بسم الله الرحمن الرحيم


مجال قضاء الإلغاء في نطاق العقود الإدارية محدود، و المتتبع لقضاء مجلس الدولة الفرنسي في هذا الخصوص يجد أن ذلك القضاء يقوم على مبدأين أصيلين، يمكن أن نعتبرهما مدخلا لدراسة قضاء الإلغاء في مجال العقود الإدارية وهما :
أولا) أن دعوى الإلغاء لا يمكن أن توجه إلى العقود ذلك أن من شروط قبول دعوى الإلغاء أن توجه إلى قرار إداري و هو تعبير عن إرادة بمفردها بينما العقد هو تعبير عن إرادتين.
ثانيا) أنه في مجال قضاء الإلغاء لا يمكن الاستناد إلى مخالفة الإدارة لالتزاماتها التعاقدية، كسبب من الأسباب التي تجيز طلب إلغاء القرار الإداري.فدعوى الإلغاء هي جزاء لمبدأ المشروعية sanction de l’égalité و الالتزامات المترتبة على العقود الإدارية هي التزامات شخصية.
و بالرغم من الإطلاق الذي قد يستشف من القاعدتين فالأصل في المنازعات العقود الإدارية أنها تدخل في مجال القضاء الشامل، لأن دعوى الإلغاء لا توجه إلى العقود الإدارية، غير أن العقد الإداري يرتبط بإجراءات تمهد الإدارة بها لإبرام العقد أو تهيئ لمولده ، ومن هذه الإجراءات ما يتم بقرار إداري صادر من السلطة المختصة يكون له كل مقومات و خصائص القرار الإداري من حيث كونه إفصاح من جانب الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين و اللوائح و كان الهدف منه تحقيق مصلحة عامة. فمثل هذه القرارات و أن كانت تسهم في تكوين العقد و تستهدف إتمامه، فإنها تنفرد في طبيعتها عنه و تنفصل عنه، و من تم يجوز الطعن فيها بالإلغاء استقلالا و تسمى بالقرارات الإدارية المنفصلة كما أنه بالنسبة لعقود الامتياز قد تصدر قرارات إدارية تؤثر في المستفيدين من خدمات المرفق الأمر الذي يقتضي السماح لهؤلاء المستفيدين بالطعن في هذه القرارات
وعلى ذلك فإن قضاء الإلغاء يجد تطبيقا له في مجال العقود الإدارية بالنسبة لنوعين :
-القرارات الإدارية المنفصلة: وحيث أن الإدارة تلتزم بإجراءات محددة و تتقيد في إبرام عقودها بالعديد من القيود إلا أنه إثناء تنفيذ العقد تصدر الإدارة بعض القرارات و هذه القرارات أجاز مجلس الدولة الفرنسي و المصري الطعن فيها بالإلغاء من غير المتعاقد
- القرارات المتعلقة بالمستفيدين بخدمات عقود الامتياز:عقد الامتياز يرتب للمستفيدين خدمات المرفق الذي يدار بواسطته حقوقا ، وفي فرنسا فقد أجاز مجلس الدولة الفرنسي للمستفيدين في حالة عقود الامتياز الطعن بالإلغاء في القرارات الصادرة من الإدارة المتعاقدة.


المواضيع المتشابهه: