الوضع القانوني للممتلكات الاسرائيلية في الباقورة

المحامي محمد الصبيحي
ان السؤال الذي يراود الاردنيين اليوم ما هو الوضع القانوني للممتلكات الاسرائيلية في منطقة الباقورة بعد أن قرر الاردن عدم تجديد الملحق رقم 1 من معاهدة السلام .
وحتى نصل الى الجواب فلا بد من توضيح خطأ من يقولون أو طالبوا بعودة الباقورة الى السيادة الاردنية ذلك انها منطقة خاضعة للسيادة الاردنية منذ توقيع معاهدة السلام الا ان هناك اسرائيليون يمتلكون مساحات من الاراضي بموجب سندات تسجيل في دوائر الاراضي الاردنية منذ العام 1929 اذ نص البند الثاني من الملحق رقم 1 لمعاهدة السلام على ( اعترافا بان هذه المنطقة تقع تحت السيادة الاردنية وفيها حقوق ملكية اراض خاصة مصالح مملوكة اسرئيلية ( المتصرفون بالارض ) التي تتكون منها المنطقة ... ) .
ويؤكد البند الثاني ذلك بالقول ( اعترافا بالسيادة الاردنية على المنطقة تتعهد اسرائيل : ..... ) .
أما اساس الملكيات الاسرائيلية لهذه الاراضي فيعود الى العام 1921 حين وافقت الحكومة الاردنية وتحت ضغط المعتمد البريطاني في الاردن على بيع ستة الاف دونم الى شركة الكهرباء الفلسطينية التي يملكها اليهودي الصهيوني بنحاس روتنبيرغ لغايات بناء محطة كهرباء كبرى باستخدام مياه نهري الاردن واليرموك وتزويد القرى الاردنية والفلسطينية بالكهرباء , وقد اشترط قرار الحكومة على روتنبيرغ عدم بيع او تفويض هذه الاراضي لطرف اخر .
لقد قيل حينها ان حاجة المشروع ثلاثة الاف دونم فقط وقد اخفى روتنبرغ ذلك لغايات استيطانية حيث تم بيع او تفويض الجزء الاكبر من الارض بعد فشل المشروع في العام 1929 الى مستوطنين يهود اقاموا مشاريع زراعية توارثها ابناؤهم حتى اليوم , ولا نعرف كيف وافقت دائرة اراضي اربد على تسجيل تلك الملكيات بالرغم من قرار الحكومة عام 1921 على عدم بيعها من قبل روتنبيرغ , واذا اعتبرنا حسن النية فانه يبدو ان احدا في دائرة الارض لم يطلع او يعلم بمضمون قرار الحكومة وانه لم تتم وضع اشارة عدم التصرف على قيد تلك الاراضي .
حاول الاسرائيليون جاهدين اثناء مفاوضات معاهدة السلام شراء تلك المنطقة وضمها الى اسرائيل وتعويض الاردن عنها الا ان الملك المرحوم اصر على عودتها الى السيادة الاردنية وكمخرج من الخلاف اتفق على حل وسط مؤقت بأن يعترف الاسرائيليون بسيادة الاردن على المنطقة مع استثناء ملاك الاراضي الاسرائيليين وضيوفهم ومستخدميهم من تطبيق التشريعات الاردنية الجنائية والجمركية والهجرة وما عدا ذلك تخضع هذه الاراضي للرسوم والضرائب النافذة في المملكة , وهو ما يمكن اعتباره سيادة منقوصة بصورة مؤقتة لمدة خمس وعشرين عاما تنتهي في اكتوبر 2019 .
واذ اعلن الاردن انتهاء الملحق من المعاهدة بانتهاء مدته فان الوضع القانوني لأراضي الباقورة لن يتغير كثيرا الا في ما يتعلق بخضوع الارض وملاكها وضيوفهم ومستخدميهم للقوانين الاردنية شأنها شأن اي ارض في وادي الاردن وهو ما يستدعي ابتداء شمولها بقوانين وانظمة سلطة وادي الاردن , ومعاملة مالكي الاردن الاسرائيليين معاملة الاجنبي الذي يمتلك قطعة ارض في المملكة من حيث ضرورة الحصول على تأشيرة دخول واذن اقامة سنوي وموافقات وزارة العمل على استقدام او استخدام عمال زراعيين غير اردنيين .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيصمد هؤلاء في مشاريعهم الزراعية وسط مجتمع يرفضهم ؟؟ وخارج حماية الشرطة الاسرائيلية ؟؟ وتحت مظلة القوانين الاردنية حتى في التسويق والتصدير ؟؟ ,
هناك عدة احتمالات :
الاول : ان يعمد الاسرائيليون الى الاستمرار في مشاريعهم تحت مظلة القانون الاردني
الثاني : أن يتمسكوا بملكية الارض مع تركها واهمالها اذا ما حصلوا على دعم مالي من جهات رسمية او غير رسمية اسرائيلية .
الثالث : أن يوافقوا على تأجير الارض وما عليها من مشاريع الى مستثمرين اردنيين مقابل بدل استثمار او ايجار او مشاركة في الانتاج .
على انه اذا ما تمسك الاسرائيليون بملكية الارض حتى لو تركوها خرابا فان امام الحكومة الاردنية احد خيارين :
الاول : استملاك الارض للمنفعة العامة وتعويض المالكين .
الثاني : اعلانها منطقة عسكرية مغلقة وتعويض المالكين بدل اجر مثل سنوي .
ولا ننسى كيف تستولى السلطات الاسرائيلية على اراضي الفلسطينيين في الضفة باعلانها مناطق عسكرية ودون اي تعويض مالي .
ان الاحتمال الارجح أن الاسرائليين لن يتخلوا عن الاراضي المملوكة في الباقورة الامر الذي قد يفتح ايضا باب الطعن ببطلان ملكياتهم اساسا اذ كان الاتفاق مع شركة الكهرباء الفلسطينية ( روتنبيرغ ) بعدم جواز بيع او التصرف بالارض الى طرف ثالث.

المواضيع المتشابهه: