قد تقتضي إجراءات المتابعة القضائيّة أحياناً توقيف الحدث مؤقتا لسلامة التحقيق أو لمنع فراره أو حماية له من انتقام متوقع من ذوي الضحية والتوقيف وإن كان مؤقتا فهو إجراء بالغ الحدةحالاته صعبة جداً واستثنائية جداً بالنسبة للأحداث يجب أن تكون كل التدابير غير ممكنة حتى نلجأ إليه وتعتبر حالة خطيرة ويجب على القاضي ألا يلجأ إليه إلا إذا كان هذا التدبير ضرورياً.
واعتبار الحبس المؤقت من أخطر الإجراءات لما فيه من سلب حرية المهم وكان له ماض ملوث وكان الهدف منه هو ضمان سلامة التحقيق الابتدائي من خلال وضع المتهم تحت تصرف المحقق والحيلولة دون تمكينه من العبث بأدلة الدعوى أو التأثير على الشهود أو تهديد المجني عليه ولكن تحت تأثير أفكار الدفاع الاجتماعي اتسع نطاق الهدف لكي يشمل أيضا الوقاية أو الاحتراز للحيلولة دون رجوع المتهم إلى الجريمة المنسوبة إليه أو وقايته من احتمالات الانتقام منه أو لتهدئة الشعور العام الثائر بسبب جسامة الجريمة وضمان تنفيذ الحكم على المتهم.
وقد انتقد بشدة هذا التوسع في الهدف من الحبس المؤقت لأن النظر إليه باعتباره تدبيرا احترازياً يجعله في مصاف العقوبات، أما مراعاة الشعور العام للناس بسبب جسامة الجريمة فلا يجوز مواجهته بحبس الأبرياء، كما أن الخوف من هرب المتهم عند الحكم عليه لا يجوز أن يكون سندا لحبسه وذلك يعني التّأكد من إدانته وهو ما يتعارض تماماً مع قرينة البراءة.
ويعد التشريع الجزائري من بين التشريعات التي لا تجيز حبس الحدث مؤقتاً لأن الحدث خلال فترة حداثته في حاجة إلى أسلوب خاص في معاملته وضرورة إبعاده عن السجون لأن حبسه مؤقتا يؤدي إلى اختلاطه بغيره من المتهمين مما يؤدي إلى فساد أخلاقه وانتقال عدوى الإجرام إليه.
وبالرجوع إلى نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجزائية والتي تنص:
« لا يجوز وضع المجرم الذي لم يبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة كاملة في مؤسسة عقابية ولو بصفة مؤقتة.
ولا يجوز وضع المجرم من سن الثالثة عشرة إلى الثامنة عشرة مؤقتا في مؤسسة عقابية إلا إذا كان هذا التدبير ضرورياً أو استحال أي إجراء آخر وفي هذه الحالة يحجز الحدث بجناح خاص فإن لم يوجد ففي مكان خاص ويخضع بقدر الإمكان لنظام العزلة في الليل».
إذن الحدث الجانح الذي يقل سنه عن الثالثة عشرة سنة لا يجوز وضعه بمؤسسة عقابية حتى لو كان ذلك بصفة مؤقتة فإذا كانت هناك مبررات لحبس المتهم البالغ حبساً مؤقتا فإن هذه المبررات في غالب الأحوال لا تتوافر في حق الحدث لأنه في غالب الأحيان لا يستطيع الحدث أن يعبث بأدلة الإثبات ولا التأثير على الشهود وحتى تهديد المجني عليه وبمعنى آخر لا يؤثر على سلامة التحقيق، فلو تم تسليم الحدث إلى ولي أمره أو الوصي بدلا من حبسه مؤقتا فذلك فيه وقاية له والحيلولة دون عودته لارتكاب الجريمة أو وقايته من احتمالات الانتقام منه.
وكذلك الآثار السلبية التي تعود على الحدث من حبسه مؤقتا و إذا توافرت ظروف وأسباب ملحة تقتضي حبس المتهم مؤقتاً فإنه يجب أن يكون هناك بديل للحبس كتسليمه إلى والديه أو لمن له الولاية أو الوصاية عليه وفي حالة عدم وجود هؤلاء يسلّم إلى شخص يؤتمن عليه، وعلى كل من يتسلّم الحدث من هؤلاء أن يتعهد بتسليمه عند طلبه إلى محكمة الأحداث، وإذا كان التسليم لأحد من هؤلاء غير مجدي لمصلحة الحدث أو أن ظروف القضية المتهم فيها الحدث تستدعي التحفظ عليه فيمكن إيداعه في مكان مخصص للأحداث.
وبالرجوع لقواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث وبالضبط القاعدة رقم 13 و التي تنص:
1. لا يستخدم إجراء الاحتجاز رهن المحاكمة إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية ممكنة.
2. يستعاض عن الاحتجاز رهن المحاكمة حيثما أمكن ذلك بإجراءات بديلة، مثل المراقبة عن كثبٍ أو الرعاية المركزة أو الالتحاق بأسرة أو بإحدى مؤسسات دور التربية.
3. يتمتع الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة بجميع الحقوق و الضمانات التي تكفلها القواعد الدّنيا النموذجية لمعاملة السجناء التي اعتمدتها الأمم المتحدة.
4. يفصل الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة عن البالغين ويحتجزون في مؤسسة منفصلة، أو في قسم منفصل من مؤسسة تضم أيضا بالغين.
5. يتلقى الأحداث أثناء فترة الاحتجاز الرعاية والحماية وجميع أنواع المساعدة الفردية الاجتماعية والتعليمية والمهنية والنفسية والطبية والجسدية التي قد تلزمهم بالنظر إلى سنهم وجنسهم وشخصيتهم.
هذه القاعدة توجب بألا يستهان بخطر العدوى الإجرامية التي يتعرض لها الأحداث أثناء احتجازهم رهن المحاكمة ولذلك فمن المهم التشديد على الحاجة إلى تدابير بديلة جديدة مبتكرة لتجنب هذا الاحتجاز خدمة لمصلحة الحدث.
وتلفت القاعدة الأنظار إلى أنه يجب أن يتمتع الأحداث المحتجزون رهن المحاكمة بجميع الحقوق والضمانات التي تكفلها القواعد الدنيا النموذجية لمعاملة السجناء، وقد ذكرت القاعدة أشكالا مختلفة من المساعدات التي قد تصبح لازمة وذلك بغية لفت الانتباه إلى تنوع الاحتياجات الخاصة للمحتجزين من صغار السن المعنيين مثل الإناث أو الذكور ومدمني العقاقير المخدرة والكحول والأحداث المرضى عقليا والمصابين بصدمة نفسية نتيجة القبض عليهم مثلا، وهنا قد يكون تباين المميّزات الجسدية والنفسية للمحتجزين وهو ما يبرر اتخاذ إجراءات تصنيفية تقضي بفصلهم أثناء احتجازهم رهن المحاكمة مما يجعل الأجواء أكثر ملائمة.
وقد أحسن المشرع الجزائري فعلا عندما قام بتحديد أماكن تنفيذ الحبس المؤقت حين نص في المادة 456 الفقرة الثانية من قانون الإجراءات الجزائية:
«ولا يجوز وضع المجرم من سن الثالثة عشرة إلى الثامنة عشرة مؤقتا في مؤسسة عقابية إلا إذا كان هذا التدبير ضروريا أو استحال أي إجراء آخر وفي هذه الحالة يحجز الحدث بجناح خاص فإن لم يوجد ففي مكان خاص ويخضع بقدر الإمكان لنظام العزلة في الليل».
إذ يجب أن يتم تنفيذ الحبس المؤقت بالنسبة للأحداث في أماكن مستقلة لا مع البالغين وألا يخضعون لأنظمة السجون و أن يقوم بإدارة هذه الأماكن وحراستها أهل الخبرة من الفنيين والمختصين بشؤون الأحداث وأن يعاملوا معاملة طيبة ولا يتعرضون للإهانة أو المعاملة السيئة، وإنـما يعاملون دائماً بوصفهم أبرياء وأنهم ارتكبوا جرائمهم تحت ظروف اجتماعية دفعتهم إليها مع تقليل مدة الحبس إلى حد كبير بالمقارنة بحبس الكبار.


المواضيع المتشابهه: