لقد استرعى انتباهي القرار الأخير الذي أوردته أخي عيسى فلقد ممرت بتجربة قضائية حوله لعلها تعود في القريب لمحكمة التمييز الموقرة لعلنا نحصل منها على رأي واجتهاد يحسم المسألة
- إن الوعد ببيع عقار أو مال يوجب القانون لانعقاده شكل معين يعتبر باطلا إذا لم يتم الإلتزام بالشكل الذي تطلبه القانون لانعقاد هذا البيع ، وهذا ما نصت عليه المواد 105/2 من القانون المدني وكذلك المادة 1148 من ذات القانون ، لكنه وردت مادة أخرى في القانون المدني وهي المادة 1149 والتي تحدثت عن ( التعهد بنقل ملكية عقار ) ومن استقراء ما ورد في هذه المادة نجد أن المشرع لم يتطلب أي شكلية كما تطلب في الوعد لتمام هذا التعهد والذي رتب المشرع على تخلفه التعويض ،،،،
فهل التعهد بنقل ملكية عقار هو ذاته الوعد ؟؟؟؟ لو كانا شيئا واحدا فلماذا أورد المشرع كل منهما في مادة مستقلة ؟؟؟؟ ولماذا تطلب المشرع شروطا شكلية في الوعد ولم يتطلبها في التعهد مع ملاحظة أنه لا يمكننا أن نحمل النص أكثر مما يحتمل وخصوصا حين نتذكر القاعدة التفسيرية ( أن المشرع إذا أراد قال وإذا أبى سكت ) ؟؟؟؟
لقد صدر قرار عن محكمة التمييز الموقرة بهيئتها العامة حول هذا الأمر ولكن هذا القرار لم يكن حاسما بالقدر الذي يحول دون البحث في المسألة وخصوصا حين نعلم أن 3 من أصل 9 في الهيئة العامة قد خالفوا ما توصلت إليه الاكثرية حول تطلب هذه الشكلية ..... وحتى لا أطيل عليكم - مع أنني أطلت - فسأورد لكم المبدأ الصادر عن الهيئة العامة وكذلك قرار المخالفة ...
قرار رقم 1576/2006 و المنشور على الصفحة (1385) من العدد (7) من مجلة نقابة المحامين لسنة (2007) (( هيئة عامة ))
اشترطت المادة (105/1و2) من القانون المدني لتمام العقد الذي يتعهد بموجبه كلا المتعاقدين أو احدهما بإبرام عقد معين في المستقبل استيفاء شكل معين فهذا الشكل يجب مراعاته أيضاً في الاتفاق الذي يتضمن الوعد بإبرام هذا العقد، كما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون المدني الأردني أنه إذا كان القانون يعلق صحة العقد المقصود إبرامه على وجوب استيفاء شكل معين ففي هذه الحالة ينسحب الحكم الخاص باشتراط الشكل على الاتفاق التمهيدي نفسه، وكذلك فقد نصت المادة (1148/2) من القانون المدني على أنه عند تطبيق أحكام هذا القانون تراعي أحكام القوانين الخاصة ومن الرجوع إلى أحكام القوانين الخاصة التي تحكم عقد بيع العقار ومنها المادة الثالثة من قانون التصرف بالأموال غير المنقولة والمادة (16) من قانون تسوية الأراضي والمياه فقد حظرت المادة الثالثة سماع أي دعوى أو إجراء أي معاملة في الأموال غير المنقولة التي أصدرت سندات تسجيل فيها، واعتبرت المادة (16) المذكرة معاملات البيع خارج دائرة التسجيل جريمة يعاقب عليها القانون وباطلة، وعليه فإن الوعد بالبيع والتعهد بالفراغ يعتبر باطلاً، وبالتالي فإن عدم الحكم ببدل العربون يتفق وأحكام القانون لأن العربون يصح في العقود الصحيحة وخاصة ما يتعلق بصحة الشكل، وحيث أن العقد الباطل لا يرتب أثراً فلا يلزم المدعى عليه ببدل العربون كتعويض وينحصر التزامه برد العربون وذلك رجوعاً عن أي اجتهاد سابق حول التعهد بفراغ الأموال غير المنقولة.
قرار المخالفة الصادر في هذه القضية نخالف الأكثرية المحترمة فيما توصلت إليه من أن مطالبة المدعية بالضمان الذي يترتب نتيجة إخلال أحد العاقدين بالتزامه بنقل ملكية عقار وخلافاً لأحكام المادة 1149 من القانون المدني غير قائمة على أساس من القانون.
وفي ذلك نجد أن المدعى عليه قد التزم بموجب اتفاقية تعهد بنقل ملكية عقار الجارية بينه وبين المدعية والمؤرخة في 15/10/1998 والمحفوظة في ملف مستندات المدعي مبرز م/1 بأن يقوم بالتنازل عن قطعة الأرض موضوع الدعوى لصالح المدعية وفق ما جاء بالاتفاقية حال حصول المدعي على الموافقات الرسمية اللازمة لإتمام عملية التنازل والفراغ ونقل الملكية لاسمها وبمجرد إشعارها للفريق الثاني المدعى عليه بذلك ويبقى تعهد المدعى عليه سارياُ ونافذاً وملزماً لنقل الملكية والفراغ مهما استغرق الحصول على الموافقات الرسمية من فترة زمنية ويتعهد الفريق الأول (المدعية) بدفع حصته من رسوم التسجيل والبالغة 6% والمحددة بالقانون لإتمام الفراغ ونقل ملكية العقار موضوع الاتفاقية مع تعهد الفريق الثاني وهو المدعى عليه بدفع جميع الضرائب المستحقة على العقار حتى تاريخ نقل الملكية كذلك حصته من رسوم التسجيل والبالغة 4% والمحددة في القانون.
وعليه فإن مصدر الالتزام هو الإخلال بالالتزام بنقل ملكية عقار طبقاً للمادة 1149 من القانون المدني.
وحيث أن تعهد البائع بالذهاب إلى دائرة التسجيل وفراغ المبيع هو عمل جائز قانوناً وفق ما استقر عليه اجتهاد محكمة التمييز لأنه تعهد بإتباع حكم القانون الذي يوجب إجراء الفراغ في دائرة التسجيل فإن هذا التعهد يعتبر صحيحاُ وغير باطل وبالتالي فإن من حق المدعية أن تطلب الحكم لها باسترداد ما دفعته مع العطل والضرر الذي لحقها من جراء النكول عن تنفيذ التعهد.
أما ما ورد في المادة 16 من قانون تسوية الأراضي والمياه التي تقضي بأنه لا يعتبر البيع والمبادلة والإفراز في الأراضي إلا أذا كانت المعاملة قد جرت لدى دوائر التسجيل المختصة فإن حكم هذه المادة إنما ينحصر في معاملات التصرف التي تقع خارج دائرة التسجيل .
وبما أن دعوى المدعية لا تتضمن المطالبة بالعين المتعهد بفراغها وإنما تنصب على المطالبة برد المبلغ المدفوع منها للمدعى عليه كعربون وما تبعه نتيجة النكول عن الفراغ وكذلك الرسوم والمصاريف المدفوعة بسبب الاتفاقية وكذلك الضرر الناتج عن النكول عن الفراغ فإن المطالبة تعتبر صحيحة ما دام إن التعهد بالفراغ لدى دائرة التسجيل هو تعهد صحيح وملزم وأن امتناع المدعى عليه القيام بهذا التعهد يوجد عليه ضمان الضرر الذي لحق بالمدعى عليه من جراء هذا الامتناع.
(انظر في ذلك قرارات محكمة التمييز 264/87 هيئة عامة تاريخ 25/1/1988 و311/77 هيئة عامة تاريخ 7/2/1978 و441/1999 و546/99 تاريخ 3/11/1999 و320/78 تاريخ 19/9/1978 و84/90 تاريخ 13/10/1990 و425/88 تاريخ 10/10/1989).
وعليه وحيث إن الأكثرية المحترمة ذهبت إلى خلاف ذلك في إن التعهد بالفراغ يعتبر باطلاً ولا يلزم المدعى عليه بالتعويض نتيجة الإخلال بالتعهد وقضت برد التمييز وتأييد الحكم المميز فإننا نرى وخلافاً لرأي الأكثرية المحترمة بأن التعهد بالفراغ يعتبر صحيحاً وغير باطل ومن حق المدعي إن تطالب المدعى عليه بالعطل والضرر الذي لحقها نتيجة نكول المدعى عليه عن تنفيذ هذا التعهد وبالتالي نرى نقض القرار المميز في الحدود التي أشرنا إليها .
المفضلات