بسم الله الرحمن الرحيم



صلاحيات الملك في إنكلترا بتعيين رئيس الوزراء وعزله
يحفظ النظام البرلماني للملك حق تعيين رئيس الوزراء وذلك بقرار منفرد يصدر عنه، ولا يحتاج إلى أن يشاركه في التوقيع أحد، ويعد ذلك استثناءً من قاعدة وجوب مشاركة الوزراء ورئيسهم لرئيس الدولة في توقيع جميع قرراته، ولكن الملك من الناحية العملية يكون ملزماً بتعيين زعيم الحزب الفائز بأغلبية المقاعد في الانتخابات النيابية،لأنه مضطر إلى اختيار الشخص القادر على الحصول على قبول مجلس العموم، وإلا فإنه سيواجه الإحباط من البرلمان كنتيجة متوقعة، وسيترتب على هذا إما استقالة رئيس الوزراء الذي اختاره الملك، أو حل البرلمان, ولكن إذا لم يحقق أي من الأحزاب أغلبية مطلقة في الانتخابات، أو لم يكن للحزب الفائز زعيماً ظاهراً، أو استقال رئيس الوزراء أو توفي فإن الملك يتمتع بسلطة كبيرة في اختيار رئيس الوزراء حيث يعود ذلك لتقديره الشخصي, فعلى سبيل المثال عندما أجريت الانتخابات البرلمانية في بريطانيا في عام 1924 لم يحصل أي حزب من الأحزاب الثلاثة الكبيرة على الأغلبية المطلقة، حيث حصل حزب المحافظين على 255 مقعداً، وحزب العمال على 191 مقعداً، وحزب الأحرار على 158 مقعداً، وأصبح ستانلي بلدوين Stanley Baldwinزعيم حزب المحافظين رئيساً للوزراء، ولكنه هُزم واستقال، وكان على الملك أن يختار بين حزب العمال وحزب الأحرار، فاختار حزب العمال ليشكِّل الحكومة, كذلك عندما استقال أنتوني إيدن Anthony Eden في عام 1957 في أعقاب أزمة السويس لم يكن هناك زعيم بارز للحزب، بل كان يوجد أكثر من زعيم فكان هناك مرشحان ليخلفا إيدن Eden من حزب المحافظين هما بتلرButler وماكميلان Macmillan فاختارت الملكة هارولد ماكميلان Harold Macmillanرئيساً للوزارة بناء على نصائح المقربين إليها، وعندما استقال ماكميلان Macmillanفي عام 1963 اختارت الملكة دوغلاس هيوم Humeرئيساً للوزارة، وفي كلتا الحالتين انتخب ماكميلان Macmillan ثم هيوم Humeزعيماً لحزب المحافظين الذي اعتبر إجراء الملكة متمشياً مع السوابق، أما حزب العمال فيرى أنه إذا استقال رئيس الوزراء أو توفي فيجب على الحزب أن يبدأ باختيار زعيمه الجديد الذي سوف يقبل دعوة التاج له ليصبح رئيساً للوزارة.
ولعله من المفيد أن نذكر أن إسناد الوزارة لزعماء الأحزاب ليقوموا بتشكيلها قد أصبح أحد القواعد المسلم بها في النظام البرلماني الإنكليزي، حيث " نشأت هذه القاعدة نتيجة تطبيقات عملية متكررة وأساسها قاعدة أخرى هي ارتفاع رئيس الدولة عن الخلافات الحزبية التي أصبحت محور النظام الديموقراطي الحديث – فإذا هزمت الوزارة ولم تلجأ إلى الانتخابات العامة، أو إذا فشلت في هذه الانتخابات فواجب رئيس الدولة هو المحافظة على وجود الحكومة لا محاولة إنشاء حكومة بحسب ميله ورغبته، وهذا يقتضيه المبادرة بدعوة زعيم المعارضة المنتظر.
بمجرد تعيين رئيس الوزراء ينتهي دور رئيس الدولة الحقيقي، وما على رئيس الوزراء بعد ذلك إلا أن يقوم باختيار أعضاء الوزارة ليتم التشكيل الوزاري.
ومع أن رئيس الوزارة هو الذي يؤلف فعلاً الوزارة فإن تشكيل الوزارة من الناحية القانونية من اختصاص رئيس الدولة، لأن الوزارة لا توجد قانوناً إلا بإقراره للتشكيل الذي يرفعه إليه الوزير الأول متضمناً أسماء زملائه الذين يريد التعاون معهم، وعلى ذلك فحق تأليف الوزارة هو اسماً لرئيس الدولة وفعلاً وعملاً لرئيس الوزراء ".
كما يحق للملك عزل الوزارة ولكن هذا الحق كحقه في التعيين مقيَّد بموقف الأحزاب في البرلمان، فلو أقال الملك وزارة غير مؤيدة من قبل البرلمان فإنه لن يواجه صعوبة، لأن الإقالة في هذه الحالة تعد متفقة مع رأي البرلمان، أما إذا كانت الوزارة مؤيدة من قبل البرلمان فإن إقدام الملك على إقالتها يعد متعارضاً مع سيادة الأمة، كونه ينطوي على استخفاف بإرادة ممثليها في البرلمان.


المواضيع المتشابهه: