جلسة الأربعاء الموافق 12 من فبراير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي الدكتور / عبدالوهاب عبدول – رئيس المحكمة . وعضوية السادة القضاة / محمد عبدالرحمن الجراح و د. أحمد الصايغ.

الطعن رقم377 لسنة 2013 إداري



حكم " دعامات " " ما لا يعيبه" " تسبيب سائغ". مسئولية " أركانها". تعويض.
- الحكم. إقامة قضائه على عدة دعامات مستقلة وصلاحية إحداها لحمله. تعييبه في دعاماته الأخرى وفيما تزيد فيه من أسباب. لا عيب.
- فهم واقع الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص الضرر وعناصره. سلطة محكمة الموضوع بغير رقابة من المحكمة الاتحادية العليا. متى كان سائغاً.
- مثال لتسبيب سائغ في إقامة قضائه على انتفاء وقوع الضرر أحد أركان المسؤولية المدنية وهي دعامة صالحة لوحدها لحمل لقضاء الحكم في دعوى التعويض.


_____
لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه إذا أقام الحكم قضاءه على عدة دعامات مستقلة ، وكانت إحداها صالحه لحمله ، فلا يبطله تعييبه في دعاماته الأخرى ، وفيما تزيد فيه من أسباب . كما أن من المقرر كذلك أن فهم واقع الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص الضرر وعناصره من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير رقابة عليها في ذلك من المحكمة الاتحادية العليا متى كان فهمها و تقديرها واستخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا يخالف القانون . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف انه أقام قضاءه على دعامتين احداهما عدم صلاحية الخطأ التأديبي لأن يكون محلاً لطلب التعويض ، والأخرى انتفاء وقوع الضرر الذى هو أحد اركان المسؤولية المدنية. وكانت الدعامة الأخيرة صالحة لوحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فلا يعيب الحكم فيما قاله أو تزيد فيه في شأن الدعامة الأولى . وإذ كان استخلاص الضرر وثبوت وقوعه مما تستقل به محكمة الموضوع باعتباره من مسائل الواقع ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى – مؤيداً الحكم المستأنف – إلى نفي وقوع الضرر بما أورده في حيثيات قضائه من أسباب ،وهي في مجملها أسباب سائغة ولا تخالف القانون أو الثابت في الأوراق ، ومن ثم فان النعي يغدو برمته في غير محله.


المحكمة
_____
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 284 لسنة 2012 إداري كلي أبوظبي ، اختصمت فيها الطاعن طلبا لإلغاء القرار الاداري الصادر منه بفصلها تأديبياً واعتباره كأن لم يكن. والزامه بأن يمنحها شهادة خبرة موضح فيها مسماها الوظيفي ومدة خدمتها لديه. على سند من أنها موظفة لدى الطاعن ، وأنه في 8/7/2012 صدر قرار بنقلها من مكتب مستشار المدير العام لشؤون خدمة المجتمع إلى قسم الرصد المرئي ، وأنها تقدمت بطلب لمعرفة أسباب نقلها ، إلا أن الطاعن رفض طلبها والزمها بالتقيد بقرار النقل ، عند ذلك تقدمت باستقالتها بتاريخ 11/7/2012 مع اعتبارها تاركه العمل من 11/10/2012 ، فأحيلت إلى مجلس التأديب بمأخذ رفض إطاعة الأوامر وعدم الانتظام في القسم المنقولة إليه وقضى المجلس بفصلها تأديبياً اعتباراً من 11/7/2012، وهو تاريخ تقديم استقالتها. وأن جهة عملها امتنعت دون مبرر قانوني عن منحها شهادة خبرة ، الأمر الذى حدا بها إلى إقامة دعواها الابتدائية المقيدة بالرقم سالف البيان وبطلباتها آنفة الذكر.
وحيث إنه وبالمقابل ، أقام الطاعن الدعوى الابتدائية رقم 305 لسنة 2012 إداري كلي أبوظبي اختصم فيها المطعون ضدها طلب فيها الزامها بأن تؤدي إليه تعويضاً مناسباً عما لحق بسمعته وصورته المعنوية والأدبية من أضرار ، قولاً منه أنها رفضت اطاعة وتنفيذ الأمر الصادر بنقلها إلى قسم الرصد المرئي دون مبرر قانوني. وأنه ولما كان مسلكها في عدم اطاعة الأوامر تسبب في اشاعة نوع من عدم احترام القرارات والاستهتار بالأوامر والتعليمات، ومن ثم اضطراب العمل بغرفة الرصد ، خاصة وأن المركز – الطاعن – هيئة اتحادية لها مكانة علمية عالمية على المستويين المحلي والدولي . ومحكمة أول درجة بعد أن ضمت الدعويين معاً قضت في 22/1/2013 بعدم سماع دعوى المطعون ضدها وبرفض دعوى الطاعن . استأنف الطاعن قضاء الرفض بالاستئناف رقم 29 لسنة 2013 اداري أبوظبي ، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 44 لسنة 2013 اداري أبوظبي. ومحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بعد أن ضمت الاستئنافين معاً ليصدر فيهما حكم واحد ، قضت في 29/4/2013 برفضهما موضوعاً ، فأقام الطاعن طعنه المطروح مقصراً نطاقة على ما قضى به الحكم المطعون فيه من رفض استئنافه موضوعاً. وحيث إن الدائرة نظرت الطعن في غرفة مشورة ورأت جدارته بالنظر في جلسة ، فنظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وتحددت جلسة اليوم للنطق بالحكم.

وحيث إن مبنى الطعن بأسبابه الثلاثة يقوم علي تخطئه الحكم المطعون فيه لمخالفته القانون و الخطأ في تطبيقه ، ذلك أنه خلص – مؤيداً الحكم المستأنف – إلى رفض دعوى الطاعن على سند من أن عدم إطاعة المطعون ضدها لقرار النقل، لا يشكل خطأ يستوجب التعويض . حال أن المقرر قانونا أن كل اضرار بالغير يلزم فاعله بالضمان ، وأنه لا يوجد نص في القانون يقرر أن المجازاة الادارية تمنع طلب التعويض. وأن الطاعن أقام دعواه على الإخلالات الوظيفية والادارية التي ارتكبتها المطعون ضدها وليس على أساس كيدية دعواها كما ذهب إليه الحكم المطعون فيه . وأن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعن لم يقدم دليلاً أو بينة على أن ضرراً لحق به نتيجة فعل المطعون ضدها . حال أنه بين أن عدم اطاعتها لقرار النقل وغيابها عن العمل أدى إلى ارباك سير العمل وتعطيل العمل الذي كان منوطاً بها ، كما خلق نوع من الفوضى والاستهتار وعدم الانضباط في بيئة العمل. إلا أن الحكم المطعون فيه غفل عن كل ذلك وساير الحكم المستأنف المعيب الأمر الذى يتعين نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة ، أنه إذا أقام الحكم قضاءه على عدة دعامات مستقلة ، وكانت إحداها صالحه لحمله ، فلا يبطله تعييبه في دعاماته الأخرى ، وفيما تزيد فيه من أسباب . كما أن من المقرر كذلك أن فهم واقع الدعوى وتقدير أدلتها واستخلاص الضرر وعناصره من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير رقابة عليها في ذلك من المحكمة الاتحادية العليا متى كان فهمها و تقديرها واستخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا يخالف القانون . لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم المستأنف انه أقام قضاءه على دعامتين احداهما عدم صلاحية الخطأ التأديبي لأن يكون محلاً لطلب التعويض ، والأخرى انتفاء وقوع الضرر الذى هو أحد اركان المسؤولية المدنية. وكانت الدعامة الأخيرة صالحة لوحدها لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ، ومن ثم فلا يعيب الحكم فيما قاله أو تزيد فيه في شأن الدعامة الأولى . وإذ كان استخلاص الضرر وثبوت وقوعه مما تستقل به محكمة الموضوع باعتباره من مسائل الواقع ، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى – مؤيداً الحكم المستأنف – إلى نفي وقوع الضرر بما أورده في حيثيات قضائه من أسباب ،وهي في مجملها أسباب سائغة ولا تخالف القانون أو الثابت في الأوراق ، ومن ثم فان النعي يغدو برمته في غير محله ، مما يتعين معه رفض الطعن.


المواضيع المتشابهه: