جلسة الثلاثاء الموافق 21 من يناير سنة 2014
برئاسة السيد القاضي / شهاب عبدالرحمن الحمادي – رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / البشير بن الهادي زيتون وعرفة أحمد دريع.

الطعن رقم 319 لسنة 2013 تجاري




مسؤولية " تقصيرية". تعويض. ضرر. خطأ. حكم" تسبيب معيب".
- الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية في دعوى التعويض المقامة على أساس المسؤولية العقدية. شرطه. أن يكون الضرر الواقع من المتعاقد الآخر له صفة الجريمة أو الغش أو الخطأ الجسيم الذي تتحقق به أركان المسؤولية التقصيرية.
- مثال لتسبيب معيب لإعماله أحكام المسؤولية التقصيرية على واقعة الدعوى رغم عدم توافر شروط الأخذ بها في دعوى تعويض عن ضمان عيوب سيارة.


_____
لما كان من المقرر في أحكام هذه المحكمة عدم الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية في دعوى التعويض المقامة على أساس المسؤولية العقدية إلا إذا كان الضرر الذي وقع من المتعاقد الآخر له صفة الجريمة أو الغش أو الخطأ الجسيم الذي تتحقق به أركان المسؤولية التقصيرية . لما كان ذلك وكانت الدعوى المرفوعة في مواجهة الطاعنة تستند إلى أحكام المسؤولية العقدية في باب ضمان العيوب الخفية للمبيع ، وكان الحكم المطعون فيه قد غير سند الدعوى إلى أحكام المسؤولية التقصيرية أخذا بما قرره الخبير عند استجوابه من كون الحادث مرده سببان أولهما خلل ميكانيكي طارئ تمثل في حدوث كسر بحلقات الجنزير الخاص بصندوق التروس،، وثانيهما عدم توقف السيارة مباشرة عند حصول الكسر ومواصلة تحركها الشيء الذي أدى إلى عملية الانفجار في صندوق الحركة وهو ما اعتبره الخبير بعيب في التصنيع، واعتمده الحكم لإثبات خطأ المصنع واعمال قواعد المسئولية التقصيرية حال أن ما قرره الخبير بهذا الشأن، كان بمثابة الخوض في مسألة فنية دقيقة تحكمها قواعد وقوانين الفيزياء الدقيقة ولا تخضع للتقديرات أو الاحكام الجزائية، فالقول بأن عيب المصنعية يمتثل في عدم توقف السيارة مباشرة بعد انكسار حلقات الجنزير ينافي القاعدة العلمية الفيزيائية القائلة بأن الجسم المتحرك بسرعة محدده وبفعل قوة دافعة لا يتوقف مباشرة عن ايقاف عملية الدفع بل يواصل الاندفاع بحكم قوة الدفع الذاتية ليتوقف على مسافــــة معينة ، بعيـــــدة أو قصيــــرة تبعا للسرعــة التي كان عليها، وهذه القاعدة تنطوي تحت نطاق العلم العام الذي لا يخفي على الشخص المدرك العادي. هذا على صعيد الأمور الفنية، أما من الناحية القانونية التي تحكم اجراءات أعمال الخبرة، فإن حسم الخبير في مثل هذه المسألة الفنية الدقيقة، وتقريره لوجود عيب في الصنع، كان يفترض مواجهة الشركة المصنعة أثناء عملية الخبرة أو على الأقل أخذ رأيها الفني عن طريق طلب افادات أو الاستعلام من لدن المراكز الفنية المختصة في فحص السيارات، ذلك لأن مثل هذه الشركات العالمية المختصة في صنع السيارات عالية الجودة لها خبرتهما الفنية والعلمية ومختبراتها المختصة وعلمائها ومهندسيها العاملين على قواعد السلامة وحسن أداء الحركة ، ومتى حصل الادعاء بحصول عيب في التصنيع وقصور في المواصفات الفنية، تعين اثبات ذلك من لدى جهة تتمتع بذات الاختصاص والقدرة الفنية والعلمية حتى يقوم ما نسب إليها من خطأ أو تقصير قائما على دعامات تكفي لإعمال مسؤوليتها في هذا الشأن وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على الأخذ بأقوال الخبير عند استجوابه بشأن مسألة عيب التصنيع دون أن يكون هذا الرأي مدعوما بأبحاث فنية أو مخبرية صادرة عن الجهات ذات الاختصاص، وذلك بعد أن جزم ذات الخبير في مرحلة أولى بأن سبب الحادث يعود لخلل ميكانيكي طارئ بحلقات جنزير التروس ، فإن قضاءه يكون مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال ويضحى الخطأ المدعي به والذي أرست المحكمة على أساسه المسؤولية التقصيرية للطاعنة غير ثابت وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.



المحكمة
_____
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأوراق ومن الحكم المطعون فيه تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 2599/2010 في مواجهة الطاعنة وآخرين بطلب الحكم بندب خبير هندسي لفحص السيارة وندب الطبيب الشرعي لفحص ما بها من إصابات جراء الحادث وذلك على سند من القول أنه بتاريخ 7/5/2009 وأثناء قيادتها سيارتها رقم 92575 نوع ....... انفجر جير السيارة مما سبب لها اصابات بكامل بدنها وقد ثبت من تقرير المختبر الجنائي أن ما طرأ بالسيارة كان نتيجة خلل ميكانيكي أدى إلى تحطم بعض الأجزاء الداخلية لناقل الحركة الاوتوماتيكي. تداول نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة حيث قضت بندب خبير هندسي لفحص السيارة وندب الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي على المدعية. أنجز الخبيران المأمورية وأودع كل منهما تقريره وحددت المدعية طلباتها على ضوء ذلك وطلبت إلزام المدعى عليهم بالتضامن بأن يؤدوا لها مبلغ 550.170 درهم تعويضاً مادياً وأدبياً. وبجلسة 12/10/2011 حكمت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنة، وإلزام المدعى عليهما الآخرين بأن يدفعا للمدعية متضامنين مبلغ 355.170 درهم تعويضاً مادياً وأدبياً استأنف كل من المدعية والمدعى عليهما المحكوم عليهما ذلك الحكم بالاستئنافات أرقام 2169 و 2162 و 2413 وبعد ضم الاستئنافات الثلاثة ونظرهما حكمت محكمة الاستئناف بجلسة 24/1/2013 بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه والحكم بإلزام الطاعنة بصفتها الممثل القانوني لشركة ........ الألمانية المصنعة للسيارة بأن تؤدي للمستأنفة ( المدعية) مبلغ 300.000 درهم تعويضاً أدبياً ومادياً عما لحقها من أضرار وإلزامها مع المستأنف ضدها- شركـة الفجيــرة الوطنية للتأميـن – بالتضامم بينهمـــــــا بمبلغ 50.000درهم أيضاً تعويضاً عن تلفيات السيارة ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ورفض الدعوى في مواجهة المستأنف ضدها – شركة ........ - طعنت المستأنف ضدها – شركة ....... للسيارات – في ذلك الحكم بطريق النقض بالطعن 129/2013 والمحكمة الاتحادية العليا قضت بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنة وإعادة الدعوى لمحكمة الاحالة مجدداً وإذ أعيد نظر القضية أمام هذه المحكمة فحكمت بذات الحكم الصادر عن الهيئة الاستئنافية الأولى – طعنت الطاعنة للمرة الثانية على هذا الحكم بطريق النقض وعرض ملف القضية على أنظار هذه المحكمة بغرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت له جلسة مرافعة أعلن بهاالخصوم .

وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن الثاني والثالث والرابع بطلان الحكم للخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك تقول أن المحكمة رفضت الدفع بعدم سماع الدعوى لمرور الزمان بالرغم من كون عملية إدخالها في الدعوى من قبل المدعية كانت على أساس المسؤولية عن العيب الخفي في المنتج المتمثل في السيارة موضوع الحادث وقد تمسكت الطاعنة بأحكام المادة 111 من قانون المعاملات الذي حدد آجالاً واجراءات دعوى ضمان المعيب واقتضى أنه في جميع الأحوال لا تسمع الدعوى بعد انقضاء ستة من تاريخ التسليم. كما نفت وجود أي علاقة تعاقدية تربطها بالمدعية باعتبارها لم تشتر السيارة من وكالتها بل اشترتها مستعملة من لدى الغير ولم تقم بصيانتها لديها بما لا يجوز معه إعمال قواعد المسؤولية العقدية عن ضمان العيوب، إضافة إلى سقوط الدعوى بمرور الزمان باعتبار أن شراء السيارة كان في سنة 2004 وأن الحادث وقع في 2009 . كما لا يجوز تغيير السند القانوني الذي تأسست عليه الدعوى من أحكام المسؤولية العقدية إلى أحكام المسؤولية التقصيرية لكون السبب المباشر لوقوع الحادث هو خلل ميكانيكي طارئ بالسيارة تمثل في حدوث كسر في حلقات الجنزير الخاص بصندوق التروس وليس ثمة من عيــــب في الصنــــــــع أو غـــــــــــش أو تعمــــــــد يمكـن نسبته للطاعنــــــــــــــة بصفتها ممثلـــــــــة الشركـــة المصنعة . وإذ خالف الحكم هذا الرأي وقرر وجود خطأ الطاعنة مستنـــــــــــــداً في ذلك لتقرير خبرة قاصر ومتناقض أقحم نفسه في مسائل فنية وعلمية لا يحيط بها ليخلص إلى وجود عيب في التصنيع في غياب دعوة الطاعنة لحضور أعمال الخبرة أو حتى الاستنارة بالاستشارات الفنية الضرورية لإنجاز المأمورية فإن الحكم يكون مشوباً بما ورد بأسباب الطعن من خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه.

وحيث إن النعي في كامل أوجهه في محله ذلك لأن المقرر في أحكام هذه المحكمة عدم الأخذ بأحكام المسؤولية التقصيرية في دعوى التعويض المقامة على أساس المسؤولية العقدية إلا إذا كان الضرر الذي وقع من المتعاقد الآخر له صفة الجريمة أو الغش أو الخطأ الجسيم الذي تتحقق به أركان المسؤولية التقصيرية . لما كان ذلك وكانت الدعوى المرفوعة في مواجهة الطاعنة تستند إلى أحكام المسؤولية العقدية في باب ضمان العيوب الخفية للمبيع ، وكان الحكم المطعون فيه قد غير سند الدعوى إلى أحكام المسؤولية التقصيرية أخذا بما قرره الخبير عند استجوابه من كون الحادث مرده سببان أولهما خلل ميكانيكي طارئ تمثل في حدوث كسر بحلقات الجنزير الخاص بصندوق التروس، ، وثانيهما عدم توقف السيارة مباشرة عند حصول الكسر ومواصلة تحركها الشيء الذي أدى إلى عملية الانفجار في صندوق الحركة وهو ما اعتبره الخبير بعيب في التصنيع، واعتمده الحكم لإثبات خطأ المصنع واعمال قواعد المسئولية التقصيرية حال أن ما قرره الخبير بهذا الشأن، كان بمثابة الخوض في مسألة فنية دقيقة تحكمها قواعد وقوانين الفيزياء الدقيقة ولا تخضع للتقديرات أو الاحكام الجزائية، فالقول بأن عيب المصنعية يمتثل في عدم توقف السيارة مباشرة بعد انكسار حلقات الجنزير ينافي القاعدة العلمية الفيزيائية القائلة بأن الجسم المتحرك بسرعة محدده وبفعل قوة دافعة لا يتوقف مباشرة عن ايقاف عملية الدفع بل يواصل الاندفاع بحكم قوة الدفع الذاتية ليتوقف على مسافــــة معينة ، بعيـــــدة أو قصيــــرة تبعا للسرعــة التي كان عليها، وهذه القاعدة تنطوي تحت نطاق العلم العام الذي لا يخفي على الشخص المدرك العادي. هذا على صعيد الأمور الفنية، أما من الناحية القانونية التي تحكم اجراءات أعمال الخبرة، فإن حسم الخبير في مثل هذه المسألة الفنية الدقيقة، وتقريره لوجود عيب في الصنع، كان يفترض مواجهة الشركة المصنعة أثناء عملية الخبرة أو على الأقل أخذ رأيها الفني عن طريق طلب افادات أو الاستعلام من لدن المراكز الفنية المختصة في فحص السيارات، ذلك لأن مثل هذه الشركات العالمية المختصة في صنع السيارات عالية الجودة لها خبرتهما الفنية والعلمية ومختبراتها المختصة وعلمائها ومهندسيها العاملين على قواعد السلامة وحسن أداء الحركة ، ومتى حصل الادعاء بحصول عيب في التصنيع وقصور في المواصفات الفنية، تعين اثبات ذلك من لدى جهة تتمتع بذات الاختصاص والقدرة الفنية والعلمية حتى يقوم ما نسب إليها من خطأ أو تقصير قائما على دعامات تكفي لإعمال مسؤوليتها في هذا الشأن وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على الأخذ بأقوال الخبير عند استجوابه بشأن مسألة عيب التصنيع دون أن يكون هذا الرأي مدعوما بأبحاث فنية أو مخبرية صادرة عن الجهات ذات الاختصاص، وذلك بعد أن جزم ذات الخبير في مرحلة أولى بأن سبب الحادث يعود لخلل ميكانيكي طارئ بحلقات جنزير التروس ، فإن قضاءه يكون مشوباً بالقصور وفساد الاستدلال ويضحى الخطأ المدعي به والذي أرست المحكمة على أساسه المسؤولية التقصيرية للطاعنة غير ثابت وهو ما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه طالما كان الطعن بالنقض للمرة الثانية وتعلق الحسم في الدعوى على مسألة حسمتها هذه المحكمة وهو عدم ثبوت خطأ الطاعنة ، فإن المحكمة تتصدى للفصل في الموضوع.

ولما كانت الدعوى في مواجهة الطاعنة مؤسسة على المسؤولية العقدية وتنطوي تحت باب ضمان عيوب المبيع، وكان البين من الأوراق انعدام أي علاقة تعاقدية بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى باعتبارها اشترت السيارة مستعملة من شخص آخر منذ سنة 2004 ، إضافة إلى انقضاء أجل دعوى الضمان، وكان البين مما ذكر أعلاه عدم ثبوت
خطأ أو عيب في التصنيع يمكن نسبته للطاعنة بصفتها ممثلة الشركة المصنعة ومن ثم ينعدم أي سند قانوني لأعمال مسؤوليتها عن التعويض سواء كان ذلك في نطاق أحكام المسؤولية العقدية أو التقصيرية بما يتعين معه رفض الدعوى في مواجهتها.



المواضيع المتشابهه: