LawJO - لا تزال قضية عدم التزام محال بيع المشروبات الروحية بإغلاق أبوابها بعد الساعة 12 من منتصف الليل تتفاعل، إذ تحاول الجهات المعنية - وعلى رأسها محافظة العاصمة- إبعاد نفسها عن القضية، واعتبارها شأنا خاصا بأصحاب محال بيع المشروبات الروحية.

إنها أعمق من فوضى تدير وتنظم علاقة أصحاب محال بيع المشروبات الروحية بالأجهزة المعنية وفي مقدمتها وزارة الداخلية، قانون ترخيص هذه المحال معطَّل، وغير نافذ وتتحرك من تحته مستويات كبرى وعميقة لاختراق يعطِّل مقاصد إقرار القانون العادلة والرَّاشدة والحكيمة والتنظيمية.
ملامح لا تخفي على ما يجري في هذا القطاع التجاري من تجاوزات وانتهاكات بات اليوم وضوحها أكثر فاعلية، القانون غير قادر على حكم علاقة أطراف هذا القطاع ببعضهم البعض، الشكوى لا تنحصر عند رفض المحال الانصياع لتعليمات القانون بإغلاق أبوابها بعد 12 من منتصف الليل، بل انها تسمح ببيع المشروبات الروحية «الكحول» لمراهقين تقل أعمارهم عن السن القانونية «18» عاما.

لا يمكن السكوت على هذا التعطل القانوني، ولا يمكن التستر على انتهاكات بشعة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي، وتعرِّض سلامة المواطنين وأمنهم إلى الخطر، مراهقون بأعمار الزَّهو يشجعهم التراخي بتفعيل القانون ليكونوا مدمنين ومتعاطين لمشروبات محظورة دينيا واجتماعيا، ويلهثون وراء شرائها باستعمال ما هو ممنوع ومحرَّم وبكل ما هو متاح.
سلطة خفيَّة لفوضى، ربما لا يراها الناس مباشرة، ولكنها تفعل أفعالها، تشعر وتقرُّ بحقيقة وجود تأثيرها كلما أمعنت التفكير في الجرائم التي تطفو على سطح المجتمع: قتل وسرقة وهتك عرض وسطو وانتحار وغيرها، صورة مباشرة لجرائم شجَّع على وقوعها التراخي بتطبيق القانون وترك الأمور على «غاربها» في المجتمع.

لا يكاد يمرُّ يوم دون أن يسمع الأردنيون عن جريمة من نوع ونمط جديد، جراء الكحول والمخدرات التي تحوِّل العديد من الشباب والمراهقين الى مجرمين.
الكل يتحدث بصراحة وبلهجة الخوف عن مخاطر الانتشار الكحولي في المجتمع، و غياب الرقابة على محال بيع المشروبات الروحية، واصطيادها للمراهقين، وعدم التزامها بتعليمات القانون التي توجب عليها إغلاق أبوابها بعد منتصف الليل، أولياء الأمور لاهون في طاحونة العمل اليومي المضني، ولا يعرفون ما يجرى من ورائهم سرا وعلنا.
لا يمكن الحديث عن هذا الموضوع دون ربطه بسياق الأرقام المقلقة والخطيرة التي أفصحت عنها منظمة الصحة العالمية قبل ايام حول اأداد متناولي الكحول في الاردن والذين قاربوا مليون اردني على حد قولها. رقم قياسي مقارنة بمجتمعات غربية لا تحرِّم ولا تحذِّر من تناول «الكحول» كما أن كل المعطيات تؤكد أنه قابل للارتفاع ايضا.

مخاطر هذا الرقم لا تتوقف عند المستوى الديني، بل ثمة مستويات اخرى يتداعى لها التفكير فورا، تتعلق بمستوى الأمن الاقتصادي والاجتماعي والصحي ايضا، هذا ما يجعل خبر الصحة العالمية ليس عاديا، رغم أن الإعلام وناشطين اجتماعيين وصحيين وحقوقين خاضوا حروبا طاحنة وكاسرة في هذه القضية، قدَّموا في سياقها معلومات وحقائق ربما هي اشد قسوة وأكثر خطورة من تقرير الصحة العالمية.

كل ذلك يُوجب علينا أن نكون أمام ضرورة مواجهة الانتهاكات والتجاوزات في قطاع بيع المشروبات الروحية، و وضع حد لها، ورفع رايات القانون الرَّاشدة والعادلة ليكون منظما ورادعا يقي ويحمى المجتمع من العابثين والمستهترين والطامعين بجني المال لا غير، دون أدنى التزام بالمسؤولية القانونية والاجتماعية والأخلاقية.



عن صحيفة الدستور الأردنية / الكاتب: فارس الحباشنة

المواضيع المتشابهه: