التعهد بنقل ملكية عقار


تقرر المادة 1149 أن جزاء النكول عن التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل أحد الطرفين بتعهده. كما لا تشترط هذه المادة التسجيل لتمام عقد التعهد على الرغم من أن القانون الأردني اعتبر التصرفات الواردة على عقار تصرفات شكلية لا تنعقد إلا بالتسجيل.
تنص المادة 1149 من القانون المدني الأردني على أن:" التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالضمان، إذا أخل أحد الطرفين بتعهده، سواء أكان التعويض قد اشترط في التعهد أم لم يشترط". التعهد بنقل ملكية عقار حسب منطوق نص المادة 1149([i]) هو اتفاق يتعهد فيه شخص يسمى المتعهد، وهو المالك في هذا الصدد، إلى شخص آخر يسمى المتعهد له بإتمام الشكلية التي يتطلبها القانون لصحة العقد، وذلك بالذهاب إلى دائرة التسجيل لنقل ملكية عقار من اسمه إلى اسم المتعهد له . يظهر من هذا التعريف الذي تشير إليه المادة 1149 من القانون، والذي بقي معتمدا حتى صدور قرار محكمة التمييز لعام 2005م.
أن التعهد يختلف عن عقد الوعد بالتعاقد، من حيث إنه لا يعدُّ عقداً شكليا؛ لأنه لا يتطلب التسجيل لقيامه، وإنما هو عقد رضائي يكفي فيه التراضي، وبالتالي، فإنه يعدُّ صحيحا حتى ولو لم يسجل في دائرة التسجيل، حسب منطوق نص المادة 1149.
ويتبين من نص المادة 1149 أن التعهد غير ملزم للمتعهد بالذهاب إلى دائرة التسجيل وتسجيل العقار باسم المتعهد له. غاية الأمر انه إذا رفض المتعهد إتمام عملية التسجيل، فإن للمتعهد له حق المطالبة بالتعويض دون التنفيذ العيني. هذا على عكس الحال في الوعد بالتعاقد، حيث فيه للموعود له حق اللجوء للمحكمة وطلب التنفيذ العيني وعندها يقوم حكم المحكمة مقام العقد.

يعدُّ القانون المصري خير مثال على القوانين التي تعدُّ العقود الواردة على الأموال غير المنقولة عقودا رضائية تتم بمجرد ارتباط الإيجاب بالقبول، تنص المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري المصري على أن: "1- جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العقارية الأصلية، أو نقله، أو تغييره، أو زواله، وكذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق التسجيل، ويدخل في هذه التصرفات الوقف والوصية. 2- ويترتب على عدم التسجيل أن الحقوق المشار إليها لا تنشأ، ولا تنتقل، ولا تتغير، ولا تزول بين ذوي الشأن، ولا بالنسبة لغيرهم. 3- ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن".


يتبين بوضوح من هذا النص أن التصرفات الواردة على الأموال غير المنقولة ليست تصرفات شكلية. فعقد البيع الوارد على عقار مثلا وغير المسجل في دائرة التسجيل يعدُّ عقداً قائماً وصحيحاً ينشىء جميع الالتزامات المترتبة على عقد البيع إلا الالتزام بنقل الملكية، فإنه يتراخى إلى ما بعد إجراء عملية التسجيل. أما الأحكام الأخرى المتعلقة بعقد البيع فتبقى سارية، فعقد البيع قبل التسجيل يولد التزامات شخصية في ذمة البائع والمشتري، حيث ينشأ في ذمة البائع الالتزام باتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام عملية التسجيل الضرورية لنقل الملكية، والالتزام بتسليم المبيع للمشتري، والالتزام بضمان العيوب الخفية والتعرض و الاستحقاق. كما تنشأ التزامات متقابلة في ذمة المشتري، وهي الالتزام بدفع الثمن، وتسلم المبيع. أما إذا ما امتنع البائع عن تنفيذ التزامه الرئيسي وهو تسجيل ملكية المبيع باسم المشتري كان للأخير الحق في المطالبة بتنفيذ هذا الالتزام، بلجوئه إلى القضاء مطالباً بالتنفيذ العيني.

بأن القانون الأردني يتضمن نصا ينسجم مع الموقف الذي يتبناه المشرِّع المصري، وهو نص المادة 1148 حيث يقول إنه: " لا تنتقل الملكية، ولا الحقوق العينية الأخرى بين المتعاقدين، وفي حق الغير إلا بالتسجيل وفقا لأحكام القوانين الخاصة". هذا النص يشير إلى أن التصرفات الواردة على عقار تمت فيه التسوية كالبيع ليست تصرفات شكلية؛ لأنه لم يعدُّ التسجيل ركنا في العقد، وبالتالي فالعقد يكون صحيحا نافذا قبل التسجيل، إلا إنه يشترط، لسريانه في حق المتعاقدين والغير، تسجيله في دائرة التسجيل. وبالتالي، فإن العقد يكون صحيحا إلا أن نقل الملكية لا يتم بمجرد انعقاد العقد، وإنما يتراخى لحين إجراء عملية التسجيل في دائرة التسجيل. فعدم التسجيل لا يعني عدم انعقاد العقد أو بطلانه.
نصت المادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952م : "في الأماكن التي تمت التسوية فيها لا يعدُّ البيع والمبادلة في الأرض والمياه صحيحا إلا إذا كانت المعاملة قد جرت في دائرة التسجيل".لكن نص المادة 1148 من القانون المدني اعتبر التسجيل ضروريا لنقل الملكية لا لانعقاد العقد. لا يستطيع أحد أن ينكر التناقض القائم بين نص المادة 1148 من القانون المدني، والمادة 16/3 من قانون تسوية الأراضي، إلا إن محكمة التمييز، وهي صاحبة السلطة في تفسير النصوص، اتجهت إلى حل هذا التناقض، وعدم الانسجام بين النصين وعدّت أن التسجيل رُكنٌ في العقد في كثير من أحكامها، فتخلفه يعني تخلف العقد وبطلانه.
وتطبيقا لذلك، قضت محكمة التمييز بأنه" إذا كان عقد البيع موضوع الدعوى هو عقد جارٍ خارج دائرة التسجيل ، فقد نصت الفقرة (3) من المادة (16) من قانون تسوية الأراضي والمياه رقم 40 لسنة 1952م على بطلان مثل هذا العقد وعدّته جريمة يعاقب كل من كان طرفاً فيها بالغرامة". وتقول محكمة التمييز "إن الاجتهاد القضائي يذهب إلى أن العبرة في ملكية الأموال غير المنقولة التي نشأت عن البيع يكون بثبوت واقعة التسجيل في صحيفة بيع الأموال غير المنقولة، على اعتبار أن التسجيل هو ركن انعقاد، وليس مجرد تقرير عقد البيع من الطرفين".
فبالتالي حتى تفسر النص تفسيرا صحيحا يجب ان تقرا نصوص القانون معا كوحدة واحدة و ليس بمعزل عن بعضها .


المراجع :
بحث التعهد بنقل ملكية عقار في القانون المدنيّ الأردنيّ: نصوص القانون تقرأ معاً كوحدة واحدة وليس بمعزل عن بعضها


يوسف عبيـدات و بكر السرحـان
المنارة , مجلد 13 , العدد 8

المواضيع المتشابهه: