الحجز على أموال الشركة تحت التصفية

المحامي: عيسى العماوي

نصادف عادة كمحامين للشركات أو كمحامين عن دائني تلك الشركات بعض العثرات فيما يتعلق بعملية الحجز على أموال الشركة تحت التصفية، وعادة ما تسلك المحاكم ودوائر التنفيذ بهذا الشأن طريقاً يعتمد على كيفية تصدي وكلاء الخصومة للموضوع، ومدى ادراكهم للنصوص واجبة التطبيق في هذا الشأن. فهل يجوز الحجز على أموال الشركة تحت التصفية؟

إن الاجابة على هذا التساؤول تقتضي منا البحث ابتداءً في نوع الشركة التي نحن بصددها وحقيقة الغايات التي تمارسها؛ حيث أن كل من شركات الاموال والشركات المختلطة (ذات المسؤولية المحدودة) تتبع في اجراءات تصفيتها العامة للنصوص الناظمة لعملية التصفية الخاصة بالشركة المساهمة، والتي نظمت أحكامها المواد من (252) وحتى (272) من قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997 وتعديلاته.
فيما تخضع شركات الاشخاص (التضامن والتوصيه البسيطة) للأحكام المتعلقة بتصفيتها؛ حيث نظمتها المواد (35) وحتى (40) من قانون الشركات.
ويراعى في هذا الشأن ما تقتضيه الأحوال الخاصة حسب غايات كل شركة من وجوب الاطلاع على التشريعات الخاصة، ومثال ذلك خضوع شركات التأمين لنصوص خاصة فيما يتعلق بعملية التصفية وفق ما تقتضيه أحكام المواد (67) وحتى (82) من قانون تنظيم اعمال التأمين وتعديلاته رقم 33 لسنة 1999.

وعليه، فيمكننا تصنيف الشركات الخاضعة لعملية التصفية وما يطالها من اجراءات وفق ما يلي:
1- شركات الاشخاص (التضامن والتوصيه البسيطة).
2- شركات الاموال والشركات المختلطة (المساهمة العامة، المساهمة الخاصة، التوصية بالاسهم، ذات المسؤولية المحدودة ..الخ).
3- شركات تتبع بشأنها نصوص خاصة في عملية التصفية (شركات التأمين، البنوك ..الخ).


وعودة الى مربع بحثنا الأول والمتعلق بالبحث في مدى امكانية القاء الحجز على أموال الشركة تحت التصفية فإننا نبين وباختصار ما يلي:

أولا: شركات الاشخاص:
لم تعالج النصوص الناظمة لعملية تصفية تلك الشركات أي من المسائل المتعلقة بعملية الحجز على أموال الشركة تحت التصفية، ولعل ذلك مرده طبيعة تلك الشركات التي يتداخل بها العامل الشخصي للشركاء مع الطبيعة المعنوي للشركة بوصفهم كفلاء وضامنيين لالتزاماتها. وهو ما يخول دائني الشركة بصورة عامة –قد يطالها بعض الخصوص في بعض المسائل- بالحجز على اموالها في حالة كونها تحت التصفية.

ثانيا: شركات الأموال:
نصت المادة (255) من قانون الشركات على ما يلي:
‌أ- يعتبر باطلا:-
1- كل تصرف بأموال الشركة المساهمة العامة الموجودة تحت التصفية وحقوقها وأي تداول بأسهمها ونقل ملكيتها.
2- أي تغيير أو تعديل في التزامات رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة الموجودة تحت التصفية أو في التزامات الغير تجاهها.
3- أي حجز على أموال الشركة، وموجوداتها وأي تصرف آخر أو تنفيذ يجري على تلك الأموال والموجودات بعد صدور القرار بتصفية الشركة.
4- جميع عقود الرهن أو التأمين على أموال الشركة وموجوداتها ، والعقود أو الاجراءات الأخرى التي ترتب التزامات أو امتيازات على أموال الشركة وموجوداتها إذا تمت خلال الأشهر الثلاثة السابقة على قرار تصفية الشركة ، إلا إذا ثبت أن الشركة قادرة على الوفاء بجميع ديونها بعد انتهاء التصفية، ولا يسري هذا البطلان إلا على المبلغ الذي يزيد على ما دفع للشركة بموجب تلك العقود وقت انشائها أو بعد ذلك مع الفوائد القانونية عليها.
5- كل تحويل لأموال الشركة تحت التصفية وموجوداتها أو التنازل عنها أو اجراء أي تصرف بها بطريق التدليس لتفضيل بعض دائني الشركة على غيرهم.
‌ب- يفقد المحكوم له على الشركة حقه بما أوقعه من حجز على أموال الشركة وموجوداتها وفي أي اجراء آخر اتخذه بشأنها إلا إذا كان الحجز أو الاجراء قد تم قبل بدء اجراءات تصفية الشركة.
‌ج- إذا تبلغ مأمور الاجراء اشعاراً بصدور قرار تصفية الشركة المساهمة العامة قبل بيع أموالها وموجوداتها المحجوزة أو قبل اتمام معاملة التنفيذ عليها فيترتب عليه أن يسلم تلك الأموال والموجودات للمصفي بما في ذلك ما تسلمه منها من الشركة ، وتكون النفقات الاجرائية ورسومها دينا ممتازاً على تلك الأموال والموجودات.
‌د- للمحكمة أن تأذن للمصفي ببيع موجودات الشركة المساهمة العامة الموجودة تحت التصفية سواء أكانت تصفية اختيارية أو اجبارية إذا تبين لها أن مصلحة الشركة تستدعي ذلك.

وعليه، وباستقراء نص المادة المتقدمة، نجد ان عملية الحجز على أموال الشركة تحت التصفية تبطل، وبحيث يمكن لمصفي الشركة في شركات الاموال الطلب بابطال و/او فك الحجز الذي تم على اموال الشركة.
ويلاحظ في هذا الشأن، بأن تلك الصلاحية مرهونة بأن تكون عملية الحجز قد وقعت على الشركة بعد بدء اعمال التصفية. وإلا فإن الحجز يسري بحق الشركة ويغدو من حق الدائن الحاجز المضي قدماً في الاجراء المتخذ من قبله. ولذلك ينصح عادة بالاقدام على اتمام عملية الحجز على الشركة قبل اعلان تصفيتها (انظر في ذلك مثلا: قرار محكمة تمييز حقوق رقم 2879 لسنة 2008، فصل 1/6/2009. وايضا، قرار رقم 21434 لسنة 2014 محكمة استئناف عمان، فصل: 29/5/2014).

ثالثاً: الشركات التي تتبع بشأنها نصوص خاصة في عملية التصفية (شركات التامين مثالاً):
سبق وان بينا، بان بعض الشركات تخضع في عملية تصفيتها لبعض النصوص الخاصة، ومنها شركات التأمين التي تخضع لقانون تنظيم اعمال التأمين لسنة 1999. حيث تضع المادة (67/هـ) من هذا القانون حكماً فريداً قوامه:
"يترتب على صدور قرار التصفية ما يلي: هـ- منع السير في اي معاملات اجرائية او تنفيذية ضد الشركة الا اذا كانت بناء على طلب دائن مرتهن ومتعلقة بالمال المرهون نفسه فتوقف في هذه الحالة تلك المعاملات او يمنع قبولها لمدة ستة اشهر من تاريخ صدور قرار التصفية".
فيما تمضي المادة (70/ب) من ذات القانون لتنص على انه:
"ب- يعتبر ملغي كل قرار حجز وقع على اي مال او حق عائد للشركة قبل صدور قرار التصفية الا اذا كان هذا القرار صادرا بناء على طلب دائن مرتهن ومتعلقا بالمال المرهون".

مما تقدم، نلاحظ أنه وعلى النقيض من النص العام الوارد في المادة (255) من قانون الشركات، فإن شركات التأمين اثناء تصفيتها تتحلى بنوع أكبر من الحماية من حيث الحجوزات؛ حيث يمتنع ايقاع أي حجز على الشركة بعد بدء تصفيتها، كما وتعتبر جميع الحجوزات التي تمت على الشركة قبل بدء أعمال التصفية أياً كان وقته لاغيه. في حين يستثنى من تلك العمومية في منع الحجز حالات الحجز المتعلقة بالمال المرهون؛ حيث يكتفى في هذه الحالة بمنع قبولها أو ايقافها لمدى ستة أشهر من تاريخ صدور قرار التصفية (انظر في ذلك مثلا: قرار رقم 5909 لسنة 2015 محكمة إستئناف اربد).

متمنياً أن تكون العجالة المتقدمة ذات افادة.




المواضيع المتشابهه: