لم تكن تعلم أن جسدها الغض الذي كان يتزين في تلك اللحظات بفستان أبيض طويل وتاج يصور لها نفسها أميرة على عرش الزوجية في حفل زفاف بهيج، سيؤول إلى فريسة تنهشه أعقاب السجائر.

بلغت من العمر 16 عاماً وشهراً حين أقنعها أهلها بأن زواجها من ذاك الشاب الذي يكبرها بـ 12 عاماً على الأقل فرصة للسعادة لن تجد لها مثيلاً.

وباتت منى (اسم مستعار) قبل ليلتين من زفافها تحلم بحياة وردية عقب أيام قضتها مع والدتها ووالدة خطيبها في الأسواق تتجهز لليلة العمر.
نسيت منى هم الدراسة وتعب الحصول على علامات جيدة، فزوجها سيكون حلم المستقبل وهو من يستحق منها كل عناء للحصول على ثنائه والكثير من الهدايا.

وبعد أقل من شهر على زفافها عرفت منى أنه أُلقي بطفولتها وراء قضبان وحش مارس عليها كل أمراضه وعقده النفسية.
لم يكن زوجها يتوانى عن تعذيبها رغم براءة طفولتها جسدياً وجنسياً ويجبرها على تقليد مشاهد إباحية يعرضها عليها، وبدأ بمعاقبتها على كل ما يراه خطأ بالضرب والإهانة.

واستفحل الأمر ليصبح معتاداً بالنسبة له أن يطفىء في جسدها أعقاب السجائر إلى أن ساقتها أقدارها يوماً ليفحصها أحد الأطباء الشرعيين بعد تعذيب جسدي طويل ويقرر تحويلها إلى مركز العدل المختص بالمساعدة القانونية لرفع قضية على زوجها.
وجد على جسد منى ما لا يقل عن 100 مكان تأذت بسبب أعقاب السجائر، وحينها فقط أدرك أهلها خطأهم وقرروا مواجهة الواقع ومساندة ابنتهم في قضيتها أمام زوجها.

** متحرش بالأطفال ومغتصب

تقول المحامية والمستشارة القانونية شيرين يعقوب إن هذه الطفلة خاضت تجارب تفوق بمئات المرات تجارب من هن في سنها خلال أقل من عامين.

وتتابع أنه في أولى جلسات المحكمة بالت الفتاة على نفسها أمام القاضي حين رأت زوجها، "ترى أي درجات الرعب تلك التي انتابتها حين رأته ؟!" تساءلت يعقوب .

وما زالت قضية منى منظورة أمام المحاكم.
وترى المحامية يعقوب أن الشاب الناضج الذي يرغب في الزواج من فتاة قاصر لم يتجاوز عمرها الـ 18 عاماً ما هو إلا متحرش بالأطفال ومغتصب.

وتضيف في حديثها لـ "خبرني" "من الطبيعي أن تكون رغبة الشاب بممارسة حياته الزوجية بالعيش مع فتاة شابة تملك مقومات الأنوثة وتستطيع إدراك متاعب الحياة."
ويوافقها الرأي على الصعيد الإنساني أخصائي علم النفس الدكتور محمد الحباشنة لكنه يؤكد أن الزواج من قاصر وفق التعريف العلمي الخالص بعيد عن الصحة النفسية.

ويوضح الحباشنة "أن المتحرش يبحث عن عدم وضوح في العلاقة لكن الزواج أمر واضح، إلا أن الراغب في الزواج من قاصر لديه رغبة في الملكية وليس المشاركة وهذا يدينه نفسياً."
وتابع "الراغب في الزواج من قاصر يخالف المعايير المناسبة للارتباط"، مؤكداً أن أهم هذه المعايير أن يكون العروسان من نفس الجيل وأن تكون المرحلة العمرية بينهما متقاربة حتى لا يترتب على ذلك اختلاف بالاهتمامات والقواعد العقلية والأخلاقية والمهارات.
وأضاف الحباشنة "أن الزواج من قاصر شاذ علمياً وأخلاقياً ويؤدي إلى فرق بالكفاءة بين الطرفين خاصة حين يحاول الرجل الزواج بفتاة من جيل أبنائه لأجل إثبات أنه ما يزال يافعاً أمام الآخرين، أو ليعوض مراحل عمرية سابقة، أو أنه يرى في ذلك بحثاً عن المتعة ويعتبرها مقبولة دينياً."

** القرار الأخطر

تحلقن حولها في ساعة مخصصة للحديث عن تجاربهن، فغالبيتهن كن من السيدات السوريات اللواتي تزوجن قبل أن يتممن الـ 18 من عمرهن وأحياناً الـ 14 عاماً.

تحدثت كل واحدة منهن أمام المحامية والناشطة في حقوق المرأة رنا أبو السندس عن معاناتها مع الزواج المبكر، وصارت الكلمة مفتاحاً لقصة، والقصة تجديداً لألم في نفس كل واحدة منهن.

قالت إحداهن "تزوجت وعمري 14 عاماً وأنجبت طفلي الأول دون أن أدرك بعد المعنى الحقيقي للمسؤولية".. تكمل حديثها وهي تنظر بعين الشفقة إلى ابنتها التي ما زالت في سن الـ 16، وتقول "بنتي بدها تتزوج صغيرة وأنا خايفة تعيش متل تجربتي."
تضيف الأم وعيناها تترقرقان بالدمع "عشت حياة صعبة ولا زلت إلى الآن أخاف من العلاقة الزوجية التي خضتها مع رجل يكبرني بـ 10 سنوات عندما كنت طفلة."

وتابعت "كنت أبكي مع طفلي حين يبكي لأني كنت أجهل كيفية التصرف معه."
وأما المحامية أبو السندس فقالت خلال الجلسة التي استفتحتها بالتعرف على الحاضرات وفي أي سن تزوجت كل واحدة منهن "إن أخطر قرار من الممكن اتخاذه هو قرار الزواج."

وأوضحت "حين نفكر بعمل مشروع جديد أو حتى شراء فستان فإننا نخوض أطول وقت ممكن لاختيار الأنسب رغم أن قطعة الملابس التي لا تعجبنا يمكننا إعادتها لكن نتاج الزواج أطفال صغار وهم من سيتحملون تبعات الزواج الفاشل."

** فستان أبيض

بلغ عدد الفتيات القاصرات (أقل من 18 عاماً) اللواتي تزوجن في عام 2014 ويحملن الجنسية الأردنية بحسب الإحصائيات التي حصلت عليها "خبرني" من دائرة قاضي القضاة 8152 فتاة، بينما بلغ للسوريات اللواتي يعشن على أرض الأردن حوالي 2253 لذات العام.
وتقول المحامية يعقوب إن الفتيات في هذا السن المبكر يتم إغراؤهن بالهدايا التي ستحصل عليها من زوجها والمطاعم والحدائق التي ستزورها معه والأهم هو تحقيق حلمها بارتداء الفستان الأبيض.

وتوافقها الرأي المحامية أبو السندس التي استذكرت حادثة حصلت مع فتاة سورية تزوجت وعمرها 15 عاماً.
تقول أبو السندس " إن الفتاة فرحت بثوب زفافها الأبيض حتى أنها رفضت عند دخولها المنزل أن تخلعه رغم محاولات الزوج المتكررة لإقناعها بأن حفل الزفاف انتهى."

وأضافت "أن زوجها اضطر في النهاية لجلب والدتها من أجل إقناع عروسه الطفلة بالتخلي عن فستان الزفاف."
وتابعت أبو السندس أن المجتمع عادة لا يلجأ لتزويج الفتيان مبكراً لكنه يفعل ذلك مع الفتاة.
وبحسب الإحصائيات فإن عدد الأردنيين الذين تزوجوا بأعمار تقل عن 18 عاماً في عام 2014 بلغ 229 بينما بلغ للذكور السوريين الذين يعيشون على أرض الأردن من نفس الفئة العمرية ولذات العام 138.

**غابوا دون رجعة

رغم أن الفقرة (أ) من المادة (10) في قانون الأحوال الشخصية الأردني تشترط لأهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة أتما 18 سنة شمسية إلا أن الأهل عادة ما يلجأون إلى الفقرة (ب) من ذات المادة حيث يجوز للقاضي وبموافقة قاضي القضاة "أن يأذن في حالات خاصة بزواج من أكمل سن 15 سنة شمسية من عمره وفقاً لتعليمات يصدرها لهذه الغاية إذا كان في زواجه ضرورة تقتضيها المصلحة ويكتسب من تزوج وفق ذلك أهلية كاملة في كل ما له علاقة بالزواج والفرقة وآثارهما."
ويمنع وفقاً للقانون زواج من يقل عمره عن 15 عاماً.

وتكمن المشكلة كما يقول قانونيون في انتشار زواج القاصرات بين اللاجئين السوريين وتزويج أبنائهم وبناتهم دون اللجوء لتثبيت عقود الزواج في المحكمة.

ونفذت دائرة قاضي القضاة حملتين أعفت فيهما كل من أجروا عقود زواج دون توثيقها في المحاكم من الغرامة، حيث استفاد منها في المرة الأولى 2000 عائلة سورية وفي المرة الثانية 1300 عائلة سورية.
وتصل قيمة غرامة عدم توثيق عقد الزواج في المحكمة إلى ألف دينار أردني.
وتسعى منظمات الحقوقية وقانونيون وناشطون لنشر الوعي بين اللاجئين السوريين لتوضيح قانون الأحوال الشخصية الأردني لهم والتأكيد على أن الأردن يجرم زواج من تقل أعمارهم عن 15 عاماً.

تقول المحامية يعقوب إن سيدة سورية لجأت لها من أجل استشارة قانونية تتعلق في تثبيت زواج ابنتها البالغة من العمر 11 عاماً بعد أن علمت بحملها من زوجها السوري كذلك والبالغ من العمر 18 عاماً.

وتضيف "إنها لم تر العائلة منذ ذلك اليوم بعد أن علموا بأن القانون الأردني يجرم تزويج من لا يتجاوز عمرها الـ 15 عاماً."
وبحسب إحصائيات دائرة قاضي القضاة فإن السوريات اللواتي تزوجن دون سن الـ 18 وثبت زواجهن في المحاكم الأردنية عام 2011 بلغ 42 مقابل اثنين من الفتيان من نفس الفئة العمرية في ذلك العام.
وتشير الإحصائية إلى ارتفاع أعداد المتزوجين والمتزوجات من السوريين على أرض الأردن دون سن 18 لتكون في عام 2012 (148 أنثى.. 4 ذكور)، وفي عام 2013 (735 أنثى.. 22 ذكراً)، وأما في عام 2014 (2253 أنثى .. 138 ذكراً).

** خسرا طفولتهما

وفي حادثة أخرى عمد الأهل إلى تزويج ابنهم الذي لا يتجاوز عمره الـ 17 عاماً من فتاة تصغره بعامين، مما دفع الفتى للتوقف عن إتمام تحصيله العلمي والعمل مع والده من أجل أسرته الجديدة.

تقول والدته "أردنا أن نفرح به ونرى أولاده فهو وحيدنا لكننا عرفنا لاحقاً أنه وزوجته خسرا طفولتهما .. ولا زلت اتدخل لحل مشاكلهما الطفولية وأشرف على تربية ابنهما."

** (سترة وبربيها على إيدي)

وتزداد حالات الطلاق بين المتزوجين في سن صغيرة كما تفيد المحامية أبو سندس التي شرحت أنه رغم بحث الراغبين في الزواج من قاصرات على السترة (ويربيها على إيدو.. وإلها تم ياكل ما إلها تم يحكي)، إلا أن في ذلك مدعاة لمزيد من حالات الطلاق وتعريض الأم للوفاة أثناء الولادة أو وفاة طفلها أو تعريضها وطفلها لمشاكل صحية ناجمة عن عدم نضجها إضافة لحرمانها من التعليم.
وبلغت حالات الطلاق في عام 2014 للفتيات اللواتي يقل عمرهن عن 18 عاماً 409 حالات مقابل 4 حالات للذكور لنفس الفئة العمرية من إجمالي حالات الطلاق الذي بلغ في ذات العام 4523 حالة.

وتعلق المحامية الشرعية سميرة زيتون بالتأكيد على أن سلبيات زواج القاصرات كثيرة لكن هناك بعض الإيجابيات التي تدفع القاضي للموافقة على عقد قران من يقل عمرها عن 18 عاماً.

وتتابع "بعض الفتيات يرغبن في الزواج المبكر وأخريات ليس لهن عائلات وتعيش بحكم وفاة والديها مع عمها أو أحد من أقربائها فيلجأن للزواج، بينما يدفع الأهل لتزويج الفتاة التي ترتكب خطأ مع الشاب من أجل السترة."
وبدافع "السترة" غالباً ما يتم اللجوء لتزويج فتيات قاصرات تعرضن للاغتصاب مستغلين أحكام المادة 308 من قانون العقوبات الأردني التي توقف العقوبة على مرتكب جريمة الاغتصاب في حال زواجه من الضحية.

وتنص المادة التي طالب حقوقيون بتعديلها على أنه "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه".
وتشير الإحصائيات إلى أن 54% من الضحايا اللواتي تزوجهن المعتدون عليهن بموجب المادة القانونية هن من القاصرات.

** فتيات دور الرعاية ومجهولات النسب

تقول إحدى المختصات اللواتي اطلعن عن قرب على حالات فتيات دور الرعاية ومجهولات النسب إلى أنهن غالباً ما يوافقن على الزواج دون سن 18 عاماً للتخلص من وضعهن الاجتماعي.

وتضيف "رغم النصائح التي يتلقينها من أجل التفكير ملياً قبل الإقدام على خطوة الزواج إلا أن الخيار الأنسب للهرب من مآسيهن يكون عبر الموافقة على أول من يتقدم لهن."

وتؤكد المختصة أن كثيراً منهن وجدن أنفسهن مضطرات للعيش مع أصحاب أسبقيات لم يحصلوا على فرصة الزواج من فتيات يعشن في أسر طبيعية "لسمعتهم السيئة."

ورغم ذلك فإن فتيات دور الرعاية ومجهولات النسب يتعرضن للإهانة من أزواجهن لفظياً وجسدياً باعتبار أنه ليس لهن سند يحميهن، وقد يعمد أزواجهن بعد ذلك للانفصال عنهن.

ولفتت إلى أن بعض هؤلاء الفتيات يتعرضن للاغتصاب وتلجأ الواحدة منهن للزواج من مغتصبها لحل مشكلتها.
ولم يتسن لـ "خبرني" الحصول على إحصائيات دقيقة من وزارة التنمية الاجتماعية لعدد فتيات دور الرعاية اللواتي يتزوجن في سن يقل عن 18 سنة.
وبحسب ما يفيده المختصون فإن الفتيات اللواتي يتزوجن في سن مبكر غالباً ما يتعثرن في حل مشاكلهن الزوجية فقد يتخذن من الصبر أحياناً وسيلة لتستمر حياتهن مع أزواجهن ويعتبرن أن ضربهن والتعدي على حقوقهن أمر مباح، خاصة إذا لم يجدوا سنداً لهن من أهلهن وأردن الحفاظ على أطفالهن ليتربوا بين أحضانهن.

بينما تلجأ أخريات لاستخدام العنف لرد العنف بعد سنوات من المعاناة.

** أريد أن أشم رائحة شعرها

كانت على قدر من الجمال فزوجها أهلها عندما بلغت من العمر 15 عاماً خاصة وأنها لم تكن ناجحة في دراستها، مما شجعها على مطاوعة أهلها بسهولة.
زوجها كان يكبرها بحوالي 15 عاماً ويعمل في دق الحجر، واشتهر بينهم بكرمه وحسن ضيافته إضافة إلى وضعه المالي الجيد.
مرت الشهور الأولى سريعة لتعيش فاطمة (اسم مستعار) ضغوط الأسرة والمسؤوليات الاجتماعية المتراكمة عليها بسبب كرم وزوجها واستضافته الدائمة لأصدقائه وزوجاتهن لدرجة منحهم غرفة نومه ليناموا فيها.
لكن بعد ذلك تبين لفاطمة أن ما يقوم به زوجها ليس كرم ضيافة وأن زواره ليسوا أصدقاءه وأن زوجاتهم ليسوا بزوجاتهم، وتكشّف لها أن زوجها اتخذ من منزلهم (وكراً للدعارة).

اشتكت لأمها الحال، لكن أمها لم تصدقها ولامتها باعتبار أن زوج ابنتها رجل فاضل ويواضب على صلاته ولهم في كرمه معهم قصص وحكايات.
أنجبت فاطمة أول أطفالها وكان ذكراً، الأمر الذي لم يرق لزوجها الذي يفضل الإناث.
ورغم شكواها المتكررة لوالدتها إلا أنها لم تحرك ساكناً واستمر الحال على ما هو عليه.

لاحقاً أنجبت فاطمة طفلة، ما جلب السعادة لزوجها الذي زاد من سلوكه السلبي، وباتت هي أكثر خوفاً على نفسها وطفليها.
أخيراً قررت أن تلجأ إلى أشقائها مما أدى إلى مشاجرة واسعة بينهم أسفرت عن دخوله المشفى وسجنهم.
زادت الأم من لومها لابنتها وتوجهت فاطمة للاعتذار لزوجها من أجل إنهاء المشكلة.

وبعد الإفراج عن أشقائها، سمحت لها عائلتها بأن تطلب الطلاق على أن يعيش طفلاها مع والدهما.
خوفها الشديد على طفليها وخاصة على ابنتها من أن يستغلها والدها للعمل في الدعارة عندما تكبر، دفعها لأن تستمر في العيش مع زوجها الذي قرر أن يغير مكان إقامتهم إلى العقبة بعيداً عن أهلها في عمّان.

عاشت فاطمة مع زوجها 10 سنوات ذاقت فيها صنوف العذاب من الضرب والإهانة وجلب النساء والرجال ليمارسوا العلاقات غير الشرعية داخل منزلها وعلى مرأى ومسمع منها.

تساءلت "إن هربت مع طفلي هل سيقتلني بداعي الشرف ويلفق لي تهمة الهرب مع عشيقي؟ وإن تطلقت منه فماذا سيكون مصير ابنتي حين تكبر؟."
تعلق المحامية أبو سندس "لأن هذه المرأة لم تمتلك الوعي الكافي ولم تكمل تعليمها فلم تستطع أن تستقل بذاتها ولقلة حيلتها وعدم معرفتها بالوسائل التي توفر لها الحماية مثل إدارة حماية الأسرة، دفعها تفكيرها للجوء لارتكاب جريمة لحل مشكلتها."
فاطمة وبعد 10 سنوات قررت التخلص من زوجها إلى الأبد، لكن وسيلتها في ذلك كانت بالتخطيط لقتله.
في صيف عام 2008 قرر زوجها كما اعتاد سنوياً أن يسكن وزوجته وطفلاهما في منزل مستأجر بعمّان إلى أن يصبح الجو لطيفاً للسكن في العقبة.

وقبل عودتهم إلى العقبة عمدت فاطمة إلى إرسال طفليها ليناما في منزل شقيقتها بعمّان بحجة أنها سترتب وزوجها أمور منزلها في العقبة قبل الانتقال إليه مجدداً.

جلبت السم وضعته في صلصة (قلاية بندورة) تناول منها الكثير لكنه لم يمت، لم يكن السم قوي المفعول وبنيته الجسدية ساعدته على المقاومة.
في اليوم التالي ظلت فاطمة مصممة على خطتها فجلبت سماً أقوى ووضعته في (قرص العجة)، في هذا المرة نجحت خطتها ولقي زوجها حتفه.
لم تكتف فاطمة بذلك وشعرت أنها لم تنتقم لنفسها ولكرامتها المهدورة على مدار سنوات فعمدت إلى التمثيل بجثته وتقطيع جسده بعد أن فصلت الرأس وشوهته بحرقه، ثم خبأت القطع في أكياس ووضعتها في الثلاجة.

نظفت منزلها من آثار الجريمة ونامت ليلها بهدوء وراحة تمنتهما على مدار سنوات، كما تقول.
أتمت فاطمة رسم خطتها لتخرج بحجة تسلية طفليها اللذين غاب والدهما عنهما لأيام، حيث أخذت ترمي كل يوم بقطعة من جسده في حاوية القمامة على مدار 12 يوماً.

اكتشف الجريمة أحد عمال الوطن وأبلغ الأجهزة الأمنية التي تواصلت بدورها مع والدها.
هاتفها والدها ليبلغها بأن الأجهزة الأمنية تبحث عن زوجها، فعرفت أن أمرها افتضح.
احتضنت طفليها وأخبرتهما أنها أم جيدة وأن كل ما سيعلمانه لاحقاً سببه حرصها عليهما ولأنها أرادت لهما حياة أفضل.
ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها واعترفت فوراً بارتكاب جريمتها.

واليوم تنتظر فاطمة تنفيذ حكم الإعدام بحقها على جريمتها التي ارتكبتها، وعندما سئلت عن آخر أمنياتها قالت "بدي أشوف بنتي ..بدي أشم ريحة شعرها."

تقول المحامية أبو السندس "لم نتمكن من تحقيق أمنيتها بعد أن رفضت عائلة زوجها أن يسمحا لطفليها بزيارتها."

** يرفضن اللجوء للقضاء رغم تعرضهن للتعنيف

تقول أخصائية الطب الشرعي في إدارة حماية الأسرة الدكتورة إسراء طوالبة إن كثيراً من النساء المعنفات من قبل أزواجهن يرفضن اللجوء للقضاء رغم العنف الجسدي الشديد الذي تتعرض له، وذلك خوفاً على أبنائها من حياة أسرية مفككة في حال طلقها زوجها أو لعدم وعيها بالوسائل المتاحة لحماية نفسها خاصة إن تزوجت وهي صغيرة في السن ولم تتم تحصيلها العلمي.
وأفادت الطوالبة بأن الحالات التي استقبلتها كطبيبة شرعية في حماية الأسرة منذ شهر نيسان الماضي وحتى شهر أيلول أظهرت أن واحدة من كل 3 سيدات تعرضن للعنف من أزواجهن يقل عمرها عن 18 عاماً، أو تزوجت في عمر يقل عن 18 عاماً واستمرت لسنوات عدة تعاني من التعنيف.

وبحسب الطوالبة فإن عدد الحالات الإجمالي للمعنفات اللواتي تعاملت معهن في ذات الفترة المذكورة أعلاه في حماية الأسرة بلغ 91 بينها 22 حالة لقاصرات أو لنساء عنفن منذ أن كن قاصرات و69 لسيدات تزوجن وهن بالغات.
وتؤكد الطوالبة أن هناك حالات يتم فيها تحويل السيدة إلى القضاء حتى وإن لم ترغب بذلك (مثل تعرضها للإيذاء الشديد الذي يشكل خطورة على حياتها، أو الإيذاء المتكرر، أو للضرب وهي حامل).

** لا ضرر ولا ضرار

وعن رأي الشريعة الإسلامية في زواج القاصرات شرحت المحامية أبو السندس للمشاركات في محاضرتها أن الدين يسير وفق قاعدة "لا ضرر ولا ضرار."
وتعقيباً على ذلك قال وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية هايل الداود لـ "خبرني" إن قانون الأحوال الشخصية الأردني مستقى من أحكام الشريعة.

وأضاف أن القانون جعل الحد الأدنى لسن الزواج للإناث والذكور 18 عاماً وجعل الزواج من قاصر مخالفة قانونية وشرعية، وسمح بزواج من يزيد عمره عن 15 عاماً بحالات استثنائية مبررة وفق الظروف وتحكمها تعليمات صادرة عن قاضي القضاة في حال وجود مصلحة كبرى تقتضي إتمام الزواج أو مفسدة عظمى تلزم إتمامه لدرئها.

وأوضح الداود أن الشرع جاء لتحقيق مصالح الناس ومراعاة تغير ظروفهم ضمن القاعدة الفقهية التي "تدعو إلى تقييد استخدام المباحات بما يحقق المصالح العامة ودفع المفاسد."

وتابع "إن تزويج الصغيرة حتى لو كان مباحاً في وقت ما فإنه ليس واجباً، وإذا ترتب على ذلك مفاسد فلولي الأمر أن يمنع هذا المباح أو يقيده بضوابط."

ولفت الداود إلى أن زواج القاصرات كان شائعاً في الزمن الماضي ومتعارف عليه، لكن ترتب عليه مضار معينة ومفاسد في زماننا أجازت لولي الأمر تقييده ضمن قاعدة "لا ضرر ولا ضرار."

المصدر:خبرني


المواضيع المتشابهه: