بسم الله الرحمن الرحيم


الحوار من حيث الظاهر هو تبادل الكلام و العمل الحـر، تبادل الآراء و الأفكار و الأحكام، أي القدرة و الإمكانية على القول (مبادرة) و النقض (الرد على المبادرة).
و الحوار من حيث المبدأ، يقتضي وجود إمكانية الاتصال بالآخر، لأنه يفترض وجود فردين أو مجموعتين من الأفراد : الأولى تقوم بالمبادرة و الأخرى ترد على المبادرة. و لكن هذين الطرفين المتحاورين يجب أن يأخذا بعين الاعتبار بعداً قيمياً يتمثل بالحقيقة و العدالة. و لذلك فإن الحوار الحضاري يتطلب :
1-القناعة بوجود حقيقة و عدالة، أو على الأقل بإمكان الاقتراب من الحقيقة و العدالة.
2-القناعة و الإحساس بأن البحث و اكتشاف الحقيقة يتعلقان أساساً بتجربة المقترحات و الأفكار الأولى عن طريق مرورها عبر عقول متتابعة تعمل بما لها من ذاتية على تنقيتها كلها أو في جزء منها من الأخطاء التي تمتزج بالحقيقة.
3-الاعتقاد بوجود نوع من التعادل الفكري بين الأفراد، أو على الأقل تتوفر فيهم القدرة على المساهمة في الحوار.

هذا المفهوم المبدئي للحوار يرتب عدة آثار فيما يتعلق بالمؤسسات السياسية أو التنظيم السياسي، يمكن إجمالها بالنقاط التالية :
1-إنّ النظم الديمقراطية تقوم، على التمثيل السياسي. و أهم ما يسهم في تطوير آلية التمثيل السياسي هو الحوار بين المنتخب و ناخبيه. هذا الحوار يسمح للنواب بالوقوف باستمرار على رغبات و متطلبات و آراء ناخبيهم.
2-وجود الأحزاب السياسية التي تسهم في عملية الحوار بين الحكام و المحكومين، بين السلطة و المعارضة.
3-المجالس البرلمانية التي تؤمن الحوار بين مختلف الأحزاب و التيارات السياسية و بين الأكثرية و المعارضة.
4-إنّ مبدأ الفصل بين السلطات، الذي يعتبر أهم أسس الديمقراطيات، يؤمن نوعاً من الحوار بين السلطات الأساسية و خصوصاً بين السلطتين التشريعية و التنفيذية.


المواضيع المتشابهه: