التعريف بإدارة الدعوى المدنية




من خلال التدقيق بالمسمّى العام الذي أُطلق على هذه الدائرة، نجد أن المسمّى ينقسم إلى شقين أساسيين هما الإدارة والدّعوى المدنيّة، الأمر الذي يستوجب منا البحث عن سبب ورود مصطلح الإدارة، وهل وردت هذه التسمية للدلالة على جهة إدارية تخرج بها عن العمل القضائيّ العام؟، وكذلك البحث في أساس الإرتباط بين الدّعوى بالمعنى العام مع الإدارة داخل المؤسسة القضائيّة التي اعتادت على العمل القضائيّ البحت بعيداً عن تدخلات الإدارة العامة.
وبعد الاعتراف بوجود هذه المؤسسة، فإنَّ الأمر يستدعي لزوم تحديد طبيعة هذه الإدارة من خلال تكييفها تحت هذا المسمّى، وبيان الصورة الحقيقية لوجودها، وفي سبيل الإجابة عن هذه التساؤلات، سيتمّ تقسيم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب على النحو التالي:
المطلب الأول : المقصود بالإدارة.
المطلب الثاني : التعريف بإدارة الدّعوى المدنيّة.
المطلب الثالث : أهداف من إدارة الدّعوى المدنيّة.

المطلب الأول
المقصود بالإدارة

الإدارة لغةً مشتقة من الفعل أدار أي أحاط، فأدار الشيء أحاط به، وهو الاسم والمصدر من أدار، والمدير هو من يتولى النّظر في الشيء أو من يتولّى إدارة جهة معينة من البلاد .
أما اصطلاحاً، فقد تعددت المحاولات لتعريف الإدارة بتعدد الشروحات، بحيث نجد أن التعريف بالإدارة يحدد وفق الغاية التي أُنشئت من أجلها الإدارة، حيث يصعب الاستقرار على تعريف واحد جامع ومانع، وإن كان بالإمكان ايراد تعريف عام للإدارة مع الاحتفاظ بآخر يدل على الغاية الحقيقية التي من أجلها أُنشأت الإدارة محل التعريف.
والإدارة بمعناها العام لا تتعدى عن كونها توفير نوع من التعاون والتنسيق بين الجهود البشريّة المختلفة من أجل تحقيق هدف معين .
ويتّضح من هذا التعريف، أن محور العملّية الإداريّة هو العنصر البشري وكيفية تحقيق التعاون بين الأفراد والتنسيق بين جهودهم المختلفة، وهذه الحقيقة هي التي تضفي على الإدارة طابعاً خاصاً باعتبارها عمليّة اجتماعيّة وإنسانيّة من جهة، واقتصاديّة وسياسيّة من جهة أخرى، ذلك لأنّه يتطلب من الإدارة الحسنة أن تصبح عمليّةً رشيدةً تحقق أهدافها باستخدام أفضّل للإمكانات المتاحة مع توفير أفضّل مناخ ممكن لعمل العنصر البشريّ .
كما أن الإدارة تعني توجيه الجهد البشريّ لتحقيق هدف معين، وهذا المعنى ينطبق على كل أنواع الإدارة، الخاصة منها والعامة، وصعوبة الإدارة تكمن في التعامل مع العنصر البشريّ، ومدى القدرة في الاتصال الجيد بين جميع الأطراف ، وهذا قريب جداً كما سنرى من إطار الدّعوى المدنية. فالدّعوى تشبه هنا المنشأة والتعامل فيها يتم بين الأفراد.
من هنا نجد أنَّ من يتولّى الإدارة أياً كانت إدارة مؤسسة أم إدارة دعوى يستوجب أن يكون على درجة عالية من الكفاءة والرشد فهي فن بالإضافة إلى أنَّها علم قائم بحد ذاته، ولذلك ينتقد وضع سبل ثابتة يستوجب اتباعها في سياسة الإدارة، بل لا بدَّ أن يترك الأمر لمن يتولّى الإدارة لاختيار الوسيلة الأنجح والأفضّل لتحقيق أعلى درجات الجدوى بأقل التكاليف وأسرع وقت ممكن . والإدارة الأنجح هي الإدارة القادرة على استغلال جميع عناصر الإنتاج وتسخيرها لتحقيق حاجات المجتمع ككل.
وبسبب النّجاح الذي حققته الإدارة في مجال المنشآت المختلفة بحيث حققت جزءاً من الجدوى العامة التي من أجلها تؤسس المنشأة لذلك بدأ التفكير بتطبيق الصورة ذاتها في معظم مجالات الحياة . ومن هذه المجالات مجال القضاء حيث بدأت الدول المتقدمة بإدخال الإدارة إلى الدّعوى القضائيّة بُغية الحصول على سرعة في فصل الدّعوى وتحقيق الغاية من التقاضي بأسرع وقت وأقل التكاليف تحت مظلة إدارة الدّعوى المدنيّة، وهذا ما نهجه مشرعنا الأردنيّ.
ومن التعريفات الشائعة للإدارة "بأنَّها المعرفة أو الإلمام الدقيق لما تريد أن يحقق من قبل أشخاص الإدارة، والتأكد أن الأمر قد تَّم تنفيذه بالشكل الحسن ".
ويعرفها البعض الآخر "القيام بأعمال التنبؤ والتخطيط المسبق ومن ثم القيام باعمال التنظيم وبالنتيجة إصدار التوجيهات والأوامر التي تضمن سير العمل وأن تتولى التنسيق والرقابة على ذلك ".
وللدور الناجح الذي لعبته الإدارة في تحقيق صالح المشاريع، فقد سعى المشرّع الأردنيّ، اهتداءً بما سار عليه التشريع الغربي، إلى الإفادة من ذات الآليّة في الحدّ من مشكلة إطالة أمد المنازعات القضائيّة من خلال وضعها تحت إمرة وإشراف جهة معينة صاحبة خبرة في مجال الإدارة بغية تحقيق الإنتاجيّة الأفضّل في العمل القضائيّ لذلك سنتناول في المطلب اللاحق تعريف الإدارة ضمن مفهوم الدّعوى المدنيّة.

المطلب الثاني
التعريف بإدارة الدّعوى المدنيّة

من خلال المطلب السابق تمكّنّا من التعرّف على جزء من المدلول العام للإدارة، والذي ينحصر بحدود الإدارة بالمعنى العام، لكن في حدود هذه الدراسة لم يرد المصطلح بهذا المعنى المفتوح بل ربط بالاختصاص القضائيّ من خلال الدّعوى. وبهذا المعنى عوملت الدّعوى وكأنّها منشأةٌ بحاجة إلى إدارة تتولّى شؤونها العامة والخاصة وتحدّد لها السياسة العامة من أجل تحقيق الجدوى الاقتصاديّة التي أُقيمت من أجلها الدّعوى .
ومن هنا نجد أنَّ الوقوف على التعريف بإدارة الدّعوى المدنيّة يستوجب تعريف الدّعوى أولاً ومن ثم التعريف بإدارتها، وذلك من خلال الفرعين التاليين.

الفرع الأول
التعريف بالدّعوى

الدّعوى لغةً اسم ما يُدعى، وجمعها دعاوى ودعاوي، وفي القضاء قول يطلب به الإنسان إثبات حق على غيره ، أما في الإصطلاح فلم يتناول المشرّع الأردنيّ في قانون أصول المحاكمات المدنية، شأنه في ذلك شأن غالبية المشرّعين، تعريف الدّعوى، وذلك لأنّ وضع التعريفات يُناط غالباً بالفقهاء وشُرّاح القانون وإجتهادات المحاكم ، إلاّ أنَّ المادة 1613 من مجلة الأحكام العدليّة عرفت الدّعوى بأنّها: "طلب أحد حقه بحضور الحاكم ويقال للطالب المدّعي وللمطلوب المدّعى عليه".
كما عرفتها محكمة التمييز الأردنيّة بأنّها: "الوسيلة القانونيّة التي يلجأ بمقتضاها صاحب الحق إلى السلطة القضائيّة لحماية حقه كما هو واضح من نصّ المادة الخامسة من قانون أصول المحاكمات الحقوقيّة لسنة 1952" .
ومما سبق نجد أنّ الدّعوى لا تتعدّى أنْ تكون الوسيلة أو الأداة التي يستخدمها الأفراد بشكل قانوني للدفاع عن حقوقهم أو إقرارها، والدّعوى بهذا المعنى تشكّل مظلة قانونيّة لحماية حقوق الأفراد .
من خلال ذلك نجد أن التعريف التشريعيّ والقضائيّ يكاد يركّز على الجانب الصوريّ أو الشكليّ للدّعوى بأنّها أداة للحماية تُستعمل أمام المرجع القضائيّ المختص وتهدف إلى حماية حقّ تمَّ الاعتداء عليه، في حين أنّها قد تكون وسيلة قانونيّة تنشئ حق أو تكشف عن حق، وكذلك ينكر التعريف السابق حقّ المدّعى عليه بالدفاع الذي يشكلّ الوجه الآخر للادعاء من خلال إبداء دفاعاته وإعتراضاته من خلال الوسيلة عينها .
من خلال العرض السابق نجد أنَّ تعريف الدّعوى بشكل سليم يتوقف على إظهار خصائصها ومن ثم محاولة ايراد تعريف جامع يقوم على هذه الخصائص ومن أهم هذه الخصائص:
1. الدّعوى عبارة عن وسيلة قانونيّة، وبذلك يمكن تمييزها عن وسائل الحماية الإدارية، كمراجعة الجهات الأمنيّة أو الإداريّة لدفع اعتداء ما يحيط بحقوق أحد الأشخاص. كذلك تمييزها عن وسائل قانونيّة أخرى كالإجراءات التنفيذيّة. لذلك تنحصر الدّعوى بالوسيلة المحددة قانوناً وهي اللجوء إلى القضاء على اختلاف اختصاصاته للحصول على حقّ أو حمايته بمواجهة الآخرين .
2. الدّعوى وسيلة للدفاع وحماية الحقوق أو الحصول عليها أو إقرارها ذلك أن الأفراد لا يملكون الحصول على حقوقهم من تلقاء أنفسهم . وأبعد من ذلك فقد جرم المشرّع الأردنيّ كغالبية التشريعات استيفاء الحق بالذات، بل لابدّ من مراجعة القضاء أو الجهة المختصة قانوناً للحصول على هذه الحماية ، مع أنّ المشرّع أباح للأفراد حماية حقوقهم في بعض الأحيان ولكن على سبيل الاستثناء غير القابل للقياس عليه .
3. يختلف موضوع الدّعوى باختلاف سببها، فتحديد موضوع الدّعوى يستوجب بيان سببها أولاً، فقد يكون مديونية أو إزالة شيوع وقد تكون دعوى منع مطالبة أو أمر مستعجل، وأكثر من ذلك قد يكون كاشفاً لحق مثل دعوى صحة النسب، وقد تُرتب إنشاء مركز قانونيّ جديد مثل طلب فسخ أو تصفية شركة، أو طلب حلّ جمعية أو دعوى التفريق بين الزوجين .
4. الدّعوى وسيلة إختياريّة، حيث لا يُجبر الفرد على مراجعة القضاء، فقد يتنازل الفرد صراحة أو ضمناً عن حقه بهذه الحماية إما لعدم جدواها أو لإرتفاع تكاليفها أو لأي سبب آخر .
ومن كل ما سبق يمكن تعريف الدّعوى بأنّها الوسيلة القانونيّة التي يملك بواساطتها الأفراد طبيعيون أم معنويون مراجعة القضاء بهدف حماية حقوقهم مما وقع عليها من اعتداء أو التعويض عمّا لحقها من ضرر أو لإقرار حقّ أو الكشف عنه .

الفرع الثاني
التعريف بإدارة الدّعوى المدنيّة

وجدنا سابقاً أنَّ هذا المستحدث القانوني قام على شقين أساسيين هما الإدارة بالمعنى الكلي مع لزوم التخصيص بالإدارة القضائيّة، وتم الربط بين ذلك وبين الدّعوى بالمعنى العام بحيث نخرج بمؤسسة الدّعوى إن جاز التعبير، بحيث يكون لها السلطة الكليّة على الدّعوى من حيث تحركها دون المساس بموضوعها أوجوهرها، وفي هذا الصدد لا يتفق الباحث مع ماذهب اليه الفريق الوطنيّ للتقييم المبكر لإدارة الدّعوى المدنيّة في الاردن والذي يرى انَّ هذا الأسلوب – إدارة الدعوى - يكشف عن المركز القانونيّ لكل خصم، ذلك أن إدارة الدّعوى حتى في ظل القانون الاردنيّ لا تمس بالموضوع، فنجد أن المادة 59 مكرر من قانون أصول المحاكمات المدنيّة الأردنيّ تعالج إدارة الدّعوى من حيث ضمان التبليغ وجمع البيّنات دون التطرق إلى الموضوع, من هنا نجد أنَّ ذلك الأمر لا يكشف عن المركز القانونيّ لكل من الخصمين . فهي تحدّد وجه سير الدّعوى وتنظيمها القانونيّ من حيث جمع البيّنة وتبليغ الأطراف كما سنرى دون التطرق لوزن البيّنة والتدقيق فيها للوصول إلى الحكم، بعكس بعض الوسائل أو الحلول البديلة كالوساطة والتحكيم التي تتطرق إلى جوهر النّزاع والفصل فيه والوصول إلى نقطة يلتقي بها الفريقان تشكّل نهاية الدّعوى.
وترتكز معظم التعريفات لإدارة الدعوى على الآلية التي يقوم عليها عمل الإدارة، والغايات المرجوة منها، دون الخوض في تفاصيل الجوانب القانونيّة لها، الأمر الذي يمسها بالقصور، فيعرّفها البعض بأنها "عبارة عن مجموعة من الإجراءات تهدف إلى تنظيم الدّعوى وجمع بيّنات الخصوم وتحديد جوهر النّزاع وبحث التسوية أو استعمال الوسائل البديلة عن المحاكمة (الوساطة، التحكيم) وذلك لفضّ النزاع وديـّاً قدر الإمكان كل ذلك من خلال فرض سيطرة وإشرافٍ قضائيّ مبكر على الدّعوى لمراقبة صحَّة الإجراءات اللازمة قبل بدء المحاكمة بما فيها إجراءات تبليغ الخصوم ومراقبة تبادل اللوائح والبيّنات وتوفير ملتقى للاجتماع بالخصوم تحت إشراف قضائيّ وحصر نقاط الاتفاق والخلاف بينهم قبل السير بإجراءات التقاضي بهدف تضييق فجوة الخلاف وتحديد جوهر النّزاع، الأمر الذي يسهم في تسهيل إجراءات التقاضي وسرعة البتّ في الدّعوى" .
ويمكن النيل من هذا التعريف من ناحية أنه جاء مستعرضاً لكافة مهام إدارة الدّعوى بصورة شكليّة دون بيان طبيعة ما تقوم به من أعمال، أهي أعمال قضائية أم إدارية لما يترتب على طبيعة التكييف من آثار كما سنرى.
كما يعرف البعض إدارة الدّعوى بأنّها "السيطرة القضائيّة المبكرة على ملف الدّعوى يقوم بها قاض يسمى مدير الدّعوى، يتولى الإشراف على الملف فور وروده وتسجيله في سجلات المحكمة وإعداده بما يتفق وأحكام القانون، وإتاحة الفرصة للأطراف لتبادل وجهات النظر والمذكرات لاكتشاف عناصر الخلاف الحقيقية والأدلة المنتجة المتعلقة به، وتضييق فجوة الخلاف بين الأطراف وتلافي الجدل غير المبرر، واستبعاد البيّنات غير المنتجة واستقصاء وتحضير المعلومات والبيانات المطلوبة ضمن إطار النزاع، وذلك لتجهيز الملف لتسهيل الفصل فيه من قبل قاضي المحكمة أو من خلال إحدى الوسائل البديلة لحلّ النّزاعات مثل التحكيم أو الوساطة القضائيّة أو الخاصة" .
وحتى هذا التعريف لم يخرج كثيراً عمّا جاء به التعريف السابق، فهو مجرد استعراض لمهام إدارة الدّعوى المدنيّة، وإن كان ما يميزه عن التعريف السابق إظهاره للمهمة الأساسية لإدارة الدّعوى بأنها السيطرة المبكرة على الدّعوى منذ لحظة تسجيلها، إلا أنه يؤخذ عليه عدم إبرازه لطبيعة عمل إدارة الدّعوى هل هو بالعمل القضائي البحت أم عمل إداري.
ومن تعريفاتها إنها "مجموعة الإجراءات القانونيّة التي تتم من إشراف قضائيّ مبكر قبل بدء المحاكمة" .
وكما نلاحظ فقد جاء هذا التعريف مقتضباً، ولم يحدد ماهيّة وطبيعة الإجراءات التي تقوم بها إدارة الدّعوى.
ويعرفها البعض الآخراعتماداً على الهدف من إنشائها بأنها "وسيلة تساعد من خلال جلسات إدارة الدّعوى على هيكلة ما قبل المحاكمة لقضية ما، بهدف إجبار الخصوم على تبادل المعلومات الأساسية في وقت مبكر بحيث تقدم التسهيلات على الطرفين والقاضي وتشجع القاضي على تسوية النزاع في وقت أسرع" .
ويرى الباحث أن التعريف الأكثر دقة هو التعريف الذي يركّز على ماهيّة الإجراءات التي تقوم بها إدارة الدّعوى المدنيّة مع تحديد طبيعتها، وذلك لصعوبة وجود نموذج واحد لأعمال إدارة الدّعوى المدنيّة والتي تختلف وفق النّظام القانونّي الذي تعمل في ظلّه كما تختلف بحسب نوعية القضايا الخاضعة للإدارة، فإدارة الدّعوى تهدف في مجملها إلى تحقيق سيطرة مبكرة على ملفّ الدّعوى منذ تسجيله في سجلات المحاكم وتدور أعماله بمحورين أساسيين :
المحور الأول: يهدف إلى تحضير ملف الدّعوى والتدقيق في محتوياته لتصبح جاهزة للنظر أمام محكمة الموضوع، وهذا المحور يضمن تجهيز الدّعوى بالكامل قبل مباشرة المحكمة النّظر فيها من حيث تبليغ الخصوم، والتأكّد من سلامة تمثيلهم، وجمع البيّنات والمستندات وحصرها، وحصر نقاط الاختلاف والاتفاق، مما يعني تحديد جوهر النّزاع الرئيس الأمر الذي يُسهّل مهمة قاضي الموضوع في الفصل بالدّعوى بأسرع وقت.
المحور الثاني: عرض الوسائل البديلة عن التقاضي لحلّ النّزاع على الأطراف، والذي يتمثل بعرض الصلح بين الخصوم أو عرض تسوية النّزاع عن طريق الوساطة .
فالمعيار الأساسيّ الذي ترتكز عليه إدارة الدّعوى يقوم على عامل الوقت واقتصار أمد المنازعات، لذلك تمّ تعريف إدارة الدّعوى أيضاً بالاعتماد على هذا العامل بأنها نظام شامل لإدارة الوقت والأحداث والإجراءات التي تتم في قضية ما منذ بداية تسجيلها في النظام العدليّ حتى نهايتها وإغلاق ملفها .
وفي لجنة إصلاح القانون الاستراليّ المشكلة في عام 1999 تمّ التفريق بين صورتين لإدارة الدّعوى القضائيّة فهي إما أنْ تشمل ضبط سير القضايا من خلال المحكمة بجهازيها الإداريّ و القضائيّ أو ضبط عبء العمل الإجماليّ للمحاكم .
وأكثر من ذلك، فإنّ تعريف إدارة الدّعوى المدنيّة قد يمتدّ على طول فترة المحاكمة ولا يقتصر على الفترة السابقة على المرافعات، الأمر الذي دفع البعض إلى تعريفها بأنّها إدارة الدّعوى بما يضمن عملية ضبط حركتها من المرحلة السابقة على المحاكمة لضمان تكامل أوامر المحكمة وإنتاجيتها، وتستمّر أثناء فترة المحاكمة حتى تصل إلى لحظة الفصل بالدّعوى ، ومن التمعنّ بهذا التعريف نجده لا يقتصر على إدارة الدّعوى بالمعنى المأخوذ به في النظام الأردنيّ بل يعتبر تنظيم كليّ للدّعوى والسيطرة المستمرة عليها والتي تستمر حتى يتم الفصل بالدّعوى، كما يتضمن هذا التعريف إشارة إلى بسط السيطرة على الدّعوى في مرحلة سابقة لمرحلة المرافعات سواء بعمل إداريّ أو قضائيّ تهدف في مجملها إلى التخفيف من أمد المحاكمة واختصار الوقت من خلال محاولة جمع البيّنات وتبليغ الخصوم بحيث تبدأ بعدها مرحلة المحاكمة .
ومن هنا نتوصل إلى أنّ إدارة الدّعوى تعتبر مرحلة تخرج بأصلها عن عمل التقاضي مع بقاء الصفة القضائيّة عليها، أي أنّ ما يتم في إدارة الدّعوى المدنيّة ليس بالعمل القضائيّ البحت بل هو أقرب لمؤسسة تعمل على إدارة ملف الدّعوى وتُسيّره بشكل يحقق أعلى صور الجدوى لضمان سرعة الفصل بها. ولذلك نجد أنّ من يتولّى إدارة الدّعوى في بعض الدول المتقدمة ليسوا قضاةً بل موظفين إداريين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة ومدربين بشكل جيد وذلك لكون العمل المناط بهم لا يعدو أن يكون أحد الأعمال الإداريّة.
فهو إذاً عمل مساعد للقاضي يخفف عبء جمع البيّنات وتبليغ الخصوم وجمع المستندات دون التطرّق إلى وزن البيّنة أو جدواها من عدمه.
وبناءً على تقييم الباحث للتعريفات السابقة، ومن منطلق أنّه عندما نريد أن نعرف شيئاً من الأشياء فإنّما يكون ذلك عن طريق ذكر وظائفه وتحديد مقوماته وبيان محتواه وبالنتيجة بيان طبيعته، وبما أن تعريف إدارة الدعوى يتوقف على النظام القانوني الذي ينظم أحكامها، لذلك يمكنني تعريف إدارة الدّعوى المدنيّة حسب الأحكام الواردة في الأنظمة المقارنة بأنها: مجموعة من الإجراءات القانونيّة التي يقوم بها قاضٍ متخصص أو أحد موظفي المحكمة المختصين بذلك على طول فترة التقاضي، تهدف إلى جمع أطراف الدعوى بهدف تحديد جوهر النزاع، وعرض حل النّزاع بينهم بإحدى الطرق البديلة عن التقاضي أو إحالة الملف إلى محكمة الموضوع، بعد تحديد جدول لجلسات المحاكمة أمام المحكمة المختصة، وذلك بهدف ضمان سير الدّعوى المدنيّة بطريقة منهجية سليمة لضمان الفصل فيها بأسرع وقت ممكن وأقل التكاليف سواءً على المحكمة أو على الخصوم.
أما إدارة الدعوى المدنية حسب أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني فإنه يمكنني تعريفها بأنّها: مجموعة من الإجراءات القانونيّة التي يقوم بها قاضٍ متخصص، يتم من خلالها التأكد من صحة تمثيل الأطراف، وحصر البيّنات، وتهيئة الفرصة المناسبة لجمع الأطراف بهدف تحديد جوهر النزاع، وعرض حل النّزاع بينهم مصالحةً أو بإحدى الطرق البديلة عن التقاضي أو إحالة الملف إلى محكمة الموضوع.
وهذا التعريف، كما يرى الباحث، جاء مستوفياً لجميع عناصر إدارة الدّعوى المدنيّة، وحدد طبيعة العمل الذي يقوم به قاضي إدارة الدّعوى، فقد حدد التعريف بأنَّ عملية إدارة الدّعوى تهدف إلى فرض سيطرة قاضي إدارة الدّعوى المبكرة على الملف منذ لحظة تسجيله في المحكمة، وكذلك التأكد من صحة تمثيل الخصوم، وكذلك إلزام الخصوم بحصر وتجهيز كافة بيّناتهم، ثم ينتقل إلى المرحلة اللاحقة وهي حصر نقاط الخلاف والاتفاق واستبعاد النقاط غير الجوهريّة وصولاً إلى تحديد جوهر النّزاع، وبعد ذلك وفي ظلّ طبيعة النزاع وقيمته يعرض قاضي إدارة الدّعوى الصلح على الخصوم أو وكلائهم، كما يعرض عليهم حلّ النِّزاع بإحدى الطرق البديلة لحل النزاعات، وفي حال لم تتمّ المصالحة أو لم يتفق الأطراف على حلّ النِّزاع بإحدى الوسائل البديلة يقرر إحالة الدّعوى إلى محكمة الموضوع، مع بيان أنَّه لا يجوز لقاضي إدارة الدّعوى المدنيّة التدخل في موضوع الخصومة، وقد بيّن التعريف أنَّ كل هذه الإجراءات تتم خلال مدد محددة مسبقاً.
وبما أنَّ أصل موضوع هذه الدراسة وهو (إدارة الدّعوى المدنيّة) والتي يقابلها باللغة الإنجليزية مصطلح (Case Management)، فقد وجد الباحث لزاماً عليه أنّ يتطرق لتحديد المقصود من الترجمة الحرفيّة للمصطلح الإنجليزيّ، والسبب في ذلك أنَّ كلمة (Case) تعني الحالة بالإضافة لمعنى الدّعوى أو القضيّة أو الإجراء القضائيّ أو الخصومة أو النّزاع وكلّها مصطلحات يستخدمها القانونيون ، والمعنيان المشار إليهما – الحالة والدّعوى- يستخدمهما الغرب دائماً بسبب وجود أنظمة اجتماعيّة تعنى بإدارة الحالة وأنظمة قانونية تعنى بإدارة الدّعوى ويستخدمون لها عادةً مصطلح الـ (Case Management) بدون تمييز، كما أن أغلبها يدور في فلك المحاكم والأنظمة الإنسانيّة والاجتماعيّة والصحيّة، بالإضافة إلى أن أي مسألة تستحق البحث والرعاية تُسمى لدى الغرب "بالحالة"، ويُسمى الشخص المسؤول عن الاهتمام بها ودراستها "بمدير الحالة" (Case Manager)، أي الشخص الذي يتولى دراسة هذا الأمر والاهتمام به ووضع الخطط والاستراتيجيات لتنظيمه والسير به على أكمل وجه.
أمَّا في النّظام الأردنيّ فلا يوجد أنظمة تعتني بإدارة الحالة، على الوجه المستخدم لها في الغرب، بل وُجد في الأردن فقط ما يسمى بإدارة الدّعوى وهو المصطلح محل البحث والذي يُستخدم فقط في مجال إجراءات الدّعوى المدنيّة ويُسمى القاضي الذي يدير الدّعوى ويشرف على إدارة الدّعوى بالقاضي مدير الدّعوى.



المطلب الثالث
أهداف إدارة الدّعوى المدنيّة

إنَّ ايجاد نظام خاص بإدارة الدّعوى وتطويره ضمن فترة زمنيّة طويّلة لم يكن عبثاً بل جاء هذا النّظام ، كما سنرى لاحقاً، وتطّور لتحقيق غايات محددة وللتغلب على مجموعة من الصعوبات التي عانت منها عملية التقاضي التي وصلت إلى درجة أصبح معها الأمر في غاية الصعوبة والتعقيد، فكان لابدّ من البحث عن حلول بديلة واللجوء إلى تطبيقها للوقوف على أفضّل السُبل للسير بالعملية القضائيّة.
فجاء نظّام إدارة الدّعوى المدنيّة بالشكل الذي سبق تعريفه لتحقيق غايات محددة تشكل الجدوى من وجود إدارة الدّعوى المدنيّة سواء على الصعيد العالميّ أو على الصعيد الوطنيّ ويمكن تلخيص أهم هذه الأهداف بما يلي:
أولاً: التقليل من عدد القضايا التي تصل إلى قاضي الموضوع:
يترك تنظيم إدارة الدّعوى الصلاحية لمن يتولّى إدارة الدّعوى في عرض المصالحة على الأطراف والطلب منهم حلّ المنّازعة بينهم بشكل ودّيّ. وهذا ما أخذ به فعلاً المشرّع الأردنيّ في المادة 59/2/ﻫ مكرر من قانون أصول المحاكمات المدنيّة التي أعطت لقاضي إدارة الدّعوى صلاحية حثّ الأطراف على تسوية النزّاع القائم بينهم وديّاً، واذا ما توصل إلى المصالحة المرجوة يتولّى القاضي تثبيت المصالحة التي تمت بين الأطراف سنداً لنص الفقرة الثالثة من المادة ذاتها التي جاء فيها: "يمارس قاضي إدارة الدّعوى الصلاحيات المقررة لقاضي الموضوع في تثبيت الصلح أو أي اتفاق آخر وإصدار القرار وفق ما تقتضيه أحكام المادة 78 من هذا القانون...". وإذا ما تحقق ذلك فإن أثره سينعكس على عدد القضايا المعروضة على قضاة الموضوع الأمر الذي سيترتب عليه تخفيف العبء الملقى على عاتق القضاة وتمكينهم من القيام بواجباتهم بشكل أفضّل.
ثانياً: السرعة في فصل القضايا:
تمر الدّعوى المدنية بعدة مراحل محددة بموجب القانون ولا يجوز الدخول في أية مرحلة قبل الانتهاء من المرحلة السابقة عليها، فلا يجوز مثلاً تقديم المرافعات قبل إكمال تقديم البيّنات. وفي السابق كان قاضي الموضوع هو الذي يشرف على هذه المراحل كافة إبتداءً بالتبليغات مروراً بالبيّنات والمرافعات وصولاً إلى الفصل في الدّعوى. وقد كانت هذه الإجراءات تستهلك وقتاً طويلاً من عمر الدّعوى، فقد تؤجل الدّعوى لعدّة جلسات لإجراء التباليغ أو لإحضار البيّنات. أما الآن وفي ظلّ نظام إدارة الدّعوى المدنيّة فقد تخلص المشرّع من عدد من الإجراءات التي كانت تسبب التأخير في الفصل بالدعاوى وبالذات موضوع التباليغ وتبادل اللوائح وموضوع صحّة تمثيل الخصوم، حيث أناط بقاضي إدارة الدّعوى الإشراف على هذه المهام وأخرجها من وقت المحاكمة، لأن الدّعوى أصبحت تُحال إلى محكمة الموضوع بعد أن استوفت إجراءات التباليغ وتم إحضار البيّنات المطلوبة فيها كافة. كما أن نظام إدارة الدّعوى تضمن مسألة في غاية الأهمية وهي تداول الوكلاء في موضوع النّزاع أمام قاضي إدارة الدّعوى، وفي هذه الاجتماعات يتم التوصل إلى تحديد الوقائع المتفق عليها من عدمها، وهذا ما أخذ به المشرّع الأردني في الفقرة ﻫ من البند الثاني من المادة 59 مكرر من قانون أصول المحاكمات المدنيّة والتي جاء بها ضمن واجبات قاضي إدارة الدّعوى "حصر نقاط الاتفاق والاختلاف بين الفرقاء ....". وهذا الأمر سيخفف من مهام قاضي الموضوع الذي ستحدد أمامه سلفاً نقاط الخلاف والأمور المسلَّم بها، ولا يدخل في معاناة تحديد الأمور التي يدور النزاع حولها، مما يساعد ويسهّل مهمته في القرار الذي سوف يصدره في قبول بعض البيّنات واستبعاد أو رفضّ البعض الآخر. كما أنَّ هذا الأمر يساعد المحكمة والأطراف على تركيز الخصومة في الأمور الجوهرّية في النِّزاع وطرح الأمور غير الضروريّة التي لا تتعلق بوقائع الدّعوى، سيّما أنَّ مِنَ المحامين أو الخصوم أنفسهم مَنْ قد يحاول خلط الأوراق على المحكمة من خلال الزيادة غير المبررة في وقائع الدّعوى أو الدفاع ، إضافة إلى أن قاضي إدارة الدّعوى ومن خلال اجتماعه بأطرافها يساعد في تهيئة الظروف المناسبة لبناء جسور من العلاقة الطيبة بين الأطراف عندما يجتمعوا معاً بصورة بعيدة عن صورة مواجهتهم أمام قاضي الموضوع، وكذلك من خلال النقاشات الوديّة التي تتم أمام إدارة الدّعوى حول موضوع الخصومة ووقائع الدّعوى، الأمر الذي يساعد الأطراف نفسياً على التعاون فيما بينهم فيما يتعلق بالإجراءات، وكذلك عدم اللجوء إلى أساليب المماطلة في الدّعوى .
ثالثاً: تفعيل مبدأ حصر البيّنات :
ساهمت فكرة إدارة الدعوى المدنية بتفعيل نصوص القانون التي أوجبت على الخصوم الإلتزام بحصر بيناتهم وتقديمها للمحكمة دفعة واحدة وضمن محددة مسبقاً، وبالرغم من أن مبدأ حصر البينات كان موجوداً في القانون الأردني إلا أن بعض المحاكم الأردنية لم تكن تلزم الأطراف بإتباع النصوص التي تجبرهم على حصر بيناتهم، إلا أن نصوص المواد 57 و59 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة المعدل رقم 16 لسنة 2002 أوجبت على الخصوم ضرورة حصر بيّناتهم قبل البدء بالمحاكمة، فمن خلال الرجوع إلى نصّ المادة 57 من قانون أصول المحاكمات المدنيّة نجد أنها تتناول صور حصر البيّنة من خلال لزوم تقديم لائحة الدّعوى من أصل وصور مرفق معها حافظة المستندات والبيّنات المؤيدة وقائمة بالبيّنات الشخصيّة وأسماء الشهود وكذلك الأمر ذاته مفروض على المدّعى عليه عند تقديمه لائحته الجوابيّة الأمر الذي يفيد حصر البيّنات بالنسبة لكل من الطرفين سلفاً عند تقديم البيّنات . وفي السابق كان الخصوم لا يتقيدون بذلك بل كان يتم الإكتفاء في تسمية البيّنة دون تقديمها، بحيث يقتصر الأمر أحياناً على مجرد الإشارة إليها فقط الأمر الذي كان يؤدّي إلى تأجيل جلسات المحاكمة عدة مرات من أجل استكمال وجمع بيّنات الخصوم سواء الموجودة بحوزتهم أو لدى الغير، إلا أنه ونتيجة لإدخال فكرة إدارة الدّعوى فقد أصبح من مهام قاضي إدارة الدّعوى التأكد من جمع بيّنات الخصوم قبل بدء المحاكمة بما فيها إحضار النسخ الأصليّة واستكمال البيّنات التي تحت يد الخصم أو لدى الغير أو لدى المحاكم أو الدوائر الرسميّة وغير الرسميّة، الأمر الذي أدى إلى تفرغ قاضي الموضوع للبحث في قبول البيّنات وسماع المرافعات وإصدار الأحكام في الدّعوى.
رابعاً: التأثير على عمليات الاستثمار:
شهدت دول العالم أجمع ومن بينها الأردن ثورة في معظم مجالات الحياة ومنها المجال الاقتصادي، الأمر الذي دفع الدول إلى التنافس في جلب رؤوس الأموال وخلق البيئة المناسبة للمستثمرين للاطمئنان على رؤوس أموالهم. وحيث إن المستثمرين ينظرون إلى نظام التقاضي وإجراءاته بعين الإعتبار عند توجههم إلى الإستثمار في منطقة جديدة، لذا أصبح من المهم العناية بهذه الإجراءات من قبل المعنيين بالتشريع وأكثر من ذلك أصبحت الدول تتسابق في تعديل وتطوير تشريعاتها لتتلاءم مع هذه التوجهات بما يضمن سرعة الحصول على الحقوق لضمان إجتلاب رؤوس الاموال، ذلك أن رجال الأعمال وبحالة حصول منازعات قضائية بينهم يحاولون الوصول إلى قرار قضائي بأسرع وقت ممكن ولذلك نجدهم يتجهون إلى التحكيم بدل التقاضي.
وحيث وفرت إدارة الدّعوى الفرصة في اختصار أمد المخاصمة والفرصة في توفير نفقات عملية التقاضي فإن ذلك سيساهم بشكل جاد وغير مباشر في جلب الإستثمارات لما يضمنه المستثمرون من السرعة في فصل المنازعات التي قد يدخلون بها.
خامساً: وضع جدول لجلسات المحاكمة، وتحديد موعد صدور القرار:
نصّت أغلب التشريعات المقارنة ومنها الأمريكيّ والإنجليزيّ على أنَّ من واجبات إدارة الدّعوى أن تنظم بالتعاون مع أطراف الدّعوى جدولاً زمنياً يوضح إجراءات الدّعوى المتتالية، ويحدد لكلّ إجراء مدّة معينة يتم خلالها إنهاء هذا الإجراء، كما يتمّ خلال اجتماع إدارة الدّعوى الاتفاق على مدّة يتم خلالها الفصل في الدّعوى. وبطبيعة الحال تختلف تفاصيل الجدول وطول عمر الدّعوى بحسب أهميتها ونوعها وقيمتها، أي بحسب المسار الذي توضع فيه أو الاختصاص الذي تسير فيه الدّعوى . ويتمنّى الباحث على مشرعنا الكريم أن يدرج مثل هذا النص في قانون أصول المحاكمات المدنيّة الأردنيّ في أي تعديل مرتقب عليه، ويضيف هذه المهمة لمهام إدارة الدّعوى، لأن هذا التعديل سيضفي طابعاً من الطمأنينة لدى أطراف الدّعوى لأنَّ دعواهم سوف تنتهي في أجل محدد يسهل عليهم تنظيم خططهم الخاصة بأعمالهم.
سادساً: تعزيز الثقة بالقضاء :
إن الهدف من اللجوء إلى القضاء هو الحصول على حماية قانونيّة للحقوق، وبما أن إدارة الدّعوى ساعدت في تسريع إجراءات التقاضي، مما يمكِّن الأشخاص من الوصول إلى مبتغاهم بطريقة تتضمن اختصار الوقت والجهد والنفقات، فإن هذا الأمر سوف يساهم في تعزيز ثقة الناس بالسلطة القضائيّة والنظام القضائيّ المُتبع، كما يعيد للقضاء هيبته التي تناقصت بسبب تراكم الخصومات القضائيّة أمام المحاكم والتي أصبحت تستغرق الكثير من الوقت مما سبب إحجام النَّاس عن اللجوء إلى هذه الوسيلة القانونيّة بسبب طول مدَّتها وحجم نفقاتها الذي أثقل كاهلهم، أما في عهد إدارة الدّعوى فقد إختلف الوضع، فأصبحت نسبة كبيرة من الخصومات تجد طريقها للحلّ أمام إدارة الدّعوى، كما أنَّ البعض الآخر منها أصبح ينتهي أمام محاكم الموضوع في فترات تقل كثيراً عن الفترات الماضية التي تسبق تطبيق إدارة الدّعوى المدنيّة، كما أنَّ نفقات المحاكمة أصبحت أقلّ بسبب قصر مدة التقاضي وكذلك إحالة النزاع إلى إحدى الطرق البديلة التي تعتبر بحق أكثر وفراً على المتخاصمين من الطريقة القضائيّة.



المواضيع المتشابهه: