بسم الله الرحمن الرحيم


عقلنة النظام البرلماني في النظام الفرنسي
تهدف البرلمانية المعقلنة إلى إقامة توازن بين امتيازات البرلمان و تلك العائدة للسلطة التنفيذية أو الحكومة. بحيث لا يؤدي ذلك من جهة إلى المساس بالتمثيل الوطني، و لا إلى عدم الاسقرار الحكومي من خلال انبثاق الحكومة عن أغلبية متجانسة في البرلمان.
هذه العقلنة للبرلمانية تتضح من خلال الآليات الجديدة التي جاء بها دستور 1958. فالسلطة التشريعية للبرلمان جاءت محددة على سبيل الحصر، و يمكن أن يفوضها للحكومة إذا طلبت ذلك. أي أن الحكومة أصبحت وفقاً لذلك صاحبة الاختصاص العام في التشريع.
يضاف إلى ذلك جملة من الامتيازات المعترف بها للحكومة في علاقتها بالبرلمان فيما يتعلق بالعمل التشريعي : أفضلية مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة في التسجيل على جدول أعمال البرلمان، طلب الحكومة التصويت الإجمالي لتسريع الإجراءات أو لتجاوز أي تعديل أو تشويه لنصوص مشاريع القوانين المقدمة من قبلها، إعطاء الحكومة للجمعية الوطنية الكلمة الحاسمة في حال عدم التوافق مع مجلس الشيوخ حول إقرار نص ما…الخ.
و هذه العقلنة البرلمانية تتضح أيضاً من خلال تنظيم مسؤولية الحكومة أمام البرلمان. فلم يعد بإمكان الجمعية الوطنية، وفقاً للمادة /49/ من الدستور، أن تسقط الحكومة عن طريق إجراءات تافهة، و لا فصل رفض الثقة عن رفض النصوص التي تقترحها الحكومة. يضاف إلى ذلك إجراءان أساسيان نصت عليهما المادة /49/ المذكورة : الأول يتعلق بالأكثرية المطلقة للتصويت على اقتراح بحجب الثقة عن الحكومة، التي تحتسب على أساس عدد الأعضاء الذين يؤلفون الجمعية الوطنية، بحيث يعتبر المتغيبون و الممتنعون عن التصويت كالمصوتين لصالح الحكومة. و الثاني مفاده بأنه في حال عدم وجود اقتراح بحجب الثقة أو عدم التصويت عليه في حال وجوده، يعتبر النص الذي ربطت الحكومة مسؤوليتها على أساسه مصدقاً.
هذه الرزمة من الإجراءات تسمح بالاستقرار الحكومي، حيث تتمكن الحكومة من أن تحصل بسهولة على القوانين و الاعتمادات المالية الضرورية للقيام بمهامها.
يضاف إلى ذلك، أنّ حق الحل، الذي يعتبر عنصراً رئيساً للتوازن بين البرلمان و الحكومة، انتقل من يد الحكومة إلى رئيس الجمهورية، مما يسهم في تدعيم عقلنة النظام البرلماني.



المواضيع المتشابهه: