دراسة حول الاسس التي يجب ان يتناولها قانون العفو العام
المحامي ياسر شقير

مقولة ابتديء بها لتسجيل اعتراضي على طريقه معالجة نصوص قانون العفو العام وهي ما يتم تداوله من قولهم المشتكي ومحاميه مبسوط والمشتكى عليه غير راضي ، ومع تأكيدي على ان العفو العام هو حق مقرر للسلطة التشريعية مقرونا بالمصادقه عليه وكقانون بالارداة الملكية لجلالة الملك وفقا لاحكام الدستور والقانون الا ان العديد من الفئات تحاول اما عرقلته او الاستفادة منه او ايقافه او تقليصه او تحجيمة أو حتى تضخيمه حسب الاثر المالي او الاجتماعي للنصوص التي يتناولها .

وفي معرض صياغة نصوص المشروع لا بد لنا من ابداء الملاحظات التالية :

1 ـ اذا استعرضنا قانون العقوبات نجد ان المواد من 2 ( تعريفات ) الى 107 تتعلق بالقواعد العامة للقانون سواء من حيث الصلاحيه او المسؤولية او الاعفاء من العقاب والتجريم والفاعل وغيرها من الاحكام والقواعد العامة الموضوعية وعليه فتكون الجرائم المجرمة بموجب قانون العقوبات من المواد 107 الى 474 واذا افترضنا ان كل ماده جريمة بمعنى ان انواع الجرائم عددها ( 367 ) جريمة مع التاكيد على انه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص .
وباستعراض نصوص قانون العفو العام المنشور في الصحف المحلية نجد انه استثنى من العفو العام ( 119 ) جريمة او مادة من قانون العقوبات بالنص الصريح واستثنى ايضا ( 78 ) جريمة أو مادة من قانون العقوبات ايضا بدلالة الجرائم الاقتصادية منها ( 42 ) مادة او جريمة لا تسقط اساسا بموجب قانون العفو العام بمعنى كرر عدم شمولها ونجد ان القانون اورد ( 43 ) مادة او جريمة مرتبطه بالاسقاط اي لا تسقط الا باسقاط الحق الشخصي واذا ما استبعدنا ايضا من القانون ( 22 ) مادة او جريمة تسقط اصلا بالصفح وفق المادة ( 52 ) من قانون العقوبات واستبعدنا ( 39 ) مادة او جريمة بمعنى ان قانون العفو العام يشمل فقط ( 66 ) مادة او جريمة من قانون العقوبات وفي حال القول ان المادة تشمل بعض الفقرات فاننا لا نكون مبالغين اذا قلنا انه لن يشمل اكثر من 100 جريمة فقط وليس 5000 كما اشيع .

2 ـ لا يجوز استثناء جرائم قانون بالكامل من الشمول بالعفو العام مثل قانون الجرائم الاقتصادية دون النظر الى كل خصوصية كل جريمة وردت فيه ( مع التأكيد على أن الجرائم قد وردت فيه على سبيل الحصر ) هي نوعان الاول ما تعلق بالموظف العام وهي التي لا توقف الملاحقة بها بالمصالحة والنوع الثاني هو ما تعلق منها بالمال العام وهي التي يجوز المصالحه فيها وفق المادة ( 9 ) من قانون الجرائم الاقتصادية ووقف العقوبة فكيف يستثنيها قانون العفو العام من الشمول .
3 ـ ورد في القانون العديد من التناقضات ومنها مثلا ما يلي :
أ ـ اعتبار عدم شمول المادة ( 122 ) من قانون العقوبات بالعفو العام بالرغم من انها تتوقف على الاسقاط .
ب تكرار المواد التي التي لا تسقط بالعفو مع الجرائم الاقتصادية وهي ( 133 و 143 و 152 و 153 و من 170 الى 177 ومن 239 الى 255 ومن 262 الى 265 ومن 368 الى 373 ومن 376 الى 381 و 367 الى 381 ) ومن 400 الى 405 ) .
ج ـ تناقض شمول المواد والجرائم التالية وسقوطها بالعفو ( 256 الى 261 ) و ( 368 الى 382 ) ( 374 و 375 ) و 382 و ( 386 و 387 و 388 ) و 399 و 406 و 407 و 433 و 435 و 436 438 و 439 و 440 و 456 وبعد تقرير سقوطها بالعفو الا ان مشروع العفو يرجع ولا يشملها لانها من الجرائم الاقتصادية .
د ـ تناقض تعليق شمول القضايا الوارده في المواد 379 و417 و422 و 433 و 438 و 439 و 456 على الاسقاط ثم تراجع المشروع عن شمولها بالعفو لانها اقتصادية .
هـ ـ 24 جريمة من اصل 43 من القضايا المشمولة بالعفو بنتيجة الاسقاط هي من القضايا التي يتوقف عليها اتخاذ صفه الادعاء بالحق الشخصي او تسقط بصفح الفريق المتضرر وبالتالي لم ياتي قانون العفو بالجديد .

4 ـ ان العفو العام يزيل حاله الاجرام من اساسها وهو يختلف عن صفح الفريق المتضرر فلماذا نقزم العفو العام ونجعل العفو العام مرتبط بصفح الفريق المتضرر او المصالحة ( في القضايا التي لا يشملها العفو الا بشرط صفح الفريق المتضرر ) وكأننا نجعل المشتكي هو من يقرر وجود او ازاله حالة الاجرام وفي هذا تعدي كبير على مفهوم قانون العفو العام وتعدي على حق المجتمع والحق العام .
5 ـ ان قوانين العفو العام وقوانين العقوبات تحفظ حق المشتكي بالتعويض او الادعاء بالحق الشخصي وحق اقامة الدعوى الحقوقية محفوظ فلماذا نقرن ازالة حالة الجريمة نتيجة العفو بالمصالحة على الحق الشخصي .
6 ـ ان العديد من القضايا الجزائية وكم لا يستهان به هي قضايا كيدية فهل نزيد كيدية المشتكي ونغوله بان نجعل شمول القضيه بالعفو العام مرتبط باسقاط الحق الشخصي لهذا المشتكي المبتز .
7 ـ ان المادة ( 147 / 1 ) من قانون العقوبات قد نصت وبشكل صريح على ما يلي :
( المتهم بريء حتى تثبت ادانته . )
فاذا كان بريء حتى تثبت ادانته انجعل شمول تلك القضايا متوقف على اسقاط الحق الشخصي مما يقلب قاعدة المتهم بريء في القضايا المنظور الى قاعدة ( المشتكى عليه مدان لحين اسقاط الحق الشخصي ) مما يقتضي على الاقل التفريق بين حالات الفعل او الاتهام او المحاكمه التي ما زالت قائمة ، مع حالات الادانة السابقة التي يمكن تجاوزا طلب اسقاط الحق الشخصي بها .
8 ـ اذا كان الهدف من العفو العام اتاحة الفرصه امام من الجأته الضروف لارتكاب جريمة معينة فكيف يتم الاحتكام في العفو الى ارادة المشتكى عليه ووجود الاسقاط ونصبح كمن نعلق الحبل مرة اخرى بيد ( المشتكي ) الذي هو نفسه الجلاد .
9 ـ ان حالات صفح الفريق المتضرر وفق احكام المادة ( 52 ) من قانون العقوبات هي ( 23 ) جريمة العديد منها قد وردت في مشروع قانون العفو المتداول والذي لم ينشر بشكل قانوني بعد فلماذا توضع نفس الجرائم في خانة وجوب اسقاط الحق الشخصي ما دامت اصلا هي من القضايا التي تسقط بسبب الاسقاط .
10 ـ ان كثرة الاستثناءات وتعليق ازالة الحالة الجرمية على ارادة المشتكي تقرب قانون العفو العام الى عفو خاص مفصل لارضاء البعض وتجنب سخط البعض والاصل ان قانون العفو العام ومن اسمه هو عفو عام غير معلق على شرط او قيد الاسقاط ونصوص قانون العقوبات تحفظ حق المشتكي وحقه في رفع ادعاء بالحق الشخصي لان عدم اسقاطها يعني بقاء القضايا الجزائية والادعاء بالحق الشخصي في القضايا من اختصاص المحاكم الجزائية مما سيربك الجهاز القضائي واسوء ما تنطوي عليه تلك النصوص خروجها عن قاعدة الموضوعية وقواعد وجوب ان تنطوي على احكام عامة مجردة يتساوى المخاطبون امامها بالاثار .
11 ـ يجب التاكيد هنا ايضا على ازالة الصفة الجرمية لشمولها بالعفو العام دون التاثير على الالزامات المدنية الناشئة عن التعويض عن الجريمة يجب ان يتضمن نصا خاصا يحيل قضايا الادعاء بالحق الشخصي الى المحاكم المدنية حتى لا يتعارض وتضيع المدد عند ابقاء اختصاص للمحاكم الجزائية بنظر الادعاءات بالحق الشخصي التي هي دعاوى تعويض ، لانه لا منطق في ابقاء اساس الدعوى المدنية هو ذاته وقد ازال القانون كل صفة موجبة للمسؤولية على الفعل وحيث ان الاساس في تلك الدعاوي مختلف وهو قاعدة الاضرار المدنية وفقا للمادة 256 من القانون المدني فان الاختصاص عندها لا يستقيم ان يظل للمحكمة الجزائية التي لا ينعقد اختصاصها الا جراء التبعية للقضايا الجزائية التي انقضت بالعفو .
12 ـ ان قانون الجرائم الاقتصادية قد وضع نصا يفيد بوقف الملاحقة للقضايا المشمولة باحكام ذلك القانون اذا تم اسقاط الحق الشخصي أو دفع المبالغ فلماذا يتم الاصرار على اعتبارها من القضايا التي لا يشملها العفو ولا توضع من ضمن القضايا التي تسقط بوجود اسقاط الحق الشخصي .
13 ـ ان المادة ( 427 مكررة ) من قانون العقوبات قد اعطت الحق للمحكمة جواز وقف تنفيذ العقوبة في الجنح المنصوص عليها في الفصلين ( الثاني ) و ( الثالث ) من هذا الباب ، ولو زادت مدة الحبس على سنة ، إذا تنازل الشاكي عن شكواه بعد صدور الحكم القطعي وعلى ان تتوافر جميع الأحكام الأخرى الواردة في المادة ( 54 مكررة ) من هذا القانون . ) وهذين الفصلين يشتملان على معظم الجرائم التي نص قانون العفو العام على شمولها في حال الاسقاط فما الاضافة أو الطائل من اشتراط اسقاط الحق الشخصي لشمولها بالعفو العام الا حالة ازالة الصفة الجرمية مما يتوجب عدم اشتراط الاسقاط في الجرائم المالية التي يكفل القانون حق اقامة الدعاوى فيها .
14 ـ من المتعارف عليه ان كافة القوانين تنشر على موقع ديوان الرأي والتشريع لفترة محددة وبعد اقرارها من قبل مجلس الوزراء يتم نشر المشروع فلماذا لم يتم نشر قانون العفو ببنوده المقترحة أو ببنوده التي اقرت من قبل مجلس الوزراء لغاية الان ولماذا يتم التعامل مع نصوصه كانها اسرار محجوبه عن كافة افراد المجتمع المتأثرين فيه .
وارجو أن تقبل ملاحظاتي كدراسة قانونية بعيدا عن اي شيء أخر .

المواضيع المتشابهه: