أحكام المفقود في القانون الكويتي


المادتان (332 - 333 ):

عرف الفقهاء المفقود بأنه الغائب الذي لا تعلم حاله أهو حي أم ميت، واختلف الأئمة في الوقت الذي يحكم فيه بموته، فذهب الإمامان، أبو حنيفة، ومالك إلى أن موته يكون من وقت حكم القاضي، ولكن حياته قبل ذلك لا تثبت له حقوقًا لم تكن، فلا يرث فيمن يورث قبلها، لأن حكم القاضي هو السبب، فيسري من وقته، وحياته قبل ذلك ثابتة – يقتضي استصحاب الحال، واستصحاب الحال يصلح حجة لبقاء الحقوق الثابتة، ولا يصلح حجة لإثبات حقوق غير ثابتة.
وقال الشافعية، والحنابلة: أن المفقود يرث من يموت في حال فقده، وقبل الحكم بموته، لأن حياته قد فرضت قائمة ثابتة، وما دامت مفروضة، فإنه يثبت له كل الحقوق في استصحاب الحال، فالحنفية يقصرونه على إبقاء الحقوق الثابتة، ولا يأتي بحقوق لم تكن ثابتة، فهو يمنع انتقال ما يملكه المفقود إلى ورثته، ولكن لا يثبت ملكية المفقود في ما غيره، أما الشافعية، والمالكية فإنهم يقولون: إن استصحاب الحال يثبت الحقوق كلها من غير تفرقة.
وهذا كله إذا لم يعلم تاريخ وفاته بدليل شرعي من بينة، أو ورقة رسمية تثبت وفاته، وتاريخها ولو بعد الحكم بموته، فإنه في هذه الحالة يكون الدليل هو المرجع الذي يرجع إليه، فإن أثبت أن الوفاة كانت قبل وفاة المورث، الذي وقف ميراثه فيه حتى يقضى القاضي، تقررت الأمور على ذلك، وإن كانت وفاته بعد وفاة ذلك المورث، وبذلك يتحقق شرط الميراث بإجماع الفقهاء، وهذا كله إن لم يكن قد صدر حكم، فإن كان قد صدر حكم بالوفاة، ثم ظهر الدليل على وفاته في ميقات معلوم ثابت، فإنه يتضمن الدليل على حياته قبل ذلك التاريخ، فيسير الأمر على مقتضى الدليل فالذي ظهر، فيرث إن كان يثبت حياته وقت وفاة مورثه، وإن أثبت الدليل أن موته كان بعد الحكم بوفاته، أي أن وفاته كانت لاحقة لتاريخ الحكم بوفاته، فيكون الأمر كما لو ظهر حيًا بعد الحكم بوفاته، وعلى ذلك يأخذ ورثته وقت وفاته ما يكون قائمًا من ماله، لأنهم قائمون مقامه في ماله الذي كان ثابتًا له قبل الغياب، أو اكتسبه بعد الغياب بقيام الدليل على الحياة.
وواضح ما سبق أن القانون أخذ بمذهب الحنفية، والشافعية بالنسبة لتاريخ الحكم بالوفاة، وإذا ظهر المفقود حيًا بعد الحكم بوفاته فما يكون له من مال، سواء أكان ثابتًا له قبل الغياب أم اكتسبه بحكم الشرع، كالميراث والوصية، فإنه يأخذه إن كان قائمًا بأيدي الورثة، وإن كان قد استهلك، فإنه لا يطلب بالقيمة، لأن المطالبة أساسها ضمانهم لهذه الأعيان، والضمان يكون بأحد أمرين:

1- العقد كضمان المرتهن للعين المرهونة. 2- التعدي، والعقد غير موجود، ولا تعدي من الورثة، لأن ما ثبت بأيديهم كان بسند شرعي هو حكم القاضي، وإن كان شيء بأيدي الورثة من نصيبه أخذه.

المواضيع المتشابهه: