بحث منشور في موقع هيئة المحامين بالدار البيضاء

-1 -

النقل المجاني
·ادعاء قيام الخطأ الفصل 77، 78 من العقود والالتزامات.
·ادعاء قيام قرينة المسؤولية.
منذ ان صدر حكم شهير بفرنسا سنة 1928 عن محكمة النقض امتنع على الضحية المنقول مجانا على متن سيارة ان يستفيد من مقتضيات الفصل 1384 الفقرة الاولى من القانون المدني.
وقد نقلت هذه القاعدة من فرنسا الى المغرب عن طريق الاجتهاد القضائي فاصبح ممنوعا كذلك بالمغرب على المنقول مجانا ان يتمتع بمقتضيات الفصل 88 ق. م .ع .
وتكلف الضحية بإثبات خطا الحارس او تابعه طبقا لمقتضيات الفصلين 1382، 1383 من القانون المدني بفرنسا والفصلين 77، 78، من ق م ع بالمغرب.

أساس هذه القاعدة
وقد وضع الاجتهاد القضائي أساس هذه القاعدة بكيفية ( بريتورية غير يقينية).
وقد وضعت لذلك عدة فروض :

أ?- قبول تحمل الأخطاء.
لا يمكن للذين قبلوا او طلبوا المشاركة مجانا في الشيء مع إدراكهم التام للأخطار التي يتعرضون لها ان يطالبوا الحارس بتعويض الأضرار التي لحقتهم إلا عندما يثبتون خطا نسب إليه.
لكن هذا التفسير لا يكون مقنعا عند التمحيص.
بالإضافة إلى ذلك فان الاجتهاد القضائي يمتنع من اعتبار الركوب في سيارة خطا في حد ذاته.

ب?- تنازل الضحية ( قد تكون الضحية تنازل عن حقه من متابعة الناقل)
كيف يمكن التنازل عن حق مستمد من نص غالبا ما يجهله المنقول مجانا مع العلم ان التنازل لا يفترض ومن هنا فهذا التفسير مجرد تخمين ان لم نقل انه تفسير ساذج.

ج- الضحية ( المنقول مجانا) شريك في الحراسة
إلا انه يمكن اعتبار المنقول حارسا لأنه لا يمكن لا مراقبة الشيء ولا تسييره.

ك- دليل واهي
لا يعقل : إن إثبات خطا السائق لا يمكن أن يعد أمرا غير أخلاقي بينما يعد كذلك إذا مارس شخص رخصة يسمح بها القانون أو استفادة من المسؤولية بحكم ( القانون ) هذا الأخير.

·تقدير ونقد
إن أية حجة من الحجج السابقة لا تقنع.
إلا انه لم يعد طبيعيا أن يحرم المنقول مجانا من التعويض بعد أن أصبح التامين على حوادث السيارات إجباريا لاسيما إذا كانت ظروف الحادث غير واضحة أو كانت الشهادات متناقضة أو إذا كان من المستحيل إثبات خطا السائق.
هذا وان الاجتهاد القضائي الراجح قد اقتنع بالطابع غير العادل للصرح الذي شيده سنة1928 حيث انه يسعى لتحطيمه.

·وكيف يسعى إلى ذلك ؟
أ?- اصبح ميدان تطبيق فكرة النقل المجاني ضيقا فلا يخضع لمقتضيات الفصل 1382 ( بفرنسا) والفصل77 (بالمغرب) الا النقل الذي كان اساسه مجرد المجاملة.
بينما كلما اتصف النقل بنوع من الاستفادة كيفما كانت الا وامكن اخضاع الناقل الى الفصل 1348 بفرنسا والى الفصل 88 بالمغرب.
فيكفي اذن لاختفاء فكرة النقل المجاني ان يكون ذا فائدة فيه او يرجو منفعة من ورائه وبالاحرى فان هذه المنفعة المقصود منه هي التي جرت النقل من طابعه غير المجدي.

ولنورد أمثلة
أ?) سائق ياخذ معه مسافرا في سيارته ليخلفه في السياقة اثناء قطع مسافة متعبة.
ب?) اخذ مسافر في السيارة لإرشاد صاحبها اثناء الطريق.
ت?) اخذ رجل اعمال لزبون له في سيارته لزيارة عقار معروض للبيع.
ث?) اخذ محام لموكله الى الجلسة …. الخ ولنلاحظ بكل اهتمام ان هذا الحارس خاضع للفصل1384 الفقرة الاولى (88 ق.أ.ع) وان عليه للهروب من طائلته ان ياتي بحجة تتصف بان النقل غير ذي جدوى.

ب?- وسيلة اخرى من الاجتهاد القضائي للتخفيف من اثر القاعدة التي خلقها وهي تكمن في تقدير الخطأ.
حسب المنطق البسيط فانه كلما كانت ظروف الحادث غير محددة او متناقضة فلا مجال للاخذ بالفصل1384 الفقرة الاولى او الفصل88 ق.ا.ع :
·الا في حالات ما إذا كان المصدوم هو دراجي او راجل يمشي في الطريق.

وقد عمل الاجتهاد القضائي اجتنابا لهذا التفسير المتناقض.
فبعض المحاكم ومحاكم استئناف مؤيدة من طرف المحكمة النقض لم تتردد في استخلاص خطا السائق لمجرد عدم السيطرة على سيارته وهذا هو تطبيق ما يسمى بالخطا المحتمل.

مثلا :
·عندما تصعد سيارة الى جانب الطريق منحنية فتصدم شجرة رغم ان الطريق واسعة وفي حالة جيدة.
·عندما تتزلق السيارة على حصى يوجد على الطريق ولا يستطيع السائق ضبطها.

وهكذا فكلما كان الضحية امام استحالة لتحديد الظروف التي وقع فيها الحادث فانه يستطيع ان ياخذ التعويض بناء على فرضين اما بناء على اساس فقدان السيطرة على السيارة او بناء على فقدان السيطرة يثير خطا السائق.
وهكذا فان الاجتهاد القضائي قد تمكن خلال تطوره ان يضع قرينة الخطأ على عاتق الناقل الا ان هذا الاجتهاد سيتحرر يوما ما من الاشكال الذي خلق سنة1928.

وهناك وعد بهذا التحليل صدر عن محكمة الاستئناف بباريس في قرار هذه حيثياته الاساسية :
واعتبارا الى انه ليس هناك من نص او قاعدة تمنع المنقول مجانا من الاستفادة من الفصل1384 الفقرة الاولى من القانون المدني.
وان مشاركته هذه يمكن ان تستبعده على اساس انه يقدر الاخطار التي شارك فيها بركوبه وان هذا ينسجم مع حركة السير اليوم، نظرا الى ان نفس الفصل يحتم على حارس سيارة تعويض الاضرار التي لحقت من اصطدام به.

وانه ليس من العدالة في شيء ان نعالج حارس الشيء والمنقول مجانا بكيفيتين متميزتين.
وانه اخيرا باستبعاد تطبيق الفصل 1384 في نفس هذه الحالة فانه يؤدي الى اعتبار تصرفا خاطئا والحالة انه لا يمكن اعتباره كذلك في ظروف اخرى.

لهذه الأسباب
فيمكن ان نتمنى ان المنقول مجانا ولو لمجرد المجاملة الا لأي غاية مفيدة سيكون في استطاعته ان يطالب ناقلة بتعويض الاضرار الا في حالة قبوله بكيفية غير طبيعية للخطر ( مثلا في حالة قبوله الركوب وهو يعلم ان هذا الاخير في حالة سكر) بناء على الفصل 88 من الالتزامات والعقود.
وإننا ننشدكم بان تسيروا في هذا الاتجاه وبهذا ستقضون على مصدر للجدال والظلم.

تعويض ضرر لحق براكب ينقل مجانا في عربة ونجم عن اصطدام مع عربة اخرى
مبدئيا عندما يمكن ان تطالب ضحية بتطبيق الفصل1984 الفقرة الاولى ( الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود) على عدة حراس ساهموا في حدوث الضرر على هؤلاء الآخرين بالتعويض الكامل سواء في نفس الوقت او على انفراد حال التضامن" او اذا عوض احد الحارسين الضحية فيمكنه من بعد ذلك ان يحصل من الحارس الاخر او الحراس الاخرين على الحصة الواجبة عليه او عليهم.

لكن المسالة تناقش في حالة اصطدام عربتين كانت احداهما تنقل راكبا بالمجان.
لكن سبق لنا ذلك فلا يمكن مطالبة الناقل بمقتضى الفصل1384 الفقرة الاولى ( الفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود).

وفي هذه الوضعية فان محكمة النقض والابرام لا تسمح بالحكم الكامل حالتضامن على المشتركين في الحادث".

وهذه هي العبارات الواردة في قرار محكمة النقض حينما صرحت بهذه النظرية وأكدتها .
حيث ان المبدا الذي يجب حسبه ان يحكم على كل واحد من المسؤولين عن نفس الضرر ان يعوضه بأكمله وتبقى له دعوى تمكن بمفعول الاحلال من يؤدي التعويض كله ان يطالب من كان او من كانوا ملزمين بالاداء ان يؤدي الحصة الواجبة على كل واحد منهم في الدين المشترك.

يستنتج من هذا التأكيد ان الحارس الذي لم يكن ينقل الراتب لم يكن مدينا في حالة وقوع اصطدام مع عربة اخرى الا بالنصف.

وأشير الى ان محاكم الاستئناف والمحاكم تقاوم بشدة هذه النظرية وتستبعد مسالة مسؤولية التضامن تحكم على الحارس غير الناقل بالتعويض الكامل للضرر.

هل لخطأ الضحية تأثير على الحق في التعويض الذي يطالب به الآباء لأنفسهم ؟
كان بعض الاجتهاد قد اكد مدة مستندا في ذلك الى ما يستند من علاقة حتضامن" المشتركين في ارتكاب الضرر ان خطا الضحية الذي ساهم في وقوع ذلك الضرر لا يجوز ان يكون له أي تأثير على حق التعويض الذي يطالب به اباء الضحية بصفة شخصية.

لقد جعل قرار صادر عن محكمة النقض والإبرام وهي مؤلفة من جميع الغرف، في تاريخ 25 نونبر1964 نهاية لذلك الاجتهاد .
لم تعمل محكمة النقض والإبرام في هذه الصورة بمسؤولية حالتضامن".

وللعمل بتلك المسؤولية قررت محكمة النقض والإبرام انه يجب ان يكون بإمكان المدعين أبناء الضحية ان يطالبوا بمسؤولية هذا او ذاك من المشتركين في ارتكاب الضرر ماذا يمكن ان يطلبوه من الضحية لا شيء اللهم اذا اعتبرنا انه من الواجب والالتزام المدني على كل واحد منا ان يبقى حيا ومحتفظا بصحته ليعول دائنيه بالتغذية، هذا هو تعليل ذلك القرار الذي قضى برفض الطلب الرامي الى نقض قرار صادر عن محكمة الاستئناف التي جعلت جزءا من المسؤولية على الضحية ( الثلثين ) فلم تصدر حكمها على صاحب السيارة بنسبة الثلث لأرملة تلك الضحية.

ان محكمة النقض والإبرام
فيما يخص الدفع الفريد
حيث انه ورد في القرار المطعون فيه ان بروكس الذي حكم عليه بذعيرة لكونه قتل عن غير قصد السيدة سيمون ساكر زوجة كيار قد تحمل فيها يخص المطالب المدنية من المسؤولية فقط مما نتج عن الحادث من اضرار يجب لعدم انتباه الضحية وان اشين ساكر والسيدة جولييت ساكر أرملة روشي وهما أخ وأخت للضحية قد تقدما بطلب مدني ضد بروكس للحصول على تعويض ضررهما المعنوي فيطعن في قرار محكمة الاستئناف لكونه لم يحكم لهما بطلبهما الا على اساس تقسيم المسؤولية بينما طلب النقض يعتبر ان الاطراف المدنيين الذين يطالبون بتعويض ضرر شخصي والذين لم يشاركوا في أي وقت في الأخطاء المنسوبة للهالكة لم يكن يجوز ان يفرض عليهم هذا التقسيم للمسؤولية.

لكن حيث انه اذا ما اشترك المتهم والضحية في الاخطاء فانه يجب ان يحدد قدر التعويضات طبقا لتقسيم المسؤولية التي اعترف القضاة بوجودها وان محكمة الاستئناف قد صرحت بحق ان بروكس لم يكن مدينا الا بتعويضات للاطراف المدنيين في حدود المسؤولية الواجبة عليه من تم فان الدفع لا يرتكز على اساس.
لهذه الأسباب … ترفض
وهناك كذلك قرار صادر بتاريخ 27 يناير1965 اكثر صراحة من الاول انه قرار نقض مخالف للأول الذي هو قرار رفض لقد نقضت محكمة النقض والابرام قرار محكمة الاستئناف التي لم تاخذ بعين الاعتبار تقسيم المسؤولية بين الضحية التي توفيت وبين الشخص المتابع من طرف ورثة تلك الضحية.

نقض مدني الثاني 27 يناير1965 المشار له اعلاه.

ان محكمة النقض والإبرام
فيما يخص الدفع الفريد
بناء على الفصل 1382 من القانون المدني والفصل 1200 من نفس القانون،
حيث ان المبدأ القاضي بانه يجب الحكم على كل من المسؤولين على نفس الضرر بتعويض كامل يفترض ان الطرف المتضرر له الحق في إقامة دعواه على اثنين او اكثر من المشتركين في ارتكابه.

حيث ان الامر ليس كذلك عندما يطالب الطرف المتضرر بتعويض الضرر الذي لحقه من جراء وفاة الضحية التي ساهمت بفعلها في ارتكاب ذلك الضرر لان تلك الضحية لم تتعرض لاية مسؤولية ازاء المدعي في الطلب من اجل الضرر الشخصي الذي يشتكي منه ذلك الطرف المتضرر المعني لا يمكنه ان يقيم دعواه الرامية الى الحصول على التعويض الا على الطرف الثالث او الأطراف الثالثين الملتزمين له وحدهم في حالة ما إذا كان الضرر لا ينسب للضحية نفسها حيث انه حسب القرار المطعون فيه الذي قضى بالإلغاء جزئيا ان السيدة دفينو التي كانت تسير على متن دراجة نارية قد صدمت كليا السيد " توزان" الذي كان يوجد بالطريق فسقطت وأصيبت بجروح ماتت من جرائها وان توزان الذي وقعت متابعته من اجل القتل غير العمدي قد حكمت عليه المحكمة وان دوفينيو قد أقام دعوى بالأصالة عن نفسه ونيابة عن أولاده القاصرين على توازن امام المحكمة المدنية للحصول على تعويض الضرر الذي لحقه ولحق أولاده.

ولتحكم بانه بالرغم من ان الضحية قد ارتكبت خطا ساهم بنسبة الربع في حدوث الضرر لم يكن يمكن توازن ان يطالب بذلك التقسيم للمسؤولية ويجب عليه ان يعوض المدعين تعويضا كاملا ذكرت محكمة الاستئناف ان دوفينيو لم يكن يمارس حقا في تعويض خاص بالضحية ورثة عن هذه الأخيرة لكنه كان يطالب بتعويض الضرر الشخصي والمباشر الذي لحقه ولحق اولاده بسبب وفاة زوجته وأم هؤلاء الأولاد وانه كان يحق له حينئذ ان يطالب المدعى عليه بتعويض كامل كما كان قد يمكنه الحصول على ذلك من كل مشارك اخر في ارتكاب الحادثة.

حيث ان قضاة الجوهر لما حكموا بالحكم المشار اليه أعلاه ركزوا حكمهم على قواعد مسؤولية حالتضامن التي لا تنطبق على هذه الصورة وقد خرقوا النصوص المشار اليها أعلاه.


المواضيع المتشابهه: