمئنانها اليها وعدم ثقتها في أقوال هؤلاء الشهود . لما هو مقرر ان لمحكمة الموضوع ان تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمه بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وليس على الحكم ان يتحدث عن الأدلة التي ساقها المتهم في سبيل التدليل على براءته وهي مجرد أقوال شهود يريد المتهم لها معنى لا ترى المحكمة مسايرته فيها ومن ثم فهي تطرحها أخذا بالأدلة القائمة في الدعوى.

5- لما كان من المقرر انه لا يؤثر في جريمة الرشوة ان تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها والا يكون المرتشى جاداً في قبول الرشوة متى كان عرضها جديا في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشى، وكان الثابت ان المتهم الثاني هو الذي سعى بنفسه إلى الشاهد .............. وانه عرض عليه أي مبالغ ماليه مقابل تسهيل إجراءات سفر المتهم الأول بدون الإجراءات العادية لذلك وجاراه الشاهد في ذلك وطلب مبلغ 30 لف درهم فقدمها له المتهم كرشوة بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما فإن القول بأن هذا الشاهد هو الذي حرض على ارتكاب الجريمة غير قائم على أساس يحمله قانونا.

6- لما كان من المقرر أن القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما اذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق ومن ثم فلا يؤثر في قيام جريمة الرشوة ثبوت توافر التهمة الثانية أو عدم ثبوتها ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنها. ومن حيث إنه عن انكار المتهمين ، وباقي ما أبده الدفاع عنهما من أوجه دفاع فإن المحكمة لا تعول على شيء من ذلك كله لأنه لا ينال من صحة الواقعة كما استخلصتها مما تقدم وسلامة اسنادها وثبوتها في حق المتهمين فضلا عن انه مجرد دفاع موضوعي لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما أطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان والتي تأخذ بها لكفايتها في التدليل على ثبوت جريمة التوسط في عرض رشوة المسندة للمتهم الثاني وجريمة الاشتراك في عرض رشوة المسندة للمتهم الثالث الأمر الذي يتعين معه معاقبتهما بالمادتين 238،237 من قانون العقوبات الاتحادي عملا بنص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية .
وحيث إن المحكمة ترى لظروف الدعوى وملابساتها معامله المتهمين بقسط من الرأفة في حدود ما تقضى به المادة 98/ج من قانون العقوبات الاتحادي .




المحكمة
____
حيث إن وقائع الدعوى وأدلتها وأوجه دفاع ودفوع الخصوم فيها ، سبق وان حصلها واحاط بها الحكمان الناقضان الصادران من هذه المحكمة بجلسة 15/1/2013 في الطعنين 537،535 لسنة 2012 نقض جزائي والحكم الصادر بجلسة 5/11/2013 في الطعنين رقمي 324،319 لسنة 2013 نقض جزائي ، مما لا ترى المحكمة داعيا لإعادة سردها منعا للتكرار والإطالة فتحيل اليها وتكتفي بإيراد موجزها ، وحاصلها ان النيابة العامة أحالت الطاعنين وآخر الى المحاكمة الجنائية بوصف انهم – المتهمان الاول والثالث : اشتركا في عرض عطيه على موظف عام" المساعد أول /................ بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الاجانب – مبلغ ثلاثين الف درهم لأداء عمل وهو اخراج المتهم الأول من الدولة رغم انه ممنوع من ذلك – اخلالا بواجبات وظيفته – المتهم الثاني:- توسط لدى موظف عام- المساعد الأول سالف الذكر – في عرض الرشوة موضوع التهمة الأولى المسندة للمتهمين الأول والثالث.

المتهم الأول: حاول الخروج من البلاد بجواز سفر غير الذي دخل به الدولة.
المتهمان الثاني والثالث : شاركا وساعدا المتهم الاول في محاولة الخروج من البلاد بجواز سفر غير الذي دخل به الدوله والمحجوز على ذمة قضية جزائية لمنعه من مغادرة الدولة بالمخالفة لأحكام القوانين والانظمة المعمول بها في نقطة الدخول والخروج ..وطلبت عقابهم بالمواد 45/2-238،237،47 من قانون العقوبات الاتحادي والمواد 31،36،35 من القانون الاتحادي 6 لسنة 1973 في شأن دخول واقامة الاجانب وتعديلاته.

ومحكمة أول درجة قضت بجلسة 13/6/2012 غيابا للأول وحضوريا للثاني والثالث : بحبس كل منهم لمدة سنة عن التهمتين للارتباط وتغريم كل منهم 30 الف درهم ومصادر العطية المضــــبوطة وابعاد المتهم الأول. استأنف المتهم الثاني قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 2066 ، كما استأنف المتهم الثالث قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 2068 لسنة 2012 جزاء الشارقة، ومحكمة الاستئناف قضت بجلسة 18/10/2012 بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بإلغاء عقوبة الغرامه المقضى بها بحق كل من المستأنفين والتأييد فيما عدا ذلك .أقام الطاعنان طعنيهما رقمي 537،535 لسنة 2012 والمحكمة الاتحادية العليا قضت بجلسة 15/1/2013 بالنقض والاحالة لبطلان الحكم المستأنف، وإذ عاودت الدعوى سيرها أمام محكمة الاحالة فقد قضت في 29/5/2013 بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه والقضاء مجدداً بحبس كل واحد من المستأنفين سنة واحدة ومصادر العطية المضبوطة، فأقام الطاعنان – للمرة الثانية- طعنيهما رقمي 324،319 لسنة 2013 نقض جزائي والذي قضت فيهما هذه المحكمة بجلسة 5/11/2013 بالنقض والتصدي وحددت جلسة 19/11/2013 لنظر الموضوع، حيث تم نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم .

وحيث إنه سبق الحكم بقبول الاستئنافين شكلا.
وحيث إن الحكم المستأنف جاء باطلا لأن الهيئة التي حجزت الدعوى للحكم مشكلة من أربعة قضاة وهي بذاتها التي نطقت به فيتعين القضاء ببطلانه وتصحح هذه المحكمة البطلان وتقضى في الدعوى .

وحيث إنه عن الموضوع فإن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة واستقرت في عقيدتها من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسات المحاكمة تتحصل فيما اثبت بمحضري التحريات والضبط من انه وردت معلومات سرية لإدارة الامن الوقائي بشرطة الشارقة تفيد ان المتهم الأول/فاربود دولا تشاهي – فرنسى الجنسية – والمحجوز جواز سفره على ذمة قضية ماليه بإمارة دبي يحاول رشوه أحد موظفي جوازات مطار الشارقة الدولي لتسهيل خروجه من الدولة بجـــواز سفر فرنسي أبيض خالـــي من الأختام وبخلاف جواز سفره المحجوز – وذلـك بمســاعدة المتهمين الثاني والثالث حيث قام المتهم الثاني .......... بالاتصال بالمساعد أول ............. الذي يعمل بالإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب بمطار الشارقة وطلب منه تسهيل إجراءات سفر وخروج المتهم الأول من الدولة لقاء مبلغ مالي على سبيل الرشوة تم تحديده بعد الاتفاق وقدره 30 ألف درهم حيث قام المساعد أول بالتظاهر بالموافقة وبالتنسيق بينه وإدارته ، وإدارة الأمن الوقائي تم استصدار إذن من النيابة العامة لضبط الواقعة .. ونفاذا للاذن تم ضبط المتهم الأول عند خروجه من كاونترات المغادره وقبل دخوله الطائره وبرفقته المتهم الثالث /............. ..كما تم ضبط المتهم الثاني .......... بعد قيامه بتسليم المساعد أول ............. كيس تبين ان بداخله نظارة شمسيه وعلبة بها قلم ومبلغ ثلاثين الف درهم .

ومن حيث إن الواقعة على الصورة المتقدمه قد قام الدليل على ثبوتها في حق المتهمين ...............و................... من اقوال الضابط ...............و...............و.............. بتحقيقات النيابة العامة واعترافات المتهم الثاني ........... واقوال المتهم الأول فاريود دولا تشاهى بمحضر الضبط. فقد شهد ........... – الضابط بالأمن الوقائي- انه وردت للقسم معلومات عن أحد الاشخاص يريد اخراج شخص خارج الدولة متهم في قضية شيك بدون رصيد بمبلغ " 190 مليون درهم " حيث تواصل مع احدى موظفات مطار الشارقة بشأن ذلك –بعد ان حاول التواصل مع أحد موظفي مطارى ابوظبي ودبي الا انه لم يستطع ذلك –وعلى اثر هذه المعلومات تم التنسيق بين القسم وجوازات الشارقة لضبط المتهمين متلبسين ، لذلك فقد تم تكليف الشاهد .............. بالتواصل معهم بعد افهامه بالواقعة ، وبعد التواصل تقابل المتهم الثاني عبدالله سمير مع الشاهد المذكور وابلغه ان المحامي ............ –المتهم الثالث- أخبره انه يريد اخراج أحد الاشخاص خارج الدول لا يستطيع السفر وانه سيدفع له مبالغ ماليه مقابـــل اخراجه وبعــد ان جاراه الشاهد واظهر له موافقته تم الاتفاق على مبلغ 30 الف درهم – ثم افهمه الشاهد بأن يقوم بحجز تذكرة سفر لهذا الشخص في اقرب موعد .. وبعد اتمام الحجز قام المتهم الثاني بإخطار الشاهد بالموعد المحدد للسفر حيث انتظره بالمطار وكان معه المتهم الاول ومحاميه وقام بإدخالهما من باب جانبي خاص بالموظفين ويستطيع من يدخله ان يعبر من كونتر الجوازات لداخل المطار دون التدقيق عليه، وبعد ذلك ذهب الشاهد الى المقهى الذي كان المتهم الثاني ينتظره فيه بناء على اتفاق بينهما وبعد ان تلقى الاخير مكالمه قصيره قام بتسليم الشاهد كيس احمر كان بيده وبضبطه تبين ان بداخل الكيس 30 الف درهم كما تم ضبط المتهمين الاول والثالث عند ردهت المطاعم بعد كونترات الجوازات بداخل المطار، وأضاف انه قام بمراقبة كل ذلك من خلال كاميرات المراقبه بالمطار وان دور المتهم الثالث على سعيد انه حسبما جاء بأقوال المتهم الثاني للشاهد ............ ان المذكور هو محامي المتهم الاول ويريد اخراجه خارج الدولة لأن عليه تعميم . وقد شهدت شيخه ناصر خليفه رئيس قسم خدمات مبنى مطار الشارقة الدولي – بالتحقيقات- بأن زميلة لها طلبت منها ان تبحث لها عن شخص يساعدها في العمل على مغادرة أحد الاشخاص للدولة عن طريق مطار الشارقة الدولي لاحضار نقود من إحدى الدول الأوربية ثم العودة وذلك لوجود تعميم بحقه ولتكرار حديثها معها حول هذا الأمر واخبارها بأن شخص سيحضر اليها ليحدثها في نفس الموضوع فقد قامت بإبلاغ مدير شرطة المطار الذي طلب منها مقابلة هذا الشخص وتسمع مطالبه وانه سوف يتم مراقبته من خلال الكاميرات وبمقابلته ابلغها ان اسمه عبدالله وطلب منها مساعدتهم بإخراج شخص من الدولة وحدد لها مبلغ 30 الف درهم مقابل ذلك أو أي شيء تطلبه فأفادته انها لا ترغب في شيء وانها سترد عليه بما قد تستطيع ان تفعله ثم اعطاها الأمن الوقائي رقم هاتف متحرك لتعطيه للمتهم عبدالله للتواصل مع صاحب الرقم ولذا اتصلت بزميلتها واعطتها الرقم. وقد شهد/ .......... مساعد أول بالإدارة العـامة للإقامة وشؤون الأجانب بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة بأن رئيس القسم الذي يعمل به أخبره بالتعاون مع قسم الامن الوقائي بمناسبة قيام أشخاص بالاتصال بالشاهدة ..........التي تعمل في المطار وعليه التقى بضابط القسم الوقائي الذي ابلغه بوجود اشخاص يريدون اخراج شخص من المطار إلى خارج الدولة وعليه ان يسهل لهم ذلك وبذات اليوم اتصل به المتهم ............. وبناء على طلبه قام بمقابلته بمقهى بالشارقة واخبره أنه يوجد شخص يريد مغادرة الدولة الا انه عليه قضية ماليه بدبي وطلب منه تسهيل عملية خروجه من الدولة بدون الاجراءات العادية وقرر له "لك إلى تباه " فطلب – اي الشاهد – منه بيانات هذا الشخص حتى يقوم بالفحص وبالفعل قام بذلك فتبين له ان الشخص غير مطلوب وقام بالاتصال بالمتهم الثاني وابلغه بذلك الا انه قدم له أوراق صادره من محكمة دبي تفيد ان جوازه محجوز ولديه جلسة وعندما ابدى – الشاهد- تخوفه من اخراج المتهم الأول بهذه الصورة افاده المتهم الثاني ان هذا الشخص عليه قضية ماليه فقط وبعد ذلك تظاهر بالموافقة واتفقا على مبلغ 30الف درهم مقابل ذلك وبعد عدة اتصالات بينهما تم حجز تذاكر السفر وتم اخطاره بالموعد حيث تقابل مع المتهمين الثلاثة بالمطار وقام باصطحاب الأول ومعه محاميه إلى كونتر الطيران واكد الحجز وتحصل على البورد وبعدها توجهوا إلى المكان الخاص بكاونتر الجوازات وقام بإدخالهما من باب جانبي دون المرور بكاونتر الجوازات وبذلك يكونا قد دخلا المطار وبعد تأكدهم من تمريرهم اتصل بالمتهم الثاني ........... وابلغه بإدخال المتهم الاول ومحاميه فطلب منه ان ينتظره بمقهى كوستا وبعد ان جلس معه قام المتهم الثاني بمناولته كيس أحمر وبعد ان تأكد من وجود ظرف به نقود وعلبتان لا يعرف ما بداخلهما قام بإعطاء اشاره الى افراد الضبط الذين يتابعونه من خلال كاميرات المطار – بناءً على اتفاق بينهما على ذلك وعليه تم ضبط المتهمين الثلاثة ...واضاف ان الاتفاق بينه وبين المتهم الثاني .................. كان على تيسير إجراءات تسفير المتهم الفرنسي خارج الدولة لكونه مطلوب بقضايا ماليه مقابل المبلغ المالي المتفق عليه وقـــدره 30 الف درهم وان المتهم الثاني قرر له ان المتهم الفرنسي متورط في قضايا ويريد السفر ويعتقد ان عليه بلاغ وان جواز سفره محجوز، واضاف ان المتهم لديه جواز فرنسي لا يستطيع السفر به بدون تصريح من الإدارة ، كما أضاف ان المتهم ........... يعلم انه يعمل بالجوازات وكان يتحدث معه على انه احد موظف الجوازات في المطار. وقد أقر المتهم الأول فاربود دولا تشاهي بمحضر الضبط انه منذ شهرن سابقين على الواقعة أخبر محاميه – المتهم الثالث على ............ انه يرغب في السفر خارج الدولة لتدبير مبالغ ماليه حتى يقوم بسدادها في قضية ماليه اتهم فيها بإمارة دبي خاصة وان جواز سفره محجوز بالنيابة على ذمة القضية وان لديه جواز سفر آخر بحوزته فأفاده المحامي انه سيقوم بالاهتمام بموضوع السفر وانه سوف يقوم بكل اجراءات السفر الى البحرين وبالفعل قام بشراء تذكرتين سفر وعند محاولته مغادرة الدولة من مطار الشارقة تم ضبطه رفقة المحامي وأحد الاشخاص .

واضاف انه كان يعلم ان طريقة خروجه غير قانونية وان عليه تعميم وتم حجز جواز سفره بنيابة دبي كضمان لحل القضية وانه كان يسمع محاميه يتحدث دائما في الموضوع باللغة العربية – وانه سدد مبلغ 300 الف درهم كمقدم اتعاب للمحامي في القضية وتوجد له دفعه مستحقه تقدر بمليون درهم ، واضاف بتحقيقات النيابة العامة ان المحامي ابلغه عندما توجها للمطار انه يعرف اشخاص سوف يقومون بتسهيل سفرهما وسرعة انجاز الإجراءات ، كما ان القضية المتهم فيها هي قضية اعطاء شيك بسوء نية بمبلغ " 190 مليون درهم " وانه كان بصدد عمل تسويه مع الشاكي لذلك تم حجز جواز سفره وتكفيله حتى يقوم بإنهاء التسوية ، وقد اعترف المتهم الثاني /................ على بمحضر الضبط ان المتهم الثالث ............. اتصل به قبل اسبوعين من الواقعة واخبره ان لديه شخص يريد اخراجه من الدولة وعليه قضية ماليه وممنوع من السفر وطلب منه أن يبحث له عن شخص يقوم بمساعدته في ذلك فتحدث مع المدعوة شيخه التي تعمل بمطار الشارقة الدولي التي هي تحــدثت مع أحــد موظفي المطار وبعد موافقته أخذ رقم هاتفه من شيخه واتصل به واتفقا علي اللقاء بفندق ماربيلا وعند اللقاء اتفق معه على ان يقوم بإعطائه مبلغ 30 الف درهم مقابل اخراج المدعو/ .............. الجنسية من الدولة فطلب منه الموظف حجز تذاكر السفر في الغد في وقت دوامه فقام بالاتصال بالمحامي ............. وأخبره بالاتفاق وبالفعل قام الاخير بحجز التذاكر وطلب منه التوجه لاستلامها من شركة الطيران كما اخبره بأن يقوم بشراء هديه للموظف بقيمة الف درهم وذلك لوضع مبلغ 30 الف درهم فيه وبالفعل قام بشراء قلم ونظاره وفي اليوم التالي تقابل مع المتهم الثالث في ابوظبي واستقل معه السيارة واتجها إلى مطار الشرقة حيث قام المحامي بإعطائه مبلغ الرشوة ووضعه بداخل كيس الهديه وانتظرا المتهم الأول في موقف السيارات وعند حضوره توجهوا معا إلى المطار حيث تقابلوا مع الموظف وقام بأخذ علي سعيد وفاريود لداخل المطار لمساعدتهما بإخراج الفرنسي إلى خارج الدولة وطلب منه الموظف احضار المبلغ في مقهى كوستا وانه سيحضر لاستلام المبلغ واثناء ذلك تم ضبطه واضاف ان المتهم علي سعيد اخبره ان المتهم الأول لديه قضية ماليه وان جواز سفره الاول محجوز ولديه جواز سفر ثاني يريد السفر به كما أضاف انه لا يوجد اي صله بينه وبين المتهم الفرنسي وانما قام بذلك كخدمة للمحامي الذي يترافع عنه في عدة قضايا .


وحيث إن المتهمين الثاني والثالث انكرا بتحقيقات النيابة العامة وبجلسة المحاكمة الاتهام المسند الى كل منهما وجرى دفاعهما على ان الأمر كله كان عباره عن الاستفسار عما اذا كان المتهم الاول ممنوع من السفر من عدمه وعندما تبين لهم عدم وجود اي منع من السفر تم شراء تذكرتين سفر للمتهمين الاول ومرافقه المتهم الثالث وحاولا السفر بهما إلى البحرين الا انه تم ضبطهما بالمطار، وطلب المدافعان عنهما القضاء ببراءتهما تأسيسا على عدم ثبوت الاتهام في حقهما حسبما جاء بمذكرات دفاعهما .

وحيث إنه عن دفع المتهمين بعدم تحقق اركان جريمة عرض الرشوة والتوسط في عرضها لعدم وجود السبب الذي مــــــــــن أجله يمكن عرض مبلغ الرشوة بدلاله الشهادة الصادرة من شرطة المحاكم والتي تفيد ان المتهم الأول لم يصدر بشأنه قرار بمنع من السفر وهو ما تأيد بأقوال الشاهد " المساعد أول ............ " بأقواله بتحقيقات النيابة العامة" فإن هذا الدفع مردود ، ذلك انه من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تكون عقيدتها مما تطمئن اليه من أدلة وعناصر الدعوى وان تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى اليه اقتناعها وان تعرض عما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغا مستندا الى ادلة مقبولة في العقل والمنطق ولها اصلها في الاوراق . وكان الثابت بالأوراق ، ان عرض الرشوة على المساعد أول ............. كان لحمله على الاخلال بواجبه بأن يسهل للمتهم الأول السفر خارج الدولة بموجب جواز سفر آخر – ابيض – بدون الاجراءات العادية لذلك رغم العلم بحجز جواز سفره الاول لاتهامه في قضية اصدار شيك بدون رصيد بمبلغ " 190 مليون درهم" وان النيابة قامت بتكفيله بضمان جواز سفره لإجراء التسوية مع الشاكي وهو ما ولد الاعتقاد لدى المتهمين ان هناك تعميم ومنع من السفر عليه مما حدا بالمتهمين للسعى والاتفاق مع الشاهد " وهو ما يتوفر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفه به في القانون ، وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة وجود منع من السفر من عدمه أو ما إذا كان السفر بالجواز الثاني يحتاج لموافقة جهة الإدارة من عدمه – ما دام القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق ومن ثم فإن ما يثيره الدفاع في هذا الشأن يكون في غير محله .. لما كان ذلك، وكانت جريمة الوسيط المعاقب عليها بالفقرة الثانية من المادة 237 من قانون العقوبات تتحقق بتدخل الوسيط بين الراشى والمرتشى لعرض الرشوة بناءً على هذا التدخل وكان الثابت بالأوراق ان المتهم الثاني عبدالله سمير قد سعى لــدى موظف عمومي هو المساعد أول ............ " والذي يعمل بالإدارة العامة للإقامة وشئون الاجانب" وعرض عليـــه ان يسهل للمتهم الأول " فارلود دولا تشاهي " إجراءات السفر لخارج الدولة رغم حجز جواز سفره بنيابة دبي على ذمة قضية ماليه – مقابل رشوة يحصل عليها الموظف العمومي ولكنها لم تقبل منه فإن في ذلك ما يتحقق به حمل الموظف على الاخلال بواجبات وظيفته ، كما أنه تم ضبط المتهم الثاني عقب تسليمه مبلغ الرشوة المتفق عليه وقدره 30 الف درهم بعد ان تأكد من انهاء إجراءات تسفير المتهم الأول ومن ثم فإن جريمة الرشوة قد وقعت نتيجة لهذا الاتفاق وذلك السعي وهو ما تتحقق به العناصر القانونية لهذه الجريمة في حقه ويكون دفاع المتهم الثاني في هذا الصدد غير مقبول .

أما بالنسبة للمتهم الثالث/............... فإنه من المقرر انه يكفى لقيام جريمة عرض الرشوة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من ذات المادة مجرد عرض الرشوة من جانب صاحب الحاجة أو وسيطه ولم تقبل متى كان العرض حاصلا لموظف عمومي أو من في حكمه ، وما دام القصد من الاعطاء أو العرض هو شراء ذمه الموظف – واضحا من ملابسات الدعوى وقرائن الأحوال فيها ذلك ان الركن المعنوي لهذه الجناية شأنه شأن الركن المعنوي لأي جريمة أخرى قد يقوم في نفس الجاني وغالبا ما يتكتمه ولقاضي الموضوع ان يستدل على توافره من ظروف العطاء وملابساته، ولما كان الثابت من أقوال المتهم الأول بمحضر الضبط من انه لجأ إلى محاميه – المتهم الثالث- عندما رغب في السفر لخارج الدولة رغم ان جواز سفره محجوز على ذمة قضية ماليه بنيابة دبي – وان الأخير أفاده انه سوف يهتم بموضوع سفره ويقوم بكل الإجراءات نحو سفره إلى البحرين – واضاف المتهم الاول انه يعلم ان السفر سيكون بطريقه غير قانونية ، وأيضا ما هو ثابت بأقوال المتهم الثاني عبدالله سمير ان المتهم الثالث اتصل به واخبره ان لديه شخص يريد اخراجه من الدولة وعليه قضيه ماليه وطلب منه ان يبحث له عن شخص يقوم بمساعدتــه
في ذلك وبعد ان اتم الاتفاق مع الشاهد ............. أبلغ المتهم الثالث بالاتفاق والذي طلب منه شراء هديه بمبلغ ألف درهم ثم اعطى له مبلغ الرشوة لوضعه في كيس الهديه والـــذي تم ضبطه بعــــد تسليمه للشاهد وأضاف انه يفعل ذلك كخدمة للمتهم الثالث كونه محاميه ويترافع عنه في قضاياه وانه لا علاقة له بالمتهم الأول " الفرنسي " وهو ما يساند تحريات الشرطة وواقعة الضبط ومضمون ما شهد به شهود الاثبات – على النحو السالف بيانه – الامر الذي تكون معه أركان جريمة الاشتراك في عرض الرشوة قد تحققت في حق المتهم الثالث ولا يؤثر في ذلك ما اثاره من ان أقوال المتهم الثاني بمحضر الضبط لا ترقى ان تكون دليل ضده وهي مجرد قول متهم على متهم كما انها وليده اكراه وانه عدل عنها أمام النيابة العامة والمحكمة وتناقضت مع اقوال المتهم الأول في شأن الهديه" ذلك ان محضر الضبط عنصراً من عناصر الدعوى وللمحكمة ان تستند إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقي أوراق الدعوى على بساط البحث في الجلسة ولها ان تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف مادامت قد اطمأنت إليه ، كما أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغه ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من أدوار التحقيق بما في ذلك محضر الاستدلال وسواء في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى أطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع ، كما ان الدفع بصدور الاعتراف تحت تأثير الاكراه يقع عبء اثباته على من يدعيه لوروده خلاف الأصل إذ الأصل في الإجراءات الصحة. لما كان ذلك، وكان اعتراف المتهم الثاني بمحضر الضبط فقد جاء واضحا لا لبس فيه ولا غموض وقد صدر عنه بمحض ارادته ولم يرد فيه ما يفيد ان هذا الاعتراف قد انتزع بطريق الاكراه ومن ثم فإن عدوله عن اعترافه من بعد لا يعدو ان يكون دفاعا يهدف مـــــن ورائه درء مغبة الاتهام عن نفسه والمتهم الثالث للإفلات من العقاب.

كما تلتفت المحكمة عما اثاره دفاع المتهمين بشأن عدم صحة شهادة شهود الإثبات ومخالفتها للحقيقة والواقع وان شهادة الشاهد محمد عبدالله تؤدى إلى براءة المتهم الثالث وشهادة الضابط تناقضت مع بعضها البعض ومع شهادة الشاهد محمد عبدالله وأن شهادة شهود النفي دليل براءة المتهم الثالث وكذبت شهادة شهود الإثبات ويجب التعويل عليها" .ذلك ان من المقرر ان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه اليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع ، كما ان المحكمة لا تلتزم بحسب الاصل بأن تورد من أقوال الشهود الا ما تقيم قضاءها عليه إذ لها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ان تجزئ أقوالهم فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما عداه دون الزام ببيان العلة ما دام له أساس فيها وما دام المتهم لا ينازع في صحة نسبة هذه الأقوال إليه، كما ان تناقض الشهود – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه – وكانت هذه المحكمة قد استخلصت واقعة الدعوى والأدلة على مقارفة المتهمين لجريمة عرض الرشوة والوساطة فيها – المسندة اليهما من أقوال شهود الإثبات معززه بتحريات الشرطة واعترافات المتهمين الأول والثاني بمحضر الضبط بماله أصل ثابت بالأوراق وبما لا تناقض فيه فإنه لا يكون ثمة محلا لما يثيره دفاع المتهمين في هذا الشأن، كما أن المحكمة تلتفت عن أقوال شهود النفي لعدم اطمئنانها اليها وعدم ثقتها في أقوال هؤلاء الشهود . لما هو مقرر ان لمحكمة الموضوع ان تعرض عن قالة شهود النفي مادامت لا تثق بما شهدوا به وهي غير ملزمه بالإشارة إلى أقوالهم مادامت لم تستند إليها ، وليس على الحكم ان يتحدث عن الأدلة التي ساقها المتهم في سبيل التدليل على براءته وهي مجرد أقوال شهود يريد المتهم لها معنى لا ترى المحكمة مسايرته فيها ومن ثم فهي تطرحها أخذا بالأدلة القائمة في الدعوى. كما تلتفت المحكمة عما اثاره المتهم الثاني من ان الشاهد .............. قام بخلق الجريمة والتحريض عليها ، ذلك انه من المقرر انه لا يؤثر في جريمة الرشوة ان تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها والا يكون المرتشى جاداً في قبول الرشوة متى كان عرضها جديا في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشى، وكان الثابت ان المتهم الثاني هو الذي سعى بنفسه إلى الشاهد .............. وانه عرض عليه أي مبالغ ماليه مقابل تسهيل إجراءات سفر المتهم الأول بدون الإجراءات العادية لذلك وجاراه الشاهد في ذلك وطلب مبلغ 30 لف درهم فقدمها له المتهم كرشوة بناء على الاتفاق الذي جرى بينهما فإن القول بأن هذا الشاهد هو الذي حرض على ارتكاب الجريمة غير قائم على أساس يحمله قانونا.

وحيث إنه عن التهمة الثانية المسندة إلى المتهمين فإنه لا جدوى مما يثيره الدفاع بشأنها ذلك ان المحكمة وقد بينت ان القانون يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما اذا كان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق ومن ثم فلا يؤثر في قيام جريمة الرشوة ثبوت توافر التهمة الثانية أو عدم ثبوتها ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عنها. ومن حيث إنه عن انكار المتهمين ، وباقي ما أبده الدفاع عنهما من أوجه دفاع فإن المحكمة لا تعول على شيء من ذلك كله لأنه لا ينال من صحة الواقعة كما استخلصتها مما تقدم وسلامة اسنادها وثبوتها في حق المتهمين فضلا عن انه مجرد دفاع موضوعي لا تأثير له على عقيدة المحكمة فيما أطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان والتي تأخذ بها لكفايتها في التدليل على ثبوت جريمة التوسط في عرض رشوة المسندة للمتهم الثاني وجريمة الاشتراك في عرض رشوة المسندة للمتهم الثالث الأمر الذي يتعين معه معاقبتهما بالمادتين 238،237 من قانون العقوبات الاتحادي عملا بنص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية .
وحيث إن المحكمة ترى لظروف الدعوى وملابساتها معامله المتهمين بقسط من الرأفة في حدود ما تقضى به المادة 98/ج من قانون العقوبات الاتحادي .






المواضيع المتشابهه: