أفرز تفعيل قانون العنف الأسري، وتطبيقه على أرض الواقع، "ثغرات"، تقلل من مدى فاعليته، بحسب مصدر قضائي مطلع، يرى أن أهم هذه الثغرات هو "عدم تضمين القانون أية عقوبات جزائية تمكن المحكمة من اعتمادها في قراراتها، ما يبعث برسالة إلى الشارع، تفيد بعدم وجود قناعة قضائية، بإيجاد عقوبة على جريمة العنف الأسري".
هذه الثغرة وغيرها، كانت محل نقاش أول من أمس في ورشة متخصصة، نظمها المجلس الوطني لشؤون الأسرة، خصصت للتباحث في مسودة قانون الحماية من العنف الأسري، بحضور أمين عام المجلس فاضل الحمود، وخبراء متخصصين من نواب ومؤسسات مجتمع مدني، واتفق خلالها على أهمية إجراء تعديلات على القانون، تضمن تفعيله، بشكل يحمي حقوق كافة الأطراف.
القانون الساري أقرَّ العام 2008، إلا أنه لم يفعل في المحاكم، إلا قبل نحو عامين، إثر صدور نظام يحدد كيفية تشكيل لجان الوفاق الأسري، والتي تكون مهمتها استقبال الحالات المعنفة، ومحاولة حل مشكلتها، قبل تحويلها إلى المحاكم، وهو ما اشترطه القانون.
المصدر القضائي، الذي فضل عدم نشر اسمه، قال لـ"الغد"، على هامش الورشة، إن المادة 17 من قانون العنف الأسري، تنص على "تنظر المحكمة بطلب التعويض، بناء على طلب المتضرر، أو أي جهة ذات علاقة به، على أن يؤخذ بعين الاعتبار، إضافة إلى القواعد العامة، الوضع المالي لطرفي النزاع، ومدى تأثير إلزام المدعى عليه بدفع كامل التعويضات، على وضع الأسرة، والمصاريف التي ترتبت نتيجة إجراءات الحماية".
وانتقد المصدر بشدة هذه النقطة، وقال إنها "تجبر القاضي على تقييم الوضع المالي للضحية، فإذا كانت مقتدرة ماليا، فهذا يعني تخفيف قيمة التعويض لها، متغاضيا بذلك عن الأذى النفسي والجسدي، الذي لحق بالضحية، والتعامل معها على أساس مالي فقط، وكأنها سلعة".
وطالب بتعديل القانون لتلافي هذه الثغرة. مبينا أن الحل حاليا "يتمثل بإخضاع قضايا العنف الأسري لأحكام قانون العقوبات".
وأشار النائب الأول لرئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، ممثلا عن رئيس المجلس، خلال افتتاحه الورشة، إلى أن قانون الحماية من العنف الأسري من أهم القوانين في الدولة، و"أكثرها حساسية"، كونه يتعلق بالأسرة التي هي لبنة المجتمع وأساس بنائه.
واعتبر أن مراجعة قانون الحماية من العنف الأسري، تعد خطوة جريئة متقدمة، تكمل مسيرة الأردن، مؤكداً ضرورة الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الحالة الوطنية والاجتماعية.
من جانبه، أوضح الحمود أن المجلس ومن خلال الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف، الذي يمثل نهج العمل التشاركي مع جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ذات العلاقة، "عمل على تشكيل لجنة قانونية، لغايات تقديم صياغة قانونية لقانون الحماية من العنف الأسري؛ بسبب ظهور ثغرات قانونية وإدارية برزت عند تطبيق أحكامه".
وعملت هذه اللجنة على مدار عام ونصف على تتبع الملاحظات المقدمة من مختلف الجهات المعنية، بتطبيق أحكام القانون، قبل ان تصيع مسودة قانونية، ناقشتها مع مختصين من القضاء، ووزارة التنمية الاجتماعية ومديرية الأمن العام ونقابة المحامين ومؤسسات المجتمع المدني، بحسب الحمود.
وأشار إلى أن التعديلات المقترحة من خلال الورشة ستتم "صياغتها والتوافق عليها، لتتماشى مع أحكام شريعتنا الإسلامية ودستورنا والاتفاقيات الدولية والتشريعات النافذة"، و"ضمن إطار موروثنا الاجتماعي الإيجابي، لنصل بالنتيجة إلى قانون عصري يحمي الأسرة وأفرادها (...)".
فيما أشار ممثل اليونيسف في الأردن روبرت جنكنز إلى أن "البيت هو أكثر الأماكن أمنا على وجه الأرض بالنسبة للطفل، فأين يذهب إذن، اذا كان يعاني من العنف في بيته كل يوم"؟ وقال "يجب علينا أن نجعل مجتمعنا أكثر أمنا من أجل الأطفال، وهذا الأمر يجب أن يبدأ من بيوتنا".

المواضيع المتشابهه: