الفرق بين الشرط الجزائي والعربون

تبرز الحاجة أحياناً أثناء النظر في الدعاوى أو اثناء صياغة العقود او أثناء تقديم الاستشارات الى التطرق الى بعض المصطلحات الدارجة، ومنها (الشرط الجزائي) و (العربون) وما يثيره كل مصطلح منها من أحكام مرتبطة به، وما ينبني على كل من هذه الأحكام من نتائج قد تكون ذات أثر كبير في الحالة الماثلة بين أيدينا. وحتى يتسنى لنا الاستفادة من التطبيق العملي لكلا المصطلحين، فأقدمهما باختصار وفق ما يلي، آملا ان تكون ذات نفع:

أولا: التعريف:
الشرط الجزائي: شرط يتفق المتعاقدون بمقتضاه على تقدير مبلغ جزافي كعطل وضرر يتوجب على المدين في الالتزام إذا لم ينفذ التزامه أو تأخر في تنفيذ هذا الالتزام. كما ويمكن تعريفه على أنه: تعويض متفق عليه مسبقاً لحالة عدم لتنفيذ. وهو يمثل في هذه الحالة –وفق ما يقره القضاء الفرنسي- عقوبة مشترطة- تدلل على المقدار الذي يتصوره الأطراف للتعويض عن التزاماتهم في حال الاخلال بها. وقد نظم القانون المدني أحكامه بموجب المادة (364).

أما العربون: فهو تَقدِمَةٌ يقدمها أحد المتعاقدين (المشتري عادة) وقت البيع دلالة على تمام العقد أو ثمنا لخيار العدول، ويكون غرض المتعاقدين من ذلك إما حفظ الحق لكل منهما في العدول عن العقد بأن يدفع من يريد العدول مقدار هذا العربون للطرف الاخر وإما تأكيد العقد والبت فيه، عن طريق البدء في تنفيذه بدفع العربون؛ حيث يعتبر في هذه الحالة دفعة على حساب الثمن. وقد نظم القانون المدني أحكامه بموجب المادة (107).



ثانيا: عناصر الاتفاق ما بين الشرطين:
يلتقي الشرط الجزائي بالعربون، في أن مصدر كل منهما واحد وهو اتفاق المتعاقدين كما ان المقصود منهما أيضا واحد وهو ضمان تنفيذ الالتزام وعدم الاخلال به.



ثالثا: عناصر الاختلاف ما بين الشرطين، وما يؤسسه كل منهما من أحكام:

  • العربون:


  1. يؤسس العربون مَكنة (العدول) عن العقد لصالح كل من الطرفين، دون إمكانية مطالبة الطرف الآخر بالتعويض؛ حيث لا يمكن للطرف الآخر في خذه الحالة ان يطلب سوى ما تنص عليه المادة (107) من القانون المدني. وبالتالي فإن الوجه الخطير للعربون لا يكمن في الإلزام بالعقد، انما قد يستخدم كذريعة –قانونية- للتهرب منه قبل تنفيذه.
  2. اذا وجد العربون والشرط الجزائي في ذات العقد، فإن اعمال أحد الأطراف لحق العدول الذي يقره العربون قبل البدء بالتنفيذ ينهي حق المتعاقد الآخر بالمطالبة بالشرط الجزائي.
  3. العربون يستحق دوماً بغض النظر عن اثبات أركان المسؤولية العقدية (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية). على عكس الشرط الجزائي الذي يحتاج الى اثبات تلك العوامل.
  4. للقاضي سلطة جوازيه بتعديل مقدار العربون بناءً على ما لحق المضرور من ضرر فعلي، على عكس العربون والذي لا يكون للقاضي أي صلاحية بشأن المبلغ الخاص به.
  5. لا يعتبر المبلغ الناتج عن العربون تعويضاً، او مسألة عقدية؛ وهو ما ينبني عليه عدم الحاجة لإعذار المدين قبل رفع الدعوى (رغم أنني أحبذ توجيه الاعذار من باب التحوط)، وذلك على العكس من الشرط الجزائي الذي يقوم بناءً على المسؤولية العقدية التي تحتاج قبل رفع الدعوى بشأنها توجيه اعذار للمدين.



  • الشرط الجزائي:


  1. تقوم المسؤولية العقدية اذا استطاع المدعي اثبات كافة أركانها (الخطأ، الضرر، العلاقة السببية). ويأتي استخدام الشرط الجزائي عادة، لا لأجل التهديد أو ضمان الالتزام بالتنفيذ من قبل الأطراف فحسب. بل يأتي كضمانه من شأنها –وفق ما يقره الفقه- جعل ركن الضرر مفترضاً؛ ويتبقى لنا في مثل هذه الدعاوى اثبات ركن الخطأ والعلاقة السببية ومن ثم اثبات مقدار الضرر دون الحاجة لإثبات الضرر ذاته.
  2. يذهب القانون المدني الأردني الى التعويض في المسؤولية العقدية عن الضرر المباشر المتوقع؛ أي ذلك الضرر الذي كان بإمكان الأطراف توقعه اثناء انعقاد العقد (دون أن يشتمل ذلك على الكسب الفائت او الضرر الأدبي أو الضرر المرتد او الضرر عن فقدان مباهج الحياه ...الخ)، وتأتي وظيفة الشرط الجزائي في هذه الحالة بإعادة تحجيم مقدار الضرر المتوقع لإيصال القاضي الى الحالة التعويضية التي كانت متصورة لدى الأطراف اثناء ابراهم للعقد. وهو الامر الذي من شانه زيادة او خفض مقدار التعويض تبعاً للصيغة والكيفية التي تم صياغة هذا الشرط بها.


عمان، 9/11/2015


المواضيع المتشابهه: