دعوى التفريق للإعسار عن دفع المهر .
نتناول في هذا المبحث بيان المصدر الفقهي للتفريق للعجز عن دفع المهر ، والفرق بين التفريق لعدم الكفاءة والتفريق للإعسار عن دفع المهر ، وشروط التفريق للإعسار عن دفع المهر ، في مطالب . وقبل ذلك نعطي فكرة موجزة عن المهر .
المهر : هو المال الذي يجب على الزوج لزوجته بعقد زواج صحيح ، او دخول بالعقد الفاسد ، فهو عطية من الزوج لزوجته وليس عوضا ً .
وهو واجب ولو لم يسمه في العقد ولو اتفق الطرفان على نفيه (1)، او كانت التسمية فاسدة كأن سمي الخمر مهرا ً(2) ، او كان مجهولا جهالة فاحشة بعدم ذكر نوعه كدابة ، وفي هذه الأحوال يجب مهر المثل (3) .
ومهر المثل : يقدر بمهر مثل الزوجة من أقارب أبيها : بالسن ، والجمال ، والعقل ، والدين ، والبلد والعصر ، والبكارة ، وكمال الخلق ، وعدم الولد ، والعلم ، والمكان والزمان. فان لم يوجد فمهر مثيلاتها من الأجنبيات ، وقيل مهر مثيلاتها من قبيلة مثل قبيلة أبيها ، وعن أبي حنيفة انه لا يقضى بمهر المثل في هذه الحالة . وقد أخذت بذلك المادتان 44و54 من قانون الأحوال الشخصية غير انه يقدر مهر المثل بمهر امرأة مثلها من اهل بلدتها إذا لم يوجد مثيلا ً لها من أقارب أبيها .
المطلب الأول
في المصدر الفقهي للمادة 126 من قانون الأحوال الشخصية بالفسخ للعجز عن دفع المهر .
جاء في الأسباب الموجبة لقانون الأحوال الشخصية ان المادة 126 من قانون الأحوال الشخصية أخذت من مذهب الشافعية ، لانه لا يوجد في مذهب الحنفية ما يعالج هذه الحالة بصورة حاسمة .
وللشافعية في التفريق للإعسار عن دفع المهر ثلاثة أقوال :
1-الفسخ قبل الوطء لا بعده وهو اظهر الأقوال . وفي قول للزوجة الفسخ قبل الوطء وبعده ، وفي قول ليس لها الفسخ مطلقا ً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ






ولو دفع بعضه وعجز عن بعضه ، فعلى القول المعتمد عندهم الفسخ ويثبت الإعسار بالإقرار او البينة ، وبعد الإثبات يمهل على الأظهر ثلاثة أيام لدفعه وان لم يطلب الزوج مهلة ، رجاء دفعه ولو باستقراض ونحوه ، وإذا لم يدفعه فسخه القاضي ، وإذا دفعه ردت دعواها (1).
وقد أجاز المالكية التفريق للإعسار عن دفع المهر الحال قبل الدخول وجعلوه طلاقا ً (2) .
وأجازه الحنابلة ولو بعد الدخول ما لم تكن عالمةً بإعساره (3)
المطلب الثاني :في الفرق بين التفريق لعدم الكفاءة والتفريق للإعسار عن دفع المهر .
التفريق للكفاءة المنصوص عليه بالمواد 20-23 تختلف عن التفريق للإعسار عن دفع المهر المنصوص عليها بالمادة 126 وتتجلى مظاهر الاختلاف في :-
1- الخصم فيهما : الخصم في دعوى التفريق للكفاءة الزوجة والولي حسب الأحوال ولو كانت الزوجة كاملة أهلية التصرف .
اما في التفريق للإعسار عن دفع المهر : فالخصم فيها الزوجة فقط ، ولا تقبل الدعوى من الولي لو كانت الزوجة أهلا ً للتقاضي ، لان الحق يختص بها وحدها .
2- الدخول وعدمه : يجوز طلب التفريق لعدم الكفاءة قبل الدخول وبعده ، ما لم يسقط بإحدى المسقطات ومنها ان تحمل الزوجة قبل التفريق .
اما التفريق للإعسار فلا يجوز الا قبل الدخول . فإذا دخل الزوج بزوجته امتنع طلب التفريق .
3- الإثبات : تثبت دعوى التفريق لعدم الكفاءة بكافة وسائل الإثبات الشرعية .
بينما لا تثبت دعوى التفريق للإعسار عن دفع المهر الا بالإقرار أوالبينة .
4- الإمهال : في دعوى التفريق للإعسار ، يمهل الزوج مدة لا تقل عن شهر بعد ثبوت عجزه عن دفع المهر . اما في دعوى التفريق للكفاءة ، فلا يمهل .
5- إذا تزوجت المرأة رجلا ً وهي لا تعلم كفاءته أي مقدرته على دفع المهر والنفقة ، ولم يخبرها بكفاءته ، ولم تشترط الكفاءة ، ثم تبين انه غير كفء فلا يحق لها طلب الفسخ .
بينما يجوز لها ان تطلب الفسخ للإعسار عن دفع المهر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ

المطلب الثالث
شروط التفريق للإعسار عن دفع المهر .
يشترط للتفريق للإعسار عن دفع المهر وفقا ً للمادة 126 من قانون الأحوال الشخصية :-
1- ان تطلب الزوجة التفريق قبل دخول زوجها بها ، فإذا قدمت دعواها بعد الدخول لا تقبل .
2- ان تدعي الزوجة عجز زوجها عن دفع مهرها المعجل كله ، او دفع بعضه ، فلو دفع اكثر مهرها المعجل ، وبقي اقله قبلت دعواها . هذا ان كان حاضرا ً .
وان كان غائبا ً : ولا يعلم له محل إقامة ، يكفي ان تدعي انه لا مال له يمكن تحصيل المهر منه ، لانه غائب عنها ، فربما كان قادرا ً على دفع مهرها ، او كان معسرا ً فأيسر لربح جناه بتجارة ، فاكتفى منها المشرع بان تدعي انها لا تعلم له مالا ً يمكن تحصيل المهر منه ، وان تقيم البينة على ذلك .
3- ان تثبت الدعوى بالبينة او الإقرار ، فإذا لم يقر بالدعوى ، ولم تقم البينة على دعواها ردت دعواها دون توجيه اليمين الى المدعى عليه الزوج . لان المادة 126 اشترطت إثبات الدعوى بالبينة او الإقرار ، والنكول عن اليمين ليس منهما ، وان كان من وسائل الإثبات .
4- ان يمهل القاضي المدعى عليه ان كان حاضرا ً او غائبا ً معلوم محل الإقامة ، مدة لدفع المهر لا تقل عن شهر ، فإذا لم يدفعها فرّق بينهما .
اما إذا كان غائبا ً مجهول محل الإقامة ، فلا يمهل ، ويحكم القاضي بالتفريق بعد ثبوت الدعوى .


المواضيع المتشابهه: