الدستور- رنا حداد
«وصلت الرسالة ولم يصل الرد»، هذا لسان حال عدد كبير من مستخدمي برامج المحادثة التي توفرها الهواتف الذكية الاكثر انتشار بين المستخدمين.
«الواتس اب» او «الفيسبوك»، باتت تتيح لك ترقب حالة صديقك، قريبك، زميلك او اي تحادث وتراسل عبرهما، الامر تخطى ذلك الى اعطاء المرسل دلالة واضحة ان رسالته وصلت جهاز المتلقي او المرسل اليه، بل انه قد اطلع عليها ايضا، بما يفتح مجالا لانتظار الرد، وبالتالي التحسس من عدمه، وسوء الظن في غالب الاحيان في حالة اهمال جواب المرسل.
يقول استشاري العلاقات الاسرية والاجتماعية الدكتور صالح البركات، «البعض قد يتخذ قرارا بعدم المراسلة مجددا، او يبدأ بتوجس الافكار والاسباب التي أدت الى عدم الرد على رسالته».
ويضيف الدكتور البركات في معرض تعقيبه على القطيعة الاجتماعية بين الافراد في حال اهمال الرد على رسائل تصل على الهاتف من خلال برامج المحادثة، «لماذا لا نتوقع ان المتلقي بمكان او ظرف غير مناسب، بل لا يستطيع الرد، حتى ولو قرأ النص».
ويضيف «لعله يصلي، يأكل، يقود السيارة، او لديه عمل، ثم قد لا يكون المتلقي في حالة مزاجية تسمح له بالرد، او لربما لا اجابة لديه حاليا عم تسأل او تستفسر عنه او تطلبه منه».
ويؤكد د.البركات «ان اخر ظهور»، و»تمت رؤيته»، او «استلم الرسالة»، مؤشرات توحي للمرسل بتلقي المستقبل الرسالة ، موضحا ان هذه العبارات وبلا شك هددت العديد من العلاقات ، اذ تناسينا حسن الظن والتماس الاعذار وتقدير ظروف الآخر، وهي بمجملها اساسيات لاستمرار العلاقات بين الناس ونجاحها».



«تطنيش» و»تحسس» وقطيعة اجتماعية
يؤكد الثلاثيني «سمير ناجي» ان البعض يتسرع ويتخذ موقفا مقاطعا وغاضبا حتى في حال عدم حصول رسالته التي ارسلها توا على رد، ولكنه يرى في الأمر «بعد عن المنطق وتقدير ظروف الاخرين».بحسب تعبيره.
ويضيف» التطنيش، هي الكلمة الاقرب لاتهام المتلقي في حال عدم الرد الفوري على رسالة المرسل»، ويؤكد «اعتقد عموما نحن لا نحب هذه الكلمة ومن ينتهجها كاسلوب تعامل معنا، لذا نرغب بسرعة الرد والتجاوب، ومن هنا يمكن ان تبدأ الاحكام الخاطئة على من لا يتمكن من الرد على رسائل محدثيه».
ولتوفر على نفسها عناء التبرير وايضاح سبب عدم التواصل والرد، تنتهج العشرينية «زينة خالد»، خاصية اخفاء الظهور على كافة برامج المحادثة التي سبق وحملتها على هاتفها الخلوي، طبعا الذكي.
تقول» يتحسس البعض من عدم ردك المباشر على تواصلهم معك، او محاولة فتح مساحة محادثة عبر التطبيقات المختلفة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة انك لا ترغب بالتواصل او الحديث، بل قد يكون الوقت غير ملائم، مثلا، او ان الظروف المحيطة لا تساعد على التركيز مع محدثك كتابة عبر برنامج المحادثة».
وتضيف» الحساسية الزائدة التي قد يتحلى بها البعض جراء عدم استجابة البعض لوميض رسائلهم الخاصة، امر غير منطقي، فلا بد من حسن الظن واكثر من ذلك التماس الاعذار، سيما ان كانت المعرفة وثيقة بين الطرفين».
متصل الان، وتغير انماط حياتنا
لعل الحالة «متصل الان» تقودنا الى تشعبات عدة بدأت تطفو انعكاساتها على علاقاتنا مع بعضا البعض من جهة، ومن ناحية اخرى غيرت من انماط حياتنا حتى بت ترى الجميع سهارى.
تقول الاحصائيات ان عدد مستخدمي برامج الواتس اب على سبيل المثال في الاردن تجاوز المليونين ونصف مليون مستخدم، في حيت يتجاوز عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العدد بمرات كثيرة.
وبما ان وجه الشبه وغالبية الاستخدام، تصب في بوتقة التخاطب والتواصل، فان مؤشر حالة الشخص سواء على برنامج الواتس اب او الماسينجر، يتيح لكل فرد على قائمة المستخدم الاطلاع على حالة اتصاله، بل وعلى اخر ظهور له، مما ترك تساؤلات منها ما يطال مواعيد واوقات استخدام الناس لهذه الوسائل ، ومن ناحية اخرى، تساؤل عن تغير في انماط حياة الناس.
متى ينام هؤلاء؟
الحالة «متصل» وكما جاء على لسان اشخاص في هذا الاستطلاع بينت وجود خلل في انماط حياة الناس مؤخرا، طال مواعيد النوم والاستيقاظ، التفرغ والانشغال.
تقول الثلاثينية «اسمى مصطفى»، كان السهر للمتعبين والمتألمين، واليوم هو حليف غالبية من يحملون أجهزة ذكية من الناس».
وتتابع» استيقظ صباحا، وبطبيعة الحال وكما يحدث مع معظمنا ألج الى صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك، وتويتر، ويشدني «بوستات» و»تغريدات نشرها اصحابها في ساعات متأخرة من الليل ، او مع أولى ساعات الصباح الباكر».
تقول «بت اتساءل متى ينام هؤلاء»؟.
«لقد غيرت هذه البرامج من انماط حياتنا بما لايدع مجالا للشك»، يقول الاربعيني « أسعد مناف» ، والذي تضطره طبيعة عمله الليلي ان يتسلى احيانا بهاتفه الذكي، وما يحتوي من برامج تواصل ومحادثة.
يضيف «اتواصل مع أهل واصدقاء في الولايات المتحدة الاميركية، ويساعدني في ذلك فرق التوقيت، اضافة الى انني اتبادل الاحاديث مع اصدقاء من داخل البلد يسهرون ويقضون معظم ساعات الليل على ضوء هواتفهم الخلوية الذكية».
يقول «البعض ينام حال عودته من عمله عصرا ويسهر، البعض الآخر اعتاد السهر، وهكذا تختلف الحالة من شخص لآخر، هناك من يكيف ظروفه، وآخرين يكتفون بإستخدام معقول لا يؤثر على نمط حياتهم المعتاد».
حالة وانتهت
يقول «مزيد حسان»، في بداية اقتنائي لهاتف ذكي، كان رنين تنبيهات الرسائل، مصدر ازعاج اذ تصل في أوقات غير مناسبة كساعات الليل المتأخر او الصباح الباكر».
«وما ان تفطنت، وعن طريق اصحاب الخبرة في التعامل مع هذه الهواتف، تمكنت من انهاء معاناة مع رنين لا يميز ليل من نهار».
ويضيف» في الامر انتهاك للخصوصية، فاشارة «متصل الان» لا تعني بالضرورة ان المستخدم، في حالة تفرغ تامة للحديث وتبادل الأخبار، فلربما كان متصلا لهدف معين، او انه كحالتي سابقا يجهل متاهات هذه الهواتف الذكية وبرامجها».


المواضيع المتشابهه: