قاعدة (درء المفاسد أولى من جلب المصالح)

المعنى الافرادي(1):
درء: هو لغة الدفع.
المفاسد: جمع مفسدة والمراد بها هنا: الضرر, ويعبر عنها بالمفسدة والسيئة والسبب الموصل إليها.
أولى: بمعنى أرجح وأحق بالتقديم.
جلب: الأصل فيه أنه الاتيان بالشيء من مكان إلى مكان والمراد به هنا : التحصيل.
المصالح: جمع مصلحة والمراد به هنا المنفعة وزناً ومعنى.

المعنى الاجمالي للقاعدة(2):
أنه إذا اجتمع في أمرٍ من الأمور مفسدة ومصلحة؛ فإنه يجب تقديم الاتيان بالأمر على الوجه الذي يتأدى به دفع المفسدة وتجنب الأتيان به على الوجه الذي يتأدى به تحصيل المصلحة.

الأدلة على القاعدة:
1-قوله تعالى (ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم)الانعام 108.
وجه الدلالة: ففي سب آلهتهم مصلحة وهي تحقير دينهم وإهانتهم لشركهم بالله سبحانه, ولكن لما تضمن ذلك مفسدة وهي مقابلتهم السب بسب الله عز وجل نهى سبحانه عن سب آلهتهم درءا لهذه المفسدة.(3).

2- قوله تعالى: (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما).
وجه الدلالة: أن الله تعالى قد بين هنا أن في الخمر والميسر إثما كبيرا, وهو مفسدة وفيهما منافع للناس, وهي مصلحة, إلا أن مفسدتهما أعظم من مصلحتهما ولما كان الأمر كذلك حرمهما الله تعالى من أجل دفع تلك المفاسد الغالبة.

3-قوله صلى الله عليه وسلم(وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما)
وجه الدلالة: أن مطلق المبالغة في الاستنشاق مصلحة لما فيه من تحقيق أمر الشارع وهي في حق الصائم مفسدة لأنها سبب في دخول الماء الناقض للصوم إلى جوفه, وقد نهى عنها النبي في هذه الحالة وفيه تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة(4)

4-من المعنى:
وذلك لأن في المفاسد سريانا وتوسعا كالوباء والحريق فمن الحكمة والحزم القضاء عليها في مهدها ولو ترتب على ذلك حرمان من منافع أو تأخيرلها ومن ثم كان حرص الشارع على منع المنهيات أقوى من حرصه على تحقيق المأمورات.(5)

شروط إعمال القاعدة(6):
لابد من التنبيه إلى أن أعمال القاعدة مقيد بشرطين:
الشرط الأول: عدم إمكان الجمع بين المفسدة وجلب المصلحة في تصرف واحد.
ولذلك فإنه لو أمكن دفع المفسدة وجلب المصلحة بالاتيان بالفعل على وجه واحد فإنه لايقال بتحقق إعمال هذه القاعدة.
الشرط الثاني: غلبة المفسدة على المصلحة ولذلك فإنه لو غلبت المصلحة على المفسدة أو تساوتا فإنه لا يقال في الجملة بإعمال هذه القاعدة.

الفروع المبنية على القاعدة:
1- وجوب منع تجارة المخدرات والخمور وسائر المحرمات ولو أن فيها أرباحا ومنافع اقتصادية, لأن دفع المفاسد أولى من جلب المصالح.(7)
2-يمنع مالك الدار من فتح نافذة تطل على مقر نساء جيرانه ولو كان فيه منفعة له. (8)
3- لو أراد شخص أن يحدث في ملكه شيءا كالمطبعة والمخرطة, فإنه يحصل بها ضرر من خلال عملها بالهز أو الدق, وهذه مفسدة أرجح من مصلحة انتفاعه بتلك الأعيان فيمنع من إحداثها, لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
4-لو حفر شخص بئرا قريبة من جاره فذهب ماء بئر الجار فإن في بقاء هذه البئر المحدثة مفسدة أعظم من مصلحة انتفاع صاحبها بها ولذلك قال بعض أهل العلم: إنه يلزم أن تطم هذه البئر المحدثة لأن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.(9)


المؤلفات التي تكلمت عن القاعدة:
1-قواعد الأحكام (ص 145),
2-قواعد المقري (2/443-445),
3- المجموع المذهب (1/129.130)
4-الأشباه والنظائر لابن السبكي (1/105),
5-القواعد للحصني (1/354)
6- إيضاح المسالك (219-222).
7-الاشباه والنظائر للسيوطي (179)
8- شرح المنهج المنتخب (726-729)
9-ترتيب اللآلئ (1/691-695)
10- الأقمار المضيئة(123)
شرح القواعد الفقهية(205,206)
المدخل الفقهي العام (2/996)


المواضيع المتشابهه: